أعلن مسؤولون من البنتاجون إن قوة قوامها 150 جندياً من قوات مشاة البحرية الأميركية «المارينز» تستعد لدخول جنوب السودان للمساعدة في حماية طاقم العاملين في السفارة الأميركية وإجلاء نحو 100 مواطن أميركي ما زالوا في ذلك البلد، إذا استلزم الأمر. والأمل معقود على أن تستطيع القوات الأميركية تعزيز الأمن في غمرة تصاعد المخاوف من نشوب حرب أهلية في البلاد. وقد أنشئت قوة رد الفعل الأميركية هذه في فصل الربيع الماضي بعد الهجوم على القنصلية الأميركية في مدينة بنغازي الليبية عام 2012 الذي قتل فيه السفير الأميركي كريستوفر ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين. وقال بيان للقيادة الأميركية في أفريقيا التي تتولى أمر العمليات العسكرية في المنطقة إن «أحد الدروس التي تعلمناها من الأحداث المأساوية في بنغازي هو أننا بحاجة إلى أن نكون في موقع أفضل حتى نستطيع أن نستجيب مع تطور الأزمات إذا لزم الأمر. وهذه التحركات الاحترازية ستسمح لنا بذلك فحسب». وحتى الآن تم إجلاء نحو 380 مواطناً أميركياً من المنطقة بالإضافة إلى 300 مواطن من جنسيات أخرى. والقوات التي تتخذ من منطقة «مورون» في إسبانيا قاعدة هي جزء من قوة مهام «المارينز» الجوية- البرية. وفي هذا السياق قال النقيب أريك فلاناجان المتحدث باسم مشاة البحرية في البنتاجون إن جنود القوة «سيُستخدمون في حماية المصالح الأميركية سواء كان ذلك أفراداً أو سفارة أو قنصلية». وأضاف فلاناجان أن القوات تستطيع أيضاً القيام بعمليات إجلاء غير قتالية كما أنها «قادرة في الأساس على إجلاء أي مواطن في حالة صدور أمر بالرحيل عن المنطقة». وهو إجراء يستعد البنتاجون للإقدام عليه خاصة بعد أن قدم أوباما بعض الإشارات عن احتمال قيامه «بمزيد من الأعمال» لدعم الأمن للأميركيين والمصالح الأميركية في المنطقة. ولكن مسؤولين أميركيين يشيرون إلى أن التحدي الآن يكمن في تحديد أماكن تواجد الأميركيين على وجه الدقة. ويُعتقد أن كل الأميركيين ذهبوا إلى مخيم الأممالمتحدة في مدينة «بور» التي أصبحت منطقة مضطربة غير مستقرة وعرضة للعنف. إلا أن مسؤولاً بارزاً من الإدارة الأميركية صرح لشبكة «سي. إن. إن» الإخبارية بأنه «بناء على ما هو مسجل، هناك مواطنون أميركيون في بلدات ومناطق أخرى في أنحاء جنوب السودان. ونحن نحاول تتبع عدد الموجودين منهم هناك... وربما يكون كثيرون منهم خرجوا معتمدين على أنفسهم». وفي نفس الوقت، قدم مسؤولون أميركيون قراراً لمجلس الأمن الدولي يوم الإثنين الماضي يقضي بإرسال مزيد من قوات حفظ السلام الدولية إلى تلك البلاد التي يوجد فيها بالفعل حالياً 7600 جندي من القوات التابعة للأمم المتحدة. ومن شأن القرار أن يرفع هذا العدد إلى 13 ألف جندي. وجنوب السودان هي أحدث دول العالم، فقد ظهرت إلى الوجود في عام 2011 وهي واحدة من أفقر الدول اليوم. وقد بدأ انزلاق البلاد إلى أتون العنف في يوليو الماضي بعد أن أقال رئيسها سيلفاكير مجلس الوزراء بما في ذلك نائبه ريك مشار، ثم بدأ حملة عنيفة ضد قوى المعارضة السياسية التي اتهمها بالتدبير لمحاولة انقلاب عسكري. ونشب القتال الأسبوع الماضي مبتدئاً بحرس الرئاسة ثم امتد إلى وحدات أخرى في الجيش، وبين مدنيين، وسرعان ما اتخذ منحى قبلياً إذ أن سيلفاكير ينتمي لقبيلة «الدينكا» ومشار من قبيلة «النوير». وظهر من جديد العنف القبلي الكئيب الذي لطالما عانت منه الحياة السياسية في جنوب السودان حتى أثناء الحرب الأهلية الطويلة بين الشمال والجنوب. ولم يعرف جنوب السودان الديمقراطية بعد وهو يكافح لرسم هوية محددة بين أكثر من 60 قبيلة بينها نزاعات مريرة، كما أن البلاد تخرج من أطول حرب أهلية في أفريقيا. ويُقدر مسؤولون من الأممالمتحدة أن نحو 45 ألف مواطن من جنوب السودان في مختلف أنحاء البلاد قد لجأوا إلى مقار الأممالمتحدة فراراً من أعمال العنف. ولكن مقار الأممالمتحدة ليست آمنة أيضاً بالقدر الكافي. فقد اقتحم نحو ألفي مقاتل شاب قاعدة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي وقتلوا ما يزيد على عشرة أشخاص بالإضافة إلى اثنين من قوات حفظ السلام بحسب ما ذكره مسؤولون من المنظمة الدولية. وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» ”إن جنوداً أميركيين، ذكرت وكالة الأسوشيتدبرس أنهم من وحدة «نيفي سيلز»، تعرضوا لإطلاق نار من قبل «آلاف من رجال الميليشيات المتسللين» أثناء عملية إجلاء في مدينة «بور» التي توجد فيها قاعدة للأمم المتحدة يأوي إليها حالياً نحو 17 ألف شخص. كما أصيب أربعة جنود أميركيين بعد إطلاق النار على طائرتهم من أسلحة نارية صغيرة من على الأرض. ويتعافى الجنود حالياً في مستشفى عسكري أميركي في ألمانيا. وصرح مسؤول أميركي كبير لشبكة «سي. إن. إن» الأميركية الإخبارية بأن أحد الجنود المصابين «خضع لجراحة خطيرة نوعاً ما». وأضاف أن المصابين الأربعة حالتهم مستقرة واستطاعوا أن يتحدثوا إلى أسرهم. وكان الجنود يستقلون طائرة «أوسبيري في-22» التي تستطيع أن تهبط رأسياً مثل الهليكوبتر في المناطق التي ليست فيها مدارج ولكنها تقلع وتحلق سريعاً مثل الطائرات العادية. ومن جانبه أشار فلاناجان إلى أن هذا يسمح للقوات الأميركية بأن تنتقل «بسرعة كبيرة» بين جوبا عاصمة جنوب السودان ومدينة مثل «بور». وأضاف «لا تحتاج الطائرة إلى مدرج طوله ثلاثة آلاف قدم بل تكفي بقعة مربعة صغيرة». وقد أثارت إصابة أربعة جنود من نحو 46 فرداً كانوا على متن الطائرة أسئلة عما إذا كان هذا النوع من الطائرات هو الخيار الصحيح لأداء مهمة الإجلاء في بيئة معادية. ويقول فلاناجان إنهم «أصيبوا بنيران أسلحة صغيرة، ويستطيعون مواصلة العمل»، وأضاف أنه في المواقف القتالية يمكن أن تصحب طائرات «أوسبيري» طائرات هليكوبتر من طراز «كوبرا» أو طائرة مقاتلة «لأغراض دفاعية». *محللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور» المصدر: الاتحاد 30/12/2013م