القرارات التخضيرية التي صاغها الأمريكان تعمل بمفعول السحر يشل عقول الشعوب التي تعيش في الشريط الحدودي بين دولتي السودان بعدها مرات الساعات بل أيام وقد تمر الشهور والسنين دون أن نرى غير المزيد من الدمار والقتل والتهجير فأن مشروع القرار ليست آيات أو كلام منزل لذلك نتوقع ان يظل حبر على ورق وحتى الكلام المنزل عند بعض الناس يبقى حبر على ورق وما بالك بكلام تشتم فيه رائحة المؤامرة على بعد الف ميل . لقد صاغت الولاياتالمتحدةالأمريكية مشروع قرار لحل الأزمة السودانية المتعددة الجوانب ولقد صوت مجلس الأمن لمصادقة القرار الأمريكي في 2 مايو 2012م وما تضمنه القرار كان في ظاهرة جيدا ولكن جوهره خبيث يخدم طرف واحد وهو الولاياتالمتحدةالأمريكية وهذا القرار بمضمونه يلحق الذي الجسيم بشعوب المناطق الحدودية بين الدولتين من دارفور إلى جبال النوبة والنيل الأزرق إذ أنه يتيح الفرصة لحكومة المؤتمر الوطني لارتكاب المزيد من الجرائم والمجازر ضد تلك شعوب حيث انها تعلم أي الولاياتالمتحدة بأن البشير وطاقم حكومته مطلوبين للمثول إمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابهم جرائم حرب ضد الإنسانية وذلك بما مارسه في حق الشعب السوداني في دارفور وجبال النوبة ومع ذلك الولاياتالمتحدة تجاوزت حتى الإشارة إلى هذا القرار الجنائي الخاص باعتقال البشير وحث المجتمع الدولي بتعاون مع الأمم بسرعة توقيفه بل وغضت الطرف عن المطالبة باعتقال البشير والمطلوبين وذهبت إلى التسويق لقرارها الذي يخدم مصالحها فقط وبذلك تكون الولاياتالمتحدة لقد عملت على تعطيل نفوذ الأممالمتحدة وتغييبها والتحايل على المجتمع الدولي في الشان السوداني. المعني الذي نفهمه من قراءتنا للأحداث أن أمريكا تريد أن يبقى البشير على السلطة مهما كلف الأمر وحتى ولو افتى نظام البشير كل الشعب السوداني وإطلاق مثل تلك القرارات التخضيرية لتضليل الرأي العام العالمي والعمل بأجندة العدو اللدود والصديق الخفي والهدف من ذلك هو تطهير المنطقة الحدودية بين الدولتان وعلى وجه الخصوص منطقة جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور لكي تتمكن شركات الولاياتالمتحدة من وضع اليد على ثروات تلك المنطقة والاستفادة منها بدون أي أعباء . أمريكا تتعامل مع الحكومة السودانية الحالية كحليف مشارك ومتعاون في برنامج استثماري عالمي وهذا التعاون قائم على ثلاث أبعاد جوهرية . البعد، الأول هو أن أمريكا درست حالة الحكومة السودانية بقيادة عمر البشير وطاقمه وأيقنت أن هذه الحكومة تلوثت يدها بدماء مواطنيها من الشعب السوداني كما أنها بلغت من الفساد ما يزكم الأنوف وفقدت الحس الوطني ولا يهمها إلا ما تجنيه من ثروات من ركام الدولة على حساب وجثث ضحايا الحروب العنصرية من أبناء السودان البعد الثاني أمريكا لديها شركات ضخمة ترغب الاستثمار في موارد بلد بكر مثل السودان فهي بذلك تسلم بفكرة وجود نظام واحد ولو بدون شعبية وتعمل هي على تقويته ليبقى مستمرا أطول فترة ممكنة حتى تتمكن من تنفيذ كل أهدافها وما نشهده الآن الحكومة السودانية تحارب بالوكالة لصالح الأمريكان الثمن هو غض الطرف عن الجرائم المرتكبة وعن التجاوزات التي قام ويقوم بها هذا النظام ضد شعبه . البعد الثالث مثلما تعمل أمريكا الحفاظ على حزب المؤتمر الوطني في قيادة دفة الحكومة في دولة الشمال تريد أيضا وبنفس القدر الحفاظ على الحركة الشعبية سالمة باقية على دفة الحكم في دولة الجنوب فهي تتعامل مع الدولتان بمثابة الآب الناصح لبنيه وهي التي توجه خطوات الدولتان في الاتجاهات التي تخدم مصالحها أما شعب جبال النوبة فليذهب إلى الجحيم أو يتم إبادته بآلة البشير الحربية حيث أن أبواب السودان مفتوحة أمام تدفق الأسلحة وحتى الممنوعة دولية الكيميائية والغازات السامة ليستخدمها البشير في مناطق دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وهذا كله بفضل الغطاء الأمريكي وأصدقاءها . ولو دققنا التفكير في مجريات الأحداث الأخيرة نستكشف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تلعب دورا هام وخبيث في نفس الوقت فهي التي تحرك الأحداث عن بعد وتريد أن تدير دولتي السودان بالريموت كنترول فان احتلال هجليج في 18 ابريل 2012م من قبل جيش الحركة الشعبية والانسحاب المفاجئ منها خطوة تركت العديد من علامات الاستفهام والحيرة عن جدوى تلك الحركة أن لم نستطع تسميتها لعبة ، ومن الأسئلة التي تطرح نفسها لماذا قام الجنوبيون باحتلال هجيلج وهم يعلمون أن الجيش السوداني محتل لمنطقة ابيي لماذا لن يذهبوا لتحريرها وكسر شوكة المؤتمر الوطني ؟ لا نستطيع أن نتكهن عن من الذي أمر الجنوبيون باحتلال هجليج لرفع مؤشر المؤتمر الوطني بهذا الدرجة العالية. ولقد كانت لتلك صدى واسع في داخل السودان استطاع المؤتمر الوطني استثماره جيدا لمصلحته حيث حشد له حتى خصومه باسم من الأحزاب المنهارة باسم الوطنية بعد أن قارب النظام إلى الانهيار هذه الحادثة بعثت فيه الروح وكأنما المقصود تثبيت هذا النظام ومنعه من الزوال وعرف مهندسو هذه الحادثة كيف يتم استعطاف الشعب السوداني ليلتفوا حول البشير مرة أخرى وهي بجد كانت كارثة وقعت على الشعب السوداني من خديعة الساسة والعسكر . عملية هجليج مثلت عامل ضغط كبير لشعب جبال النوبة وألقت بظلالها سلبا على الجبهة الثورية حيث توجهت كل القوات المعبئة من أجل تحرير هجليج إلى ضرب شعب النوبة وتفريغ بلدات ومدن بالكامل من السكان العزل وازداد عدد النازحين المهجرين من ديارهم إلى مختلف مدن السودان في عدم السماح لهم أو لأي منظمات إنسانية قيام معسكرات إيواء ورعاية . وما زاد الطين بله قرار انسحاب القوات الجنوبية من تعسكرها في منطقة ابيي النفطية وإخلاءها هذا الأمر عزز من معنوية المؤتمر الوطني كثيرا وزاده قوة فيما يكون دلالاته سالبة على مجمل القضايا السودانية العالقة دعم حقيقي لاستقرار النظام وإعادة تنظيم صفوفه ويشير بالبنان ها هم هربوا لأننا دمرناهم في هجليج وسوف نلاحقهم داخل أراضي الدولة الجنوبية تصديقا لما صدر من أقوال البشير بوصفه المهين للحركة الشعبية . محمود علي قيقاوي .