[email protected] إذا كان النظام قد دجّن صحف الداخل فأصبح صحفيوها وكُتّابها يتعاملون مع الكلمة بحذرٍ وحرصٍ شديدين إلا من بعض هنّات هنا وهناك ... تلك الهنّات التي لا تلبث أن يتم الإجهاز عليها فورياً إما بسحب المكتوب أو بإغلاق الصحيفة صاحبة "الجرم". ولكن الوضع يختلف تماماً بالنسبة لتلك المواقع الإلكترونية... تلك المواقع التي - في ظني – أن أهل الحكم "قد" ينقسمون بشأنها إلى فريقين ... فريق يستهين بدورها ولا يرى فيها أكثر من مُتنفًّس لأولئك التعساء الهائمين في بلاد الله الواسعة ، يبكون وطناً قد رمى بهم في أحضان غربة ما تفتأ تجرّعهم كل يومٍ ألواناً من الضغوط النفسية والمادية ... أولئك البائسون المنتشرون في مشارق الأرض ومغاربها - وقد أصبحوا بعيدين عن بطش السلطة - قد وجدوا ضالتهم في تلك المواقع يدبّجون على صفحاتها المقالات ويسطرون البيانات التي تشجب وتستنكر وتدين الانتهاكات اللاإنسانية التي يمارسها النظام ضد معارضيه في الداخل ... مقالات وبيانات ما تلبث أن تجرفها عجلة الحياة ويطويها النسيان. وأما الفريق الثاني فيرى أن تلك المواقع التي تبحث .. وتنقّب .. وتحلّل .. و"توثِّق " تمثّل خطراً حقيقياً على النظام فهي بمثابة "السحّارة" (الصندوق الخشبي المتين الذي كانت جداتنا يحفظن فيه مقتنياتهن الثمينة من الذهب والمصوغات) .. تلك السحارة يُطلَق عليها بلغة العصر "الكمبيوتر" ... الكمبيوتر ذلك الجهاز الخطير الذي تُخزّن فيه تلك المواقع أحداث ووقائع وانتهاكات موثّقة بالصوت و مقاطع الفيديو، فلا يصبح هناك مجال للإنكار أو التنصل من المسؤولية. وفي النهاية ليت الفريقين يدركان أن هناك من لا ينسى ولا يغفل ولا ينام ... قال تعالى في سورة القمر: (( وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ * وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ )).