[email protected] إن تداخل العلاقات فى عالم اليوم وانهيار حوائط المعلوماتية وفقدان توازن القوى العالمي وظهورنظام دولي جديد وسيادة قطب احادي على الساحة الدولية اصبح يستغل في صراعه كل الادوات التقليدية والغير تقليدية لإحتواء الخصوم كل ذلك فرض على دول العالم خصوصا دول العالم الثالث أن تمارس دبلوماسية استثنائية تتسم بالهدوء بعيدعن التشنج الامر الذي لانستطيع ان نصف به سياستنا الخارجية اليوم رغم ان الدبلوماسية السودانية فى عهود سابقة كانت مثال للإحترام والندية والإيجابية فقد ساهمت في تأسيس عدد من المنظمات الدولية مثال منظمة الدول الإفريقية ( الإتحاد الإفريقي ) وكانت قمة اللااءت الثلاثة فى الخرطوم نجاح منقطع النظير للدبلوماسية السودانية ولشخص المحجوب الذي حلق بها عاليا قمة جسدت الوحدة العربية كانت اساس إنتصار اكتوبر لم يتكرر مثلها فىي تاريخ الجامعة العربية اما سياستنا الخارجية في العهد المايوي كانت لاتخلو من تبعية في البداية تبعية للمعسكر الشرقي ثم المعسكر الغربي غير ان وزارة الخارجية كانت تضم دبلوماسين على درجة عالية من المقدرة والكفاءة ابقت علاقات السودان الخارجية منفتحة على كل العالم . قلنا لانستطيع ان نصف السياسة الخارجية اليوم بالمتوزانة او الهادئة ونشعر ان مصطلح الدبلوماسية مظلوم فى عهد الإنقاذ اذ ان دبلوماسيتها كانت مثال للفوضي والتشنج والصياح وفوق ذلك ارتكبت اخطاء قاتلة منذ بداياتها ما زالت تلازمها أكبر اخطاء الانقاذ مع تسريح جيوش من الكفاءات والخبرات من الخدمة المدنية بدعاوي الصالح العام ثم تسكين اعضاء الجبهة بدل منهم وكان هذا احد اهم اركان التمكين وكان لوزارة الخارجية نصيب الأسد من تسريح الكفاءات وحل محلهم كوادر عديمة الخبرة في وقت كانت الحكومة تحتاج للتأييد الخارجي وفي غياب تام لإستراتيجية خارجية أضف لذلك في ذهنية اهل الإنفاذ فهم مغلوط لمعني الندية وافتكروا ان الندية الدبلوماسية هي الإساءة للدول ابتكروا برنامج اذاعي متخصص فى اساءة الدول ورؤساء العالم في سابقة للأعراف الدبلوماسية ودلالة على سياسة غير ناضجةغير ورصينة بالمرة فتحت على السودان ابواب شرور كان في غنى عنها ثم هناك قرار خطير يعتبر سبب مباشر في تدهور كل سياسات الإنقاذ في العشرية الأولى وهو من يتخذ القرار التنفيذي في الدولة الحكومة ام الحزب (المؤتمر الوطني) ؟ وكان القرار آنذاك ان يتخذ القرار من الحزب بمعني ان مسئول العلاقات الخارجية في الحزب يرأس وزير الخارجية وبالفعل طرد احد السفراء بقرار حزبي دون علم الحكومة (راجع كتاب صراع الهوى والهوية فتنة الإسلاميين فى السلطة د.لعمر عبدالرحيم محي الدين) وهذا خلل مريع في السياسة العامة وكان سبب مباشر في مذكرة العشرة ورغم إن هذا القرار كان فى عشرية الإنقاذ الأولى اي ابان عهد الترابي الإ ان هذه الآفة استمرت بصورة او اخرى الى اليوم اذ اصبحت الدول لاتعتمد كلام السفير حتى تستمع الى وزير الخارجية ولا تعتمد حديث الوزير الى ان يصدر تصريح من رئيس المؤتمر الوطني اومساعدوه وصار لدينا دبلوماسية الخطابات الجماهيرية المفتوحة غير المحسوبية . ونحن نعدد الأخطاء التي لازمت عشرية الترابي الانقاذية فقد جمع المعارضين للدول الاسلامية والعربية ليرضي غروره الخاص بأن يكون اميرا عليهم اي امير المؤمنين بدون مراعاة للسياسة الدولية ونتيجة طبيعية اتهمنا بتصدير الإرهاب مما خلق عداء سافر مع تلك الدول فردت بالمثل وفتحت ابوابها للمعارضين للأنقاذ وتدهورات السياسة الأنقاذيه اكثر بعد وقوف حكومة الإنقاذ مع صدام في غزوه للكويت واصبح السودان ضم دول (الضد) كل ذلك جعل حكومة الإنقاذ تعيش عزلة دولية تامة تخسر قضاياها في المحافل الدولية و دولة راعية للإرهاب في نظر المجتمع الدولي وساءة سمعة السودانين في العالم ينتظرون في المطارات بحجة انهم ارهابين .صارت السياسة الخارجية كالحة مسدودة الأفق واصبحت الدبلوماسية السودانية في حالة موت سريري لم تنتعش الإ بعد المفاصلة وخروج الترابي من السلطة حدثت خروقات حقيقية فى العلاقات الخارجية وقررت الحكومة ان تكون براجماتية وان تكون علاقاتها الخارجية على اساس المصالح وهذه بداية صحيحة أن تأخرت وكان لتولى مصطفى عثمان وزارة الخارجية (1998-2005 )اثر كبير لصفات شخصية خاصة بالرجل اذ انتهج سياسة دبلوماسية هادئة بعيدة عن المزيدات رممت كثير من الاضرار والتشوهات التي لحقت العلاقات الخارجية مع الدول في عشرية الترابي ثم سرعان ما حدثت نكسة في السياسة الخارجية نتيجة لخلل فى السياسة العامة للدولة لغياب الاستراتيجية الواضحة التي تحكم الدولة وتبنيها لسياسة ردود الافعال بعد ان تطرق الأزمة ابوابها وكان لمشكلة دارفور وعدم الحكمة في معالجتها قبل ان تستفحل ثم جاءت اتفاقية نيفاشا وتوابعها وشركاءها كل ذلك فتح الباب واسعا وعلى البحري للتدخل الأجنبي والذي إزداد نفوذه واستمرأت الحكومة ذلك اذ ليس هناك اتفاق حكومي لمعالجة الأزمات التي تحيط بالبلد الإ وكان الأجنبي وسيط وشريك فيه وكان لتعدد الخطاب الحكومي دور في خلق ربكة وفوضي داخل وخارج البلد وتغولت القيادات علي جهود الدبلوماسيين المضنئة بسبب التصريحات التي لاتقتل لنا عدو ولا تترك لنا صديق وتبع ذلك ظاهرة جديدة ففي كل محفل اومؤتمر دولي لابد ان تكون هناك إدانة دولية للسودان بند ثابت ممايدفع المؤتمرون السودانيون والبعثة الدبلوماسية في قضاء ايام المؤتمر فى جمع لوبي من الدول لشطب الإدانة اوبالعدم تخفيف لهجة الإدانة بدل ان يقضي هذا الوقت الثمين في جذب الاستثمار او المساعدة فى التنمية اوترشيح اسم السودان لعضوية ذاك المحفل وعليه تراجع اسم السودان دوليا وتراجع الأداء العام للخارجية اضف تخلفنا عن مواكبة المتغيرات الدولية والإقليمية واهم متغير بعد الحرب الامريكية الكونية على الإرهاب وسقوط بغداد ليس هناك (جزة) تقدم بل (عصا) غليظة مرفوعة خصوصا على الدول العربية والإسلامية التي رفعت الراية البيضاء الي الآن حكومة المؤتمر الوطني لم تصل لشفرة تحل معضلة علاقتنا الأمريكية أن عدم معالجة الحكومة للأزمات الشائكة بالحكمة و العقلانية و رفع السقف عاليا ثم النزول على مافيش استجابتهٍ للضغوط الدولية افقده الحكومة المصداقية بين الشعب وزاد من الوجود الأجنبي في السودان بشكل لم نشهده منذ الاستعمار واصبحت كل مشاكلنا مدولة والحلول خارجية نستوردها من عواصم العالم وهذا خطأ لأن المؤتمر الوطني يزدري الحلول الوطنية و يستخف بالسوداني الآخر ولم نواكب المتغير الدولي الفاعل يستطيع الشعب او اي مواطن ان يشكو حكومته في المنظمات الدولية وبذلك تقوم الدنيا ولا تقعد واصبح غير مسموح للدولة ان تفعل ما تشاء في شعبها وهذه اقوى زريعة للتدخل الأجنبي في الدول كل ذلك آصاب الدبلوماسية السودانية بالشلل وعدم الفاعلية أذ قبل ان تفيق مترنحة لتعالج ملف مأزوم ينزل علي رأسها ملف اشد تأزما كالصآعقة فتسقط عاجزة في حالة شلل . هناك تقصير كبير بل عناد في علاقتنا مع دولة الجنوب وكأن الحكومة لم تستوعب إنفصال الجنوب ولم تستوعب ان الجنوب اصبح دولة قائمة بذاتها وأن موقعها الجيوسياسي حساس لنا وتريد الحكومة معاقبة الحركة الشعبية على الإنفصال وكأنها مازالت حركة تمرد في السودان الواحد رغم ان مايجمعنا مع الجنوب لحمة ونحن اولى به والسياسة المنفرة تجعل من دولة الجنوب لقمة صائغة لدول الجوار الافريقي واسرائيل ويكون شوكة في خصر البلد لماذا لاتكون الحكومة براجماتية وعقلانية وتحكم المصالح إن اتفاق الحريات الأربعة خطوة في الاتجاة الصحيح لان الذين يتداخلون من الجانبين قرابة العشرة ملايين مواطن قطعتهم السياسة واوقفت مصالحهم وفرقت الأسر فهي حدود حية وحيوية ونتمني ان يتطور الى توأمة كاملة مع دولة الجنوب ترمم انفصال نيفاشا المشوه لأنه مثلما تنساب مياة النيل سوف ينساب البترول والتجارة والأهم من ذلك العلاقات الانسانية .