لم تكن الاحداث السياسية والاجتماعية التى مرت على السودان منذ انقلاب الجبهة الاسلامية وحتى الان احداثاً اعتيادية المسار ولا طبيعية التعاطى فقد اختذنت الذاكرة الشعبية مرارات لاحصر لها ابتداء من ازمنة التمكين والهوس الدينى وكل الممارسات الشنيعة التى مورست من قبل منتسبى الانقاذ ومن شايعهم ، ولاهمية وفظاعة كل ما حيك ضد الشعب والوطن يفترض التدوين من قبل المعنيين والمهتمين بكتابة التاريخ وابجديات العمل التوثيقى الممنهج , فليس من المنطق ان تمر الذكرى السيئة لكل المجرميين فى الوطن بلا توثيق؟ آمل ان تتضافر الجهود وان توكل المهام لكل ذوى خبرة وتوزع الادوار حسب الفترة الزمنية والشخصيات التى اجرمت فى حق الشعب مثال ان تكون لفترة التمكين سانحة كافية لتوثق فيها ممارسات النظام وطرائقه العقيمة فى اقصاء الكفاءات المهنية وتدمير المؤسسات وضياع الخدمة المدنية وان تدعم باسماء المساهمين فى تلك الفجيعة وضحاياها من العامليين فى تلك المؤسسات وصولاً الى ارهاصات تلك الفترة واثارها المدمرة . ولاهمية الحقبة الدموية وتحويل الحرب بين الشمال والجنوب الى حرب جهادية , استغل فيها الدين وانتهكت فيها الحقوق مما اوصل الجنوبيين الى درجة اختيارهم للانفصال فى نتيجة الاستفتاء , ينبغى سرد كل التفاصيل التى دارت فى تلك المرحلة على المستوى السياسى والعسكرى ورصد اسماء السياسيين الذين اججوا الحرب والعسكريين الذين تجاوزا المواثيق الدولية فى ادارة الحرب التى افرزت واقعاً انسانيا كان محرضا للخيار الانفصالى . ومن الممارسات التى استمرأ فيها النظام استعمال آليتة الامنية وسياسة القمع والاعتقالات وما صاحبها من تعذيب مفضى للموت ولارتباطها بالجرائم الجنائية تستحق الدقة فى حصر كل المشاركين فى عملية الاعتقالات والتعذيب والاختطاف وتوثيق كل ضحاياهم وتواريخ تلك الاحداث . وبما ان ماحدث للوطن كان دماراً شامل على كل المستويات فمن الضرورة الكتابة عن كل وزارة وقطاع على حدا ، وتدوين اسماء المتورطين فى انهيار القطاع الزراعى وتدمير المشاريع الزراعية وتشريد المزارعين والاستعانة بلغة الارقام واتباع النهج الاحصائى الدقيق لجرد الضرر الذى تسبب فيه تخبط النخبة الانقاذية فى ادارة الزراعة باعتبارها من اهم موارد الانتاج التى كان يعول عليها فى النهضة الاقتصادية لولا ايادى التلاعب الممتدة اليها . ايضا قد اصيب التعليم فى مقتل حينما تلاعبت به الادارت المعنية فتدنى التحصيل الاكاديمى وترنح الانتاج الفكرى امتدت الجامعات كما وانهارت على مستوى الوعي والمنهج . وتجلى الانهيار فى اوضح صوره فى التعليم الاساسى والثانوى ففضحت نتائج الامتحانات مستوى الطلاب الاكاديمى , كل هذا حدث بسبب اللا مسؤلية والتجاهل المقيت والصرف المخجل على التعليم , اضف الى ذلك هجرة الكوادر التربوية وابدالها بالمواليين للنظام ،، ينبغى ان يذكر التاريخ اصحاب الايادى الخربة التى اوصلت التعليم الى تلك المرحلة المفجعة . ثم تاتى الصناعة والاستثمار وضياع المشاريع التنموية وبيع وتخصيص الكثير منها مما اثر على الدخل القومى ويتبعها الفساد الادراى وظاهرة الفساد المالى التى اقعدت الاقتصاد السودانى وافرزت واقع من الفقر المقيت اخرج الملايين من الشعب من دائرة تلبيه حوائجهم واثقل كاهل الكثير من الاسر ذات الدخل المحدود ، قائمة طويلة شملت المتلاعبين بالاقتصاد والمتسببين فى انهيار بنياته لابد من التعريف بهم تهيئه لملاحقتهم فى مقبل الايام واسترداد ما تم نهبه . اذا لابد من عملية ارشفة وتوثيق كامل كل من اذنب فى حق البلاد وكان سببا فى ارهاق العباد على ان تكون مرجعية لاسترداد ومعالجة كل الاعطاب التى تسببت فيها الانقاذ ومنتسبيها . محمد عبد الرحمن عبد المعروف