حرق (16) وإتلاف ( 118) بصاً تتبع لولاية الخرطوم وحدها. (38) محطات الوقود التى تم تدميرها كلياً أو جزئياً. نهب (5) فروع لبنوك، وعدد من الصرافات الآلية. تدمير (4) مواقع لشركة الكهرباء، و(2) من محطات المياه. أحدثت المشاهد المروعة التي أعقبت العمليات التخريبية التي شهدتها أنحاء من البلاد خاصة العاصمة الخرطوم خلال اليومين الماضيين، صدمة مروعة لدى العديد من المواطنين ، والذين استهجنوا عمليات التخريب المنظمة التي استهدفت المنشآت والممتلكات الخاصة والعامة ، ووصفوا تلك الأعمال بالغريبة عن المجتمع السوداني. وخلال يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين ، هاجمت قطعان المخربين بعض المواقع الإستراتيجية ، وهدفوا من وراء هجومهم ذلك إحداث فوضى عارمة تؤدي إلى شلل الحياة العامة تمهيداً لعمليات استهداف ، ربما تشمل عمليات اغتيالات وتصفيات جسدية وإغتيالات ، إذا ما اتسع نطاق التخريب وانشغلت الدولة بعمليات التأمين ، ومحاولة استعادة الأمور إلى نصابها من جديد. تداعيات مؤلمة اعترف المسؤولون على أعلى مستويات الدول أن الإجراءات الاقتصادية الأخيرة مؤلمة وقاسية ، وستكون لها تداعيات على المواطنين ، إلا أنها ضرورية للحيلولة دون انهيار الاقتصاد الوطني برمته ، والذي سوف تتكون آثاره الكارثية في حال حدوثه أشد قسوة لا سيما على الطبقات الفقيرة ، والتي تم وضع ترتيبات من ضمن الحزمة الإصلاحية لتخفيف الوطأة عليها. وكانت هناك توقعات بحدوث حالات احتجاجية على تلك الإجراءات الاقتصادية على غرار ما تشهد كل الاقتصادات المتقدمة والمتخلفة ، عندما يتم اتخاذ تدابير اقتصادية جديدة، حيث نجد تلك التدابير مقاومة من كافة الطبقات الاجتماعية حسب درجة التأثر منها ، وقلما وجدت سياسة الإصلاح الاقتصادي ، ولم تجد شكلاً من أشكال المقاومة، وفي كل الأحوال لا تتعدى الاحتجاجات والمسيرات والاعتصامات المناهضة لها حيز التحركات المدنية ذات الطابع السلمي ، وإذا ما جنح البعض لإثارة الفوضى والعنف بالاعتداء على الأملاك الخاصة أو المنشآت العامة، فإن السلطات المختصة تتعامل معها وفق ما تقتضيه من إجراءات أمنية. سلوك همجي ولكن ما شهدته الخرطوم خلال الأسبوع الماضي ، لم يكن احتجاجاً سلمياً على الإطلاق ، بعد ان عمد المخربون ، ومن أول وهلة ، إلى عمليات التدمير والتخريب والسلب والنهب والإتلاف ، ولم تستثن تلك الاعتداءات حتى (الُسبُل) التي ينصبها أصحاب الخير والأحسان فى الشوراع لسقية وإظلال المارة وعابرى السبيل ، وهو سلوك غريب وهمجي وبربري و دخيل على الشعب السوداني. وأمام هول المشاهد الفظيعة للتخريب والتدمير الممنهج الذي قامت به عناصر منظمة ، امتنع المواطنين الشرفاء عن الاستمرار أو محاولة إظهار مناهضتهم للإجراءات الاقتصادية ، وهذا ما يفسر عدم حدوث أي تظاهرات ذات بال يوم الخميس الماضي، ، وهو اليوم الثالث الذي راهنت عليه الحركات المتمردة، وبعض أحزاب المعارضة وبتلك الخطوة قطع المواطنون الصالحون الطريق أمام المخربين لاستغلال مواقفهم لإحداث نشر الفوضى والدمار في البلاد ، وهو ما ساعد الأجهزة الأمنية في تفعيل شعار (الأمن مسؤولية الجميع) ، قبل أن تقوم بإعادة انتشار واسع النطاق في الأماكن الإستراتيجية والحيوية ، و كذلك في المناطق التي كان المخربون يعدون العدة للانطلاق منها نحو "هوجة" أوسع تصل ذروتها يوم الجمع ليكون معركتهم الفاصلة. ضبط متهمين وتمكنت الأجهزة الأمنية من القاء القبض على قرابة (700) متهماً ، وبسحب وزير الداخلية ، فإن المتهمين تم اعتقالهم في الأعمال التخريبية الأخيرة في الخرطوم وود مدني ، وهم يقومون بالسرقة والنهب والكسر ، وأن (100) بلاغ مكتمل الأركان أمام النيابات الآن ، وأن الأسبوع القادم سيشهد بدء إجراءات محاكمة أولئك المتهمين. وأكد الوزير إبراهيم محمود حامد ، أنه لا تهاون اطلاقاً مع من يزعزع الأمن ويهدد الاستقرار ، داعياً المواطنين إلى المشاركة في حفظ الأمن ، وأن ذلك مسؤولية مشتركة بين المواطن والأجهزة الشرطية والأمن. وبحسب أحدث الإحصائيات ، فقد سقط زهاء (31) شخصاً ، و(300) مصاب ، من بينهم (111) من عناصر الشرطة ، وبعضهم إصابتهم خطيرة ، وأشارت مصادر طبية إلى إجراء (100) عملية جراحية للمصابين في الأحداث التخريبية. شلل تام وركز المخربون ، وبشكل منسق ، على حرق واتلاف محطات الوقود والطاقة، وكشفت السلطات المختصة عن حرق (38) محطة للوقود ما بين الإحراق التام والتخريب الجزئى: محلية الخرطوم حرق (4) ؛ ومحلية جبل الأولياء حرق (5) و(6) ، ومحلية كررى(8) و(2) ؛ امبدة حرق (7) ؛ وشرق النيل (5) و(1) ؛ وبحرى (4) و(1)؛ وأمدرمان حرق(5) و(6) من جملة (220) محطة عاملة بالعاصمة الخرطوم، وإن كان العدد قليلاً نسبياً مقارنة مع العدد الكلي لمحطات الطاقة، إلا أن الآثار الجانبية لعمليات استهداف تلك المحطات قد بدت جلية خلال الأيام الثلاثة التى تلت تلك الأحداث، حيث شهدت بعض محطات الوقود ، ازدحاماً كثيفاً ، بسبب اتلاف بعضها واغلاق البعض الآخر تحوطاً من أي محاولات قد يقوم بها المخربون ، هذا على الرغم من تأكيدات مسؤولي وزارة الطاقة ، بأن عمليات انسياب حصص الوقود و الغاز إلى الشركات والموزعين ، قد سارت بشكل طبيعي ، ولم تتأثر بالأحداث الأخيرة. وكان الهدف من تدمير محطات الوقود إحداث شلل تام يؤدي إلى تقطيع أوصال العاصمة ، مما يسهل مهمة المجموعات التخريبية في إحداث الفوضى والدمار. استهداف المواصلات ويندرج ضمن مخطط إحداث الفوضى الخلاقة أو الشاملة بالبلاد ، بالإضافة إلى استهداف محطات الوقود وغيرها ، استهداف وسائل النقل ، حيث سجلت حالات عديدة أحرق فيها المخربون بعض وسائل النقل في أمدرمان وبحري والخرطوم ، وبحسب مسؤولي (شركة مواصلات ولاية الخرطوم) ، فإنه تم إحراق (16) باصاً من أسطول الشركة ، منها (3) بصات حريقاً كاملاً ، وإتلاف جزئى ل(52) بصاً ، وأما خسائر شركة (البرمت للمواصلات)، فكانت حرق (13) حراقاً كاملاً ؛ واما (مؤسسة تنمية الصناعات الصغيرة) ، فتم حرق عدد واحد بص يتبع لها ، وتضرر جزئياً حوالي (118) من باصات شركة مواصلات ولاية الخرطوم ، يجرى إصلاحها ورغما عن تلك الخسائر في قطاع المواصلات،إلا أن انسياب الحركة سرعان ما عاود وتيرتها ، بعد انتشار الأجهزة الأمنية وفرضها الأمن عند الطرقات والمحطات والأحياء. فإذا ما تم تحقيق سيناريو شل قطاع الطاقة ، بجانب النقل والمواصلات ، فإن ذلك كان سيحقق للمجموعات التخريبية ، ومن يقف وراءها ، هدف إجبار الناس على التظاهر اضطراراً ، خاصة إذا انعدمت تلك الاشياء الضرورية ، فضلاً عن الاحتياجات الأساسية ، بعد إغلاق أصحاب المصالح التجارية محالهم، خوفاً من عمليات السلب والنهب والتدمير التي شاهدوها في الأماكن التي طالتها أيدي المخربين. وبحسب شهادات بعض المواطنين ممن كانوا ضمن التظاهرات ، ولكنهم اكتشفوا ما يحاك ضد مصالح الوطن والمواطن، فإن الأماكن التي استهدفت بالاتلاف والحرق والتدمير كانت اهدافاً منتقاة بعناية بالنهب والتدمير ..(الصيدليات، المستوصفات، الأسواق، البنوك والصرافات، مشروعات الخريج المنتج الموزعة على الأسواق، نقاط بسط الأمن الشامل ، ودور المؤتمر الوطني..ألخ) ، مما يشير بأن المخطط أكبر من مجرد عصابات متفلتة أو صغار مراهقين. ومن البنوك المتضررة ، البنك السودانى الفرنسى ، فرع سوق ليبيا، (إتلاف أجهزة وأثاثات ونهب..)؛فرع بنك الشمال الإسلامى بالكلاكلة؛ وفرع البنك الإسلامى بسوق (6) بالحاج يوسف؛ وإتلاف الصرافات ببنك الشمال الإسلامى بجامعة أفريقيا العالمية. وطالت عمليات النهب والسرقة بعض مكاتب الكهرباء فى مناطق : أبو سعد، الصالحة، الحلفايا(تعرضت أجهزة الحواسيب والأثاثات الى النهب، بجانب إتلاف مركز المعلومات ، وقدرت الخسائر بأكثر من مليونى حنيه سودانى)، الأزهرى(إتلاف تام وسرقة الأجهزة والأثاثات).. كما تم حرق رئاسة مياه امبدة حرقاً كاملاً ، أتى على جميع المستندات الخاصة بإدارات : الشئون المالية، الإمداد، الشبكات ، الشئون الإدارية، المبيعات ، فضلاً عن المخزن، والذى كان يحتوى على مواسير وتوصيلات منزلية، كما تمت سرقة عدد من اجهزة الحواسيب والمكيفات ، وحرق عدد (3) عربات وواحد موتر، وركشة، وأشعل المخربون النار فى مكتب مياه أبو سعد قبل أن تتم السيطرة علي النيران وإخمادها. الأصابع الخفية والسؤال الذي يفرض نفسه من تلك الجهات التي تقف وراء مخطط الفوضى الشاملة والتي عملت على استغلال التظاهرات ضد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة؟ هنالك أكثر من جهة لديها مصلحة حقيقية في بذر الفوضى والدمار في السودان ، فهناك أحزاب "تجمع جوبا" والتي عجزت عن تحريك الشارع، في إطار ما أسمته ب(خطة المائة يوم لإسقاط النظام)،والتي أتت متزامنة مع قرارات إجراء الاصلاحات الاقتصادية ، وباعتراف قادتها كانت محصلتها الفشل الذريع ، وهذا ما يفسر محاولة بعض رموز تلك المعارضة لعقد اجتماع من أجل اهتبال الفوضى الحادثة لتحقيق مكاسب سياسية ، عجزت عن تحقيقها بالاستقواء بالخارج أو بالتحالف مع الحركات المتمردة ، وحتى محاولات سالفة لتحريك الشارع الذي تجاوزه هذه الرموز. ثانياً؛ هناك الحركات المتمردة ذات الأجندة الهوية العنصرية ، والتي عجزت عن تحقيق مشروعها وشعاراتها بالسلاح ، على الرغم من الدعم المهول الذي وجدته من أطراف إقليمية ودولية ، ولم تعد أمامها من خيارات سواء استغلال الأحداث لإحداث فوضى ودمار ، بعد أن فشلت في تحقيق أي نصر عسكري، ثالثاً؛ هناك دول وأطراف إقليمية تريد إعادة انتاج بعض السيناريوهات التي جرت في دول مجاورة لإحداث تغيير سياسي جذري في السودان ، قد تكون حزمة الإصلاحات الاقتصادية مدخله الذي لا يتكرر مرة أخرى في الأفق المنظور، رابعاً؛ هناك العامل الأهم هو الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة ، والتي لا تزال تسعى بكل ما اوتيت من قوة لإسقاط النظام ، فبعد أن فشلت سيناريوهات إسقاطه عبر العمل المسلح ، ودعم الحركات المتمردة عبر دول جوار السودان تراهن مجموعات الضغط الأمريكية على ربيع سوداني يخرج من الإصلاحات والمصاعب الاقتصادية، فالأوضاع الاقتصادية التي أعقبت انفصال جنوب السودان ، وفقدان السودان عائدات نفط الجنوب كانت التوقعات تشير إلى هبة شعبية تطيح بالنظام لكونه فقد 75% من موارد موازنته العامة، ولكن خاب فأل تلك التوقعات، خامساً؛ التغطية الإعلامية للأحداث في السودان، من قبل بعض القنوات الفضائية المحسوبة على بعض الدول الإقليمية ، ومع ما عرف عن تلك القنوات من تحيزات ضد السودان ، يشير إلى أن هناك مخططاً لاستغلال أحداث الفوضى والتخريب وتوجيهها لأهداف سياسية تتعلق بأجندة تيارات سياسية ذات ارتباطات إقليمية ودولية معروفة ، وليست تلك التغطية أمراً عفوياً أو عارضاً.