نتسأل نحن المتابعون للشأن العام ، أين ذهبت الجمهورية الثانية والتي بشرتنا بها حكومة المؤتمر الوطني عقب الانتخابات الأخيرة فقد ذهب المؤتمر الوطني وهو في نشوة الانتصار في الانتخابات (المضروبة) إلي إطلاق هذه العبارة (الجمهورية الثانية ) لمعالم المرحلة ما بعد الانتخابات وقد علقنا وقتها علي أن الجمهورية الثانية لا تختلف كثيراً عن سابقاتها أن لم تكن هي الأسوأ علي الإطلاق ، وبجانب هذه المفردة والتي أطلقت هكذا بدون أي مضمون ، كذلك بشرنا المؤتمر الوطني بأن إنفصال الجنوب سوف ينعكس خيراً وأمناً وسلاماً ونماءاً للشمال ولكن وبالحساب العادي فأن كل تلك الأماني قد تبخرت فلا الجمهورية الثانية والتي بدت معالمها للعيان أتت بخير, إنهيار للاقتصاد الوطني – زيادة الفتوق في جدار الوحدة الوطنية وعجز عن مواجهة الفساد المستشري في عضد الدولة وغياب التخطيط وترهل في الوظائف الدستورية وأنتقاص للحريات والحقوق الأساسية وتنكب في طريق التحول الديمقراطي وهلمجرا.... أما الانفصال فقد أصابنا لعنته وأتضح للقوم الذين لا يحسنون شيئاً أن آثار الانفصال وتداعياته تأخذ بخناق البلاد فقد ظهر أكثر من جنوب ، القتال في جنوب كردفان والنيل الأزرق ، أما البترول الذي تحول إلي نقمة بسوء إدارة الحكومة لهذا الملف فقد أنقطع منبعه وأوقفت الآبار في الجنوب في خطوة غير متوقعة لدى الحكومة التي لا تحسب الأمور بصورة جيدة , الخلاصة أصبح انفصال الجنوب أزمة للشمال تكاد تذهب بريحه ، فقد خاب ظن خال الرئيس كما خاب ظن المؤتمر الوطني فكل الدوافع العنصرية التي دفعت بهؤلاء إلي الإسراع بالانفصال اصطدمت بواقع الانفصال المر ... وفي ظل كل ما تعانيه البلاد من الاضطراب وقلة الحيلة مازال القوم في غيهم يترددون يتحدثون عن الدستور القادم للبلاد وعن ضرورة أشراك الجميع في وضعه لينال التوافق والرضا وفي الخفاء يفصلونه تفصيلا يناسبهم بواسطة لجان غيبت عنها القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة بل ذهبوا الي أبعد من ذلك بخلق كيانات وأجسام هلامية لا تفهم من الدستور إلاّ رسمها ، من هذه الكيانات جبهة الدستور الإسلامي والتي نادت لدستور إسلامي كامل الدسم وهددت الحكومة بالذهاب أن لم تقر هذا الدستور الإسلامي الذي ينشدونه والأغرب من هذا ما أقدم عليه قادة النظام من تأييدهم لما ذهبت إليها هذه الجبهة وهم بذلك يقرون ان البلاد لا تحكم بدستور إسلامي مع أنهم يتحدثون بمناسبة وبدون مناسبة بأنهم في المؤتمر الوطني ظلوا ومازالوا يدافعون عن الشريعة المطبقة في السودان وفي سبيلها ويبذلون المهج والأرواح وأن كل الاستهداف للسودان من قوى الاستكبار العالمي سببه النهج الذي يسير عليه المؤتمر الوطني (المشروع الحضاري) أصبح كل هذا هراء !! وافهمونا إننا جمعيا كنا ومازلنا في جاهلية تامة وتريدنا جبهة الدستور الإسلامي أخراجنا من هذه الجاهلية إلي سعة الإسلام ودستوره ! يا للعجب أين كان هؤلاء كل هذه السنيين وهم يحكمون بدستور غير إسلامي !!وأين ذهبت البيانات والتظاهرات والبيعات والنفرات الكبرى منها والصغري لأمير المؤمنين القابض علي جمر قضية الشريعة ما لكم كيف تحكمون ؟ ونافع علي نافع يتهم المؤتمر الشعبي بأنه باع الدستوري الإسلامي من أجل التحالف مع الأحزاب العلمانية والحركة الشعبية في الجنوب ، هذا الدكتور الذي ضل طريقه إلي السياسة لا يكاد يفهم أن كل أهل السودان باحزابهم وكياناتهم واتجاهاتهم في دائرة الإسلام والتي تنداح لتشمل غير المؤمنين به من أهل الأديان الأخرى حفاظاً علي حقوقهم وتحقيقاً للعدالة والمساواة فالدستور الإسلامي لا يهضم حقوق غير المسلمين كما وان الدستور الإسلامي يستوعب الخلاف في الفروع سياسة أو اقتصادا او أجتماعا الخ الم يستوعب هذا الدكتور ان الإسلاميين في كل العالم يسعون إلي تحقيق دستور يحفظ كرامة الإنسان ويقيم العدل والمساواة بين الناس ويعطي الحريات كما وهبها خالق الناس لا حجر علي أحد في رأيه وفهمه , دستور يقيم العدالة في توزيع الثروة بالقسط وفي بسط السلطة ووضعها في يد الشعب يفوضها لمن يشاء عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة لا مكان فيها للتزوير والتدليس , دستور يحدد فترة الرئاسة دورتين لا رئاسة مدى الحياة ويحدد سلطات الرئيس في إطار توازن السلطات بين التشريعية والقضائية والتنفيذية دستور يحاسب الحاكم عبر المجلس الوطني وعبر القضاء بدون حصانات ولا امتيازات دستور يحمي المال العام من السرقة والنهب ....الخ هذه خارطة الطريق للدستور الإسلامي في مصر وتونس وليببا و يشترك الجميع رغم اختلافاتهم في وضع دساتير يحمل معالم الإسلام الا ساسية اما نافع وأمثاله من أهل جبهة الدستور الإسلامي يريدون دستور يتسم بالدغمسة ويفتح الباب علي مصراعيه لاستمرار التسلط والتحكم في رقاب الناس وأكل أموالهم بالباطل يريدون دستوراً يقر ان الرئاسة للرجال فقط دون النساء وأن الرئاسة مدى الحياة وأن الحاكم الأعلى صاحب الولاية لا يسأل أما يفعل فهو الأمر والناهي والحاكم بأمر الله دستور يفرض الجزية علي غير المسلم ليدفعه صاغراً دستور يراقب و يحاسب الناس في لبسهم وطعامهم إلا ترون ان علماء السلطان يكثرون هذه الأيام من الفتاوى البائسة ويستفرغون جهدهم في تحريم التمباك والسجائر ولا يجرءون في محاربة الفساد وانتهاك حقوق الناس في الاعتقالات التعسفية ومصادرة الصحف التي آلت علي نفسها كشف غطاء الفساد !!هؤلاء فقهاء السلطان لا يجيدون إلاّ تزيين الباطل للحاكم فالدستور الذي يضعه هؤلاء لا يحمل بطبيعة الحال من الإسلام إلاّ رسمه , لذلك فعلي الحادبين علي مصلحة الإسلام والبلاد التصدي لهؤلاء دفعاً لتزوير الإسلام وتضليل الناس فقد انقضي عهد الاستجهال والاستخفاف , علي نافع وأمثاله من الهمج الاهتمام بإزالة المظالم الواقعة من حكومتهم علي عموم أهل السودان في دارفور وفي الشرق وفي النيل الأزرق وجنوب كردفان وفي الوسط أهل الجزيرة المعطاة وفي الشمال أهلنا المناصير فالذي يعجز عن إزالة هذه المظالم غير جدير بالحديث عن الدستور الإسلامي او عن أي دستور آخر (أما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض) بارود صندل رجب المحامي