بمناسبة اغتيال العسكر الظالمين لعوضية عجبنا حين يرقد وجهها المكدود في كل شبر.. تعتريه الريح... و الفقر المؤجج في الوجوه تحت أقدام الطغاة والعاريين الحافيين بلا حياة حين يرقد وجهها المكدود في كل السبل تُفْلتَ الأحلامُ من تحت أقدام الطغاة لتنام في ملح السواحل و السجون لا تشتهي حَوَر العيون و لا نعومة الخد الأسيل حين تركض خلف النيل أشباح السلام ويموت عند الشط عصفور جميل. حين يركض وجهها المكدود خلف الظلام لا ينام عيناها مشرعة تجوب الليل وذوائب الشَعر الكثيف تعيدها خلف الوسادة أمامها سُدَفاً سواد و خلفها غُرفا سواد و بجنبها شِعرا سواد لا تشتهي طعم القصور و لا روائح العطر الجميل الليل حبلٌ من مسابحها الطويلة و هي ترقد في السُخام وسخ الرصيف خبز الرغيف مطر كثيف كلها تحت مرقدها قد أيقنت وتشهدت عند الرصيف والعنزة تشاركها قضم الرغيف فتبسمت زمنا طويلا كي لا تسمهها العقارب و الدواب كي لا تعاقرها في اللعق الكلاب هي وحدها من يستضيف الليل.. رغم الصعاب بلا هيام أو شباب هي وحدها من يحمل الأيدي يباب ملح الطعام حلو الشراب تيه الشباب نور المسارح و الكتاب زخم المدينة كلها هربت و تجزع الحلم الجميل على الطريق سلكته من بعد الغروب الشمس قرص كاذب و القمر ما بين الحقيقة و الخيال الليل يستر ما بها و عيون الناس تسرق ما بها .. حسدا و ظلما وسباب مسجونة و خيالها .. في الروح يسري منبوذة و لسانها في السر يلهج بالشكر حين ترقد سيقانها من تعب الرصيف حين يركل الجندي أكوام الرغيف و تضيق بالوجه المنازل و البيوت تسافر الآهات من ملل الرجوع بلا بلاد أو سهول بلا عيون أو بشر بلا غيوم تحت أشرعة اللهيب و عندما تتباكي أحلام الفتاة على الرصيف تركض من جديد فتنتحر الوجوه على مشارف النيل الطويل فتسأله الفتاة علاما طولك؟ أنت جبار ٌ طويل أنت تحضن هذه المدن العتيقة و الغصون فلماذا تسري جاهلا هذي العيون؟ ولماذا تعشق أن يبيت الفقرُ في قلب حنون؟ ولماذا يسكن عند شاطئك الجنون؟ و الموت أعذب ما يكون و مياهك الزرقاء و البيضاء طابعها الجنون الناس تبكي عند شاطئك الحزين و الشياطين تغني في مجون الشياطين الصديقة لا تخون و الحكومات الصديقة لا تخون و النياشين الصديقة لا تخون الحروف الأبجدية لا تكون الحروف العبقرية لا تكون حين يرقد وجهها عند القصور لا يساوي قيمة دَهن الحذاء حين يرقد وجهها عند القصور تمني نفسها عطر النساء حين يرقد وجهها عند القصور يختلط الشهيق مع الزفير حين يرقد وجهها عند القصور قد تحاكي خيبة الشعراء من عسس المغول وتدس أنثاها في رغبة العساكر و الفحول وتدس شهوتها إلى النيل تحت أقدام الفجور حين يرقد وجهها عاريا عند المصيف لا تبالي من ربيع أو شتاء أو خريف حين يركبها الجنون قد تظن النيل عود ثقاب أو عظام تركلها الكلاب قد تظن الماء أشلاء سراب ثم تعرضه في سوق النخاسة النيل ليس اسود طويل النيل ليس خادم هزيل النيل عصفور طروب النيل أغنية " الهشاب" النيل" أبنوس " , بريق النيل أشباه" الحراز" النيل ساقية النخيل لا تنزعيه عن الصخور لا تخلعيه عن الرمال النيل أغنية الرحيل النيل عنوان الهجيع النيل أنواط الرضيع فقد يباع و قد يضيع فلتجعلي من عيده المليون أوجاع الطريق حين يرقد وجهك المغلوب آلاف السنين. حين يركض شعبك المجنون آلاف السنين حين تتبعه مرا فيء الشعر و النيل ابعد ما يكون حين تلحقهم لعنة الشعر الجميل و الفنون و عيونهم تتفحص الأنهار من خلف المياه يكتبون الشعر و الهوس الجميل مع الصور و النيل ينتظر المباع فحدثيني يا فتاة هل باعوا وجهك ؟ رغم المتاع؟ أم حدثوك عن المباع؟ هل مات عشاق الرحيق؟ هل مات عشقك للطمي؟ قد يكتبون الشعر و الهوس الجميل قد يرسمون الصور في الورق الجميل قد يلبسون الجسد أردان النبيل لكنهم لا يمنحون الناس أثمان الشراء لا يمنحون , الحب , والشعر الجميل و الهواء فلا تسأليهم بعد ذلك عن ثمن الرغيف. فالموت أهون ما يكون وفظاعة الأحداث مرآة الكلام الحر و الشعر البليغ يا نيلنا ... يا شعبنا يا حواري النيل في عمق المساء يا مزامير الحوادي و الشجن فلتنقذي هذي الفتاة قد أفرغوها جملة من روحها قد قيدوها دون أن تتكلما حجزوها في سجن الغياب و هي تمكث في الشباب لا تمتطي مهراً جميلاً لا ترتضي شِعر النهار لا ترتدي حُلل النهار لا تحتفي بالمهرجان لا تعترف بالصولجان زمن مضى زمن قتل زمن الهيام زمن الطبول زمن الزغاريد المجلجلة في مزاريب السماء زمن السلام فتوارث الناسُ النُبَاحْ صوت الصراخ الم المخاض وتوسدت هي في مخاضٍ من فصول... من سنين... من قرون و توسدت زمناً عجيف