الخرطوم: حيدر عبد الحفيظ أثارت الإجازة التي منحتها لجنة الأصناف التابعة لوزارة الزراعة لأول عينة من القطن المحور وراثياً والمسمى (Bt Cotton)، جدلاً واسعاً بين المختصين في مجالات الزراعة والهندسة الوراثية وعلم الجينات، خاصة وأن هناك أصوات مناهضة للتحور الوراثي بشكل عام، نتيجة لتأثيراته البيئية والزراعية، وكذلك تأثيراته على الثروة الحيوانية. وليست هذه المرة الأولى التي تجيز فيها وزارة الزراعة الأقطان الصينية المحورة وراثياً، حيث وسبق وأن أجازت الصنف الذي أحدث جدلاً في البلاد عند دخول عينات من القطن المحور ورثياً، وتحديدا في العام 2010 في مشروع الرهد الزراعي بمدينة الفاو، حيث تم زراعة القطن الصيني المحور وراثياً قبل بداية إجراء التجارب المعملية عليه. وفي موسم 2011/2012م تم زراعة القطن الصيني المحور في جنوب كردفان على مساحة 2300 فدان تحديداً في منطقة البرام بجبال النوبة، والذي كان من المفترض لولا الحرب الأهلية أن يزرع على مساحة 30 ألف فدان في منطقة البرام بجبال النوبة، وهي محمية طبيعية للقطن المطري في السودان، ليأتي بعد ذلك إجازة لجنة الأصناف في يوم 14/مارس/2012 أول كائن محور وراثيا (Bt Cotton) من الأقطان الصينية للاستخدام التجاري.
مخاطر محتملة يعرف د/ الطاهر إبراهيم محمد خبير الوراثة النباتية بهيئة البحوث الزراعية ، الكائنات الوراثية بأنها "كائن حي محور يمتلك تركيبة جديدة من مواد جينية تم الحصول عليها باستخدام التكنولوجيا الحيوية الحديثة". وتشكل الهندسة الجينية عاملاً مهماً في الجينات المحورة وراثياً للحصول على منافع لم تكن متوفرة من قبل بالطرق الطبيعية، إلا أن هذا التحور له مخاطر محتملة. خبير الوراثة وتربية النبات بهيئة البحوث الزراعية بروفسير / معروف إبراهيم محمد يؤكد أن الأبحاث التي بموجبها أجيز القطن الصيني المحور وراثياً، "أجريت في غياب الأطر القانونية اللازمة لجهة عدم تفعيل جانب السلامة الحيوية لعام 2010م"، (مثل تحديد الجهة المختصة والسلطة أو السلطات الوطنية وغيرها). يذكر أن السودان أجاز قانون السلامة الحيوية القومي لسنة 2010م، في يوم 29مارس 2012م أي بعد 15يومياً من إجازة صنف القطن المحور وراثياً، وأصبح وزير البيئة والغابات والتنمية العمرانية، هو المختص بقانون السلامة الحيوية لسنة 2010. ويؤكد معروف، وجود نقص دراسات السلامة الحيوية، وأن التقييم الحقلي للقطن المحور كان غير دقيق علمياً، ولم تجرى إلى الآن دراسة علمية واحدة لتقصي إمكانية تضرر الحيوانات المتغذية على القطن المحور، بالرغم من مضى عدد من السنوات على دخوله. أما دكتور/الطاهر، يشير إلى مخاطر التحور المحتملة المتمثلة في; ظهور نباتات غازية جديدة بشكل دائم تؤثر على المحصولات المزروعة، ونمو حشائش يصعب مكافحتها، واختفاء سلالات تراكيب وراثية محلية والتي تعتبر موارد وراثية مهمة، وظهور سلالات جديدة مقاومة وأكثر شراسة من الآفات العادية. ويشير الطاهر إلى دراسة علمية استمرت 5-6 سنوات، رفعت نتائجها إلى وزير البيئة والغابات الهندي بواسطة الدكتورة ساجاري رامداس Sagari R Ramdas في ديسمبر 2009، "أشارت إلى أن التعرض المستمر والمتكرر للقطن المحور(علف، أوراق، لوز، وبذرة) بواسطة الحيوانات تسبب في ظهور أعراض مرضية بعد سنتين فقط من تبني زراعة القطن المحور في ولاية اندرابرادش الهندية"، وتمثلت أعراض المرض في: السعال، ضيق التنفس ، إفرازات الأنف، تبول الدم، ومن ثم حدوث الوفاة إذا لم يتم العلاج. ويعتبر علف القطن من المصادر الغذائية المعروفة للحيوان في السودان، غير أن معرف يؤكد أنه لم تجر دراسة علمية واحدة لتقصي إمكانية تضرر الحيوانات المتغذية على القطن المحور، بالرغم من مضي عدد من السنوات على دخوله. ويضيف "للأسف الشديد هنالك مخاوف حقيقية لمخاطر محتملة على صحة الحيوان بالرغم من محاولات الجهات المستفيدة نفي ذلك باستمرار ".
دفوعات وزارة الزراعة أكدت وزارة الزراعة في بيان لها عقب إجازة القطن الصيني المحور من قبل اللجنة الوطنية لإجازة الأصناف، أن التجارب الخاصة بالقطن الصيني المحور، أجريت في الفترة 2010 – 2012م، وشملت دراسات حقلية ومعملية في 12 بيئة مختلفة، وقد تبين من التجارب أن المداخيل المحورة وراثياً تزيد الإنتاج بنسب تتراوح بين 2-5 أضعاف، وأن هناك زيادة في صافي حليج القطن وصلت 9% مقارنة بالمحلي، بالإضافة إلى تقليل تكلفة الرش لمكافحة الحشرات التي تصل 40% من تكلفة الإنتاج، مما يقلل التلوث البيئي والصحي الناتج من رش المبيدات، كما أكد البيان كذلك عدم وجود أي آثار ضارة بالحيوان أو الكائنات الدقيقة بالتربة جراء زراعة المداخيل المحورة وراثياً والغذاء على منتجاتها.
المجتمع الدولي والتحور الوراثي افرد المجتمع الدولي حيزاً مقدراً لتكنولوجيا التحور الوراثي وتم توقيع معاهدات واتفاقيات ومن بين هذه الاتفاقيات: (برتوكول قرطاجنة المتعلق بالسلامة الحيوية، يناير 2000 ). و يضمن البرتوكول مستوى ملائم للحماية من الآثار الضارة المحتملة من استعمال الكائنات المحورة وراثياً، على البيئة وصحة الإنسان، ويتيح الاستفادة من المنفعة المرجوة من الكائنات المحورة وراثيأ، لما فيه من إمكانيات لرفاهة البشر إذا ما طورت وفقاً لتدابير أمان ملائمة للصحة والبيئة . وانضم السودان في يونيو 2005 وأصبح طرفاً في البروتوكول ودخل حيز التنفيذ في 11/9/2005م. ويصبح الامتثال والالتزام بتنفيذ ما جاء في البروتوكول أمرا في غاية الأهمية نظراً لإلزام التوقيع الذي يفرض على الدول الموقعة التقيد بما وقعت عليه، ولأجل السلامة وتجنب المخاطر المرتبطة بالكائنات المحورة وراثياً تنص اتفاقية التنوع الحيوي الدولية للعام 1992 على إنشاء الوسائل لتنظيم وإدارة وضبط المخاطر المرتبطة باستخدام وإطلاق الكائنات المحورة وراثياً والأخذ في الاعتبار الحاجة لبرتوكول يضع الإجراءات المناسبة بما في ذلك تحديداً إجراءات الموافقة المسبقة المستنيرة في مجال امان النقل والمناولة و الاستخدام للكائنات الحية المحورة.