مناظير الجمعة 24 فبراير 2012 سودانيزاونلاين دوت كم SudaneseOnline.Com [email protected] * "الله لا جاب يوم شكرك" جُملة بليغة عميقة المعاني، بل هى (معان حية) حين تنزل عليها الدموع السخينة فتنساب جداولا من الحب والوفاء و التقدير تجرى بين الحزن والألم و اليأس. * لن ننسى ابدا ذلك الشعور المخيف الذى اجتاحنا يوم سماعنا بنبأ الفشل الكلوي، لكن كان العلي القدير رحيماً بنا وبك، فقد جاء البلاء مصحوبا باللطف، وظللت رغم المرض نخلة سامقة كتلك التي شتلتها بيديك وتمنيت ان تحصد محصولها بنفسك وهى التي نسميها(Eddin Oasir) . * ظللت تغني لنا بين (الغسلة) والأخري، وظلت أكف محبيك مرفوعة الي الله فاستجاب لدعائهم و نجحت عملية زراعة الكلي وعاد الحبيب يواصل مسيرة الابداع والعطاء، ولكن جاءت لحطة الفراق دون ان يتسني لنا ان نكون مع الجموع المودعة، ولا نقول الا الحمد لله الذي له ما اعطي و له ما اخذ. * سألنى احد الاخوة العرب الذى دهش عندما رأى الدموع تنهمرمن كل العيون والحزن الكبير يخيم على دار الجالية السودانية بمدينة (تورنتو) الكندية عند سماع النبأ المفجع.. عن وردى وسر الحب الكبير الذى يكنه له جميع السودانيين بلا استثناء..!! * قلت له هو فتي نوبي حباه الله وخصه بنعم لم يحظ بها احد من ابناء جيله: ذكاءا حادا، وموهبة فريدة، وخمس حواس كما نحن، الا انها تختلف عن حواس الآخرين: عينان تري ما لا نراه .. تري كل التفاصيل كأنها كاميرا رقمية، واذن تسمع ما لانستطيع ان نسمعه، وتميز بين اصوات العصافير التي تشقشق فوق اغصان النخيل وتلك التي تبشر بالخير فوق شبابيك البيوت، وأنف تفرّق بين رائحة الجروف المغسولة بوهج القناديل ورائحة الجروف عندما يغطيها الفيضان ليزيدها خصوبة وطينا، وافاض عليه الرزاق من نعمه فهيأ له ان يترعرع في بيئة نوبية، في قرية وادعة هادئة، غذاء اهلها الحب والايثار قبل الطعام والشراب، تفتح ابواب بيوتها في الصباح الباكر ولا تقفلها إلاعند النوم خشية دخول الكلاب والقطط. * اما طبيعة المكان فهى لوحات بديعة يرسمها هذا الفتي العبقري في اغنياته، فقد ظل منذ نعومة اظفاره مولعا بالجمال الذى يراه في اشكال الطبيعة المختلفة، وأنشطة المزارعين، وتلال القمح عند الحصاد (Ellain Gais) ، ونفرة الغلابة( (Galba neen، وزفة العرس (Balain Sifa) فالجمال عنده حسي وروحي، فلا جمال في نفرة الغلابة غير التآزر و التكاتف و الايثار.. كان فنانا ( حاسر الرأس عند كل جمال ** مستشف من كل شئ جمالا). * من هنا جاءت عبقريته الفنية وشكلت طموحاته التي وصلت به للقمة، لكن يجب ألا ننسي هبات الرحمن التي جعلته موسيقارا مدهشا و فنانا بديعا، أطربنا و أشجانا وخلدنا بألحانه الخالدة. *غاب عنا وردي بجسده وابداعاته، أما ارثه الفني فهو خالد لنا ولمن ياتي من بعدنا، و نحمد الله الذي سخر لنا التكنولوجيا لنسعد متي شئنا بإرث هذا الفنان العظيم. (حسين الزبير عبد العزيز، تورنتو، كندا). الجريدة 24 فبراير 2012