الأزمة الإقتصادية بقلم إينيس بينيتيث/وكالة إنتر بريس سيرفس مالاغا، أسبانيا, فبراير (آي بي إس) - للمرة الأولى منذ عشر سنوات، تجاوز عدد المهاجرين إلي الخارج سواء من الأسبان أو الأجانب العائدين إلي بلادهم، حجم المهاجرين المتوافدين علي أسبانيا، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية التي هزت أرجاء هذا البلد وبقية دول الاتحاد الأوروبي. فقد أفادت بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن 507.740 شخصا، معظمهم من الأجانب، قد غادروا أسبانيا في العام الماضي، ومن بينهم 445.160 من المقيمين في أسبانيا وغالبيتهم من دول أمريكا اللاتينية. وفي المقابل، توافد علي أسبانيا في السنة الماضية 457.650 أجنبي. وتجدر الإشارة من باب المقارنة إلي أن الفترة بين عامي 2004 و 2007 سجلت "زيادة" في التعداد بمعدل 600،000 شخصا سنويا، لكن أسبانيا "تخسر" الآن عدد سكانها جراء معاناتها من واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخها. ففي السنوات الأخيرة، انخفض عدد الاكوادوريين والبوليفيين الذين يعيشون في مدينة ملقة جنوبي أسبانيا بنسبة 30 في المئة علي سبيل المثال، وفقا للمتحدث بإسم إتحاد الجمعيات الأمريكية اللاتينية خيراردو فالنتين. ويرجع ذلك إلي إرتفاع نسبة البطالة التي تبلغ الآن 21.2 في المئة من القوة العاملة في إسبانيا، والتي أثرت على وجه الخصوص علي الكثير من المهاجرين من الاكوادور وبوليفيا وكولومبيا، لا سيما العاملين في قطاعي البناء والفنادق والمطاعم والمقاهي. وقال فالنتين، وهو المواطن البوليفي المقيم في أسبانيا منذ 24 عاما- أن رحيل المهاجرين يرجع إلي تزامن مجموعة من "الظروف السياسية والإجتماعية والنفسية"، من بينها "الخوف من التدابير الخاصة بالمهاجرين" التي يمكن أن تتخذها حكومة "الحزب الشعبي" اليمينية الجديدة. وأضاف في حديثه مع وكالة إنتر بريس سيرفس أن كثير من العاملين الأميركيين اللاتينيين في أسبانيا لا يريدون "دخلا أقل ومعاناة أكبر"، ومن ثم يختارون العودة إلى بلادهم بالإستعانة ببرنامج المساعدة علي الرحيل التي وضعته الحكومة الاسبانية في أواخر عام 2008. هذا البرنامج الذي إعتمدته الحكومة الإشتراكية السابقة، والمسمي "خطة العودة الطوعية"، يشمل عشر دول من خارج الاتحاد الأوروبي، وقعت علي إتفاقية ثنائية بشأن الضمان الاجتماعي، ومن بينها 11 من دول أمريكا اللاتينية. وبموجب هذه الخطة، يمكن للمهاجرين العاطلين عن العمل في أسبانيا والذين يرغبون في العودة إلي بلادهم، تقاضي كافة مستحقاتهم مقدما وإحتساب المبالغ التي خصمت منهم علي ذمة التأمينات الإجتماعية في أسبانيا، للحصول علي معاش التقاعد في المستقبل. ويأتي معظم الأجانب الذين يعيشون في اسبانيا من الاكوادور وبوليفيا وكولومبيا وبيرو والأرجنتين والبرازيل، وفقا لبيانات المعهد الوطني للإحصاء لعام 2011. بيد أن هناك أيضا العديد من المهاجرين الذين يختارون المقاومة والتحمل أملا في تغيير الأوضاع علي الرغم من أنها لا تبشر بالتحسن، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي وبنك اسبانيا المركزي، بإنزلاق البلاد في هاوية الركود هذا العام. وعن قضية الهجرة، صرح خواكين أرانغو، مدير المركز الدولي للهجرة والاندماج الاجتماعي التابع للمعهد الجامعي أورتيغا ي غايست، أن هناك "الكثير من المبالغة بشأن حجم الهجرة". وشرح لوكالة إنتر بريس سيرفس، أنه "يبدو من الواضح والمؤكد أن الهجرة من أسبانيا هي الآن أكثر من ذي قبل، لكن الأرقام متواضعة حتي الآن بالنظر إلى خلفية حجم الأزمة، ومن ثم فيسير هذا التغيير بوتيرة معتدلة". وفي غضون ذلك، أجبر ارتفاع معدل البطالة وانعدام التوقعات الإيجابية عددا من الأسبان، وخاصة الشبان الأكثر تأهيلا، إلي الهجرة إلي الخارج. وقالت ماريا أنخيليس سانشيث لوكالة إنتر بريس سيرفس -وهي المهندسة الأسبانية البالغة من العمر 39 عاما، والتي فقدت وظيفتها بعد عشر سنوات من العمل المتواصل- أنها ستضطر إلي مغادرة البلاد، وتعمل الآن علي تحسين مستواها في اللغة الإنجليزية، وذلك للتطلع إلى عروض عمل من أستراليا وأوروبا الشرقية أو الإمارات العربية المتحدة. وأخيرا، تجدر الإشارة إلي أن المهنيين الأسبان الذين يهاجرون إلي الخارج هربا من الأزمة، أكثرهم من المهندسين والمعماريين والأطباء والأخصائيين الصحيين. وتأتي أمريكا اللاتينية في مقدمة وجهاتهم المفضلة، نظرا لمقاومتها حتي الآن لتداعيات الأزمة التي تواجهها الدول الغنية.(آي بي إس / 2012)