وجدت اتفاقية سلام دارفور التي وقعت في الدوحة مؤخرا وبمشاركة واسعة من أهالي دارفور وأهل المصلحة قبولاً واسعاً في الأوساط المحلية والإقليمية والدولية، حيث أفضت الى تحديد معالم طريق سلام دارفور الحقيقي الذي مر بمنعطفات إجرائية وتفاوضية معقدة قادت الأطراف إلى التوصل لتفاهمات مشتركة أرضت أهل المصلحة بالتوقيع عليها جملة وتفصيلا، فالحضور الرسمي والشعبي والدولي الذي شهدته ولايات دارفور الخمس بجانب الاهتمام الإقليمي الواسع بافتتاح المقر الدائم للسلطة الإقليمية الانتقالية بمدينة الفاشر، فضلاً عن تدافع أهالي دارفور وقياداتهم القبلية لحضور الكرنفال التاريخي الضخم الذي صاحب افتتاح المقر ومباشرة السلطة الانتقالية لمهامها، ومن اولوياتها تجقيق الاستقرار والتنمية وعودة النازحين لقراهم ومناطقهم التي هجروها حيناً من الدهر. وقد لعبت دولاً عربياً وأفريقية دوراً كبيراً في السعي لاستقرار إقليم دارفور واحباط كل المخططات والمؤامرات الاجنبيه الرامية لاشعال نار الفتنة بالاقليم . ولتسيط الضوء اكثر على الدور المرتجى من السلطة الانتقالية واولوياتها وبرامجها المرحلية... قام المركز السوداني للخدمات الصحفية بأجراء استطلاعاً واسعاً مع الرموز والخبراء المتابعين للوضاع باقليم دارفور وخرج بالحصيلة التالية: بدايات نجاح السلام بدءا التقينا هشام نورين محمد نور رئيس حزب حركة القوى الشعبية للحقوق الديمقراطية والذي قال أنه يرى أن إفتتاح مقر وبدايات عمل السلطة الانتقالية بدارفور بهذا الحضورالمحلي والاقليمي والدولي الكبير بمثابة مؤشر ورسالة واضحة لبداية الاستقرار والسلام الحقيقي بدارفور، وايضاً بداية لمسيرة التنمية. مؤكداً أن لدولة قطر دوراً محورياً فيما تحقق، وأن يعول عليها أن تقدم الكثير في مجال التنمية بالاقليم مما يحقق الاستقرار لمواطني الاقليم. وقال إن هذه البشريات تؤكد نجاح وثيقة سلام دارفور، والتي أتت بممثلين على مستوى الرئاسة والوزارات الأخرى، مشيراً إلى أن التجاني السيسي جاء في المرتبة الرابعة دستورياً بعد الرئيس ونوابه، فضلاً عن أن رئاسة الجمهورية قامت باستصدار كافة المواثيق المتعلقة بالوثيقة وبقيام السلطة الانتقالية وتشكيل المجلس الرئاسي ومفوضيات السلطة، داعياً السيسي والقائمين على أمر السلطة لاستحداث عمل تنموي كبير بدارفور من خلال الاعتمادات التي خصصت لهذه الوثيقة بجانب ما خصصته حكومة السودان. ونبه نورين إلى ضرورة الاهتمام من قبل السلطة بعودة النازحين واللاجئين لديارهم وبمساعدة الجهات المختصة و أن تضع هذا الأمر محل اهتمام، قائلاً بأن الأجواء أصبحت مواتية الأمر الذي أدى لتدافع المواطنين والترحيب بقادة السلطة الانتقالية، ودعا نورين المجتمع الدارفوري للعب دور محوري في دعم الوثيقة خاصة القوى والحركات الموقعة على الوثيقة. مؤكداً أن السلام هو الخيار الإستراتيجي. ودعا نورين الحركات المسلحة لوضع السلاح والنظر لمصلحة الوطن والمواطنين، مبيناً أنه لم تعد هناك حجة لحمل السلاح في ربوع دارفور بعد أن وجد مواطنوها نصيبهم في السلطة والثروة. ترابط النسيج الاجتماعي رئيس حركة العدل والمساواة (القيادة التصحيحية) عمرعبد الله هارون كرمة قال: إن استقبال جماهير دارفور لقادة السلطة الانتقالية بمدينة الفاشر كان حاشد،ا وبالقدر الذي يدل بصورة واضحة على ترابط النسيج الاجتماعي لأهل الإقليم ووحدة أبناء دارفور، مضيفا بأن الاتفاقية اذا نفذت على أرض الواقع ستحقق ما هو مطلوب في كافة بنودها. محذراً في الوقت ذاته أن تبقى الاتفاقية أو الوثيقة على شاكلة أبوجا والتي لم تكن سيئة ولكن آلية التنفيذ لم تتمكن من تحقيق هدفها، مضيفاً ان الحرب الآن كانت ستبدأ في مناطق الإقليم الأخرى وبعض ولايات كردفان لولا تكاتف أهل دارفور ورفضهم لكل دعوات الحرب، وأمّن على ضرورة تنفذ بنود اتفاقية الدوحة كاملة حتى لا يكون القادم أسوأ – داعياً القائمين على أمر الوثيقة من التركيز على العمل الاجتماعي دون النظر إلى وعود المانحين السابقة مثمناً عاليا الدور الكبير الذي ستلعبه حركة التحرير والعدالة والعدل والمساواة القيادة التصحيحية وبقية الحركات الموقعة على سلام الدوحة على توحيد رؤاهم من الداخل لإخراج دارفور من محنتها. الدعم الدولي للوثيقة من جانبه قال الأمين العام لحركة تحرير السودان علي حسين دوسة أن وثيقة سلام دارفور وجدت دعماً دولياً لا مثيل له فضلاً عن الدور الذي لعبته قيادات دارفور، ووصف الوثيقة بأنها جامعة ويجب أن تنفيذ كاملة وبصورة دقيقة، مشيرا إلى الالتفاف الكبير للجماهير حولها، وانفضاض تلك الجماهير عن الحركات المسلحة و قناعتها التامة الجماهير بأن الاستقرار والأمن والتنمية لايمكن ان تأتى عبر فوهة البندقية . ودعا دوسة المواطنين إلى الاهتمام بهذه الوثيقة وأن تسعى كل مجموعة ذات رؤى وافكار محددة لإنشاء حزب سياسي ليقنعوا من خلاله الجماهير بتوجهاتهم بعيدا عن حمل السلاح، مثمناً دور المواطنين الكبير في التداول السلمي للسلطة والحكم، ومؤكداً أن ما قام به المؤتمر الوطني وحركة التحرير والعدالة بجانب ولاة الولايات الخمس ستظهر نتائجه وآثاره الفعلية في مقبل الأيام دون حدوث مشاكسات أو خلافات لأن المرجعية في هذا الأمر ستكون القوانين واللوائح الخاصة بالوثيقة والتي حددت الاختصاصات والصلاحيات. داعا دوسة الحركات المسلحة إلى الرجوع للسلم والجلوس مع مواطني دارفور الذين بدورهم قد سئموا الحرب والاقتتال، والدخول معهم في وثيقة الدوحة، كاشفاً عن أن الحركات المسلحة كانت لديها مطالب تخص أهل دارفور ابتداءً من اتفاقية طرابلس واتفاقية أبوجا إلى أن جاءت اتفاقية الدوحة، مستهجناً رفض بعض الحركات الدارفورية التوقيع عليها، مشيرا الى إنها ارتبطت بمجموعات سياسية أخرى وأجندات إقليمية لديها أهداف أخرى غير واضحة بدارفور كالتي تطالب بإسقاط النظام. وقال دوسة إن من يريد تغيير النظام عليه أن يحتكم للجماهير وليس للسلاح رافضاً أي تعاون مع تلك الجهات لتحقيق أهدافها باسم إنسان دارفور، قائلاً: إن الدارفوريين يريدون إعادة نسجيهم الاجتماعي مرة أخرى وبالتعاون الأمني والإنساني مع دول الجوار. وحول الموقف من حركة تحرير السودان قال دوسة إن حركته التزمت بالسلام في وجود أركو مني مناوي كل ذلك كان عبر اتفاقية أبوجا رافضاً الطريقة التي خرج بها مناوي وعودته للحرب مجدداً دون أن يبدي أي مقترحات أو آراء للحكومة توضح عدم رضاه من تنفيذ مخرجات أبوجا. وأكد دوسة إن خيار خروج مناوي من الحركة يعتبر خياراً شخصياً محضاً داعياً إياه للانضمام لعملية السلام مجدداً، محذراً الشباب والمواطنين من الانضمام لحركة أركو مني مناوي التي لا تزال تحمل السلاح وتجوب مناطق عدة من الجنوب، مشيراً إلى أن مناوي لا يملك أي دعم فني اولوجستي. وقال انهم فى حركة تحرير السودان يعملون الآن على تدريب الشباب وتعليمهم أهمية السلام ونبذ الحرب والدعوة للاستقرار. أثر المنتدى على الوثيقة الأمين السياسي بحزب المؤتمر الوطني بولاية غرب دارفور أسعد محمد اسحق قال: إن اتفاق الدوحة يمثل خيار أبناء دارفور بنسبة (95%) وذلك من خلال المشاركة في الاجتماعات الرئاسية والقبلية المكثفة والتي جرت في المنتدى المدني الذي عقد بالدوحة والذي استصحب كل آراء أهل دارفور قائلاً: إن فئات دارفور شباباً وطلاب وشيوخ قد سئموا الحرب وانهم مشددين على أن الوثيقة لبت كل قضايا أهل دارفور، مشيراً إلى أن قيام سلطة انتقالية إقليمية بهذا المستوى الرفيع كفيل بتحقيق السلام الحقيقي الذي تم انتظاره كثيراً، وقال: إن دعاة الحرب من الحركات المسلحة يعتقدون أن الوثيقة لم تلبى مطالب أهل دارفور وهو اعتقاد مجافي للحقيقة. وأوضح اسحق أن الوثيقة تحدثت في كل محاورها عن كافة قضايا الإقليم، وإن السلطة الانتقالية ملزمة بالإسراع في تحقيق كافة البنود خاصة الجانب المتعلق بعودة النازحين لقراهم الأصلية، داعياً المواطنين للتعاون مع السلطة الانتقالية لإجراء مزيد من التحولات السياسية السلمية. واستهجن اسحق التصعيد العسكري الذي حدث في جنوب كردفان والنيل الأزرق، واصفا اياه بأنه خروج عن رغبة جميع أهل السودان. وحول الموقف من المجتمع الدولي يقول اسحق لدينا تجارب سابقة في عدد من الاتفاقيات كأبوجا والتي تعتبر فى رأينا أنها ليست معيبة، بل هزمتها وعود المانحين، داعياً كافة الأطراف إلى التمسك بهياكل وبنود اتفاقية سلام الدوحة التي أفرزت السلطة الإقليمية الانتقالية فضلاً عن الدعم الدولي والإقليمي لها كأحد مطالب أهل دارفور من المجتمع الدولي بأن يوفي بالتزاماته تجاه الإقليم.