الخرطوم: علاءالدين محمود هام ذاك النهر يستلهم حسنا فإذا عبر بلادي ما تمنى طرب النيل لديها فتثنى ثرثرة تحملها رياح "عنتيبي" القوية تهدف الى تغيير المسار التاريخي ليس للنيل وإنما للمحاصصة التاريخية التي ظلت تحكم ذاك المسار وهي ثرثرة تحملها امواج اطول انهار الدنيا في طيات عبابه لتنذر بعاصفة تلوح في الافق تكاد تنتج حرب بين دول رعته جنينا في اعالي المنابع وبين دول يتهادى في ربوعها لتصنف كدول للمصب في سياق ما يعرف بحرب المياه في العالم التي توقعها الخبراء لتكون حرب مياه النيل بين دول المنبع والمصب حول المحاصصة المائية وهي الحرب التي بدأت شراراتها بتصريحات هنا وهناك ، هنا حيث دول المصب التي تحوز بنصيب اكبر ودول المنبع التي تسعى الى تشكيل حلف بمعزل عن دول المصب خاصة مصر والسودان والزامهم بما سيتم الاتفاق عليه لتثور ثائرة دول المصب مصر والسودان خاصة بعد عزم صرحت به اثيوبيا بقيام ما اطلقت عليه سد الألفية الامر الذي يثير حفيظة مصر ما بعد الثورة والسودان ليسعيان الى معالجة ذلك الطارئ عبر عمليات تنسيق مستمرة بين البلدين ليخرجان بضرورة مراعاة المصالح المشتركة والتعامل مع "إنتفاضة" دول المنبع بحكمة ففي يوم الثلاثاء الماضي دعا سيف الدين حمد وزير الموارد المائية السوداني إلى ضرورة تكامل الأدوار لمواجهة الصراعات بين دول حوض النيل، مشيراً إلى وجود تحديات عدة تؤثر على دول الحوض. وأشار الوزير إلى انعقاد اجتماع يضم ممثلي السودان ومصر وإثيوبيا خلال الأيام القادمة لرفع تقرير الخبراء لدراسة آثار قيام "سد الألفية" في إثيوبيا ومن ثم شروع اللجنة في دراسة التفاصيل وتصريحات حمد ربما تؤسس لدور جديد للسودان كوسيط ما بين دول حوض النيل يهدئ من روع المصريين من جهة ويؤكد على حقوق دول الحوض ، موقف ربما يكون أقرب الى الدبلوماسي للسودان في تعامله مع الملف وهذا ما يؤكد عليه مرة أخرى سيف الدين حمد عندما يقول يجب على دول الحوض الاهتمام بالمصالح المشتركة وليس تقسيم المياه، وإعطاء الفرصة لتحاشي الوقوع في مزالق الإجراءات القانونية والبروتوكولات" وربما يريد السودان من التصريحات إستعادة دوره المبعد بأمر إاتفاق عنتيبي بهدوء يمتص الحماس لدول الحوض والغضب المصري بالمقابل خاصة ان المصريين ظلوا يتعاملون في هذا الملف بحساسية شديدة ففي وقت سابق قبيل نسمات ربيعها التي تحولت الى عاصفة اقتلعت اركان نظامها ، دعا الخبراء المصريين حكومتهم السابقة إلى التعامل مع ملف أزمة نهر النيل على أنها مسألة "حياة أو موت" و"قضية أمن قومي" ونصحوا الحكومة المصرية بتوخى الحذر من الذين يخططون لتأجيج الصراع وإشعال نار الخلاف وتأليب دول المنبع بحوض النيل، ضد دول المصب، وبخاصة مصر ودعوا حكومتهم الى التعامل وفق خيارات ثلاث أولها: "التفاوض أو ما يسمى بالخيار الدبلوماسي. وثانيها: التحكيم الدولي أو ما يسمى بالخيار القانوني. وثالثها: تقدير حاجة مصر الشديدة للمياه، حيث يبلغ عدد سكانها 80 مليون نسمة، وتمثل مياه النيل 85% من احتياجاتها من المياه، وهو ما يمكن تسميته بالخيار الإنساني. ورابعها: "التهور والردود العنيفة أو ما يسمى بخيار الحرب أو الخيار العسكري" وظلت مصر تشترط دائما عدم المساس بحصتها التاريخية في مياه نهر النيل والنص في الاتفاق الجديد على حق مصر في رفض إقامة أية مشروعات على النيل، من شأنها الإضرار بحصة مصر ولا يبدو ان الموقف في مصر ما بعد الثورة مختلفا كثيرا الا من حيث تخفيف الحمولة الغليظة في الموقف واستخدام لغة اكثر دبلوماسية فقد أشار الدكتور هشام قنديل وزير الموارد المائية والري المصري في مؤتمر لصحفي قبل إسبوعين إلى أن الحكومة المصرية ترى أن الإعداد الجيد للاجتماع الاستثنائي لوزراء مياه النيل والخاص بعرض الرؤية المصرية - السودانية حول نتائج التوقيع المنفرد على اتفاقية «عنتيبي» لا يجب أن يقتصر على مناقشة هذه التداعيات الناجمة عن التوقيع المنفرد لدول حوض النيل، ولكن أيضا لدفع التعاون المشترك قدمًا من خلال اللقاءات الثنائية بين وزراء المياه والإقليمية والدولية لمناقشة المقترحات المصرية- السودانية، في إشارة إلى مشاركة الوزراء في المنتدى العالمي للمياه، والذي يعقد مارس المقبل بمارسيليا لضمان نجاح الاجتماع الاستثنائي ، وليثبت قنديل الموقف الجديد لمصر تجاه اتفاقية عنتيبي يقول قنديل إن مصر بعد ثورة يناير تتفهم كل الاحتياجات التنموية لدول الحوض، كما أن هذه الدول تعلم حاجة مصر لمياه النيل، وبالتالي من الضروري التوصل إلى إطار يحقق مصالح الجميع بغض النظر عن التوقيع المنفرد لاتفاقية «عنتيبي». موقف يصر على اعادة الموقف المصري القديم في عهد مبارك بلغة اكثر هدوءا مسنودا بمؤازرة سودانية لا تختلف كثيرا عن مواقف السودان من مصر في ظل كل حكوماتها فقد ذكر كمال علي الوزير السوداني السابق في تصريحات صحفية أن هناك اتفاقاً مشتركاً بين مصر والسودان علي التنسيق بين البلدين في التعامل مع ملف المفاوضات مع دول حوض النيل، مشيراً إلي أنه تم تشكيل لجان مصرية سودانية للإعداد للاجتماع الطارئ لوزراء المياه بدول حوض النيل المقرر له 28 أكتوبر المقبل وأوضح الوزير السوداني، أن الاتفاق بين البلدين يشمل ضرورة تضمين بند الأمن المائي ضمن الاتفاقية الجديدة للتعاون بين دول الحوض والمتضمنة عدم المساس بالاستخدامات الحالية لدول حوض النيل طبقا للقواعد التي أرساها القانون الدولي، مشيراً إلى أن البلدين يسعيان إلى الاستغلال المتكافئ لمياه النيل دون الإضرار بأي دولة من دول الحوض، بينما ترفض دول أعلى النهر مفهوم بند الأمن المائي . وربما اخذ الموقفان المصري والسوداني بمقترحات خبراء سودانيين ظلوا يدعون إلى ضرورة التعاون الكامل بين دول الحوض والتركيز على تقاسم المنافع بدلا عن المياه، معتبرا أن ذلك هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق الاستفادة القصوى من نهر النيل وزيادة وحماية موارده، منادين بإشراك المواطنين في كل ما يتعلق بقضية المياه، وان يلعب السودان دور الوسيط في معادلة تقاسم المياه بين دول حوض النيل على أساس توضيح المنافع المشتركة وليس على أساس"المحاصصة" . الموقف الجديد لدى مصر والسودان نجح الى حد كبير في إحداث إختراق في تصلب دول "المنبع" فهاهو "آلان بلوكو"، نائب وزير البيئة والسياحة والحفاظ على الطبيعة الكونجولي، يؤكد حرص بلاده على دعم المقترحات المصرية- السودانية بشأن ضرورة استمرار التعاون من خلال مبادرة حوض النيل وتواصل المفاوضات حول النقاط الخلافية في اتفاقية (عنتيبي)، خاصة البند (14ب) والمتعلق بالإقرار بالاتفاقيات التاريخية وأكد المسؤول الكونجولي إن مسألة انضمام بلاده إلى اتفاقية حوض النيل بوضعها الحالي «مرفوضة»، لأن الدول الست الموقعة عليها "خالفت أحد المبادئ الأساسية المنصوص عليها بمبادرة حوض النيل والمتعلقة بمبدأ التوافق في اتخاذ القرارات بين كل الأطراف، وهو ما لم يتم عند توقيع اتفاق عنتيبي"وأشار إلى أن عدم توقيع بلاده على الاتفاقية يعكس مبدأ التزمت به حكومة بلاده وتنفيذًا للتوافق كشرط أساسي للتوصل إلى اتفاق شامل بين دول حوض النيل. وأضاف أن عدم توقيع بلاده يمثل "نوعَا من الضغط السياسي على الدول الموقعة" وبعد النجاح في اختراق الموقف الكنغولي تتجه دبلوماسية دول المصب "مصر والسودان" نحو إثيوبية لمعالجة قضية سد الألفية وايضا لقطع الطريق امام التهديدات التي ارسلتها دول المنبع والتي امهلت مصر والسودان 60 يوما للإنضمام للإتفاقية وهو التهديد الذي قابلته دول المصب بالقول ان أي اتفاق دون مصر والسودان سيولد مشلولا وهذا ما صرح به الوزير السوداني للموارد المائية سيف الدين حمدالله عندما قال أن لا أحدا يمنع هذه الدول أن تسعى فى تنفيذ الاتفاقية، ولها أن تحدد فترة زمنية، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الظروف غير مواتية لطرق مثل هذه الموضوعات، خصوصا مع الأوضاع السياسية فى مصر وقال حمد: لا بد أن تضم الاتفاقية كل دول الحوض حتى تصبح ناجحة ومن ثم تخدم شعوب حوض النيل وتكون ذات فائدة، مضيفًا: إن أحدا لا يمنع هذه الدول أن تسعى في تنفيذ الاتفاقية ولها أن تحدد فترة زمنية، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن الظروف غير مواتية لطرق مثل هذه الموضوعات، خصوصا مع الأوضاع السياسية فى مصر، وأشار إلى مبدأ أثيوبيا في هذا الشأن والتي ربطت النقاش والحوار بوضع مصر ووصول رئيس منتخب لا يأتي الثاني والعشرين من فبراير "يوم النيل" إلا وتصحبه مره وراء مرة الحديث عن النيل ومياه النيل ثرثرة لا تنقضي بين دول المصب والمنبع يريدها الكثيرون ان تتحول الى تعاون وإبدا لحسن النوايا دول حوض النيل، دون تقسيمها الى "منبع" و "مصب" وهو الأمر الذي فيما يبدو يتطلب إرادة سياسية قوية وحقيقية من أجل خلق تعاون وعيش مشترك بين تلك الشعوب