وان هدأ مثار النقع في هجليج عسكرياً الا انه لم يهدأ سياسياً لا في دولة السودان ولا دولة جنوب السودان . وها هو مجلس الامن يصدر تهديداته الجديه بمعاقبة البلدين اذا لم يوقفا التجييش ومظاهر الحرب علماً بان اقتصاد البلدين على شفير الهاويه . ان المشكلة سياسيه ولا تحل في النهايه الا بالمفاوضات وسوف يساقان اليها في النهايه بالعصا الغليظة والجزره الدسمه . فالدولتان جزء من المنظومة الكونية المشغوله بمشاكل كثيرة ولاتريد بؤرة جديدة للصراع ومن الخطأ ان تعتقد اي دولة منهما انها حرة في اعلان الحرب او الاعتداء على الاخرى . لقد رفعت حكومة السودان سقفها بما لا مزيد عليه فهي قد اوقفت المفاوضات معلنة انه لاتفاهم الا بالبندقيه واصدر برلمانها قانوناً بان الجنوب هو العدو الاول واغلقت الحدود في وجه اي بضائع او خلافه وتم السماح باحراق الكنائس وتدمير ملحقاتها من مدارس ومستشفيات كما حدث في الجريف دون تدخل الاجهزه الامنيه وهذه الافعال سوف تظهر عواقبها مستقبلاً . ما يهمنا في هذا المقال هو مستقبل منطقة النيل الازرق وجنوب كردفان ، التي تشهد نزاعاً منذ اكثر من عام بين حكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبيه الشماليه . وخلفية الحرب معروفه بمحاولة الحكومه نزع سلاح الحركة الشعبيه بالقوة قبل اكتمال المشورة الشعبيه كما نص اتفاق نيفاشا مما ادى لنشوب الصراع المسلح والذي كاد ان ينتهي باتفاق نافع عقار في (اديس ابابا) ولكن صقور المؤتمر الوطني قاموا بالتأثير على الرئيس فقام بالغائه ولبد نافع واستمرت الحرب . ومن المعلوم ان الحركه الشعبيه كانت تحكم النيل الازرق وتمتلك 50% من برلمان جنوب كردفان وهذا الوضع لا يمكن الغاؤه لمجرد ارضاء نزعة المؤتمر الوطني بالسيطره على كل البلاد . وبعد استرداد هجليج بعد التفريط فيها وهي جزء من الشمال اراد المؤتمر الوطني ان يستثمر الزخم الوطني في الشمال ويقضي بقوة السلاح على مواطني تلك المنطقه من جماهير الحركه الشعبيه الشماليه . رغم ان قادة الحركه لم يصرحوا ابداً اثناء احتلال هجليج انهم يؤيدون الجنوب في احتلاله لها . وها هو الحاج آدم الذي كان مطلوباً لمقصلة الانقاذ قبل عقد من الزمان قد صار الآن سيفها المسلط يصرح بملء فيه ويهرطق انه لايوجد حركه شعبيه شماليه واهدر دمهم اجمعين اينما كانوا وهم يمارسون نشاطهم السياسي السلمي اذا كان في الوسط او الشرق او الغرب او الشمال يحلمون بعدالة تنهي التهميش وتقسم السلطه والثروة . ولعل جبال النوبه هي اكثر المناطق تضرراً الآن من الحرب وتم قصفها بالطائرات ويحاصرها الجوع والحكومة تمنع دخول المواد الغذائية والطبيه عنها ولكن لن يستمر هذا الوضع كثيراً فالعالم يعي ويراقب ، فقد تقدم السيد / فرانكلين جرهام بتاريخ 25/4/2012 باقتراحه للادارة الامريكيه باستهداف المطارات العسكريه للمؤتمر الوطني وتدميرها لانها تستخدم لضرب المواطنين الابرياء والاطفال في جبال النوبه وجرهام هذا عمل اكثر من عشرين عاماً في قضايا السودان ولا يسخرن احد من هذه التصريحات التي سوف توضع بالفعل تحت التنفيذ اذا استمرت حكومة الانقاذ في استعمال سلاح الطيران ضد المواطنين الابرياء . ولوحدة صفنا في الشمال ولبناء استراتيجيه للتعامل مع الجار الجنوبي الذي تربطنا به مليون وشيجه من دم وثقافه واقتصاد وتاريخ مشترك لابد لنا من حل مشاكلنا الداخليه اولاً وعلى الحركه الشعبيه الشماليه ان تضع ارضاً سلاح وتدخل في مفاوضات مع الحكومه يتاح لها فيها العمل السياسي السلمي فبعد هجليج وحرق آبار النفط لقطع شريان الحياة عن الشمال فأن الشمال ليس في مزاج للحوار مع اي حركه تعتمد على دعم خارجي لاسقاط الحكومه حتى ولو كانت حكومة الانقاذ ذات السمعه السيئه . كما ان حل مشكلة النيل الازرق وجنوب كردفان سوف يقرب المسافه للتفاوض بين حكومة السودان وحكومة الجنوب . لقد كتبت قبل حوالي العام مقالاً في هذا الموقع بعنوان (لنطوي علم الجنوب) اوضحت فيه ضرورة تغير علم الحركه الشعبيه الشماليه وتغير منهجها والابتعاد عن حضن الام بعد ان نضجت وبعد ان اختار شعب الجنوب ان تكون له دولته الخاصه وان تكون الحركه الشعبيه جزء من صراع السلطه في الشمال مع بقية الاحزاب وسوف يكون لها الفضل في اقامة علاقه متميزه بين الشمال والجنوب ترقى لدرجة التكامل وذهبت كل احلامي ادراج الرياح ولا يوجد رابح وخاسر في قضايا الوطن فالجميع في مركب واحد ينجون بتعاونهم ويهلكون باختلافهم . ولتتولى القوى الوطنيه السياسيه الاخرى في الداخل او حتى الدول الصديقه ترتيبات الحل السلمي الداخلي فما احوج شعبنا للصحه والدواء والتعليم والغذاء والعمران والتنميه ولا يتاتى ذلك الا بالوحدة والسلام . خاتمه : مسعولين من الخير هل هناك تعبئه ضد الفساد مع التعبئات الحايمه اليومين ديل مع تحياتي للطيب ابو قنايه الذي عينته الدوله للتحقيق في الفساد واختفى في ظروف غامضه قبل احداث هجليج وقبل ان يبدأ عمله . عصمت عبدالجبار التربي