متابعة وتعليق : توفيق منصور (أبو مي) قبل عدة أيام نُشر لي عبر صفحات (أخبار اليوم) مستخلصٌ عن أحدث تقريرٍ استخباراتي غربي عن السودان ، وحقيقة أنشغل كثيراً بمتابعة ونقل مستخلصاتٍ (abstracts) لمثل تلك التقارير وذلك لأهميتها للقاري العادي والسياسي والمتخصص .. أما اليوم فأتناول ما يسمى بالتنبؤات الكاملة (full forecast) لمجلس الأمن الدولي للأيام القادمة والخاصة بالسودان . وأنبه هنا بأن من يهمه الأمر يمكنه أن يتتبع الخطوات اللازمة للحصول على أصل الموضوع الذي سأتناوله وذلك لأهمية الأمر أولاً وكذلك للتأكد من أن الغير لا يخططون للسودان فقط على مستوى اللحظة أو الحدث ولكن لهم سيناريوهاتهم وتكهناتهم وتنبؤاتهم (forecasts) ومراجعهم التي يجب أن نفهمها جيداً . هذا وتشير الخطوط العريضة لتنبؤات وخطط مجلس الأمن للسودان للفترة التي تبدأ من (1/5/2006) للآتي = العمل على خيار التحول (transition) من قوة الاتحاد الأفريقي إلى قوة أممية = العمل على تنظيم بعثة عالية المستوى من مجلس الأمن لزيارة السودان (الخرطومجوباالفاشر) وأديس أبابا وإنجمينا خلال (5-11/6/2006) وبرئاسة بريطانيا وتهدف إلى خلق علاقات عمل فعالة وتفاهم وتواصل مع الخرطوم ومناقشة موضوع تحويل القوات في دارفور ولتوصيل رسالة للخرطوم مفادها بأن حالة الحدود السودانية التشادية تقلق المجلس كثيراً = العمل على توسيع قائمة الأفراد المستهدفين من قبل مجلس الأمن وذلك على ضوء أحدث قراراته = العمل على تكثيف الجهود والضغط على مستوى أبوجا وتشاد . التركيز عن كثب ومواجهة المشاكل التي تواجه تشاد .. هذا وتبدأ التكهنات واستراتيجية تحرك مجلس الأمن تجاه السودان في الفترة المقبلة بموضوع القوات الأممية ، حيث يشير مجلس الأمن على أن خططه في هذا الصدد ستعتمد على مخرجات محادثات أبوجا وعليه ربما يعتمد مجلس الأمن قراراً يسمح بأسلوب وتكوين تلك القوات وتوجيهها لاستلام زمام الأمر في دارفور .. كذلك ينتظر مجلس الأمن تقريراً من الأمين العام للأمم المتحدة عن كيفية أنشطة وفعاليات القوات الأممية في السودان (UNMIS) خاصة في مجالات حماية المدنيين والتعامل مع (جيش الرب) (LRA) . هذا ويضع مجلس الأمن في خططه المستقبلية للأيام القادمة ما يسمى بالخيارات (options) وهي كالآتي = أولاً ..خيار القوة الأممية لدارفور تصبح سهلة وميسرة في حالة الوصول لاتفاق سلامٍ ما بين الفرقاء في أبوجا . أما في حالة تردد الفرقاء في الوصول لاتفاقٍ فسيتعزز (reinforce) تقديم المقترح الأخير للفرقاء من قبل المجلس بواسطة بيان (statement) أو بواسطة قرار للمجلس (resolution) . أما الخيار الثاني يتمثل في النظر في القضية الشاملة للموقف والحالة في سودان/تشاد والنظر في وضع تلخيصٍ للأجندة وذلك لأجل وضع تعليمات نهائية واضعين في البال طلب تشاد للأمين العام بتاريخ (13/4/2006) .. أما بالنسبة لموضوع جيش الرب فهناك خيار يتمثل في التفويض للقوات الأممية (UNMIS) في جنوب السودان يتمثل في أن يوضّح أمر التحدي والتصرف لتلك القوات لمواجهة جيش الرب عسكرياً . كذلك بالنسبة لمجلس الأمن والسودان فهناك أيضاً ما يسمى بأنشطة أو ديناميكية المجلس للفترة القادمة (Council Dynamics) وتتمثل في أن المجلس قد اكتسب إجماعا ممتازا عن الوضع في دارفور وذلك من خلال البيانات الرئاسية (presidential statements) والمؤتمرات الصحفية لمحادثات ابوجا مما سيسهل الوصول إلى قرارات في الفترة القادمة . ولكن تبقى قضية القوات الأممية في دارفور هي المسألة الكبرى والتي سيتمركز عليها نشاط المجلس في الفترة القادمة ، ويبقى هذا النشاط في انتظار تنوير أعضاء المجلس في الفترة القادمة بتفاصيل (تقرير الخيارات) (options report) والذي سيقدمه الأمين العام ، وهو لا شك أي الأمين العام وكما تشير خطط المجلس يقدر حساسية الموضوع وبالأخص للسودان . وهذا التقرير المفصل الذي سيقدمه الأمين العام سيشمل تكلفة القوات الأممية وكيفية التحول من قوات الاتحاد الأفريقي ومشاكل قيادة تلك القوات ومهامها وما إلى ذلك .. هذا ويشير المجلس إلى أن خططه ربما تتأثر نسبة لان بعض أعضاء المجلس يتخوفون أو لديهم حساسية من أمر المواجهة مع الخرطوم ويعتقدون أن أمر القوات الأممية بأسلوب الفرض ربما يعقد التحول الناجح (successful transition) ، والبعض يرى بان هذا الأمر ربما يعرقل (derail) أو يخرج من الخط محادثات أبوجا . ولكن ستتركز أنشطة المجلس في هذا الأمر وعلى مستوى أمينه العام لاتخاذ خطواتٍ هادئة (quiet) وحازمة (firm) من أجل تحول أو تغيير القوات . هناك أيضا حساسيات داخل المجلس تتعلق بقضية تشاد والنظر في ما يحدث على الحدود ما بينها والسودان ، ولكن يوجد توجه في المجلس بان لا ينغمس كثيرا في هذا الأمر الآن خاصة وان تشاد ليست على أجند ته في الوقت الراهن ، ويتخوف المجلس من فتح قضايا جديدة الآن فيما يخص المشاكل ما بين الحدود التشادية السودانية . أما بالنسبة للعقوبات التي صدرت بخصوص أربعة أشخاص فإن المجلس يرى بأنه لم يقصد بها عرقلة محادثات أبوجا بقدر ما قصد منها إيقاف الخروقات الخاصة بوقف إطلاق النار وكذلك حقوق الإنسان . هذا ويرى المجلس بأن خططه في الفترة القريبة القادمة والمتمثلة في فرض عقوباتٍ عامة على السودان إذا ما زال الموقف في دارفور متدهوراً ستتأثر بالموقف السابق (الامتناع عن التصويت) للصين وروسيا وقطر خلال التصويت على القرار السابق والخاص بالأشخاص الأربعة .. أرجو الإشارة لما يسميه مجلس الأمن بالحقائق الأساسية (key facts) والتي سيبنى عليها بعض برامجه وخططه الخاصة بالسودان للفترة القريبة المقبلة وهي = المجلس يخطط لزيارةٍ للسودان على مستوى أمانته ولكنه لم يجد حتى كتابة تنبؤاته الأخيرة الموافقة الرسمية ، كذلك ينتظر المجلس من أمانته الإفادة بتقرير عن آخر المستجدات بخصوص دارفور وذلك بعد أن تتم دراسة جميع الخيارات الممكنة وتقديم تقرير بذلك .. ثانياً الأمين العام ونائبه ومساعده لعمليات حفظ السلام (ASG) قد أطلعوا المجلس على الموقف في السودان بتاريخ (26/4/2006) وقد تركزت إفادتهم على نظرة تحليلية للخيارات المطروحة بالنسبة لعملية التحول (transition) ، هذا وقد أبلغ المجلس بأن هناك موافقة من الاتحاد الأفريقي (AU) لعملية انتقالية مشتركة وكذلك أبلغهم بمساعدات الأممالمتحدة لقوات الاتحاد الأفريقي (AMIS) والتطورات في إيجاد مصادر دعم للقوات الأفريقية في الفترة الانتقالية ، وكذلك أنشطة البحث عن مصادر تمويلٍ أخرى وأن الاتحاد الأوروبي هو من أقوى الممولين . ويشير المجلس في مخططاته إلى أن فرص النجاح لمؤتمرٍ دولي للدعم والمساعدات لدارفور قد تضاءلت وذلك لأن البعض يرى بأن الأمر ليس بالضرورة أن يكون الآن ، وأن المؤتمر ربما يقود للمزيد من التعقيد للقضية . هذا ويشير تقرير مجلس الأمن والذي على ضوئه تُضع الخطط الجديدة بأن كبير الوسطاء في المفاوضات الدكتور (سالم أحمد سالم) كان قد أطلع المجلس في (25/4/2006) بأن المسودة الأولية لسلامٍ شاملٍ قد أنجزت في أبوجا وتشمل السلطة والثروة والأمن وتجريد الجنجويد من السلاح ، وكذلك تشير للحوار الدارفوري دارفوري وآليات ومشروطات (modalities) التنفيذ . كذلك يشير المجلس إلى أن لجنة مراقبة وقف إطلاق النار التي ترأسها تشاد لم تجتمع لعدة أشهرٍ وقد فشلت في عقد اجتماعٍ طارئ في أبريل المنصرم وترتب على ذلك الكثير من الخروقات التي لم يبت فيها وسيتابع المجلس في خططه القادمة هذا الأمر .. هذا وقد أشار المجلس في تخطيطاته القريبة إلى ما يسميه المسائل الأساسية (key issues) = وحصرها في مصادر التمويل للقوات الأفريقية ، وتحسين التفاهم والتواصل ما بينه والخرطوم ، وعدم التوصل حتى كتابة هذه الحروف لاتفاق سلام في أبوجا ، والشراكة مع الاتحاد الأفريقي ، وموضوع القيادة (leadership) للتحول في القوات (أفريقية إلى أممية) وآلياته .. وكيفية التعامل و التعاطي مع القضية في حالة عدم التوصل لاتفاق سلام شامل ، وكذلك التطورات المتوقعة في تشاد وتأثيراتها على قضية دارفور . هذا ومن خطط المجلس يرى الأمين العام إرسال بعثة لتشاد في الفترة القادمة لتحسس الأوضاع هناك . هذا ويشير المجلس إلى أن الوضع في جنوب السودان يظل هشاً (fragile) وأن المقلق للمجلس هو (جيش الرب) ، وموضوع وإعادة انتشار قوات الحركة ، واستيعاب قوات المليشيات الجنوبية الأخرى . ويشير المجلس إلى استعداد إريتريا لرعاية مفاوضاتٍ ما بين السودان وميليشيات الشرق وكذلك تحسن العلاقات ما بين إريتريا والسودان وعليه ونسبة لهذا التحسن في العلاقات ما بين البلدين سيضع المجلس بعض السيناريوهات للتحرك في أمر مشاكل الشرق في الفترة القادمة .. هذا وأنبه هنا إلى أن فنيي مجلس الأمن ومن وراء كواليسه وعند وضعهم وصياغتهم لخطط تعامل المجلس المستقبلية مع السودان إنما يبنون ذلك بالاعتماد على القرارات السابقة للمجلس ، وبعض المختارات من البيانات الرئاسية (presidential statements) ، وتقارير محتارة للأمين العام ، وتقارير الخبراء (Panel of Experts) ، وبالطبع هناك بعض التوجيهات والضغوط الخاصة .. هذا وقد اعتمد المجلس في وضعه لمخططات فعالياته تجاه السودان ابتداء من فاتح مايو المرجعين التاليين باعتبارهما من المراجع الهامة والخطيرة ، وهما أولاً (تقرير اتفاقية السلام الشامل وتطورات أمرها) أي (Sudan Comprehensive Peace Agreement ahead) والصادر في (31/3/2006) لمجموعة الكوارث الدولية ، وثانياً (دارفور : التطهير العرقي بالحركة البطيئة) أي ( Darfur : genocide in slow motion) لمؤلفه وليامسون ريتشارد والصادر في (17/4/2006) .. وننبه هنا بأهمية الاطلاع من قبل المسؤولين على المرجعين وبالأخص على المرجع الثاني لكل مسؤولٍ عن ملف دارفور .. ختاماً أشير إلى أنني قصدت مما تقدم إعطاء فكرة للقارئ عن تخطيطات مجلس الأمن للملفات الملتهبة التي تحت يديه ، وكذلك قصدت التنبيه والمتابعة لمثل هذه الأمور من قبل المختصين والمكلفين ببعض ملفاتنا الهامة خاصة وأن المتابعة سهلتها كثيراً تقنيات المعلومات المتوفرة حالياً .. والله من وراء القصد .. توفيق عبد الرحيم منصور (أبو مي) الرباط : المملكة المغربية