د. قطبي اتفاقية نيفاشا لن تكن نهاية مطاف الحرب إذا لم يحدث هذا..! وهذا رأيي بوضوح * التناقضات داخل حزب الأمة أحد أسباب تعثر الحوار * هذا سؤال صعب وهناك استهداف واضح ومصير البلاد أصبح مجهولاً * التجمع لا يشكل أي خطر على شرق البلاد لهذه الأسباب....! * الحديث عن أوضاع المعسكرات بدارفور لا يعتبر حلاً للقضية ولكن؟!! * انقسام الحركة الإسلامية أربك علاقتها بالحركات الإسلامية بالخارج * الحركة السياسية بالبلاد تعيش في حالة ضعف ومن الصعب الخروج منها * من سوء حظنا أننا نتعامل مع أمريكا وهي في أسوأ حالاتها خدمة المركز السوداني (smc) بدأ الحوار معه بعد انتهاء ساعات العمل الرسمية ذهبنا إليه بمكتبه بالمؤسسة الرئاسية واستقبلنا بروحه الممزوجة بحب السياسة والتصوف برغم الإرهاق الذي كان واضحاً عليه من طول السفر والعلاج الذي كان يتعاطاه بالخارج. تحدثنا معا قبل بداية الحوار الذي استمر لساعة ونصف الساعة عن أهمية العمل الإعلامي وأن الإعلام أصبح أحد الأسلحة العصرية ثم دلفنا بعد ذلك في الموضوع الأساس ومحاورته حول عدد من القضايا انحصرت في اتجاهات السياسة بالبلاد وإلى أين تتجه وعن مفاوضات حكومته والتجمع الوطني المعارض ورأيه حول مفاوضات نيفاشا وتوقعاته لاجتماعات أبوجا وتحدث بصراحة عن علاقة حزبه بحزب الأمة ولم يستثن من الحوار السياسة الخارجية وتحدث بصراحة بالغة عن العلاقة السياسية مع مصر ويوغندا وإريتريا ولم يهمل الإجابة عن السياسة الأمريكية وعلاقتها بالسياسة الداخلية، كشف عن التحاور مع الحزب الشيوعي وأشار إلى مستقبل الحركة الإسلامية وكان رأيه في كافة الأمور على النحو التالي: * ماهي مجريات السياسة بالبلاد؟ (تنهد قائلاً): هذا سؤال صعب واليوم طرحت السؤال نفسه للنائب لرئيس الجمهورية، في الحقيقة هنالك استهداف واضح للبلاد خاصة وأنها تمر بمفترق طرق ومتوقع ان يحدث تحول كبير بالنسبة للأوضاع وهذا يتطلب وعي جماهيري ووحدة القوى السياسية وتوحيد الصف الوطني فغياب الوعي أدى إلى تطور الأزمة بدارفور وتسلسل الأجندة الغربية، فمصير البلاد أصبح مجهولاً والمخرج الوحيد من هذه الأزمات يكمن في الوعي الجماهيري والوحدة الوطنية، فالسودان لديه إمكانيات تجعله يواجه التحديات المختلفة، ولابد لكل السودانيين ان يثبتوا أن لديهم خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. * وإلى أين تتجه الخطوط السياسية للدولة؟ - الواضح من السياسات الجارية ان هنالك حرص من الحكومة على أن تتعامل بمرونة مع المجتمع الدولي والحوار مع جميع القوى السياسية والتمسك بالاتفاقيات التي تبرمها الحكومة مع كل الأطراف إلى جانب الاهتمام الفائق بقضايا التنمية. * ليس هناك رؤى واضحة في تحاور الحكومة مع كافة الأحزاب السياسية بالبلاد أليس كذلك؟ - صحيح أن معظم الأطراف التي تحاورها الحكومة ليست لديها رؤية واضحة تجاه مطالبها ولا توجد لها رؤية سياسية معينة وتتفاوت معاملة الحكومة من حزب لآخر حسب الأطروحات المقدمة مما يصعب التفاوض معها. * حزب الأمة القومي سبق وان قطع بعدم وجود اتصالات بينه والحكومة وأكد مرات أخرى بوجود اتصالات مع الحكومة فهل هناك أطراف داخل الحزب ترفض التفاوض معكم؟ - توجد اتصالات مع حزب الأمة المعارض تستأنف من وقت لآخر وهنالك من يؤيد الحوار مع الحكومة ومنها من يعارض الحوار فالطرف المعارض يرى ان تنازل الحكومة عن الحكم هو الأفضل فالانقسامات التي تحدث في الحزب تحد كثير من سير المفاوضات التي بدأت منذ وقت طويل وتعثرت بسبب مواقف الحزب المتناقض في داخله. * من الواضح سعادة المستشار ان لديك رأي واضح في مفاوضات نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية فما الذي تعتقده؟ - برتوكول مشاكوس بدأ مقبولاً من جميع المواطنين وعندما استمر التفاوض قدمت الحكومة تنازلات تفادياً للعقبات وكي لا تضحي الحكومة بعملية السلام وبما أن الثقة التي تمت في مشاكوس لم تعط الحكومة ضمانات في حين أن الطرف الآخر لديه ضمانات غير منطقية، التي لا تعطي ضماناً للوحدة الوطنية.فقبلنا ببرتوكول مشاكوس على أساس وضع الوحدة كأولوية، وإذا استمر قرنق في مشروع السودان الجديد واستمر في حربه على دارفور، فإن نيفاشا لم تشكل الحل النهائي، والحكومة ترى أن نيفاشا هي نهاية الحرب ولكن؟!.. إذا تم تجاوزها بالحرب في دارفور، لن تكون اتفاقية نيفاشا نهاية للحرب ولكن نأمل ان تكون نهاية المطاف. * هناك اتهام واضح وصريح بأن الحكومة فعلت اتفاق جدة للتفاوض مع التجمع المعارض مؤخراً لتهدئة الأوضاع بشرق البلاد فماذا أنت قائل؟ - التجمع لا يشكل أي خطراً في الشرق، ولكن يمكن ان يشكل إزعاج أمني وعسكري على الوطن والهدف من التفاوض معه تعزيز الوحدة الوطنية من خلال التفاوض مع بعض الرموز السياسية التي ترى الحكومة أنها ضرورية ولكن لم تتفاوض مع التجمع خشية ان يسبب التجمع عدم استقرار. * يقولون إن الحكومة سعت لتفتيت الأحزاب المنضوية تحت لواء التجمع و شق صفوفه وآخر محاولاتها التحاور مع الحزب الاتحادي بزعامة محمد عثمان الميرغني ؟ - الحكومة لم تسع إلى تفتيت التجمع ومن الأفضل للحكومة ان تتعامل مع التجمع والأحزاب السياسية المنضوية تحت لوائه كجسم واحد بدلاً من ان تتعامل معها كجزئيات مبعثرة التي ربما تؤدي إلى تشتيت الذهن في التفاوض معها، وليست هنالك أي ضرورة للحكومة من تفتيت أحزاب التجمع واستهدف التجمع نفسه. * المفاوضات الجارية حالياً بين الحكومة والمتمردين بدارفور برأيك هل ستنهي الأزمة بولايات غرب البلاد؟ - كنت أأمل لو تطرقت مفاوضات أبوجا للقضايا الحقيقية في البلاد، فقضية دارفور قضية تنمية وخدمات ومشاركة ولكن للأسف الشديد أصبح التركيز على أجندة الآخرين وليست أجندة دارفور، فأصبح التركيز على نتيجة الإدعاءات ومطالب المنظمات الخارجية، وإذا توصلت أبوجا إلى اتفاق لن يعط القضية الحقيقية الانتباه الكافي، فأبوجا تتم وسط زخم أجنبي كبير وهي قضية محلية يجب ان تحل بجلوس الطرفين مع بعضهم فالمراقبين الأجانب يدخلون في الاتفاقية بأجندتهم، فالحكومة لن تتجاهل أسباب المشكلة الحقيقية وهي تسعى لمعالجة المشكلة من جذورها.الآن نعمل على معاجلة أثار المشكلة فالحديث عن أوضاع المعسكرات لا يعتبر حلاً للقضية فهنالك قضايا إنسانية وأمنية تسعى الحكومة لمعالجتها فإذا توصلت الحكومة إلى اتفاق في أنجمينا لابد من إتمام اعتماده حتى يكون مقبولاً لكل الأطراف السودانية. * ربما تتفق معي أن مصير الحركة الإسلامية واستمرارها وسط الأحزاب التي تتفق مع الحكومة وتدخل معها في شراكة صار مهدداً ؟ - الحركة الإسلامية في وضع لا تحسد عليه والمواقف القادمة لابد ان تكون للحركة رؤية لتنظيم نفسها وإلا ان تكون شئ من التاريخ، فإن الأيام المقبلات ستشهد قيام حركة إسلامية والساحة مهيأة لظهور حركة إسلامية جديدة، فالحركة الإسلامية في السودان على صلة بالحركات الإسلامية الأخرى، فبعد انقسام الحركة حصل نوع من التوتر في علاقة الحركة في السودان والحركات الإسلامية بالخارج، حيث فشلت وساطة جميع الحركات الإسلامية لرأب الصدع بين الطرفين، ولكن مازالت خطوط التواصل موجودة وهنالك تعاطف من قبل المنشقين مع الحكومة في كثير من المواقف الوطنية العادلة وان هنالك وساطة من وقت لآخر مع المؤتمر الشعبي وقد تفضي باتفاق في يوم من الأيام. * ماهي حقيقة الحوار مع الحزب الاتحادي وإلى أين وصل؟ - الحوار مع الحزب الاتحادي لم يتوقف حيث أنه اتخذ مسارين، مسار مع محمد عثمان الميرغني من أجل إيجاد قدر من التفاهم والاتفاق، وآخر مع بعض السياسيين الاتحاديين الذين لديهم إشكال في ان السيد محمد عثمان الميرغني يريد ان يتفاوض باسم التجمع وهذا ما يؤدي إلى نزاع، وان اتفاقية جدة صادفت توقيت معين، واجتماعات القاهرة سارت بيسر وسهولة ولا توجد أي معضلات في الحوار بين الطرفين. * د.قطبي نرجو ان تقيم وضع الأحزاب السياسية وإمكانية قيادتها للعمل السياسي بالبلاد في المرحلة المقبلة؟ - الحركة السياسية في السودان تعيش في حالة ضعف شديد ومن الصعب ان تخرج منه مرة أخرى ولا اعتقد أن الأحزاب الموجودة لديها القدرة في إعادة نفسها لأنها نشأت في ظروف معينة واعتمدت على الولاء الأعمى الذي كانت توفره لها الطائفية والإدارة الأهلية فمن الأحزاب من اشترك في سياسة وعمليات التخريب ومنها ما لجأ إلى إثارة النعرات القبلية، وأنا أرى أن ازدياد الوعي والتحولات السياسية الكبيرة التي طرأت على الساحة أفقدت تلك الأحزاب مبررات وجودها. * إن الحكومة تفاوضت مع جميع الأحزاب السياسية وأهملت التفاوض مع أحزاب اليسار والحزب الشيوعي؟ - هنالك تفاوض مع جميع أحزاب اليسار بما فيها الحزب الشيوعي الذي يخفي نفسه وراء التجمع ويمكن للحكومة ان تفاوض الحزب الشيوعي بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق التجمع الوطني، فالحزب الشيوعي ليس لديه الثقة في نفسه كحزب سياسي فأصبحت الشيوعية جزء من التاريخ وهنالك حوارات داخل الحزب لتغيير اسم وبرنامج الحزب، فالحزب الشيوعي به الكثير من المشاكل، فإن اختفاء نقد ليس مختفياً من الأجهزة الحكومة بل أنه مختفياً عن الحزب الشيوعي نفسه هروباً من المشاكل التي يواجهها الحزب، والهروب من المهام الصعبة التي تنتظر نقد. * هناك حديث بأن الحكومة الإريترية طالبت الحكومة السودانية بتسليم مختطفي الطائرة الليبية إليها فما هو رأي الحكومة في هذا الامر؟ - إن إريتريا أرادت ان تقول إن هؤلاء المختطفين إرهابيين وتشوه سمعة السودان بالإرهاب وتستخدمه في مواجهة السودان ولكننا تعاملنا مع المجرمين كخارقي للقانون ولم نسلمهم إلى السلطات الإريترية فإن أرادت إريتريا ان نسلمها المجرمين فعليها ان تقوم بتسليمنا كافة المتمردين السودانيين الذين يقبعون داخل المعسكرات الإريترية، كما أنه ليست بيننا وبين إريتريا اتفاقيات دولية موقعة لتبادل المجرمين وتسليمهم. * ماذا يمكننا ان نقول بصراحة عن العلاقات السودانية المصرية ومستقبلها لاحقاً؟ - اعتقد أن مستقبل العلاقة السودانية المصرية مضمون لأنها قائمة على أسس راسخة وان مصير البلدين واحد ولابد من تفكير استراتيجي وان الطرح الاستراتيجي وجد استجابة متأخرة وان العلاقة مرشحة للاستمرار وكل الملابسات تدفع لتعزيز العلاقة أكثر وأكثر ولابد من ربط البلدين في البنيات التحتية مما يوفر حل مشاكل البلدين. * هناك مشاكل لم تزل عالقة بين الحكومة والحكومة اليوغندية ومن بينها الحديث عن ملاحقة جيش الرب بالرغم من موافقة الحكومة على طلب الحكومة اليوغندية الا ان هناك ما يشوب القضية؟ - لا توجد أي مشاكل بيننا وبين يوغندا والبلدين لديهم مصالح مشتركة ولا وجود لأي مواجهة بين الطرفين، بل هنالك أسباب خارجة عن الإرادة ولم يحدث توتر فالحكومة تعاونت مع يوغندا في شأن جيش الرب عن طريق السماح للقوات اليوغندية بالدخول إلى أرض السودان ومطاردة المتمردين. * أمريكا لم تكن واضحة في سياساتها مع الحكومة فبينما تسعي لإحداث سلام عبر منبر الإيقاد فإنها تجتمع مع المتمردين وتخطط لهم وتعمل علي رسم مخططاتها لاستهداف النظام؟ - أمريكا سوق سياسية تعتمد على جهود الدول ونحن نتعامل مع أمريكا وهي في أسوأ حالاتها حيث نشعر بأن هنالك عدم حماس من الكونغرس الذي يملك القدرة على ممارسة الضغط على الحكومة، فحركة التمرد مواكبة ومنحازة تماماً ونتوقع زيارة جون قرنق لأمريكا ان تطرح معه قضايا دارفور والترتيبات الأمنية واعتقد ان قرنق سيجد تشجيع من بعض المؤيدين في الكونغرس الامريكي ومواجهة من الإدارة الأمريكية. الزخم الذي أثير على عملية السلام وأثر على الرأي الشعبي نحن نقول ما لم تحل قضية دارفور، ويرفع قرنق يده من دارفور من الصعب جداً ان تعود الحكومة إلى نيفاشا. * أما تزال التهمة في أحداث دارفور تلتصق بحزب المؤتمر الشعبي وقياداته؟ - المؤتمر الشعبي استخدم قضية دارفور وكان يأنس للتصدي للحكومة وباستخدام القضية كنزاع وكثير من عناصره التحقت بالمتمردين وهذا أضر بالمتمردين انفسهم ولم يجني المؤتمر الشعبي أي مصلحة سياسية في استخدامه للقضية. * بعد أحداث سبتمبر الأخيرة ألصقت تهمة الإرهاب بمعظم الحركات الإسلامية فهل تأثرت العلاقة بين الحركة الإسلامية السودانية وبقية الحركات الإسلامية الاخري؟ - إن القارئ للوضع الحالي يخرج بأن الحركة الإسلامية في خطر وفي تقديري الشخصي ان الحركة الإسلامية في وضع لا تحسد عليه، فالحركة الإسلامية في السودان تعتبر نفسها أحد روافد المؤتمر الوطني ولها خصوصيتها فيما يتعلق بكيانها الفكري أما عن تهمة الإرهاب المنسوبة لبعض الحركات الإسلامية أقول أنه ليس كل الحركات متهمة بالإرهاب فالحركة الإسلامية في السودان لديها علاقات مع بعض الحركات الإسلامية الخارجية مثل حركة حماس التي تعتبر حركة تحرير ووجدت التأييد ولا يوجد أي مؤشر إلى أنها حركة إرهاب أن مؤتمر الحركة الإسلامية الذي عقد مؤخراً أمنَّ على وجود حركة دينية سياسية لها خصوصيتها وكيانها الفكري فالحركة الإسلامية في السابق أرادت ان تكون حركة قطرية تواجه القضايا السياسية والاجتماعية الموجودة في البلد وهذا هو الشئ الذي أدى إلى الانقسام.