من الملاحظ تاريخياً أن الميزة الاولى الرئيسة التي ميزت إقليم دارفور عن باقي أقاليم السودان الأخرى , هى النشأة المستقلة للأقليم ويرجع لها الفضل فى تكوين ذات الانسان الدارفورى المستقل والوطنى الأصيل , بحيث يمكن القول أن تاريخ إقليم دارفور هو تاريخ الاستقلال والسيادة الوطنية للسودان . إن قبائل دارفور بمختلف إثنياتهم وتوجهاتهم ضربوا أروع أنواع البطولات والانتصارات فى الصعيدين (الاستقلال والسيادة الوطنية ). والميزة الثانية لإقليم دارفور أن قبائل وشعوب دارفور شهدت قفزة في تطورها الاجتماعي وعاشت فى وئام اجتماعى فى ظل مجتمع مفتوح وشقت طريقها من مجتمعات بدائية محلية إلى مجتمعات متطورة زراعياً ورعوياً الى أن حكمت السودان وحققت الاستقلال وتشكل الأرض فيها ركيزة العمل الأساسية وتميزت الارض بحقوق تاريخية وتقليدية مسنودة بمجموع العادات والتقاليد والاعراف . هذه المقدمة المؤجزة والمختصرة تقودنا الى تشخيص جذور الازمة التى تفجرت أسبابها فى بدايات العام 2002م وظلت تدور رحى الحرب وهى تطحن الانسان والحيوان والزرع والضرع والى يومنا هذا لايوجد سبيل يعتبر من أيسر المسالك التى تقود الى وضع حد نهائى وشامل وعادل للمأسأة الانسانية التى شهدها العالم الحديث فى مجال انتهاكات حقوق الانسان وإرتكاب أبشع الجرائم ذات التصنيف الدولى . فاذا ما تتبعنا مسيرة هذا الكفاح النضالى من أجل الحصول على أبسط حقوق المواطنة من المركز القابض على السلطة أو الحصول على قدر معقول من درجات العقد الاجتماعى مابين الدولة (السلطة الحاكمة ) والانسان ( الشعب الذى يكون المجتمع ) حتى يتحقق قدر من التنمية والنهضة والتطور والازدهار ... بات من المؤكد والمعترف به ..... أن دارفور مظلومة ومحرومة ومعدومة وغائبة تماما من الاجندة القومية للسلطة الحاكمة وهذا العقاب السياسى ظل سمه من سمات كل الحكومات التى تعاقبت على السودان . بعد توقيع اتفاق ابوجا وماصاحبه من اندفاع اعلامى يخدم مصلحة السلطة الحاكمة ظهرت علامات الفشل والانهيار وفقد الانسان البسيط فى دارفور كل الأمل فى تحقيق السلام المنشود ولجأت الحركات الغير موقعة الى تكوين جبهة الخلاص الوطنى كمدخل لوحدة المقاومة وحققت نجاحات اولية ولكن كانت بنفس سياسى وعسكرى قصير الامد فانهارت الجبهة وتفككت وحدة المقاومة الى أن وصل العدد محل سخرية وحيرة بين الاوساط المحلية والاقليمية والدولية. الآن نشاهد ومنذ الوهلة الاولى عند لحظة الجلوس للتوقيع علامات وبوادر فشل اتفاق الدوحة قبل تنفيذه وأن جداول التنفيذ كلها نفدت وأصبحت البنود خاوية والعهود راحت هباءً منثوراً فكل ما كان سبب ما ؟ فى فشل اتفاق ابوجا سواء من الطرف الاول (الحكومة) أو الطرف الثانى ( الحركة الموقعة ) هو الآن متوفراً ضد إتفاق الدوحة .... هنا .... لانلوم الحكومة ولانلوم الجبهة الداخلية فى دارفور ولانلوم المجتمع الدولى ولا حتى الوسطاء ..... هنا اللوم يقع على عاتق الذين تحملوا عبء التوقيع فى ظل غياب استراتيجية تشكل برنامج سياسى طموح يقنع أصحاب المصلحة والمنفعة الحقيقيين قبل الآخرين . ولكن هناك أخطاء فادحة أرتكبت بعد توقيع اتفاق الدوحة يمكن الوقوف عندها : 1. فشل الحركات الرافضة لوثيقة الدوحة فى تكوين مظلة موحدة ضد تكرار فشل اتفاق ابوجا والآثار التى ترتبت داخليا وخارجيا ولم تقدم أية مبادرة لتقييم تجربة جبهة الخلاص الوطنى ومن ثم توحيد جبهة المقاومة . 2. خروج المقاومة فى مسارات آمنه سياسياً وعسكرياً من دارفور فى إتجاه دولة جنوب السودان وهى دولة وليدة تحتاج الى فترة نقاهه للاحتفال بميلادها الاول . 3. هذا الخروج الآمن ساعد النظام فى السيطرة على أجزاء من دارفور وعلى العكس شكل تنازل عكسى من الجبهة الداخلية فى دارفور وباقى اقاليم السودان ضد التأييد الكبير من أهلنا الضحايا والمتضررين من سياسات النظام بمعنى أن الحركات المسلحة فقدت مناصيرها وهى تخرج من ساحة المواجهة فى مسارات آمنة الى جنوب السودان . 4. وجود بعض من حركات دارفور فى تحالف كاودا فى ظل غياب حركات اخرى مهما كان وصفها أو نعتها هذا الخلل يشكل اختلاف بين أطراف المقاومة فى دارفور يؤكد غياب أرضية مشتركة تؤسس لرؤية سياسية واضحة . ويترك أثر واضح بين الأطراف المكونة لتحالف كاودا . 5. ظهور أصوات قوية من داخل تحالف كاودا تنادى بالانفصال أو حق تقرير المصير هذا هو العيب والخلل الذى يؤكد عدم الاتفاق على برنامج سياسى موحد أو اتفاق إطارى يشكل أساس للمقاومة ضد سياسات النظام التى تقود الى تفكيك السودان وتفتيت وحدة السودان . من هنا ومن خلال هذا الموجز من نقاط أعلاه يمكن طرح هذه الاسئلة فى مواجهة حركات دارفور التى ساهمت فى تاسيس الجبهة الثورية السودانية ؟ 1. هل تعتبر وحدة المقاومة فى دارفور باتت أمراً مستحيلاً ؟ فى ظل الاصرار على أن هنالك حركات كبيرة واساسية من أراد أن يندمج فيها فليذوب فيها . حتى هذا الخيار المفتوح يؤكد الاختلافات الكبيرة بين هذه الحركات (عدم وحدة البرنامج السياسى ). 2. هل تنجح محاولات العودة الى دارفور من بوابة جنوب السودان؟ وأنها أسهل الطرق التى تؤدى الى تحقيق اهداف الثورة فى دارفور وماهى التاثيرات السياسية والعسكرية المحتملة مستقبلاً (سياسة دفن الرؤوس ). 3. هل حققت معارك هجليج وملحقاتها الاخرى مكاسب محلية واقليمية ودولية للنظام الحاكم وساعدت فى تقوية الجبهة الداخلية لصالح النظام (الكورة الدولية فى ملعب النظام )؟ . 4. هل يجوز للحركات المسلحة التى لم تدخل بعد فى تحالف كاودا أن تؤسس طريق ثالث (خارطة طريق ) يقود الى تغيير الوضع فى السودان ويعمل على تأمين وحدة السودان بين شطريه فى الشمال والجنوب . 5. هل من حق كل طرف فى تنظيم كاودا أن يطرح برنامج مستقل عن الاطراف الاخرى فى ظل غياب وحدة الهدف والخط الاستراتيجى لادارة الصراع ضد الدولة ففى دارفور اليوم نحتاج الى طريق آخر قبل أن تموت قضية دارفور والتى من المؤكد تعيش حالة انعدام الوزن وغيابها فى كل المحافل المختلفة وهذا الغياب شكل نسيان كبير واهمال للحالة الانسانية المستمرة فى دارفور وفى معسكرات النزوح واللجؤ هذا التخبط السياسى والنضالى من بعض الرفاق يشكل جريمة تصفية المقاومة فى دارفور واستمرار للمعاناة والجريمة فى حق انسان دارفور هذا التدهور السياسى والعسكرى فى صفوف بعض من حركات دارفور ساعد على تخفيف الضغط الدولى على حكومة السودان وشكل لها مدخل جيد ومفتوح لتحسين علاقاتها الخارجية وفى القريب العاجل سوف نسمع بانعقاد مؤتمر إصدقاء السودان . عليه أتمنى أن تقوم مبادرة فى القريب العاجل لتكوين مظلة من حركات دارفور الرافضة لاتفاق الدوحة وهى خارج مظلة تحالف كاودا وذلك بتكوين خارطة طريق تشكل اتفاق اطارى لقضية السودان فى دارفور وعلى الرفاق فى تحالف كاودا العمل على فتح أبواب الحوار مفتوحه مع الآخرين لان المواجهة من النظام تقوم عليها احتمالات وهواجس تشكل مخاوف للشعب السودانى ( النموزج الصومالى / الليبى / السورى / وكحد أدنى النموزج اليمنى ......... أحد رموز النظام رئيس للسودان ) إسماعيل احمد رحمة المحامى فرتسا 0033680608672