شهدت الفترة الأخيرة مساعى حثيثة لاحتواء وتجاوز أزمة النفط بين الخرطوموجوبا بعد أصدار الأولى قرارا بأيقاف تصدير نفط الجنوب خلال شهرين من مطلع الأسبوع الماضي. وبعد أن طرحت الآلية الإفريقية رفيعة المستوى مقترحات للحكومة السودانية لتجاوز أزمة النفط ودخول جيبوتي وسعيها لنزع فتيل الازمة بين البلدين الى جانب ايفاد جوبا لنائب رئيس الحكومة د. رياك مشار الى الخرطوم خلال هذه الايام، كلها مساعى دبلوماسية تتم لتجاوز قرار رئيس الجمهورية الأخير بقفل انبوب النفط بعد (60) يوما . وعلمت (الرأي العام ) من مصادرها أن أمريكا وبعض الدول الأوروبية دخلت أيضا للتوسط بين الطرفين لعدم تنفيذ قرار ايقاف صادر النفط بعد انتهاء المدة المحددة. وشهد الأسبوع الماضي اجتماعات مكثفة مع الجهات ذات الصلة كان آخرها لقاء مفوضية مراقبة النفط مع المسؤولين في الخرطوم لبحث تدارك الموقف وتوقع كثير من المراقبين والاقتصاديين حل الأزمة وعدم ايقاف تصدير النفط مشيرين الى أن حل فتيل الأزمة رهين بتراجع حكومة جوبا عن دعمها للمتمردين في الحدود والتزامها بالاتفاقيات الموقعة معها خاصة الجانب الأمني. وتوقع الخبراء الاقتصاديون التزام حكمة الجنوب بالمصفوفة خاصة وانها تعتمد على النفط في ايرادتها وان هنالك معلومات تشير الى ان حكومة الجنوب قامت ببيع معظم نفطها للشركات الأجنبية مقدما بعد توقيع المصفوفة مباشرة. ويقول د.شريف التهامي وزير الطاقة السابق ان فترة ال(60) يوما كافية لحكومة الجنوب للتراجع ولها الفرصة الكافية لانسياب النفط في الانبوب مرة أخرى بعد انتهاء المدة من خلال الكف وعدم دعم المتمردين في الحدود مشيرا الى أهمية النفط لخزينة الجنوب. وتوقع التهامي في حديثه ل(الرأي العام ) أن تسفر الوساطات والمباحثات الجارية لنتائج ايجابية مشيرا الى أن اتجاه حكومة الجنوب لايفاد النائب الأول تشير الى دخولها في حرج مع مواطنيها ومع المجتمع الدولي ، وابان ان قرار حكومة السودان بالايقاف قرار مشروع خاصة وان استمرار تدفق النفط وزعزعة الأمن في الحدود تكون تكلفته أكبر وأن العائد من رسوم صادر النفط لا تغطي تكلفة منصرفات الحرب الباهظة مبينا أن نصوص الاتفاقيات تعطي الحق في التراجع عنها ما لم يكن انفاذها كاملا للاتفاقيات التسع دون التركيز على اتفاقية واحدة .وأعرب التهامي عن أملة أن تسفر الوساطات الجارية بنتائج ايجابية خاصة وان الدولتين تعتمدان على النفط بالتركيز على جنوب السودان الذي يعول على ايرادات النفط بصورة أكبر . واعرب سمير احمد قاسم امين امانة السياسات باتحاد اصحاب العمل عن أمله ان تسفر الوساطات للاتفاق بين الدولتين لانسياب النفط دون توقف بعد المهلة المحددة .. وقال سمير في حديثه ل (الرأي العام ) نحن متفائلون بحدوث اتفاق ووفاق بين الدولتين باعتبار أن قفل الأنبوب قد يؤدي الى مضار اقتصادية كبيرة للدولتين خاصة الجنوب وتوقع حدوث انفراج خاصة بعد دخول دول كبرى ودول أوروبية لتجاوز ملف النفط والملفات الاخرى مؤكدا أهمية استتباب الأمن على الحدود بين الدولتين وعدم الاتجاه لدعم المتمردين لإحداث استقرار للجانب الاقتصادي بالبلاد. وعدد د. عز الدين إبراهيم وزير الدولة بالمالية السابق فوائد ايرادات النفط للدولتين خاصة الجنوب التي تعتمد بصورة كبيرة على النفط مبينا أن انسياب النفط تكون فوائده أكبر على الجنوب خاصة وأن اقتصادها في طور النمو وان النفط يعتبر من الايرادات الرئيسية لاقتصادها ، وأعرب عن أمله ان يتم التوصل لحلول ايجابية خلال الفترة المقبلة. وقال د. عوض الجاز وزير النفط إن عملية القفل ستتم بالتدرج اعتبارا من يوم 9 الشهر الجاري مبينا بأن دولة الجنوب حال التزامها واحترامها للاتفاقيات وتراجعها من دعم التمرد خلال فترة الستين يوما يمكن أن ينساب النفط دون توقف. وكان قد قال في المؤتمر الصحفي الذي عقدة امس الاول ان الاتفاقيات تمت بواسطة شهود من قبل المجتمع الدولي وفق برمجة محددة تنفذ كلها دون اتفاقية بعينها مبينا بان الرئيس اعطى الدلائل وامهلهم مدة 15 يوما وبعد نفاد الصبر اعطى توجيهات بقفل الانبوب بعد 60 يوما . وتفيد متابعات (الرأي العام ) إن الحكومة شرعت في دراسة المقترحات التي تقدم بها الوسيط الأفريقي (والتي تتمثل في تجاوز أزمة النفط ومعالجة التوترات الناشبة في العلاقات بين الدولتين ) وستقوم الحكومة بالرد على هذه المقترحات بعد الفراغ من دراستها في وقت يقوم المجتمع الدولي والآليات الإقليمية ببذل مزيد من الجهود لإلزام حكومة جنوب السودان بالاتفاقات وإبداء الجدية والإرادة السياسية لتنفيذ كل الاتفاقات كاملة ، كما يعمل المجتمع الدولي للخروج من الوضع الحالي بايجاد وسائل وآليات تضمن تنفيذ اتفاقيات التعاون الموقعة بين البلدين وفق المصفوفة بصورة متكاملة وكحزمة واحدة. وتشير المتابعات إلى أن قرار إيقاف النفط جاء تحت المادة (3) و(7) من اتفاق النفط الموقع مع جنوب السودان ضمن اتفاقيات المصفوفة الأمنية التي وقعت في شهر مارس 2013م والتعامل معها حزمة واحدة بعيداً عن الانتقائية. وكان وزير النفط قد أشار الى أن رئيس الجمهورية قد أتخذ القرار بعد نفاد الصبر وانتهاء المدة التي منحت لرئيس حكومة الجنوب في لقائهما الأخير بالكف عن دعم المتمردين .