[email protected] تنتشر في الدول الغربية ظاهرة الإنتحار بصورة صارت راتبة وغير ملفتة للأنظار ، فأنت إن كنت مقيم أو زائر لمدينة أوربية ستسمع يومياً عن حادثة أو مجموعة حوادث لإنتحار أفراد من الجنسين ، ومرد ذلك لحياة الترف التي يعيشونها فهم ينتحرون بسبب وصولهم لقمة الراحة في الدنيا ونحن في دول العالم الثالث ننتحر بسبب الفاقة والضوائق الإقتصادية،ومعلوم أن التوازن هو صبغة الله في الأرض فإذا طغى الشر على الخير كانت الحياة جحيماً ، وإن طغى الخير كانت الحياة جنة وهذه لا توجد إلا في الدار الآخرة ، ينتشر الإنتحار في الغرب لشعور الإنسان هناك بالوحدة فالأسرة التقليدية إنتهت هناك منذ أمد بعيد فالفرد يعيش لذاته ولا يربطه رباط مادي ولا عاطفي بأسرته ، فالدولة تتولى رعايته منذ الطفولة حتى مرحلة الشيخوخة والحرية الجنسية أتاحت له تكوين علاقات عاطفية خارج إطار الأسرة التقليدية ، فماذا يربطه إذاً بوالديه أو اخوانه وبقية أفراد الأسرة؟ هذا إلى جانب الخواء الروحي وعدم الأيمان بالقدر واليوم الآخر. إن الإنسان كائن إجتماعي لا يستطيع العيش إلا وسط الجماعة فبها يكسب تميزه ويظهر مهاراته وبها يتسلى فيبعد عن الإستغراق في الأنا والأنا العليا والذي يجره للإكتئاب والإحباط ومن ثم الإنتحار لشعوره بفقدان الأمل في الحياة ولشعوره بتفاهة الأشياء من حوله مهما كانت ثمينة مادياً. ماقادني لهذا الحديث تأثر الكثير من شباب اليوم بالمظاهر الغربية في السلوك والمظهر ظناً منهم أنها الحضارة ، فصار الشاب السوداني غير مبالٍ بأي قيم ، همه مادي بحت وإنسحب ذلك حتى في علاقاته العاطفية التي طغت عليها الحسية أكثر من الوجدانية ، وصارت البراغماتية هي ديدنهم في تحقيق الأهداف وصار الإحتيال والإجرام شطارة والمجرم(مفتح) ، إن الغزو الثقافي الغربي لبلادنا بدأت تظهر ثماره ، فصرنا نسمع عن الإبن الذي يقتل والده أو والدته ، وصرنا نرى الأخ الذي يسلب أخاه ماله ، كل ذلك من أجل دنيا فانية ، حيث صار المنزل الفخم والسيارة الحديثة أهم من رابطة الأبوة والأخوة وصارت علاقات المظاهر أهم من علاقات الرحم والدم، إن ما أخشاه هو تفكك الأسرة السودانية الممتدة التي تشكل نواة المجتمع السوداني بقيمه النبيلة أسوة بما هو حادث في الغرب، فإذا هم الآن ينتحرون والذي كتبت له الهداية وجد في الإسلام ملاذاً ، فما بالنا نحن لا نتعظ من إنتحارهم ومالنا لا نسعد بإسلامنا.