صدر للكاتب الصحفي محمدالنعيم أبوزيد كتاب جديد بعنوان ( زوال أرض السودان .. الخطر القادم) . ويعتبر محاولة لطرح قضية الأخطار التي تواجه السودان، بعد أن بدأ أن قدر أرض السودان كتب لها أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار، فقبل أن تنجلي غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض في الجنوب، انفجرت حروب أهلية جديدة في الشمل الجنوبي، قد تؤدي إلى تقطيع جديد للأرض، ينتهي بزوال ارض السودان ويقول الكاتب انه ( كتاب مفتوح يقرأه الحاكم والمحكوم داخل السودان وخارجه، حتى لا يأتي يوما يتباكى فيه حزب المؤتمر الوطني في أعلى قمته وقاعدته، والقوى السياسية وأهل السودان ندما وحسرة على ما حل بالوطن من تآكل وتقطيع للأرض، وقتل وتدمير وتجويع وتشريد للشعب، مثل ما فجر الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مفاجأة كبيرة لعدد من زواره، بإرجاعه سبب ما حدث لحكمه لما صوره له وزير الداخلية المصري حبيب العادلي وبعض الوزراء المحيطين به، بقوله وهو يبكي من شدة الحزن والألم: (الآن فهت أنهم حجبوني عن الشعب لأعوام طويلة، وكنت أعتقد أنني أعلم كل شيء). وقول الرئيس التونسي الهارب لتهدئة شعبه يوم أن خرج ثائرا عليه: (الآن فهمتكم، الآن فهمتكم)، مع الفارق الشاسع في الوصف بين الحالتين المصرية والتونسية والحالة السودانية، ففي الأولى تغيير نظام الحكم في الدولة مع بقاء الأرض، وفي الحالة السودانية تغيرت جغرافية الأرض وتقلصت لما يقارب الثلثين من مساحتها، مع بقاء حكومة المؤتمر الوطني على سدة الحكم، دون أن يرتد لها طرف أو جفن من هول ما حدث). ولعلنا نقول في هذا الكتاب: بان الأوضاع في السودان اكبر واخطر مما نتصور، ولا تحتمل التأخير والتسويف والتلاعب بعامل كسب الوقت، ولا تحتمل الانتظار للإجابة على الأسئلة الغبية من يقود البلاد بعد التغيير؟ لان الأرض تتآكل وتتناقص مع فجر كل يوم جديد، والشعب على شفا هاوية بسبب الرصاص الطائش، والقصف الجوي الماحق، والضائقة المعيشية الخانقة، والانحدار بسرعة الصاروخ نحو الهاوية، ولن يعود السودان إلى سابق عهده إلا بتضحيات كبيرة وعظيمة، يسكب فيها الدم والعرق، وهذا يهون إن كان في القلب ذرة من حب لتراب الوطن. هذا ما جاء على الغلاف الخلفي لكتاب (زوال أرض السودان) .. الخطر القادم .. للكاتب الصحفي محمد النعيم، وقد صدر الكتاب حديثاَ عن مكتبة جزيرة الورد المصرية بالقاهرة، وهو يقطع (408) صفحة من الحجم الكبير ويضم بابين كل باب يحتوي على خمسة فصول، ففي الباب الأول وهو المتغيرات الخارجية يتناول في الفصل الأول أزمة آبيي التي تعد من أهم المنافذ والأبواب لهذه الأخطار الخارجية في المرحلة المقبلة، بعد أن أصبحت بؤرة الصراع الرئيسية بين دولتي الشمال والجنوب بعد انفصال الجنوب، حيث يقف في هذا الفصل على برتوكول آبيي وما خلفه من جروح في جسم وأرض السودان يصعب معالجتها. ويبرز الفصل الثاني الإشكاليات التي واجهت برتوكول آبيي خلال الفترة الانتقالية أدت في بعض مراحلها إلى اقتتال قبلي بين سكان المنطقة، انتهى بالتوصل إلى اتفاق بين حكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية للجؤ للتحكيم الدولي. وفي الفصل الثالث نتطرق لتقرير لجنة خبراء ترسيم حدود آبيي الذي وسع من حدودها لتشمل أغلب أراضي المسيرية وبحر العرب، وهما مصدر الحياة الوحيد لأغلب أهل السودان في أواسط وغرب البلاد، خاصة قبائل المسيرية. أما الفصل الرابع فيحتوي على قرار هيئة التحكيم الدولية في لاهاي، الذي أيد بنسبة كبيرة تقرير لجنة الخبراء القاضي بضم أجزاء واسعة وشاسعة من أراضي المسيرية التي لم يكن للدينكا وجود فيها، ومن أهم هذه الأراضي روافد بحر العرب الخصبة، بجانب وضعه لإشكالية جديدة بين الشمال والجنوب تتمثل في الآبار البترولية المشتركة بين الشمال والجنوب التي يعتمد عليها الشمال بشكل خاص في تسيير اقتصاده، مما يعني رفع السلاح بين دولتي الشمال والجنوب وبين القبائل والأقاليم في المنطقة. ويختتم بالفصل الخامس الذي يستعرض اتفاقية أديس أبابا بشان آبيي ومدى خطورتها على السودان، بالإضافة إلى التحديات التي تهدد التعايش السلمي بين السودان ودولة الجنوب الوليدة. ويتناول في الباب الثاني من خلال خمسة فصول المتغيرات الداخلية، حيث يخصص الفصل الأول منها للمناطق المهمشة في السودان وفيه يستعرض محطات القتال الجديدة في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وتبعات رفض حزب المؤتمر الوطني الحاكم للاتفاق الإطاري الذي وقعه د. نافع علي نافع مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، والمفاجآت التي لم تكن في حسبان الأطراف المتصارعة. وفي الفصل الثاني يتناول أزمة دارفور وما صاحبها من تطورات في اتجاه الحرب والسلام، من خلال تناول تحالف حركات دارفور مع الحركة الشعبية في كاودا، وتوقيع اتفاق سلام الدوحة، ودواعي انتقادات الثوار الليبيين والسودانيين في دارفور للمجتمع الدولي بعد ارتفاع أعداد الضحايا وسط المدنيين. ويتطرق في الفصل الثالث للموقف السياسي في البلاد من خلال تناول أول خطاب للرئيس البشير بعد استيلاء تيار الإسلام السياسي على السلطة، ومقارنته بتطورات الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والخدمي في البلاد بعد عقدين ونيف من تربع الإسلاميين على سدة الحكم وانعكاساتها على الأزمة التي تعصف بالسودان. وفي الفصل الرابع يناقش الكتاب لغة الخطاب السياسي والإعلامي ودوره في تمزيق وحدة السودان، وفيه يتناول بعض المواقف والتصريحات السياسية التي تعكس سيادة لغة (البندقية) التي حملت حزب المؤتمر الوطني الحاكم والكثير من الحركات المسلحة إلى السلطة، بجانب تبعات تسييس وترويض وسائل الإعلام وخطورة ذلك على وحدة تراب الوطن، ويبرز بالوثائق والمستندات التفسيرات الأمنية والقانونية الخاطئة لمهنة الصحافة. ويختتم الكتاب بالفصل الخامس الذي يتطرق لحالة الانهيار الشامل الذي تتعرض له البلاد حتى وصل من هم تحت خط الفقر من أبناء الوطن إلى (96%)، وفيه يتناول كيف تحول السودان من وطن متسامح وجميل ومتكافل إلى سجن كبير بسبب الإتاوات والرسوم والضرائب الحكومية التي يعجز المواطن عن سدادها، وتبعات غياب التنمية المستدامة في غالبية ولايات السودان على أمن واستقرار البلاد، بجانب موضوعات تتحدث عن تحول الاتحادات الطلابية والمهنية التي شاركت في تمكين السلطة الحاكمة إلى جماعات ضغط على الإدارات والوزارات والمواطن في شتى مناحي الحياة، إضافة إلى موضوعات أخرى تستعرض حالة الانهيار الذي امتد إلى محاربة والفكر والثقافة بالقانون تارة وبالاعتقال والتوقيف تارة أخرى. وفي خاتمة الكتاب ينصب الحديث على أهمية المحافظة على الأرض بعد غمامة الحزن السوداء التي خيمت على أكثرية أهل السودان باقتطاع (28%) من الأرض بانفصال الجنوب، وكارثة اقتطاع (20,580 ) كيلومترا مربعا من حدود السودان الشمالية، وأخرى لم تحدد مساحتها في الفشقة بشرق السودان، في إشارات إلى أن قدر أرض السودان مكتوب فيه أن تتناقص وتتآكل ولا ينعم أهلها بالسلام والاستقرار بسبب الضعف الحكومي في التخطيط الاستراتيجي وسياسات (فقه البقاء) في السلطة ولو في حدود القصر الجمهوري. ويأمل مؤلفه أن يحظى الكتاب بعناية واهتمام كل سوداني في قلبه ذرة من حب للوطن وترابه، على أمل التحرك سريعا لإيقاف نزيف الأرض وإبعاد شبح وخطر الزوال الذي يهدد أرض السودان.