-(سارة): مفخرة لكل السودانيين وكضاب البقول سمع (منو) شينة - الله يجبر كسركم وجبر الكسر يشفى لما يفوت الطغاة من وشنا -عزاه يوم من الأيام تشرق الشمس ويصبح صباح يكون ناس الانقاذ ما حاكمننا -الترابي: الطاغوت يمزق لا يجمع، قضيتنا ليست اسقاط النظام فقط انما بناء البيت الجديد -جوزيف: نقد ما بعزوا فيه لأن نضاله لا يموت الخرطوم: طلال الطيب [email protected] إذا الشمس غرقت .. في بحر الغمام ومدت على الدنيا موجة ظلام ومات البصر في العيون والبصاير.. وغاب الطريق في الخطوط والدواير. الساعات الأولى من صباح الأمس وطأ جثمان الفقيد محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني، أرض الوطن على متن الخطوط الجوية البريطانية، عن عمر ناهز 82 عاماً، ولد عام 1930 في مدينة القطينة جنوبيالخرطوم، ليدفن في وطنه طالما عاشقاً له. المشهد منذ وصول الطائرة البريطانية حتى رفع سرادق العزاء كان يوحي بأن ثمة شيء يحدث، الحشود الغفيرة التي شيعت الجثمان إلى مثواه الاخير بمقابر فاروق جعلت الكثير يتساءل عن دلالات ومعاني ما يحدث. نقد شكل لفتة بعد رحيله توقف العديد عندها ليقرأ ما كتبه الفقيد على دفتر صفحات حياته ويغوص في الكلمات ليجد دلالة واضحة تترجم لما يراه، الكثير يرى ان نقد الشعب اعطاه حقه كما كان ينبغي. حضور متنوع شارك في مراسم تشييع الجثمان عدد كبير من الشخصيات القومية والسياسية على راسها الدكتور حسن عبد الله الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي ورئيس حزب الامة القومي الصادق المهدي ووفد من حكومة جنوب السودان على رأسهم بيتر ادوق. قضى نقد قرابة الثلاثين عاماً من عمره فى المخابئ إبان حقب الدكتاتوريات المتعاقبة على السودان. وبعدما سجل اسمه في قوائم الحزب الشيوعي السوداني عام 1949، دافع عن قضايا البلاد منذ سن مبكرة، إذ شارك وعمره ال 17 في التظاهرات الشهيرة التي عاشها السودان عام 1946 ضد المستعمر. جماهير حزبه ولسان حالها أودع الزمان والمكان وأرحل للبعيد أعانق صمت السكون وبرود اللحظة علني أشبع رغبة تثور بهذا الجسد الميت شوقاً وحنيناً ... نقطة واحدة ويصير المكان بحراً من حزن ووجع وتصير تلك البرهة عالماً من عوالم الألم والشجن حال المشهد من جماهير الحزب الشيوعي السوداني التي نصبت سرادق العزاء في كل بقاع الوطن لتعلن الرحيل الاخير لرمزها الحزبي محمد إبراهيم نقد. كلمات يوسف حسين الذي تلى كلمة الحزب الشيوعي عند رفع سرادق العزاء بالجريف غرب مساءً تساءل عن دلالة الحضور الكثيف في مأتم الفقيد نقد والسيل المتدفق من جموع الشعب السوداني وقال نعده تعبيراً لرفض الشمولية ودولة الحزب الواحد في البلاد منذ 22 عاماً، وما شاهدناه من جموع متدفقة من عموم الشعب السوداني إنعطافاً نحو اليسار مما يعد موسم الهجرة إليه وهى تظاهرة تبرهن تماسك الشعب بالثورية والصمود والتضحية. ورفض حسين ربط دستور البلاد بعملية الاغلبية والاقلية ووضع دستور إسلامي وقال ان التجارب اثبتت ان الدساتير الإسلامية شمولية. الترابي حاضراً زعيم المؤتمر الشعبي د. حسن الترابي الذي حضر التشييع وكذا كان حضوراً في مراسم رفع العزاء، قال: فقدنا واحداً طيباً لا يعانف ولا يقسى على احد طيب المعشر، وأضاف: نقد افكاره جامعة للوطن، متفتح العقل وما بين اليسار واليمين كلما تقدمنا كلما تقاربنا بعدما خرجنا من العباءة القديمة وتقدمنا بمطالب الحرية لكل الناس، كنا اقرب لبعضنا البعض نؤمن بهذه الحرية والعدالة بين افراد المجتمع. وقال ان الطاغوت يمزق لا يجمع، قضيتنا ليست اسقاط النظام فقط انما بناء البيت الجديد الذي يتطلب جهد كبير، ونحن احوج لبعضنا البعض حتى تتحقق الوحدة والعدالة، ومن يعتقدون ان هؤلاء لا يؤمنون بالله هم مخطئون. من جهتها قالت سارة نقد الله؛ رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي التي بدأت حديثها والدموع تكاد تنهمر كالسيل: قالت الله يجبر كسركم وجبر الكسر يشفى لما يفوت الطغاة من وشنا، يوم يحرر السودان. أضافت: نقد سوداني كامل السودانية والمواصفات مفخرة لكل السودانيين وكضاب البقول سمع منه شينة، شايل هموم بلده وكان عزاه يوم من الايام تشرق الشمس ويصبح صباح يكون ناس الانقاذ ما حاكمننا. ومضت في القول: (انت في قلوبنا انت حقنا كلنا والحقوق لو جات ما بشيلوها ناس سليمان حامد والشيوعي بترجع لكل الشعب السوداني). وقالت ان الموقف الذي شاهدته أمس يدلل على ان الشعب السوداني رجعت له كل نخوته، الأمر الذي اعتبرته حافز يسير به إلى الامام ليتحرر السودان للمرة الثالثة والأخيرة حتى يرث الله الأرض. وأوضحت ان العلاقة بين الشمال والجنوب لا تستطيع الانقاذ هدمها نسبة لعامل الدم بين الشعبين واردفت: لما يفوتوا بنرجع زي ما كنا وطن سوداني مليون ميل مربع. تابعت: موت نقد ايقونة نمشي بيها قدام وهمنا كيف نقلع الإنقاذ، ويوم نتقابل في يوم الحق نتذكر ونشوف ناس الانقاذ واقفين وين لأنهم يعتقدوا ان الله الهمهم ليقيموا من يدخل الجنة وغيره لم يدخل فيما قال بيتر ادوق وزير التعليم بجكومة جنوب السودان، ان نقد كان حياً ملئاً بالتضحيات قضى حياته كلها في النضال، مشيراً إلى انهم جاءوا ممثلين لرئيس حكومة الجنوب سلفاكير في الفقد الكبير، وقال المشوار طويل والنضال مستمر من اجل الكفاح الذي قاده نقد والتجاني وعبد الخالق والشفيع وجوزيف حتى النصر وتحقيق الحرية والعدالة الإجتماعية والديمقراطية في هذا البلد. وقال ادوك ان الجنوب انفصل من غير إرادتنا ودفعونا للإنفصال، وعلى الشعب السوداني ان يفهم لا شيء يأتي بطريقة سهلة لا بد من التكاتف حتى تتحقق الاهداف المنشودة وردد" لا جنوب دون شمال ولا شمال دون جنوب" من جانبه قال جوزيف با دستو ممثل الحزب الشيوعي بجنوب السودان، ان نقد ما مات لأن النضال لا يموت .. وردد" يعيش نضال الشعب السوداني.. يعيش نضال الطبقة العاملة".وقال انهم اجبرونا بالسياسات السيئة من المؤتمر الوطني التي لا تخدم عقيدة الآخرين. كلمة رئيس حزب المؤتمر السوداني؛ إبراهيم الشيخ كانت مؤثرة بعض الشيء في نفوس الحاضرين جلها تركز في محاسن الفقيد، وقد وقف الجميع لحظة من الحداد. نقد.. الحياة ومسيرة العمل السياسي التحق محمد إبراهيم نقد بقسم الآداب بكلية غردون، "جامعة الخرطوم الآن" عام 1950 قبل أن يُفصل منها بسبب نشاطه السياسي، سجل عقب انقلاب عام 1958 بقيادة الفريق إبراهيم عبود ليقضي في مخبئه 5 أعوام لإدارة العمل السري للحزب، بعدما اختار منذ عودته إلى بلاده قادماً من أوروبا، التي ذهب إليها عام 1953 للالتحاق بكلية الفلسفة والعلوم الاجتماعية في جامعة صوفيا في بلغاريا، التفرغ للعمل في صفوف الحزب الشيوعي السوداني. خلال حكم عبود أيضاً قضى نقد سنة من السجن قبل أن يعود إلى النشاط العلني مع انتفاضة 1964، ليدخل البرلمان للمرة الأولى عام 1965 مرشحاً عن الحزب الشيوعي في دوائر الخريجين، لكنه لم يكمل دورة البرلمان بسبب قرار حل الحزب الشيوعي، ليواصل نقد عمله السياسي في حقبة بالغة الحساسية والتقلبات السياسية إبان حقبة الديموقراطية الثانية، التي أطاحها جعفر نميري عام 1969، عبر انقلاب تصالح فيه ولمدة قصيرة مع الشيوعيين، قبل أن يعاديهم مجدداً عام 1971 ويعدم عدداً كبيراً من قادة الحزب، بمن فيهم السكرتير العام للحزب الزعيم عبد الخالق محجوب، والرفيقان الشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق. أما نقد، فتولى منذ ذلك الحين سكرتارية الحزب. وطوال 14 عاماً اضطر فيها إلى البقاء مختفياً، أدار نقد شؤون الحزب في أحلك الظروف، ليخرج بعد انتفاضة 1985، التي أطاحت حكم نميري، ويعود نائباً عن حزبه في انتخابات 1986 إبان الديموقراطية الثالثة، إلى أن جاء انقلاب ا لانقاذ في الثلاثين من يونيو 1989. الذي قطع سير الديموقراطية وأودع قادة الأحزاب السجن، بمن فيهم الفقيد نقد، ليطلق سراحه في1991 بشرط التحفظ المنزلي، لكنه نجح في الاختفاء الثالث له في 1994، عندما غاب عن أنظار مراقبيه وهو يمارس رياضة المشي ليغيب مدة 11 عاماً، انتهت في 2005.