بالأمس انفضت جولة اخرى من التفاوض بين حكومة الخرطوم وجنوب السودان، والجديد فى هذه الجوله هو مشاركة وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين والكل كان يترقب ما قد تسفر عنه هذه الجوله والتى كان من المتوقع فشلها مسبقاً لكل مراقب جراء التمهيد الاعلامى لآلة النظام الاعلاميه بتعدد مراكزها الداعيه للتصعيد.. و ما تصريحات وزير الدفاع الأخيره وتحدياته اللاديبلوماسيه الا تأكيداً مسبقا على اقتراب نهاية التفاوض وتمديد رقعة الحرب لتشمل بجانب النيل الازرق وجنوب كردفان ودارفور.. جبهة جديده يقاتل فيها نيابة عن مجاهديهم ابناء المهمشين من الشعب السودانى فى قوات الشعب المسلحه وكافة قطاعات الاجهزه الامنيه المختلفه والذين هم لا ناقة لهم فيها ولا جمل ولكن طبيعة القانون العسكرى الصارم وظروف الحياه التى لم تجعل لهم سبلاً يقتاتون منها سوى الالتحاق بسلك العسكريه والتى طيلة العهود السابقه لم تخض حرباً خارجيه وانما استخدمتها الأنظمه العسكريه التى تعاقبت على حكم البلاد لتقاتل بنى جلدتها فى حروب ممتده كاشفة بذلك عن عجزها وفشلها فى ايجاد الحلول الناجعه للمشكلات المزمنه. وهاهو السيناريو يتكرر وبلا خجل عندما يعلن وزير الدفاع من قبل عن نهج ثلاثى للقضاء على التمرد ومواصلة من انقطع من مسلسل الحرب ثم هاهو يشارك فى جولة التفاوض الأخيره ويقر ويعترف بأن هناك حركات مناوئه للبلدين الأمر الذى انكرته حكومة الخرطوم مراراً . كل الجديد فى هذه الجوله هو هذا الاعتراف والإقرار بوجود هذه الحركات ودعمها سواء كان من حكومة الشمال او الجنوب. يبقى السؤال. اذاً ما العمل ؟ ففى غضون الاسبوع المنصرم شنت القوات الحكوميه هجومأ على مناطق فى شمال دارفور ومناطق هجليج التى من المفترض ان تكون مناطق آمنه حسب اتفاقات وقعتها حكومة الخرطوم مع بعض هذه الحركات لكن يبدوان مسلسل ان تراجع النظام ونكوصه عن الوفاء بكامل استحقاقات (العمليات السلميه) والاتفاقات المبرمه فيما بينه وبقية القوى المعارضه كانت هى السبب المباشر لتفاقم هذه الازمات أملاً فى ابقاء البلاد تحت طائلة قانون الطوارئ لمصادرة مزيد من الحريات وقمع المعارضين وتهيئة الساحه للتعبئه العامه والتى غدت مسرحيه خبرتها كل جماهير الشعب السودانى وقواه المصادمه ... بهكذا نهج يحاول النظام جاهداً تجريب كل الوصفات المجربه فى فرملة الحراك السياسى واطالة بقاءه فى السلطه فمثل تلك السياسات الرعناءهى التى قادت و تقود البلاد الى مزيد من الازمات وتوسيع نطاق الحرب وما يترتب عليها من آثار كارثيه .هكذا نهج نظام المؤتمر الوطنى فى مواحهة الازمات باستخدام العنف الغير مبرر وهوخيار العاجز عوضاً عن مواحهة الحقائق و البحث عن حلول عقلانيه لكافة القضايا العالقه والمشاكل المزمنه، أملاً للبقاء فى دست السلطه، لقد دلت التجارب انه ليس من طريق أخر لاسترداد الحق كاملاً سوى مواصلة النضال وبكل الوسائل فى سبيل اطلاق الحريات العامه والغاء كافة القوانين المقيده للحريات، والواجب العاجل هووقف الحرب واقرار دستور دائم تشارك في اعداده كل القوى السياسيه و منظمات المجتمع المدنى. قد يختلف البعض معنا فى مفردة (بكل الوسائل) ولكن الكل يعلم وبمقارنه لسنوات الانقاذ الاولى واشتداد قبضتها وتحديها لكل القوى السياسيه واعلانها فى خطابها السياسي فى ان لا تستمع الا لمن يرفع السلاح للمطالبه بالحقوق، وبالفعل لم تكن تجربة القوى المعارضه ممثلة فى التجمع الوطنى الديمقراطى حينها وليده من فراغ ولكن الضروره فى مصادمة هذا النظام ووقف جرائمه فى حق الشعب السودانى والتنكيل بخصومه واستعادة الديمقراطيه ووقف الحرب كانت كلها تحديات ماثله فى ارض الواقع وكان لا بد من التعامل معها بحزم ومن منطلق المسوؤليه الوطنيه والسياسيه ،ودون ا لخوض فى ماضى هذه التجربه بايجابياتها وسلبياتها يجب علينا الاعتراف بان الضربات الموجعه والهزائم التى تلقاها النظام حينها أدت الى افساح مساحه من الحريه بعد ان تراجع النظام نتيجه للضربات والهزائم التى تلقاها آنذاك مما ادى بالتالى الى تنازل النظام و تجريب الحوار ،الشئ الذى ندعمه بشده شرطاً ان يكون منهاجاً استراتيجياً وليس للمناوره. ان استمرار حملات التعبئه والدعوه الى الحرب لا يجنى منها الشعب السودانى والمغلوب على امره سوى مزيداً من المعاناه ومزيداً من الافقار . لقد آن الأوان للتصدى للقوى الداعمه لاستمرار الحرب وكبحها والذى لا يتأتى الابتراص كل القوى الديمقراطيه وقوى الهامش واعادة تشكيل تحالفاتها بمزيد من الترابط العضوى والتوافق لاستعادة الديمقراطيه ووقف الحرب، بمبادره تستجيب لكل تطلعات السودانيين فى المواطنه الحقه والتنميه العادله والمستدامه والسلام الشامل. يسن محمد فضل المولى