بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    إبراهيم جابر يطمئن على موقف الإمداد الدوائى بالبلاد    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    النصر الشعديناب يعيد قيد أبرز نجومه ويدعم صفوفه استعداداً للموسم الجديد بالدامر    المريخ يواجه البوليس الرواندي وديا    ريجي كامب وتهئية العوامل النفسية والمعنوية لمعركة الجاموس…    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    فاجعة في السودان    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الأمر لا يتعلق بالإسلاميين أو الشيوعيين أو غيرهم    الخارجية: رئيس الوزراء يعود للبلاد بعد تجاوز وعكة صحية خلال زيارته للسعودية    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النوبة المرتزلة فى السودان الحديث


بسم الله وبأسم الوطن
النوبة المرتزقة واثرهم فى تدمير الشعب النوبى على مر التاريخ(3-4).
طالب تية، الاراضى المحررة.
مقدمة:
بعد تتبعنا لاحداث التاريخ فى السودان على مر العصور والحقب، وجدنا ان النوبة لا يهزمهم الا النوبة، فالعدو الخارجى بمفرده مهما كانت قوته لا يهزم النوبة، لذا كان العدو الخارجى يعتمد دائما على المرتزقة من ابناء النوبة، وخاصة الصفوة ذات المراكز الاجتماعية الرفيعة، وتجنيدهم فى قواته والاغداق عليهم بالمال والسلطان حتى يستطيعوا ان يهزموا او يضعفوا الشعب النوبى ، وبعدها يأتى العدو ويبسط سيطرته، بعد اقصاء هولاء المرتزقة المدفعوعى الاجر، بعد ان يكونوا قد ادوا مهمتم ومهدوا الطريق للعدو، للسيطرة الكاملة على النوبة.
وهذه الظاهرة قد تكررت كثيرا على مر التأريخ، ففى السودان القديم والسودان المسيحى والسودان العروبى الاسلامى واخيرا فى السودان الحديث حتى هذه اللحظة التى نكتب فيها هذا المقال نجد كثيرا من النمازج التى تنطبق على ما سنذكره فى هذا المقال، لذا رأينا لفت نظر المهتمين من الشعب النوبى لهذه الظاهرة الخطيرة، وتسليط الضوء عليها، للتعامل معها بمسئولية، والقضاء عليها تماما، والا، فان الشعب النوبى، سينتظره مصير اسود فى السودان الشمالى المتبقى لا محالة، وسيسوقهم ذلك فى نهاية المطاف الى الانقراض، ان هم تركوا المرتزقة من ابناءهم، ينخرون فيهم كالسوس، ويقومون بنفس الدور، الذى قام به الذين سبقوهم من المرتزقة فى السابق، مما ادى الى انهيار المماللك النوبية القديمة، واحتلال النوبة للمقاعد الخلفية، فى عهد انحطاطهم، فى السودان العروبى الاسلامى والسودان الحديث.
سنقوم فى هذه العجالة، بتسليط الضوء على هذه الظاهرة، وتتبعها تأريخيا، والوقوف على خطورتها، ومن ثم العمل على ازالتها او تقليلها للحد الادنى على الاقل، بوعينا بهذا الخطر الذى يحدق بنا. واننا قد راينا كيف استطاع العدو السيطرة على النخب من ابنائنا، بشراء ذممهم بالاغداق عليهم بالسلطة والمال والنساء، ومن ثم اطلاق اياديهم لكى تنخر فى مجتمعاتنا كالسوس. كم من ابنائنا من اساتذة الجامعات ومن الموظفين الكبار فى الدولة فى الخدمة المدنية وفى الجيش وفى الشرطة، بدلا من قيادة شعوبهم كما تفعل النخب فى كل الدنيا، الا انهم فى المواقع التى زكرناها، قد فضلوا الجلوس فى المقاعد الخلفية، واستمراء الخنوع والخضوع للعدو، فهم لم يظهروا الندية، بل تم استلابهم وتم تخويفهم بفقدانهم لمواقعهم القيادية، وافراغهم من محتواهم، واصبحوا يتوارون خجلا كالنساء، ويتم تحريكهم كالدومى او قطع الشطرنج، ليتم تسليطهم على رقابنا بعد هذا الاستلاب والادلجة المخجل والمميت فى نفس الوقت!!.
ان هذه الظاهرة لجد خطيرة، ويجب الالتفات اليها، والقيام بكثير من البحوث والدراسات التاريخية والاجتماعية والفلسفية والسايكلوجية والسياسية، للوقوف على هذه الخصلة المشينة والمذلة، واجتثاثها تماما من المجتمع النوبى، حتى يقوى هذا المجتمع، ويستعيد امجاده ليقود السودان، فهم اهل قوة وسلطان وحكم وادارة، لما تتوفر فيهم من هذه الصفات بالسجية، والتى قلما توجد عند غيرهم من الشعوب السودانية. فالذين يحكمون الان، ليست لهم اى خبرة فى ادرة الشعوب او الحكم، فقد لعبت الصدفة وحدها فى ان يصل هؤلاء الى مقاليد الحكم فى السودان. فذهنية هؤلاء لا تصلح الا لادارة مشايخ تكون مسئولة عن اثنيات متقاربة او خشوم بيوت ذات اثنية واحدة، ولكن ان يحكموا شعوبا وممللا مثل الشعب السودانى، فلا تجارب لهم فى ذلك بل قد فشلوا فى ادارة التنوع، والايام قد اثبتت ذلك من خلال اكثر من خمسين عاما من التجربة فى الحكم، واتوقع ان تسبقهم دولة السودان الجنوبى الوليدة فى ادارة الدولة. والا ان تركنا النخب منا ليتم اسطيادهم بواسطة هؤلاء المرتزقة، ومن ثم توجيههم كسهام قاتلة على صدورنا، سينقرض العنصر النوبى العظيم من على الارض، كأقدم مجموعة اثنية حضارية مازالت تحتفظ بملامحها القديمة، اذ ان كل الحضارات القديمة قد اختفت تماما من الوجود، واصبحت تأريخا، كما وان اللاعبين الاساسيين فى تلك الحضارات قد اختفوا من الوجود ايضا، ولم يبق منهم الا النوبة، الذين هم اللاعبون الاساسيون فى الحضارة الكوشية، والذين مازالوا يحتفظون بكامل الملامح والاشكال الكوشية. فاللاعبون الاساسيون للحضارات الاشورية والفينيقية والفارسية والاغريقية والرومانية والفرعونية ليس هم نفس اللاعبون بنفس تلك الملامح والاشكال القديمة فى دولهم الحالية، بل قد حدثت فى تللك الحضارات تغييرات جزرية، وجاء لاعبون جدد بالتصاهر، ربما معظمهم من خارج الحدود، ليرثوا تلك الحضارات وينسبوها الى انفسهم.
4-النوبة المرتزقة فى السودان الحديث.(3-4)
كان السودان قبل خضوعه للاستعمار التركى المصرى يسمى ببلاد السودان، وهذا اصطلاح جغرافى عرقى ابتدعه الرحالة المسلمون، لان هذه المنطقة تسكنها قبائل سوداء البشرة وقد كانت تمتد من شرقى السودان الى المحيط الاطلنطى. اما سودان اليوم فقد كان يشمل مملكة الفونج وقبائل البجة فى الشرق ومملكتى المسبعات وتقلى فى كردفان ومملكة الفور فى الغرب بالاضافة للقبائل الزنجية النيلية فى جنوب السودان. فهذه التكوينات بدأت فى العام 1821م بعد دخول التراك تتشكل فى كينونة سياسية عرفت بالسودان الحديث، وهو السودان فى شكله الحالى الذى تكون عند الحكم التركى والمهدية واسترجع فى فترة الحكم المصرى الانجليزى ليستقر فى وضعه النهائى بعد الاستقلال فى عام 1956م بعد اضافة وحزف بعض الاجزاء.
ا)سودان العهد التركى.
لم تك وجهة الباشا الكبير الى السودان عبطية بعد ان قرر انه يريد الرجال والمال. لقد كانت جيوش العالم القديم تلجأ الى الى الجندى السودانى حفيد كوش لكيما تضمه الى جيشها. فالفراعنة قد فعلوا ذلك، وجاء العرب بعدهم وفعلوا ذلك بعد ان فشلوا لوحدهم فى هزيمة النوبة. فعمر بن العاص قد ارسل اخاه لامه عقبة بن نافع الفهرى عام 641م لاحتلال بلاد النوبة الا انه قد فشل . وعندما ولى عثمان بن عفان الخلافة، ارسل اخيه فى الرضاعة سعد بن ابى السرح فى عام 646م واستمرت الحرب سجالا فى شكل حملات سنوية بين العرب والنوبة. وفى عام 652م ارسل سعد بن ابى السرح اكبر حملة الى بلاد النوبة لقيت هزيمة كبيرة وقتها وفقئت عين قائدها معاوية بن خديج، فسمى العرب يومها النوبة ب ( رماة الحدق). وقد تيقن سعد بن ابى السرح انه يقود حربا خاسرة، لذا قرر مهادنة النوبة فتوصل معهم الى اتفاقية البقط البغيضة والتى دامت حوالى 677 عاما. كما وان العرب لم تستطع هزيمة النوبة هزيمة قاطعة الا بعد ان حكم الاعاجم المماليك مصر. ففى عهد ابن طولون اصبح حكامها من العجم الاتراك والنوبة المرتزقة والعبيد. وقد وصل النوبة فى جيشه اربعين الف مقاتل يقودهم خمارية ابن ابن طولون. كما ارسل صلاح الدين اخاه توران شاه فى اواخر عام 1173م على رأس جيش كبير من الاتراك استطاع ان يهزم النوبة. ولما كانت للباشا طموحات كبيرة، رأى انه لا يمكن ان يحقق طموحه الا بالحصول على الرجال من ارض كوش لذا قرر غزو السودان للحصول على الرجال والذهب لكى يحقق طموحه.
بعد ان عاث سلاطين الفونج فسادا فى الارض واسترقوا بنى جلدتهم وباعوهم فى اسواق النخاسة، اضعفوا مجتمعهم والمجتمعات التى حولهم، ادى ذلك الى ضعف السلطنة بعد افراغها من القوى العاملة والمدافعة عنها وكانت النتجة عندما غزا الاتراك السودان لم يجد السلطان بادى اخر ملوك السلطنة فى النهاية مخرجا الا وان يتنازل عن الملك يوم دخول الحملة التى ارسلها محمد على باشا الى السودان بقيادة ابنه سلاطين باشا والتى وصلت الى عاصمة الفونج ليوقع السلطان المرتزق على الوثيقة التى اعترف فيها بتبعيته للسلطان العثمانى وتسليمه ادارة البلاد للباشا والى مصر صاغرا مطأطا الرأس.
ولم تك سلطنة الفور باحسن حالا من سلطنة الفونج. فبأستثنا المواجهة الشرسة التى وجدها الاتراك فى كردفان بواسطة المقدوم مسلم الذى مات واقفا مدافعا عن ارضه وعرضه، حصل اعتراف من السلطان عبدالرحمن بالسلطان العثمانى وحصل منه باعتراف سيادته ومنح لقب الرشيد. وقد كان يرسل كل عام كملة من الريش وسن الفيل والصمغ الافريقى وغيره من خيرات بلاده لمصر.
ولما وضعت السلطات التركية الغازية يدها على سلطنة الفونج ارسل محمد على رسالة الى عمر بن ابوبكر ملك تقلى يدعوه للاعتراف بسلطان تركيا على بلاده لكنه رفض ذلك ولكن فى عهد حكمدارية احمد خورشيد (1826-1837م) عقدت معاهدة صداقة بين الباشا وملك تقلى. ففى عام (1843م) فر ناصر بن ابوبكر نتيجة لخلاف اسرى للخرطوم ليلتمس المساعدة فى العودة الى السلطة نظر اعترافه بسلطة الاتراك عليه ودفع جزية سنوية من العبيد والعاج. وقد ارسلت الخرطوم حملة الى تقلى مكنت المرتزق ناصر من الوصول الى العرش ولكن عندما اصبح مركزه قويا نقض اتفاقه.
وقد رفض المك ادم امدبالو (1854-1884م) الاعتراف بسلطان الاتراك على بلاده ونقل العاصمة الى كوييه. الا انه قد اشتغل بتجارة الرقيق وسط اهله مما اضعف المملكة نتيجة لفقدانها لخيرة شبابها المقاتلين الذين بيعوا فى اسواق النخاسة. فقد لعبت مملكة تقلى دورا فاعلا فى اصطياد الرقيق من النوبة وبيعها للباشا الذى غزى السودان للحصول على الرجال فى العمل فى الجيش التركى وبالفعل قد كون الباشا جيشا قويا من الجهادية الذى كان يتكون معظمهم من نوبا الجبال وقد خاضت تلك الجنود حروبا خارج الحدود فى كل من فلسطين وسوريا والجزيرة العربية وحتى المكسيك كما خاضت حروبا شرسة فى الداخل، فهى ايضا حاربت مع المهدية كما حاربت مع الانجليز عند استرجاع السودان فى العهد الانجليزى المصرى!!!!!!.
ب)سودان المهدية.
تعتبر فترة المهدية من اسوأ الفترات فى تأريخ النوبة على الاطلاق. وهذه الفترة هى المسئولة من الوضع المتردى الذى يعيشه النوبة الان. فعند قيام الثورة المهدية واتجاه المهدى الى جبال النوبة – جبل قدير بتقلى، وقف معه الملك ادم امدبالو ملك عموم النوبة مناصرا. وقد مده بالجنود المقاتلين من ابناء النوبة الاقوياء الاشاوس وبهم استطاع المهدى ان يهزم هكس باشا فى شيكان ويفتح الابيض ويتجه الى الخرطوم محاصرا لها حتى سقوطها وقد استطاع احد القادة من الجنود النوبة قطع راس غردون واحضاره الى المهدى كهدية منهم للثورة.
الا ان المهدى والخليفة قد ادارا ظهريهما على النوبة واغتالوا الملك ام دبالو واستخدم ابن النوبة قائد المهدية القوى حمدان ابوعنجة كمرتزق لمحاربة بنى جلدته بعد ان فشل كل الامراء المهدويون فى القضاء على ثورة النوبة ضد ظلم المهدية تجاههم.
فقد قاد ابوعنجة جندا من النوبة للقضاء على ابناء عمومته وقطع رؤوسهم وارسالها للخليفة التعايشى لكى تعلق فى الاسواق، يفعل بعض القادة النوبة الان فى المؤتمر الوطنى نفس الشىء والتاريخ يعيد نفسه. فلو لا ابوعنجة لما استطاع التعايشى بواسطة اى قائد اخر من قواد المهدية القضاء على الثورة النوبية ضد المهدية الطاغية واخضاع جبال النوبة لكى تكون موردا للعبيد المهدويين الذين تفننوا فى استعباد واسترقاق النوبة وذلك عن طريق استخدام ابناء النوبة انفسهم لاصطياد اخوتهم بالمساعدة المادية من تجار الرقيق وبيعهم فى اسواق النخاسة فى تالودى والابيض وامدرمان وسواكن وحوش بانقا او حوش العبيد. وحتى لا نكون انطباعيين لا بد من ان نقف على ذلك. فقد غزى حمدان ابو عنجة ابن النوبة جبال تقلى فى فبراير سنة 1885م واشعل النار فى اهل تقلى فى جبل الدورى ففرقهم فى بطون الاودية والكهوف وغنم ماشيتهم وغلالهم ثو ذهب الى جبل كراية وضمهم الى جيشه وقصد جبل تكم واسر ملكهم الذى مات فى الاسر وتوجه الى جبل الكجاكجة وقهر اهله وضمهم اليه ثم ذهب الى الكواليب فى جبل درى فاستولى على جميع ما ملكته اياديهم من غلال ومواشى ورقيق. كما غزا جبل قدير وقتل منهم من قتل وغنم كثير من الغنائم من ضمنها الاسلحة النارية.
وعندما ارسل التعايشى محمود عبدالقادر لاخماد ثورة الجهادية، قتله الجهادية فى 20 ديسمبر 1885م، فما كان من التعايشى الا وان يقوم بارسال حمدان ابى عنجة ابن النوبة بجيشه الى جبال النما التى قتل فيها محمود عبدالقادر ومن ثم توجه الى جبل الواطا الا ان الجهادية قد نزلوا جبل السما ولكن ابى عنجة تتبعهم فى جبال تلك فى ميرى وقتل رئيسهم على يوسف واسر منهم 40 رجلا وعدد كبير من النساء والاولاد وحز راس رئيسهم واثنين اخرين من الزعما. كما انه قد غزا جبال الكدرو والكافير فى اوائل يونيو سنة 1886م فغنم 400 راس من الرقيق و200 بقرة و55 بندقية. ثم غزا جبل الدائر وتكلوا بحلتى كملة وسدرة وغنموا 409 راس من الرقيق و601 بقرة وقتل الملك الباجى وتسعة من اعيانه. وبعد القضاء على الجهادية من النوبة فى الفترة 1886م – 1887م، ذهب ابو عنجة بجيشه وغزا جبال انبرى وتقوى ورشاد والكدرو وغنم منها اشياءا كثيرة من نحاس وبارود كبسول ورصاص ...الخ.
لقد كانت جبال النوبة عصية على الاتراك الذين لم يستطعيوا السيطرة المباشرة عليها طيلة فترة حكمهم، الا ان المهديين ومن خلال النافذين من ابناء النوبة مثل حمدان ابوعنجة، استطاعوا اختراق الجدار النوبى الصلب، وعن طريق ذلك تم تحطيم النسيج الاجتماعى فيها. وقد كانت ومازالت جملة "الدنيا مهدية" تستخدم فى جبال النوبة كناية عن الفوضى وعدم الانضباط لما كانت تتصف به المهدية فى جبال النوبة على وجه الخصوص. فقد تعاون المرتزقة من ابناء النوبة مع المهديين فى تحطيم النسيج الاجتماعى للنوبة واضعافهم نتيجة لذلك فقدت خيرة شبابها وبناتها الذين تم استرقاقهم وبيعهم فى اسواق النخاسة ليصدروا كعبيد الى مصر والجزيرة العربية واروبا.
نواصل،
طالب تية،
الاراضى المحررة،
فبراير 2012م.
المراجع:
1-د. محمد سعيد القدال، تأريخ السودان الحديث 1820- 1955م، مركز عبدالكريم ميرغنى، الطبعة الثانية، 2002م.
2- الاب القمص فيلو ثاوس فرج، النوبة ملوكا وشعبا، 2006م.
3- عبدالمحمود ابوشامة، المسيحية من نبتة الى المهدية، الطبعة الاولى، مطبعة الحرية، 2002م.
4- نعوم شقير، جغرفية وتأريخ السودان، تقديم د. فدوى عبجالرحمن على طه، ط1، دار عزة للنشر والتوزيع، 2007م.
5-سير هارولد ماكمايكل،السودان، ترجمة محمود صالح عثمان صالح، الطبعة الثانية، مركز عبدالكريم ميرغنى الثقافى، كانون الثانى يناير 2009م.
6-سلاطين باشا، السيف والنار فى السودان، تعريب محمد المصكفى حسن، دار عزة للنشر والتوزيع، الطبعة الاولى، 2008م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.