منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكودة.. والبحث عن "الشهرة" بأى ثمن؟!

لم تكن الخطوة التى أقدم عليها الدكتور يوسف الكودة ،رئيس حزب الوسط الإسلامى بتوقيعه مع الحركات المتمردة بكمبالا على الوثيقة التى عرفت ب"وثيقة الفجر الجديد"، مفاجأة خاصة للمتابعين لتاريخ الرجل ،والذى أتسم بالتقلب والتناقض فى المواقف، والبحث عن الأدوار بأى ثمن عبر السياسة أو الدين.
النشأة الأولى
ولد يوسف على طه الكودة فى العام 1953م فى مدينة كسلا شرقى السودان، و تعود جذور أسرته العريقة الى قرية الحجير بالقرب من مدينة كريمة بالولاية الشمالية، ودرس المرحلة الإبتدائية بين مسقط رأسه كسلا والشجرة جنوب الخرطوم، وأما دراسته للمرحلة الثانوية فكانت بمدرسة "جمال عبد الناصر"، وهى إحدى المدارس المصرية فى السودان؛ ونال درجة البكالريوس فى الشريعة من جامعة "الإمام محمد بن سعود الاسلامية"، (فرع أبها)، بالعربية السعودية، قبل أن يعود الى السودان ويحوز على شهادة لممارسة مهنة المحاماة.
وكان إبتعاث الكودة للدراسة بجامعة محمد بن سعود الإسلامية- وهى التى تضطلع بتخريج نخبة العلماء السلفيين- قد جاء ضمن التوجهات الرامية الى إبتعاث الشباب السلفى لنيل العلم الشرعى من مناهله، وكان أحد هؤلاء الشباب – من مدينة كسلا - ،الذين تم إرسالهم الى العربية السعودية، وكانت هذه "المجموعة" قد أحدثت تحولات فى توجهات "جماعة أنصار السنة المحمدية فى السودان،والتى كانت تستمد مرجعيتها من "جماعة أنصار السنة المحمدية " في مصر ، نحو الوجهة "السلفية السعودية"الآخذة فى الصعود والتأثير.
بدأ "يوسف الكودة" حياته العامة كداعية متفرغ في السودان بكفالة وزارة الإرشاد السعودية – إدارة افريقيا، وهوما يعرف بنظام "المبعوثين" والذى تشرف عليه "الإدارة العامة للدعوة والإرشاد والتوجيه".
وتدرج "الكودة" فى المسار الأكاديمى وسلك الدراسات الجامعية العليا، حيث نال درجة الماجستير من جامعة أم درمان الإسلامية ،والدكتوراة من جامعة النيلين ،وكلتا الرسالتان كانتا فى (أصول الفقه).
وتوزعت نشاطات "الكودة" بين الدعوة والسياسة والإفتاء ؛ فنال عضوية "الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين" ،و "مجمع الفقه الإسلامي" ،و"هيئة علماء السودان" (أستقال منها مؤخراً بعد توقيعه على "وثيقة كمبالا") ،و"المجلس القومي للصحافة والمطبوعات" شغل أيضاً منصب الأمين العام ل"منتدى مراجعات للنهضة والحوار"، والرئيس المناوب ل(لهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والحقوق" والتى كونتها أحزاب المعارضة.
وأما على صعيد الإجتماعى والحياة الخاصة ؛فعرف عن الرجل كونه مزواجاً، فثنى وثلث وربع.. وكانت أولى زيجات الكودة الذي الباكرة ، زواجه من كريمة الشيخ مجذوب حاج سعيد الداعية المعروف الذي ينتمي لجماعة أنصار السنة بكسلا، ومن زيجاته أيضاً،زواجه من شقيقة زوجة الوزير والسفيرالراحل أحمدعبدالحليم..
ولم يكن العمل السياسى بالنسبة شئياً غريباً على (آل الكودة) وهى أسرة سياسية عريقة، حيث مارس أشقاءه السياسة من قبل؛ وكان أخاه الأكبر،عثمان الكودة، عضواً ناشطاً فى صفوف الحزب الشيوعى السودانى ، وأشتهر بدوره في تهريب زعيم الحزب، عبد الخالق محجوب من سجنه في سلاح الذخيرة ، فى المحاولة الإنقلابية فى 19 يوليو 1971م، والتى عرفت ب(محاولة هاشم العطا) وأُدين فيها؛وأما شقيقه "مبارك الكودة"، فتقلد بدوره عدة مواقع تنفيذية على مستوى المركز والولايات.
تحولات سلفيةٍ
وبعد إكماله الدراسة بالمملكة العربية السعودية وعودته الى البلاد ،أنخرط "الكودة" فى شعاب الدعوة من خلال نشاط "جماعة أنصار السنة المحمدية"، والتى تأسست فى السودان فى العام 1935م، على يد مجموعة من الدعاة السلفيين ،وتأثرت "الجماعة" أولاً بمدرسة الشيخ محمد حامد الفقى ،السلفى المصرى الشهير،والذى كان متأثراً ب"الإصلاحية الإسلامية "، والتى من رموزها الشيخان، محمد عبده وجمال الدين الأفغانى والشيخ رشيد رضا.. ولكن سرعان ما برزت فى توجهات أنصار السنة بالسودان، المؤثرات الفكرية للمدرسة السلفية الحديثة ،والتى تم تأسست على يد الشيخ محمد بن عبدالوهاب فى شبه الجزيرة العربية، وجدت المدرسة الوهابية زخمأً أكبر بعد تأسيس الدولة السعودية الحديثة فى 22سبتمبر 1932م، ،نتيجة توافق بين آل الشيخ عبدالوهاب وآل سعود، وبعد إكتشاف النفط برزت حقبة (البترودولار) وإنتشرت تعاليم الوهابية فى كافة انحاء العالم.
وتسربت المؤثرات الوهابية لتحدث تغييراً فى توجهات السلفيين فى السودان بسبب الهجرة طلباً للرزق ، ونشاط"المبعوثين" والمؤسسات الخيرية والعلمية وتأسيس المعاهد التى تنشر الفكر السلفى ،بالإضافة الى إبتعاث الطلاب من أجل تحصيل العلم الشرعى.
إسلامى مودرن
بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر ضد الولايات المتحدة الأمريكية طرحت دوائر غربية وصفة لإصلاح الإسلام نفسه ، حيث رأت تلك الدوائر أن جذور الإرهاب إنما توجد فى الإسلام نفسه، وذلك لسيادة أنماط التفكير التقليدية والتى تغذى التفسيرات المتشددة فى الإسلام، وأن أى إصلاح لابد أن يفكك المسلّمات الإسلامية فى العقيدة والفقه ،خاصة النصوص القطعية من القرآن الكريم والسنة النبوية.
وأُطلق على المحاولات البحث عن "البروتستانتية الإسلامية "، على غرار ما تم فى تاريخ الدين المسيحى ،حيث تم القضاء على النزعات الوثوقية أو الأرثوذكسية والتى تعطى التفسيرات المتزمتة للدين؛ وأما الشق الثانى من محاولات "إصلاح الإسلام" من منظور غربى، فتمثلت فى تشجيع الأفكار والإتجاهات المخالفة للتيار الإسلامى السائد وفق عقيدة اهل السنة والجماعة، ومن هنا برز الإهتمام بالفرق الإسلامية القديمة: كالبهائية والشيعة، والإسماعيليين، والقرآنيين.ألخ وشخصيات إسلامية عقلانية –حسب تلك الإتجاهات- تم إضطهادها وقمعت الأفكار المتنورة التى نادت بها ، ومنها الحلاج وأبن عربى، وجلال الدين الرومى، وسلمان رشدى وتسليمة نسرين.
كما برز إهتمام كبير من لدن الغرب بالتيارات المنحرفة، كالجمهوريين فى السودان،وغيرهم، وقدمت الطرق الصوفية على أنها على تضاد مع تيارات الإسلام السياسى، فالمتصوفة يقدمون الغذاء الروحى الذى تحتاجه الجماهير والعامة من المسلمين ، ليسس لهم أطماع سياسية، وعلى العكس تماماً، الحركات الإسلامية المعاصرة لديها نزعة نحو السلطة والصدام مع الغرب ،وبالتالى تهديد مصالحه، وكما تم تسليط الأضواء على رموز الوسطية الإسلامية،وتشجيع الآخرين ممن يتبنون تلك الوسطية ، واطلق بعض الباحثين فى الحركات الإسلامية على ظاهرة الدعاة الوسطيين (الشيوخ المودرن).
ووضعت مؤسسة "راند" وهى مؤسسة وثيقة الصلة بالمخابرات الأمريكية ،فى العام 2004م، دراسة بعنوان: (نحو إسلام مدنى ديموقراطى) وتحدثت الدراسة عن سبل بناء هذا النمط من "الإسلام" من خلال تغذية التناقضات بين التوجهات والأفكارالسائدة فى المجتمعات الإسلامية بين السلفية التقليدية والجهادية، وبين هؤلاء الأخريين والمتصوفة،وبين اٍلاسلاميين والحداثيين العلمانيين ،وتوصف مؤسسة"راند" بأنها من (مراكز الفكر القليلة التي تتعامل مع القضايا ذات الطبيعة العسكرية والمخابراتية ،وغالباً ما تستعين بها المؤسسة العسكرية الأمريكية لمساعدة الجيش في كيفية مواجهة التحدي الذي تمثله قضايا مثل "الإرهاب" والأمن القومي).
فى هذا الخضم حاول"الكودة" التماهى مع ما هو مطلوب، خاصة ممن يتوفر فيهم وقار العلماء ،وأراد أن يقدم نفسه .. شيخاً إسلامياً متنوراً: فهو يرتدى الزى الوطنى والأفرنجى بشكل أنيق ،ويعيش حياة مرفهة ،ويمتطى سيارة من أحدث طراز ،ويؤمن بالحوار مع "الآخر" ويتفاعل مع القضايا العامة. وكل ذلك حتى يجد القبول من لدن كل من الحكومات" المعتدلة" فى العالم الإسلامى ،والغرب (بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية)، واللذان إنخرطا فى الحملة العالمية لمكافحة ما سمى ب"الإرهاب ".
مراقى السلطة
وبعد مجيئ ثورة الإنقاذ الوطنى ،عرف الكودة داخل أنصار السنة بانه الرجل الذى خوله رئيس الجماعة –آنذاك- الشيخ محمد هاشم الهدية بالقيام بمهمة التواصل من قادة النظام الجديد ويقول الهادى محمد الأمين الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية فى السودان عن تلك الفترة الباكرة من الإنقاذ..(كان الشيخ الكودة موضع ثقة لدي الحاكمين ولدي جماعته علي حد سواء و حينما كان يلعب كل هذه الادوار ،فان نديده ورفيقه الوزير السابق محمد أبوزيد مصطفي كان يقود خط مناهضة الانقاذ ويقف ضد سياساتها وينتقد توجهاتها)، وبمرور الزمان تعمقت الثقة بين "الإنقاذ" وجماعة أنصار السنة ،ليتدرج الكودة فى مراقى السلطة ومفاصلها ،ويتبعه فى طريق السلطة ،محمد أبوزيد مصطفى ،والذى تولى عدة مناصب ممثلاً للجماعة بالمشاركة فى الحكومة، بعد كان يناصب "الإنقاذ" العداء ويقود التيار الرافض لأى محاولة للتقارب معها.
وأستطاع تجسير هوة الخلاف بين أنصار السنة والانقاذ منذ بداياتها الأولي حيث أسندت له الجماعة السلفية بقيادة زعيمها الراحل شيخ الهدية مهمة الحوار مع الحكام الجدد ،وأصبح الرجل يمسك بمقود الملف السياسي داخل أنصار السنة لدرجة أن البعض وصفه (رجل الحكومة داخل أنصار السنة و رجل أنصار السنة داخل الحكومة) وظل "الكودة" ممسكاً بالملف السياسي داخل أنصار السنة ،وما أهّله للعب هذا الدور ،تدرج الرجل وتقلبه في المناصب بمستوياتها السياسية والنقابية والاعلامية والتشريعية ومؤسسات الفتوي.
النزوع للإنشقاق
كان "الكودة "ينتمي أصلاً الى جماعة الأخوان المسلمين (أو الحركة الاسلامية السودانية) مراقبها العام في السودان الشيخ / صادق عبدالله عبدالماجد ، ولكن ما لبث "الكودة" أنشق عنها و ألتحق بالحركة الاسلامية التي أسسها د.حسن الترابي ، عقب الإنقسام الذى ضرب الحركة فى أعقاب المصالحة الوطنية مع نظام الرئيس الأسبق جعفر نميرى، ولكن تركها التحق ب"جماعة أنصار السنة المحمدية" ، ليغدو أحد قياداتها، ولكن ما لبث أيضاً أن انشق عنها- بعد أن جعلت منه قائداً- ليؤسس حزب( الوسط الإسلامى) فى أكتوبر من العام 2006م ،بعد أن قدّم إستقالته من الأمانة العامة ،ومن المركز العام ل"اٍلجماعة".
يعتبر "حزب الوسط" أن رسالته الأساسية هي "العمل على معالجة الأخطاء المتكررة والتجارب المحسوبة على الإسلام ومراجعة وتصحيح ما يُسمى بالإسلام السياسي"، وتقديم "نموذج إسلامي مشرق فكرًا وتطبيقًا، قولاً وعملاً"
. يرفض الحزب فى مبادئه.."الغلو والتشدد في الدين وتحميل النفوس فوق طاقاتها"، وكما يرفض "أن تُحصر حقوق المواطنة في فئة قليلة في بلاد السودان متعددة الثقافات والأعراق والمعتقدات".
كذلك يرفض الحزب "الانقلابات العسكرية واستخدام القوة كوسيلة للوصول إلى السلطة، ويؤمن بالتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع"، يدعو إلى" تطوير الديمقراطية بالبلاد حتى تصبح أكثر توافقًا وقبولاً وواقعية في السودان"، يعتبر الحزب "أن دور المرأة في الحياة العامة ما زال ضعيفًا ولابد من إعطائها حقوقها السياسية كاملة لتقوم بواجبها في تصحيح مسيرة الأمة ولتتبوأ المقاعد الأمامية في مسيرة التغيير والمراجعة" أى أن الحزب ليس لديه تحفظ على أن تتولى المرأة أغلب المناصب أو كلها فيما ،عدا الإمامة العامة!.
وعلى الرغم من جراة الإجتهادات التى وردت فى ميثاق حزب "الوسط الإسلامى"، من منظور الفكر اٍلاسلامى الحديث من جهة ،وفكر الجماعات السلفية من جهة أخرى ،إلا انها تلبى رغبة طموحات "الكودة" أكثر من كونها إستجابة لواقع حقيقى فى السودان،أو تعكس تطور جماعة إسلامية ما .
ويقوم الحزب بالكاد على كاريزما زعيمه" الكودة" ،إذ لا يعرف له رموز أو قيادات أو هياكل فعالة، فهو حزب الرجل الواحد!.
عشق الأضواء
ويرى خصوم "الكودة" أن الطموح الزائد لدى الرجل جعله الى حريصاً على عشق النجومية والظهور، وأيضاً تقلب الأطوار ، ومن هنا كان يحرص على إستغلال كل المناسبة والمواقف من أجل تسليط الأضواء عليه كما يقول هؤلاءالخصوم ، ففى جانب العمل الإسلامى سعى الرجل الى التماهى مع أطروحات الساحة ؛ فعندما طرح شعارات "الوسطية" و"الإعتدال" ..كيّف "الرجل" تصريحاته ومواقفه مع مطلوبات تلك اللحظة ،فأسس مركزاً لإشاعة الوسطية .
وتلقفته وسائل الإعلام ذات التوجهات المعادية للتيارات الإسلامية، وظهر على شاشة قناة "العربية" فى برنامج (إضاءات) الدخيل، وبعد أن أطرى المذيع على أفكار الشيخ "الكودة" الوسطية والمناهضة للفكر المتشدد أُستدرجه لينتزاع منه مواقف سياسية تخدم أجندة "القناة" والتى تصنف كبوق لتيار "اليبراليين الجدد" فى الوطن العربى ، حيث تخصص القناة ساعات طويلة وبرامج تعادى فى الغالب الأعم الظاهرة الإسلامية ، سواً أكانت الحركات الإسلامية المعتدلة او التى توصفف ب"المتطرفة".
وخلال ظهوره على برنامج (إضاءات) على "قناة العربية " أنتهز "الكودة "قضايا الساحة لتسليط الأضواء على شخصه ..ولما كان الإعلام الغربى يروج لموضوع المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة الرئيس البشير فقال: " إن تنحي الرئيس السوداني عمر البشير عن الرئاسة مطلباً، لانه سيجنب السودان الكثير من المتاعب على الصعيدالدولي ،وتجنيب البلاد العقوبات والضغوط التي تتعرض إليها، في حال إستمرار البشير في سدة الحكم".
ومضى أبعد من ذلك عندما دعا الى تقديم البشير للمحاكمة "أمام محكمة هجينة، تتشكل من أعضاء دوليين وسودانيين" ،مخالفاً بذلك إجماع الأمة السودانية والقوى السياسية الدول ،على رفض فكرة التعامل والإعتراف بالمحكمة الجنائية.
و لإحداث فرقعة وجلبة إعلامية قررالرجل الترشح لإنتخابات قبل أن يسرع لإعلان الإنسحاب من سباق الإنتخابات ،مبرراً انسحابه من الترشح بسبب وضع الحكومة شروطاً تعسفية للترشح .
وأخذ الكودة يتقرب شيئاً فشيئا، الى أحزاب المعارضة ،فأنضم الى تجمع "قوى الإجماع الوطنى" ، لمّا كان سوق السياسة يشهد تخمة فى العرض والطلب ، أبى على نفسه إلا ويعرض بضاعته في ذاك السوق ..فقدّم ما أسماه بوثيقة ب(الإطعام من الجوع والأمن من الخوف).
ولما كان موقف الحكومة السودانية شديد التنديد والرفض لما سميت بوثيقة الفجر الجديد ، وجد "الكودة" ،وهو الباحث للشهرة بأى ثمن ، فرصة سانحة لتجيير غضب الحكومة على الموقعين على "وثيقة كمبالا" لخدمة طموحاته ، وتقديم نفسه الى الغرب-هذه المرة- كرجل دين متنور ، يتحدث عن الدولة المدنية،والمواطنة والحوار ، ويدبج المقالات فى الصحف ،حول الموضوعات الخلافية والمثيرة للجدل..بعد ان أدرك إصرار الحكومة على موقفها الرافض للحوار مع ما يسمى ب"قطاع الشمال" ما لم يتم فك الإرتباك بين"القطاع" ودولة جنوب السودان ، قال الكودة فى تبرير فكرته عن الحوار مع حملة السلاح (لا أحرم الحوار حتى مع إبليس و الشيطان والمجرم).
وعندما راجت "موضة" الحوارات بين المذاهب والطوائف، ركب "الكودة" تلك الموجة ؛وتحدث كثيرون عن زيارات متكررة له الى طهران ،والتواصل اللافت مع ممثلى الشيعة، وهناك من يقول بأن الرجل قد "تشيع" مع موجات المد الشيعى فى المجتمعات السنية،
ألِف "الكودة" حب الظهور والأضواء منذ أن كان يقدم برنامج(روح وريحان) على شاشة تلفزيون السودان ،وواصل إشباع رغبة الظهور لديه عبر الوسائط الإجتماعية والتى تعاظم دورها وتأثيرها :(موبايل الكودة) ،وصفحته على الفيسبوك، وموقعاً لحزبه على الإنترنت ،ومركزاً لنشر الوسطية الإسلامية.
فتاوى شا ذة
وتأرث الكودة بالمتغيرات التى تعرض لها العالم الإسلامى بعد حوادث الحادى عشر من سبتمبر 2001، التى نسبت الى تنظيم "القاعدة" وطفق الغرب فى طرح ومناهضة ما يطلقن عليه ب"التطرف" .
وفى خضم الجدل داخل البرلمان قبل بضعة أشهر حول سبل درء مخاطر إنتشار مرض الأيدز، آثار "الرجل" الجدل حين أباح إستخدام الواقي الذكري وسط (الزناة) بدعوى تخفيف الضرر،قال "إن الواقي يساعد الإنسان على التوبة متى ما أراد الرجوع عن معصية الزنا في أي وقت". ،وعلل فتواه تلك بأن هدفه في النهاية هو (حماية الأرواح، وإبعاد المجتمع عن جرائم القتل التي تحدث بعد العلاقات المحرمة، مثل الإجهاض ورمي الأطفال على قارعة الطريق وتعريضهم للموت)، من منطلق أن حفظ الحياة من أشرف المقاصد .
ووفى حمأة الجدل حول إنتشار ظاهرة البنوك الإسلامية ،نُسب الى "إلكودة " قوله مبخساً :(إن الاقتصاد الإسلامي مصطلح غريب على الدين (!) ولم يقل به سلف الأمة،و أن الاقتصاد هو مزيج من الرأسمالية والشيوعية على حد سواء، ويأخذ المجتمع لنفسه ما هو بحاجة إليه).
فى تصيده الفرص حباً للظهور ،ولما جاء خبر فى الصحف مفاده أن أحد أئمة المساجد في يوم الجمعة قد شاهد أحد "الفنانين" فمنعه من الوقوف في الصف الأول لأنه فاسق وأرغمه على الرجوع الى الصفوف الخلفية ،علّق "الكودة" على تلك الحادثة قائلاً (قلت كيف قبل المغني ذلك ..فلو كنت مكانه لما تحركت قيد أنملة ولربما قاتلت في ذلك ؟،ثم أين المصلون ولماذا رضوا بهذا وماهو الدليل الذي أستند عليه الإمام في فعلته تلك؟).
ويرى بعض المتابعين لمسيرة العمل الإسلامى أن ظاهرة "الكودة" ليست جديدة ولا غريبة على تاريخ العمل الإسلامى، إذ وجدت على مر العصور شخصيات من نفس الشاكلة، تخرق الإجماع وتتقلب فى المواقف الأقوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.