تضامنا مع طفل ما في مكان ما يعاني ويلات الظروف والحرمان من حنان الام ربما يندهش الكثيرون منكم لقراءة عنوان المقال ولكن اقول لكم لا تندهشوا فأنا أعتدت ان احتفل بأمي لا أقول كل يوم ولكن أقول في كل لحظة وفي كل ثانية فمحياها لم يفارقني ولن يزل ابدا ما حييت لان الام تعني كل شئ بالنسبة لي فهي مصدرإلهامي و قوتي التي أجابه بها صروف الدهر؛ وهي البلسم لكل جراحاتي وأناتي... فهي الاوكسجين الذي أتنفسه؛ والماء الذي جعلت منه الحياة علي الارض. حفظها الله واطال عمرها وعجل برحيلي قبلها ان كان لابد مما ليس منه بد.. أما هذه الرسالة التي عنيت توجيهها لأم من الامهات في مكان ما تحكي عن مأساة طفل كان يحلم بان يعيش طفولة عادية كبقية الاطفال حينما اطلق صرخته الاولي خارجا من رحم أمه ولم يكن يدري انها ستقذف به في سلة المهملات مثله مثل أي قصاصة أو مخلفات غير مرغوب فيها، ولكن تبخرت أحلامه وذهبت أدراج الرياح..الأم التي عرفناها تضحي بنفسها ليعيش أبنائها تخلت عنه وهو غض لم يكمل العامان من عمره لانه ولِد لأم جبانة وأب قاسٍ،شرس، متوحش لا يستحق أن يطلق عليه لقب أب ولكن يمكننا تسميته مجرم ...سفاح من جنرالات الحرب والابادة ولكنه يختلف عنهم في انه يستخدم سلاحاً من نوع اخر .... إنه سلاح التسلط والجبروت في مجتمع يرى أن الرجل دائما على حق..حتي وإن كان مخطئا....مجتمع زرع الخوف والجبن في نفوس النساء فماتت قلوبهن فرمين به في غياهب الوحده حزينا يكابد الشقاء في إنتظار ما تسفر عنه الايام ولعل الفرج يكون بموته أو موته ولا شئ اخر ..طالما انه معاق دماغيا ولا سبيل لشفائه. هذه المأساة التي أَدونها ليست تراجيديا من نسج الخيال ولكنني عاصرت بعضا من فصولها الدرامية فلم احتمل وعبرت عن ذلك ببعض الابيات التي عنونتها برسالة الي أم. وتدور أحداثها حول طفل في احدى دول النفط الغنية لأبوين كانا متزوجين وتعرض الطفل لحرق بماء ساخن في جزء من رأسه وصدره مما أدي الي إعاقته ذهنيا وهو في سنته الاولى ...فألقى الأب باللائمة على الأم وطلقها لتذهب الام الى بيت أبيها الذي رفض الأبن المعاق وظلت الام بين خيارين اما ان تعيش مع ذويها من دون ابنها المعاق ،أو تعيش في الشارع فاختارت الخيار الأول وأعادت الابن الي المشفي ليس لانه مريض ويحتاج الي العلاج ولكن لانه طفل غير مرغوب فيه من قبل أسرتها ليتحمل قسم جراحة التجميل والحروق امر رعايته وتربيته رغم وجود امه وابيه على قيد الحياة ..وحينما رأيت ذلك عز علي فكتبت مقطوعة بعنوان رسالة الى أم فيما يلى نصها: ظللنا نردد منذ الصغر ...حنان الأم دفاق يسع كل البشر ولكن هالني اليوم ما رأيت من منظر... طفل يافع يتوسد مرقده راجيا أمر القدر... ليس له أمل في الشفاء فهكذا المولى قد قدر... بابتلاء قد حل به ولم يكن له أن يتخير... فسألت عن والديه؟فقيل لي كلاهما له قد تنكر... فأغرورقت عيناي وعلى خداي الدمع انهمر... وأردفت:إذاً من له بالدفء من زمهرير البرد والمطر؟ إذ أنه غض برئ لا يحتمل أدنى صروف الدهر... أي ذنب جناه ذاك الملاك في هيئة بشر؟ أي فؤاد هذا الذي لمن أنجب قد تنصل وتنكر! لعمري والله هذا فؤاد في قسوته كالحجر... بل أشد قسوة...لأن من الحجارة ما يشقق فيخرج منه الماء ويجرى النهر... أفيقي بالله أيتها الأم الرؤوم... وأيقظى ضميرا قد صدئ وغطته الغيوم... فأمطري حنانا وعطفا لأبنك المكلوم... عساه أن يتذكر ويشفع لك يوم الحشر المعلوم... وهذا ليس خرافة..وليس من اساطير الأولين... بل ورد في صحيح الحديث وفي سير الميامين... أن المواليد هم حبال النجاة إذا سلفوا يافعين... لأنه لاذنوب لهم ولا جرائر... فهم أتقياء أنقياء السرائر... وفي القيامة يقول منهم قائل: مالنا بالجنة بدٌ دون ابائنا وأمهاتنا الحرائر... فيستجيب المولى لهم وبجاههم الى الجنات نساير... وقد ظلمنا وقتلنا واغتبنا وظننا وارتكبنا من الاثام والكبائر... أفيقي بالله عليك أيتها الأم الرؤوم... وجودي حنانا وعطفا لابنك المكلوم... وأيقظى ضميرا قد صدئ وتلبد بالغيوم... واستغفري الخالق وعليه توكلي وبه استعيني دون البشر... وسلمي بالقدر الذي لامحالة كائن ودعي الحزن والضجر... وأعيدي البسمة للملايين المتعاطفين مع ابنك النضر... وأتركيهم يوقنوا ويرددوا ما كنا نردد في الصغر ... حنان الأم دفاق يسع كل البشر... حنان الأم دفاق يسع كل البشر... د.محمد الحافظ عبدالله عود القنا [email protected]