أحداث ومؤشرات د.أنور شمبال [email protected] يكشف قرار معتمد الخرطوم عمر ابراهيم نمر القاضي بإغلاق مراكز البيع المخفض عن أزمة حقيقية في صناعة واتخاذ القرار الحكومي في هذه البلد، والذي فيه خلط واضح بين القرار السياسي، والقرار الاقتصادي، الأمر الذي يجعل أي قرار تصدره الحكومة بشأن معيشة المواطن هو فقط مجرد تخدير الى حين، لتعود (حليمة لقديمة) وبمبررات أسوأ من القرار نفسه، علما أن الأهداف التي من أجلها ظهرت هذه المراكز والمتمثلة في تخفيض أسعار السلع الاستهلاكية التي ارتفعت بصورة جنونية منذ أكثر من عشرة أشهر، وتخفيف أعباء المعيشة على المواطنين، لم تتحقق بعد لأن أسعار السلع لم تنخفض بل في زيادة مستمرة، ولم يتم زيادة في الأجور والمرتبات في موازنة العام الجاري 2012م، حتى يقابلوا بها هذه الزيادات. يقول المعتمد إن تصاديق مراكز البيع المخفض انتهى (أي أن هناك رسوم تدفع عند قيام هذه المراكز)، بجانب سوء تخطيطها، وفوضى وجودها بالشوارع الرئيسية الذي يمثل مخالفة لقوانين المحلية ولوائحها المنظمة، بحسبان أن الغرض من هذه المراكز هو خدمة مواطني الأحياء وليس عابري السبيل من المحليات الأخرى كما يقول نمر. الغريب أن قرار إنشاء مراكز البيع المخفض ولائي وليس من المحليات، مما يوحي أن قرار محلية الخرطوم سيتم تعميمه على بقية المحليات... فالسؤال من أجل من ومصلحة من تتضارب قرارات حكومة ولاية الخرطوم بهذه الكيفية؟ فإذا كانت الحكومة نفسها لا تعرف كيف تصدر القرارات، فمن يتولى إصدار قرارات إنابة عنها؟. العلة لم تقف عند هذا الحد (العذر الأقبح من الذنب) بل إن نتائج استبيان أجرته اللجنة الاقتصادية بولاية الخرطوم، وهي اللجنة التي صنعت قرار إنشاء مراكز بيع مخفض للسلع الأساسية، كشفت عن أن غالبية هذه المراكز يديرها رؤساء اللجان الشعبية وبعض النافذين في الحكومة وهؤلاء ليس لديهم خبرة في العمل التجاري، واستغلت لأغراض أخرى الأمر الذي أهدر أهداف الفكرة التي قامت عليها، فإلى من يقع اللوم هنا؟. إن كل ذلك التخبط هو نتيجة تهديد بعض التجار بعدم دفع الرسوم في حال استمرار مراكز البيع المخفض التي بات ينتفع منها أشخاص وليس المواطنون، بشهادة اللجنة بجلالة قدرها، وهم محقون في ذلك، ولكن يرجع الخطأ كل الخطأ الى أجهزة الحكومة التي لا تدرس القضايا بأبعادها المختلفة قبل أن تتخذ القرار، وتوصيف الكيفية التي ينفذ بها.