(على المحك) [email protected] انقلبت الصورة في ملتقى النيلين الثاني للشعر العربي الذي نظمه المجلس الأعلى للثقافة والإعلام والسياحة بولاية الخرطوم قبل أسبوعين، فكان عدد الشعراء في بعض الندوات أكثر من الغاوين أو المتلقين الذين ينتسبون بحكم الذائقة والحس الرفيع للشعراء، إذ استضاف الملتقى أكثر من عشرة شعراء من بعض الدول العربية إضافة إلى الشعراء المشاركين من السودان ممن تفاوتت مراحلهم العمرية ومدارسهم الشعرية0 وربما كان في ذلك فائدة للشعراء الذين وقفوا على تجارب بعضهم البعض أكثر من عرض الشعراء المدعوين لتجاربهم على قطاع المتلقين الذين أكدت التجارب السابقة أنهم كثر ويتمتعون بذائقة رفيعة أشاد بها من قبل كبار الشعراء الذين زاروا السودان في فترات سابقة مثل الشاعر نزار قباني وعبد الرحمن الأبنودي0 ومع أن الدعوة شملت شعراء لهم صيتهم في هذه الجزئية مثل عبد الرازق عبد الواحد وحميد سعيد ومنصف المزغني وعز الدين المناصرة، إلا أن وجوها أخرى قدمت من العراق ومصر ولبنان ومورتانيا والأردن وسوريا والأمارات والكويت لم تكن معروفة للمتلقين وربما لبعض الشعراء0 وحتى قائمة الشعراء السودانيين الذين شاركوا لم تكن تشمل بعض الرموز الراسخة العطاء في الساحة، فإذا كان المأمول إظهار شعراءنا في هذا الملتقى ليقفوا جنباً إلى جنب مع شعراء الدول الأخرى لا بد أن ننتقي خيرة من يمثلنا ليعكس قدراتنا ويضاهيهم، غير أن هذا لا يعني أن جميع من شاركوا لم يكونوا عند حسن الظن مع أن بعضهم مقربين وموسمي العطاء والبعض الآخر لم يكن معروفاً حتى لبعض المتلقين0 ويبدو أن الإعداد لهذا الملتقى استأثرت به فئة معينة لم تعمل على جذب شعراء لهم قاماتهم وتجاربهم الثرة وجماهيريتهم الواسعة، مع إن مثل هذه المهرجانات والملتقيات تتطلب منذ الإعداد إشراكاً لمختلف الناشطين وتجمعاتهم التي ينضوون تحتها بصرف النظر عن اختلافها الفكري وتصنيفاتها المدرسية وتكتلاتها التنظيمية، كما أن الإعلان عن تنظيم الندوات لم يكن بقدر الجهد المبذول في الدعوات الخارجية0 فقد حال الطابع الرسمي المعلن عنه في حفلي الافتتاح والختام دون إلباسهما حلل الجماهيرية المطلوبة ووقف سداً بينها وبين المتلقين الذين تستقطبهم الأخيلة الشعرية وسحر الكلمة أكثر من بطاقات الدعوة، لذلك افتقدت أغلب المقاعد عشاق الشعر المعروفين ولم تفلح عيون الكاميرات الناقلة من تفادي خلوها0 ولكن إذا وجدنا العذر هنا فما الذي يجعل الحضور ضئيلاً في مسرح خضر بشير والمسرح القومي سوى سوء الإعلان واضطراب البرمجة وغياب الجاذبية ولذا لم تكن الندوات مشرفة تليق بالضيوف الشعراء اللهم إلا في تلك الندوة التي أقيمت بمركز امدرمان الثقافي حيث كان الحضور أكثر من سعة القاعة كما علمت لا لأن المتلقين حرصوا على الحضور ولكن لصغر القاعة ولحشد اللجنة المنظمة لبعض طالبات الداخليات الجامعية القريبة تفادياً لخلو المقاعد الشيء الذي تسبب في تأخير الندوة وحرمان أهل الجلد والرأس الذين أتوا راغبين حقاً في سماع القريض0 من الأفضل مستقبلاً، أن تقوم الجهات الرسمية بالرعاية والتمويل والدعم لمثل هذه الملتقيات مع ترك الجوانب التنظيمية وانتقاء المدعوين من الخارج والمشاركين محلياً لمرئيات الاتحادات الأدبية عامة لأنها بحس المتابعة تعرف واقع الحال الشعري ومراتب المساهمين فيه داخلياً وخارجياً وتستطيع أن تجعل الملتقى أكثر انفتاحاً وفاعلية ليعود بالفائدة المرجوة عبر ندوات الفكر ووسائل التوثيق ونشرات التغطية الإعلامية اليومية وليس الاكتفاء بالاستماع وتأمل الوجوه وتوزيع الجوائز التذكارية وانفضاض السامر0