[email protected] عندما أعلنت حركات دارفور عن نفسها في الجزء الغربي من خارطة السودان كحركات مطالبة بتغيير النظام وأعادة كرامة الشعب السوداني؛ لم يكن حتى وقتها في الشارع السوداني شيء جدّي يمكن ان يطلق عليه حركة أو حزب يضع في برنامجه تغيير النظام بشكل صريح. من من المسميات السودانية التي تطلق على نفسها المعارضة السودانية كانت ماضية في إتجاه تغيير النظام بشكل صريح كما اليوم؟ حتى مهندسه الترابي(لاسامحه الله في السياسة) فشل في إسترداد كرامته كعرّاب ومهندس للنظام. حتى وقت قريب عندما بدأت الثورة في دارفور بعزف لحن البداية مازالت أسماء المعارضة السودانية الباهتة تشارك النظام الطعام واللباس. كان بعض منهم مشغولٌ في خيارات ما بين العودة إلى الداخل أو البقاء خارج الوطن كمعارض.والآخر مشغول بلملمة أطرافه لمشاركة النظام وتقسيم الكعكعة.والبعض الآخر –وهو الأحسن حالاً- يعارض ويلعن النظام بملء شدقيه في المنابر ثم يمضي في الليل البهيم ليبارك خطوات النظام. طوال السنوات العجاف من عمر النظام الحالي؛ المعارضة السودانية بتاريخها الباهت لم تقدم واقعاً مقنعاً هدف الى تغيير النظام. الاحزاب المئوية والخمسينية والاحزاب التي إنبثقت من بعضها والتي والتي وغيرها وغيرها من أحزاب المعارضة ،ظلت عقيمة حتى قيام ثورة الهامش السوداني التي غيرت مفهوم المعارضة وأرتقت بها من درك صحبة النظام الى مقامات المعارضة الجادة التي برهنت اهدافها في واقع فعلي. أبحث عن مبررات للمعارضة السودانية في فشلها طوال هذه السنوات ولم أجد؛ أفما كانت كافية كل تلك السنوات البشعة ليحدث شيء.؟ ليخرج الى السطح أخيراً معارضة بديلة بإسم الثورة.وتبرهن إنها أكثر وضوحاً وصدقاً في مسعاها وهو إسقاط النظام ولا شيء غير ذلك.؟ فليست إذن هي بالشكل الباهت للمعارضة التقليدية التي تعارض بجانب وتهادن في الجانب الآخر.وانما معارضة حقيقية بإسم الثورة(ثورة الهامش السوداني).فلماذا أذن ولدت هذه الثورة .؟هل لظلم النظام فحسب.؟ الاجابة لا طبعاً.! لأن بجانب ظلم النظام ؛هناك كذبة المعارضة التي صدقها الشعب السوداني طوال هذه السنوات. ففشل المعارضة عن تطبيق إسمها كمعارضة تسعى للتغيير ولدت ثورة بهكذا شكل. ثم إنّها- أي المعارضة القديمة- ومنذ ميلاد ثورة الهامش ،تسعى جادة وبلا أدنى (خجل) لسرقة الثورة في الوقت المناسب.هذا رغم انها نامت كل عمرها بجوار النظام ومارست مثلما مارس النظام في شعبه. سيحدث هذا قريباً عندما يستوي ثمار الثورة؛ سوف نسمع عن انّ حزب الأمة كانت شريكة في إشعال الثورة. وسنسمع من حزب الميرغني بأن الحزب الاتحادي الديموقراطي كان متواجداً في سوح النضال منذ بذوغ فجر الثورة. هذا بالاضافة للحزب الشيوعي السوداني الذي سيقول إنه كان منظّر للثورة في الخفاء.! وسيأتي الترابي بنفسه ليقول أن تغيير النظام فعلاً كان لابد من حدوثه وكان المخطط المباشر للثورة .! كل هذا سيحدث رغم أن ذات الاحزاب وماشابهها هي سبب وجود ثورة بديلة. فلا مجال للسقوط في فخ التعاطف مرة اخرى.أنها لثورة هامش. كم جميل هذا الوعي الذي تفشّى في الوسط السوداني بهذا الشكل في إتجاه الثورة.وكم جميل أن تكون هناك ثورة بديلة للمعارضة القديمة. الحركة الشعبية لتحرير السودان مدرسة غيرت المفهوم الجمعي للمجتمعات السودانية تجاه حكوماتها وأسست شكلاً بديلاً للمعارضة، وبرهنت انّ معركة الكرامة لا تستعر في خُضرِ الميادين وإنما حرب ضروسة تبرر لنفسها بنفسها في أبهى صورها الصادقة. لذلك كانت ومازالت لها الفضل الاعظم في تلقين الشعب السوداني بضرورة ومضامين الثورة من أبجدياتها إلى خواتيمها. ويأتي الفضل ثانياً لنظام الخرطوم بأعتباره صاحب الفضل الأكبر في تعريف الناس بضرورة الثورة عليه.فلولا ممارساته التي قادته الى قاب قوسين من حبل المشنقة لما قامت ثورة أصلاً.فشكراً لها على أية حال.