كأحد أبناء جنوب كردفان، أعلم أن جنوب كردفان تم التغرير بها من قبل الحركة الشعبية الجنوبية. وأعلم أنه قد تم أبعاد الوطنين من أبناء النوبة من أى شأن يخص جنوب كردفان. ظهور وفد أبناء النوبة الزائر من الولاية المتحدة بقيادة الأساتذة أمين بشير فلين وزير السياحة الأسبق، الأستاذ محمد أبوعنجة أبو راس برلمانى سابق والأستاذ أزرق زكريا خريف مدير ضرائب الأقليم سابقاً ورئيس الحزب القومى السودانى، أظهرت أن أبناء النوبة فى الحركة يمارسون تضليلاً مهولاً حتى لا تصل أصوات الوطنين أمثال هؤلاء القادة إلى عامة الشعب السودانى. ليس هذا فحسب، بل أن القيادات التى كانت فى الحركة ثم أسلخت عنها مبكراً، لرؤتها الثاقبة فى أن الحركة تستغل أبناء النوبة فى حروب لا ناقة لهم فيها ولا بعير، أيضاً مارسوا ضدهم نفس أسلوب إغتيال الشخصية الذى يمارسه هتيفة الحركة الشعبية ضد القيادات الزائره للسودان. لم ينته الأمر عند تكميم أفواه الوطنين من أبناء جنوب كردفان، بل قامت الحركة بتصفيات جسدية وسط أبناء النوبة الذين يوالونها لكنهم يطالبون بعدم أقحام النوبة فى أمر الجنوب. فقد طالت التصفيات الأتية أسماءهم، حسب ما ورد فى الصحف القومية وكتابات أبناء النوبة التى توثق لهذه الحقائق. الذين تمت تصفيهم هذا العام منذ إنداع الحرب: الملازم أول سالم رجب كنه الرائد عبدالرحمن كودى سرور الرائد الزين أدم كوكو العقيد تية كالو النقيب كومى أنجلو لقد صفت الحركة ايضاً أبناء النوبة الوطنين خارج الحركة الشعبية مثل تصفيتها الأتيه أسماءهم: الزعيم العم كبى الغزال، مسئول المؤتمر الوطنى عن دائرة أم دورين تصفية القائد حسين قطر .. مسئول بنك الجبال تصفيات الحركة الشعبية لأبناء النوبة فى الحركة تمثلت ذورتها فى تصفية القيادات الميدانية الكبيرة الذين صفتهم الحركة الشعبية فى الحرب الماضية فى الجبال تأسفياً بنفس طريقة أختلاف القادة السابقين وهنا بعض الأسماء الامعة والتى يدور حولها شبه أجماع بأن الحركة الشعبية تصفتهم تأسفياً: القائد المناوب عوض الكريم كوكو تية، من منطقة كادقلى القائد المناوب يوسف أب صدر منزول، من منطقة الكواليب الملازم طارق كودى (صابط التنسيق فى رئاسة الحركة)، من منطقة هيبان الملازم محمود كومى، من منطقة هيبان الملازم عباس ماريق، من منطقة المورو الملازم جمعون النور، من منطقة الكواليب الملازم حسن بشير، منطقة كرنقو عبدالله الملازم عثمان الريَا ل، منطقة المورو كانت تصفية النقيب كومى أنجلو هى أخر التصفيات وقد أثارت ومازلت تثير لغطاً كبيراً وسط قيادات أبناء النوبة فى الحركة الشعبية وترجع أهمية الحدث إلى أن النقيب كومى أنجلو هو أبن شقيقة القائد اللواء جقوت مكوار، القائد المناوب للفرقة التاسعة للجيش الشعبى التى تستولى أمر المواجهة مع الشمال. تشير الدلائل حسب ما جاء فى صحيفة الصحافة أن أيادى الأتهام تشير إلى أن الحاكم تعبان دينق، حاكم ولاية الوحده هو من أمر بتنفيذ أمر التصفية الجسدية للنقيب كومى أنجلو (أنظروا الأستغلال البشع، جنوبى يحكم بتنفيذ القتل فى إنسان من أبناء الشمال)، الذى رفض أقحام أبناء النوبة فى أمر حرب الجنوب. أدت ملابسات الأمر إلى زيارة القائد جقوت مكوار والقائد اللواء عزت كوكو القائد المناوب للفرقة التاسعة والدكتور عبدالله تيه وزير الصحة الأتحادى السابق واللواء كلمنت حموده من قدامى محاربى الجيش الشعبى بالذهاب إلى جوبا لمقابلة الرئيس سلفا كير ميارديت، ولكن بدل مقابلته أعتقلتهم الحركة إعتقالاً تحفيظاً حسب ما ورد فى الصحف القومية وقام الرئيس سلفا كير ميارديت بتهديد أبناء النوبة من مغبة المساس بوحدة الجيش الشعبى. هذه الدسائس ظلت تمارسها الحركة ضد أبناء جنوب كردفان حتى فى فترة السلام، حيث قامت بأستدراج القائد تلفون كوكو أبو جلحة وقامت بسجنه منذ قبل أنفصال الجنوب وإلى يومنا هذا يقبع فى سجون الحركة. القائد تلفون كوكو هو من أوائل الذين تمردوا ضد أقحام الحركة لأبناء النوبة لصالح الجنوب، فكان مصيره السجن، نفس المصير طال القائد منصور صديق الناير الذى يقبع فى سجن الماطاو رغم رفض أبناء النوبة الموالين للحركة هذا الزعم وقولهم أن الحركة لا تأكل بنيها .. ولكن الحقيقة هى أن الحركة الشعبية أصبحت للنوبة كبيت العنكبوت، أن أنثى العنكبوت تقتل بعلها بمجرد لقائحه لها ومن يفقس أولاً من الصغار يتغذى على أخوته حتى يقوى عوده، لقد عاثت الحركة فساداً وتقتيلاً وتخريباً فى جنوب كردفان لم يحصل فى بقعة أخرى فى أرض السودان حتى قبل الأنفصال. هناك حقائق خفية لم تتطرق لها القوى الوطنية فى جنوب كردفان بالوضوح التام حتى يتم معالجتها .. من أهم تلك الحقائق هى أن القيادات فى الجيش الشعبى من أبناء النوبة هى قيادات أمية، لا تقرأ ولا تكتب، وجاءت ترقياتها إلى مناص القيادة لدورها فى العمل الميدانى، أضف أن الحركة عزلت أبناء جنوب كردفان من الجناح السياسى للحركة فهم مغيبون عن قضيتهم الأساسية ومتبنون لقضية الجنوب. أضف أن تلك القيادات المغيبة تأتى من أماكن محدده وهى مناطق جنوب كادقلى، ما يسمى بجنوب الجبال، مثل مناطق أم دورين، البرام، طروجى، تبانيا، اللزرق وشات الدمام وشات الصفية ومساكين الطوال والقصار والمورو. خرج من تلك المناطق القادة أمثال اللواء جقوت مكوار، اللواء إزيكيال كوكو، اللواء كوكو الجاز (القائد كوكو الجاز هو القائد الذى استولى على مناطق اللحمير، أم دورين، البرام من قبل أن يجليه الجيش عنها وهى مناطق قريبة من كادقلى من ناحية الجنوب)، هذه المناطق تختلف ثقافياً عن المناطق التى تقع شمالها وغربها وشرقها، فالنوبة فى الأساس شعوب أشتات يتكونون من أثنتى عشر مجموعة أثنية (وتصل فى مجملها إلى تسعة وتسعون قبيلة كما دأب الكتاب فى وصفهم لكثرة قبائل النوبة )، فالقواسم الثقافية ضعيفة بين المثقفون من أبناء شمال ووسط الجبال، مع أولئك، قادة الحرب من جنوب الجبال. لو نظرنا مثلاً للولاءات ناحية الشمال أو الجنوب، فعند أشتعال الحرب فى يونيو من العام الماضى، نزح سكان مدينة كادقلى إلى البوابة الشمالية للمدينة متجهين ناحية الدلنج، الأبيض، الرهد والخرطوم، فى حين حينما أشتعلت الحرب فى مناطق البرام والتيس، مناطق جنوب الجبال، نزح سكانها ليس لأقرب حاضرة قريبة لهم مثل تلودى أو لم يتجهوا شمالاً إلى كادقلى، بل شدو الرحال لقطع مسافات طويلة مشياً على الأقدام إلى أن وصلوا معسكر اللاجئين فى منطقة إييدا فى الجنوب وهى مناطق تتبع للحركة الشعبية. ظهور القادة الوطنيون حدث كبير وسط مثقفى جنوب كردفان، وقد هز الحدث أركان الإدعات التى تبثها الحركة الشعبية ومنسوبيها. لقد حضر من قبل هؤلاء القادة إلى السودان قادة أخرون، أمثال السياسى منير شيخ الدين جلاب، مرشح الرئاسة السابق ورئيس الحزب القومى الديمقراطى (إن لم تخنى الذاكرة فى إسم الحزب) وكذلك السياسية الأستاذة نور تاور شقيقة البرلمانية عفاف تاور التى قدمت الدعوة للوفد الزائر. فقد واجه أولئك القادة سيل من السباب والتجريح لا يمكن تحمله إلا بعامل قوة شخصياتهم والصبر على المكاره. نفس الأمر يتكرر مع القادة الثلاثة وبأوصاف يعف عنها اللسان. ولم يسلم مثقفى أبناء النوبة من الذين لا يدينون للحركة الشعبية بالولاء من هذا التقزيم والسباب والملاسنات الفجة، فقد كتب الصحفى والسياسى أدم جمال أحمد مئة مقالاً فى منبر الرأى فى صحيفة سوانايل الألكترونية يشرح فيها ويقارع منسوبى الحركة بأستغلال قضية جنوب كردفان بواسطة الجنوب، فقد كاد الأستاذ أدم جمال أن يستنطق الحجر، لعل الله يشرح صدور القوم لأستبصار الحقيقة المغيبة عنهم وفى سبيل ذلك يواجه الاستاذ أدم جمال سيلاً من السباب ورغم ذلك لم ينالوا منه شيئاً. ويتكرر الأمر فى مهاجمة أسر نوباوية بأكملها ليس فرد واحد فيها أو أثنين، فقد عانت أسرة تاور أبو راس الذى أنجب الدكتور الفريق جلال تاور والبرلمانية عفاف تاور والسياسية نور تاور، والسياسى دكتور صديق تاور والسياسى تاج السر تاور إلى محاولة نزع عنهم حتى حق الأنتماء إلى النوبة! إن من يظن أن المؤتمر الوطنى يكسب ولاء الوطنين من أبناء جنوب كردفان فهو مخطأ. الحقيقة هى بوادر أنتصار تيار الوطنيون من أبناء جنوب كردفان الذين أبلوا بلاءً عظمياً وحوربوا فى أرزقاهم وشردت أسرهم سواء من قبل الحكومة أو الحركة الشعبية ومع ذلك صبروا وصابروا حتى عرف المؤتمر الوطنى ومن قبله عرفت الحركة الشعبية قيمة المواقف الوطنية والثوابت التى يقفون عندها، وعلى منسوبى المؤتمر الوطنى الذين يقولون أن القادة أتوا من أجل مصالحهم الشخصية الكف عن السخرية، هل سألوا أنفسهم لماذا ظل هؤلاء القادة ثلاثة وعشرون عاماً صامتين على نفس المبادئ؟ تظل المعادلة الأصعب هى أن الجنوب لن يقبل بأنفراد قيادات أبناء الجبال بأنفسهم بمنأى عن الحركة، فالحركة الشعبية لا ترى فى أبناء جنوب كردفان إلا توابع وأن الحركة هى التى تهديهم سبل الرشاد وأن ظهور مثل هؤلاء القادة سوف يؤدى بالحركة الشعبية لنزعة فرعون مصر الذى قال لمن أحضرهم لمقارعة حجة سيدنا موسى، وعجزوا، لأقطعنّ أيديكم وأرجلكم من خلاف وأصلبنّكم فى جزوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذاباً وأبقى. ونقول للحركة الشعبية، أن هذا المسلك خطر، وأن العالم يراقب ويسجل وإن المؤتمر الوطنى سوف يستغل الأمر ضد الجنوب فى المحافل الدولية. وفى وسط كل هذه التعقيدات سواء على أرض الواقع أو التعقيدات السياسية ما بين جنوب شمال، فإن شيئ واحد أصبح لا جدال فيه، فإن القادة ألقوا حجراً ضخماً فى بركة الأحداث التى كانت تسير على وتيرة واحده، شمال وجنوب، فقد ظهر فصيل ثالث فى الأحداث لا يدين بالؤلاء لا إلى الشمال أو الجنوب ، بل جنوب كردفان وإنسانها أولاً وأخيراً وهذا أمر طال أنتظاره فى الساحة السياسية السودانية. فى المقالات القادمة سوف أتحدث عن الأيادى الظاهرة والخفية التى تحرك الحرب فى جنوب كردفان فى الغرب كمتابع وراصد لصيرورة الأحداث وتجلياتها فى خلال الأربعة عشر عام الماضية. بريمة محمد أدم بلل من أبناء الحوازمة بجنوب كردفان، مقيم بالولايات المتحده.