د. إبراهيم الصديق علي يكتب: من خلال تسريبات (الجزيرة) : حكومة إدريس وعقدة الاسلاميين    شاهد بالصورة والفيديو.. تيكتوكر سودانية تثير ضجة غير مسبوقة: (بحب الأولاد الطاعمين "الحلوات" وخوتهم أفضل من خوة النسوان)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي تظهر بدون "مكياج" وتغمز بعينها في مقطع طريف مع عازفها "كريستوفر" داخل أستوديو بالقاهرة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالفيديو.. (يووووه ايه ده) فنان سوداني ينفعل غضباً بسبب تصرف إدارة صالة أفراح بقطر ويوقف الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    "الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    (برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    فيكم من يحفظ (السر)؟    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة لرثاء النظام السوداني


عَزّوا كِراماً حيثما رحلوا
ودُمْ عزيزًا أيها الوطنُ
د.محمد أحمد عثمان [1]
لتأبين الذين رحلوا من زملاء الدراسة خريجي الجامعات الباكستانية في ثمانينات القرن المنصرم ، ولرثاء الواقع السياسي ببلادنا .
حُزنٌ تداهَمني مُذ جاءَني خَبَرُ
كِدتُ في صَعَقٍ من هَولةِ أقَعُ
قَلبٌ تدَّفَق من أشجانِهِ نَزَفٌ
جَفنٌ تفتَّقَ من تَسكابِهِ دّمْعُ
رحلوا وبِتنا بعدَهم كدّرًا
ضِقنا وما بالأرضِ مُتَّسَعُ
غابوا وهِمنا في مرابِعنا
ينالُنا ألمٌ واستحكمَ الوَجَعُ
وتبّدلت سُبلُ الحياةِ تَجهَّمت
ليلٌ نُكابِدُهُ وهَّمٌ مُضْلِعُ
عصفورةٌ ناحت على أشهادِهِم
وحمائمٌ من فقدِهم لا تَسجَعُ
شَفَّها ما شَفَّني من وَمَقٍ
فآبَني ثِقْلٌ مَهيبٌ مُفجِعُ
أصبحتُ مُهتَّرًا [2] بلا أملٍ
سَجِيسَ[3] الليالي هامدًا خَمِعُ
لاهورَ [4] فرَّقها النوى
أضحت قِفارًا وشَطَّ الرَكبُ والرَبْعُ
و( فيصلْ أَبادُ)[5] ترامت دونهم دِمَنًا [6]
كانت مَصِيفًا دَمِيث الرُّبا مَرِعُ
(إسلام أبادُ) توشّحت بسوادها
وكراتشي تندُبُ نكبَها تسترجِعُ
عبدُ السميع [7] مضى بوافِرِ فيضِهِ
يَمِنُ النَقِيبَةِ ماجِدٌ وَرِعُ
وشرارَةُ [8] الخيرِ اصطفاهُ رَبُّهُ
فالقلبُ يدمي والمحَاجِرُ تَترَعُ
والتاجُ [9] فارقنا كأمسٍ قد مضى
لعَمرِكَ إن الله ما شاءَ يصنَعُ
وكمالُ [10] يأفُلُ مثل نجمٍ قد خَبَى
أَنعِم به طَلْعًا نَضِيدًا مُونِعُ
يا ماهِرَ [11] العَهدِ النبيلِ نضارَةً
العُمرُ دالَ ولا تَمِيمَةُ تَنفعُ
إن الحياةَ دَقِيقَةٌ بِدَقِيقَةٍ
وإذا المنِيَّةُ أقبلت لا تُدفَعُ
ينعي غُرابُ البينِ أترابًا لنا
والموتُ في أحشائِنا يترَّبَعُ
سكنوا أديمَ الأرضِ في أجداثِهِم
وفؤادُنا من فقدِهم يتقَطَّعُ
غاب الأُباهُ ولم تغب أرواحُهُم
وَّلوا وبارِقَ طَيفِهِم سَطِعُ
ما كنتُ أحسَبَني أسعي إلى بلدٍ
تكالَبتهُ فِئامٌ مَشجَها خَنَعُ
في غفلهِ الزمنِ المَقيتِ مَرارةً
لا يرعَووا نَزَقًا ولا يتوَّرعوا
كادوا بِشرعِ الغابِ أمَّتَنا
فأنتابّها البُؤسُ والضَرَّاءُ والشَنَعُ
إن الشريعَةَ عدلٌ في مَظَّنَتِها
ليست بِظُلمٍ ولا نَهبٍ ولا رَدعُ
أكلت عَجوَبةُ [12] نَهْماً من مفاتِنِها
تَغوِى وتخرِقَ دَولةً وتُرَّقِعُ
نقصَت بلادَكِ يا مهيَرةَ [13] خِلسَةً
وأصابَها من كلِ حَدْبٍ لُكَعُ
فدواجِنُ الباشا الغَشِيم تَهَجَّنت
ودجاجُ وادينا أفَرَّ وأفظَعُ
إن الربيعَ[14] حَرورِيًا[15] بمشهَدِةِ
وليس للرِعديدِ في مِضمارِةِ وَقْعُ
سلمانُ [16] زَغرتَ في أشْلاءِ مَملكةٍ
أمجادَها اندثرت وأرتاعَها الفَجَعُ
والسامِرِيُّ [17] بِعجِلِهِ انتُسِخا
وعدى على وطني شَقِيٌ نُطَعُ
يا مَكمَناً كوَجارِ [18] الضَّبِ قد حُشِدَ
بالخُدْجِ [19]والمَمسوسِ والظَلِعُ [20]
أين المُجاهِدةُ إذا ما استُنفِروا
لبُّوا جَميعًا هُرَّعُ
وأين رابحة الكنانَةِ [21] تَسرِى في مَفاوِزِها
ليَتَّقي المَهدِّيُ[22] كيدَ الغازِى الزَمِعُ[23]
بل أين أصحابَ المُروءةِ والتُقى
التائِبون القائمون الرُكَّعُ
لم يبقَ غير مُخاتِلٍ ومُداهِنٍ
ذهب الثُقاةُ وغاب عنّا الخُشَّعُ
وتمكَّنَ الدُخَلاءُ من عَرَصاتِنا
وغدى الأصيلُ مُغفَّلاً نَفِعُ
فسبدراتُ [24] نَقِيبٌ في حَرائِرِنا
وسِفافُ ماركسَ [25] بالتأصيلِ تَمتَقِعُ
وجبهةُ الميثاقِ[26] عن ميثاقِها ارتكست
يسوسُها الكَبتُ والإِقصاءُ والبِدَعُ
صَمدَت زماناً مثل بحرٍ زاخِرٍ
فتجزَّرت فُرُقًا واستُقطِبَت شِيَعُ
قَهروا بِلادي واستباحوا عِرضَها
فاستعصمَ البومُ والحِرباءُ والضَبعُ
وَأَدوا الشَريعة واغتالوا ثَوابِتَنا
سقطَ النصِيفُ وزالَتِ القُنُعُ
رَتعت رُباعُ [27] الجَديِّ جَربَى بسوحِهم
حُظرتْ كرائِمَها الثَنْيُّ [28] والجَذَعُ [29]
وتطاولوا مثل قارونَ[30] في زيَنتِهِم
لم يأبهوا بمن دونَ خَط الفقرِ قد وقعوا
عَمِدوا لكل مواطنِ الإغواءِ والخطلِ
لا جُرحَ لا تَعديلَ لا تمكينَ لا شَرْعُ
والعُروةُ الوُثقى تبدَّدَ ضوءَها
ويدُ المُعِّزِ بكلِ وادٍ تّصقَعُ
لا شيء يعملُ غير الحَرقِ والهَدمِ
جالَ الطُغاةُ وصالَ السيفُ والنَطْعُ
والحربُ دائِرةٌ تُأَّجِجُ ناَرَها زُمَرٌ
لا من هولِها تَضَعُ
هَتكوا خِيامَ العامِريّة غُصَّّباً
نزحَ المُعِيلُ وجَفَّّ الزَّرْعُ والضَّرْعُ
لم يرحَموا طِفلاً كأفراخِ القَطا
وحنينَ والِدةٍ تَنوءُ وتَنْزِعُ[31]
قطعوا حِبالَ المُستِغيثِ تَشَّفِياً
هاموا وزُّخُوا[32] أينما قَبَعوا
أبكى على بَلدٍ أطرافُهُ طُوِيَت
تَسومُهُ عُصبةٌ سِيماءَها جَشَعُ
فَزِعاً ببلواء الخُطوبِ ولم أكن
من قبلِ ذاكَ من البَلايا أجَزعُ
فموارِدَ البترولِ من ثرواتِنا انتُِهَبت
والشعبَ أخمَصَه ( البوشُ) والقَرَعُ
إريابُ جفَّت من نفائِسها
وسبائِكُ الشعبِ صيغت كُلَّها ضِيَعُ [33]
والسوحُ بِيعت والمشافِي ترَوَّجُ
والجامِعاتُ مَزادٌ أجراسُهُ حينَ تُقرَعُ
والسوقُ يطحَنُ كلَ الناسِ يَفترِسُ
وتَضَّخُمُ الأسعارِ مثل الغولِ يَبتِلعُ
والحاكِمونَ تَكدّست ثرواتَهُم
والشعبُ يَرزِمُ تحت فَقرٍ مُدقِعُ
فكوبَر [34] الفيحاءُ من أنحائِها أُخذت
صِرحاً وأملاكاً وواحاتٍ ومُرتَبَعُ
(وقاردن سيتي ) [35]فارَ تَنُّورَها
وأرتاعَ هامانُها من هولِ ما يَقَعُ
ثارت مياهُ الجوفِ واجتاحت عَمارتَهُ
فتمايلت بُنيانَها يتصَدّعُ
بيعت غَسِيلاً لِدِرْكِ نِظامِهِ قَسرًا
فالشعبُ يبني وما تهدَّمَ يشترِيهِ ويَدفَعُ
لم يَذكروا عند الوطيسِ وفي الوَغى
الشعبُ يُدلي بقوتِهِ يتبرَّعُ
وتساءلَ الطيبُ المذهولِ من أين أَتَوْا ؟!
أتُوا من رُكامِ الخَطايا وفُوِّهاتِ المِدفَعُ
ساقوا إلى مِصرَ قِطعاناً وماشِيةً
والناسُ تضمُرُ عِندنا وتُجوَّعُ
سواعِدُهُم من الإجهادِ جفَّت عُروقَها
أجسامُهُم من هَمِّهِم لا تَضجَعُ
والبعضُ يسهرُ لَيلَهُ عَطِشاً
فمياهُ الشُربِ تَنْضُبَ أياماً وتنقَطِعُ
والعاطِلونَ من الأعمالِ قد حُرِموا
لَبسوا الحِدادَ بِدورِهِم (وتَكَوّعوا) [36]
نالوا شهاداتٍ تَقادَم عهدَها
والرأسُ شَيْبٌ والأمِاني ضُيَّعُ
حَصَروا الوظائِفَ في نِطاقِ ذَويِهِمُ
غَمطوا الشَبابَ حُقوقَهُ وتَمنَّعوا
وأولو الأَعمالِ عِيقوا في تِجارَتِهِم
( دقْنِيَّةً ) وإتاوةً وضَرائباً تَتَنوَّعُ
ورأسُ المال طلّ بِعُنقِهِ طَفِلاً
وحُرُ النَقدِ يُزجَى خارِجاً حيثُ يودَعُ
بِدُبىْ وأبراجَها فِيلاتَهُم بَسقت
بِمليزيا وجاكرتا كَنَزوا وطابَ المَرْبعُ
يا دولةً حَكِرت ورَابَت
الناسُ تُنشَلُ جَهرَةً وتُشَلّعُ
(والجازُ) يغنمُ والجِنيهُ يُعَوَّمُ
والدعمُ يُرفعُ والبترولُ يَرتَفِعُ
وسعرُ الصَّرفِ يِجنحُ غارقاً
والاقتصادُ يُكَفّنُ ويُشَيّعُ
بذخٌ وإِسرافٌ وتَبذيرٌ ومَفسَدةٌ
لا دَعمَ لا إنتاجَ ولا غِطاءاً مُرقَّعُ
دعمُ الخزينةِ في غاياتِهِم بَّزُ
الناسُ تغرَمُ والفَسادُ يُوَّقِعُ
والمالُ يُجبى لميزانيةٍ
من دمِ الشعبِ تَسقى وترضَعُ
كُلَفُ الإِنتاجِ شبَّت وهي تستَّعِرُ
وجَمارِكٌ سَقفَها يعلو ويَنَدفِعُ
لا خُطّةً تحوي مُعاناةً ومَسغَبَةً
سقطَت عُقولُ الظَارِ و(الدّستورِ) والوَدَعُ
يا حسرةَ المَحرومِ أرََّقهُ العَنا
والمالُ دُولَهُ [37] رَهطٍ نَهجَها خِدَعُ
ورَعِيَّةٌ أعيَت [38] تجُابِهُ قَتْرَها تتبذّلُ
والراعي يَرفُلُ في دِيباجِهِ يتقلَّعُ
أين الربيعَ عُروبِياً بِهِمَّتِهِ
ودولةُ الطاغوتِ بالطُغيانِ تنطَبِعُ ؟!
ضاقت بِلادي بعدما رَحُبت
وجُبَّ من أوصالها بالقهرِ مَوْضِعُ
فحلايبُ [39]الشرقِ من أوطانِنا سُبِيَت
بِيعت نِخاساً أهلُها سِلَعُ
نَستجدِيَّ الأرضَ للباغِينَ مَألُكَةً
خَصباً وماءًا وبُستاناً ومُنَتَجَعُ
والباشا يأمُرُ والناطورُ[40] يَمتثِلُ
أرقينُ [41] تَطْوَى[42] وحقلُ القَمِحُ يُنتَزَعُ
غرقتِ بَبلواهُمُ حلفاً [43] وآثارَها
وهُجِّرت دورُها وأغرورقت بِيَعُ[44]
توريتُ[45] من أقطارِها اقتُلِعت
أخنى عليها خاِلفٌ خَلِعُ
قُصِمت بِنيفاشا[46] ظُهورُ مَطِّيِهِم
سُلِبوا الظعائِنَ واللطيمةَ والخِطامُ[47] مُطَوَّعُ
لم يَرجِعوا بِعقالٍ في مَعِّيتِهِم
لا كَمأةً [48]جَلبوا ولا عَجفاءَ[49] أنفٍ مُجَدَّعُ [50]
أعطوا الجَنوبِيَّ حق مصيرهِ رَغَداً
حَرموا الشمالَ الرأيَ فيما أزمعوا
رهنوا الجنوبَ لراعي سلامٍ غدرهُ شيمُ
مقابل مُلكٍ زُلزِلت أركانُهُ يتخلَّعُ
خَنَعوا لِزَيفِ سَلامٍ خُلّباً كَذِبُ
حَصدوا الحروبَ وقنْصاً صيدَةُ بَجَعُ
فكردفانُ بكل شِعِابِها انتَفضت
دارفور ماجت والنيلُ[51] يطفحُ بالثوراتِ تندِلعُ
هجليجُ [52] أُزَّت في مَساكِنِها
وعدى عليها مارِقٌ بَشِعُ
أبييُ[53] أرض جُدودٍ لا انسحابَ بها
وَصِيّةٌ خانَها المأفونُ والرَقِعُ
لن يُثنى ذلك أوكامبو وأُرطَتهُ
فالبطشُ آتٍ وبطشُ الله أنكى وأشنَعُ
و(أولو)[54] تُحاصِرها الذئابُ تجَنِياً
فجثت تُعاني غَزوهم تتجرّعُ
يا بوسُ [55]غِيضَ وأمسى ماؤُهُ غورا
وغدى سَراباً وسطَ بيداءَ بَلَقَعُ
قيسانُ [56] آلت للأحباش مُتَّكئاً
بالنَهبِ والتوطينِ باتت تُرَوَّعُ
و(بُرامَ)[57] تَقصِفُها النوائبُ شُرّعاً
تُناوِشُ تارةً تكبو مِراراً وتخْمَعُ[58]
كتب الشهيدُ على الثغورِ مَلاحِماً
ودماً نَزوفاً وابِلاً هَمِعُ
أطلالَهُ اندثرت ودماؤه هُدِرَت
لم يبقَ من إرثِهِ دَفْعٌ ولا نفْعُ
باعوا الشهيدَ وشرّدوا أبناءَهُ
طِفلاً وأرملةً قاصرين ورُضّعُ
كيف الجهادُ وقد رَبَت[59] أموالَهم
وتورّموا من شّرِ ما ( دَشَعوا ) ؟!
رَكنوا لمن ظَلموا فَرانت قُلوبَهُم
وتَتَخّموا من فرطِ ما شَبِعوا
راموا الغُرورَ تَكبُّراً وتَجبُّراً
فاستُنِوقَ[60] الجَملُ واستُحْمِرَ السَبعُ
ردعوا سجينَ الرَأيِ مَنفِياً ومُعتَقَلُ
واستعبدوا الأحرارَ بالإرهابِ والقَمْعُ
غدروا بإبراهيم [61] بُهتاناً ومأثُمَةً
تجاوز السبعينَ [62] بل من فوقِها سَبْعُ
سمحٌ خلائِقَهُ بِيضٌ دَسائِعَهُ[63]
شهمٌ كريمٌ وسَهلٌ جَدَّ مُمتَنِعُ
ليت الطُغاةَ وقد ضّلوا وقد فَسقوا
ذاقوا الطَغَامَ وذُّلوا أينما قُرِعوا
جاروا ولما استفحَمت ظَلماءَهُم
صُفِعوا وبَالاً بقدرِ ما صَفَعوا
كم قريةٍ بَطَرَت بأنعُم رَبِّها
أصابَها المَسخُ والإِملاقُ والهَلَعُ
فسّدُ مأَرِبَ [64] أودى به فأرٌ
والسيلُ يجرفُ والوِديانُ تُقْتَلَعُ
وللأحزابِ في سُودانِنا عَجَبٌ
ما بين مَطبوعٍ[65] وخدَّاعٍ ومُنخدِعُ
حزبُ الحُكومة في معيارةِ صَلَفٌ
لا قرْمَ [66] إلاَّنا ولاتَ سُمَيْدَعُ[67]
نحنُ أو الطوفانُ أو أحلاهُما
من غيُرنا يُسدى ويُدنى ويمنَعُ ؟!
وجماعَةُ الإِخوانِ من مَضمونِها فَرِغَت
تُمالئُ السلطانَ في أموالِهِ مُتَعُ
تحنى للمُرشِدِ قامَتَها
وبالإنقاذِ تَصَهرُ كَسبَها تتطَّبعُ
والصادق المَهِديُّ ينأى بجِلدِهِ
وابنَه [68] بَدثارِ الحُكمِ يَطَِّلعُ
والإبنُ يلهَجُ ( هذا ما جناهُ أبي )
وأبوهُ يؤثِرُ ما جناة الطَمَعُ
وابنُ الأكارِمِ يرنو من السُلطانِ مأدُبةً
وإمامٌ يتّقِى شَرَّ نكباءَ زَعَزعُ
وأنصارُ سنّةٍ تشدَّدوا وتذرَّعوا
قدَّسوا الحُكام في نعمائِهم رتعوا
والميرغَنِيُّ [69] بسيفِ الدنكشوتِ [70] يأمِّلُ
يفيضُ من عينيه للبنكنوتِ [71] مَدمَعُ
رِجْلٌ باركانِ النِظامِ ورِجْلٌ بِخُفِهِ انتَعلت
طَوراً يُداري وتارةً يَتقَنَّعُ
طُبِعوا هَواناً تُقيّةً وتزَّلُفِ
والانحِطاطُ توطّدت أركانُهُ لا يُقِلعُ
والماركِسّيُ رهِانَهُ تدجينَ مُجتَمَعٍ
أصابهُ الإِفلاسُ والتفكيكُ والمَيَعُ
نقائصُ أحزابٍ مُشَوّهَةٌ
شنآنُها التخرِيفُ والتَحرِيفُ والنَزَعُ
والشيخُ [72] يشطَحُ في زَلاّتِهِ جَمِحاً
ونفسي بما يُفتى به لا تَقنَعُ
خِطابُهُ حُورُ عِينٍ وإمامةُ امرأةٍ
فِقةٌ تجاوزهُ الماوردي مَتبوعاً ومُبتدِعُ
وشبابُ حِزبه غيّبتهُم حُورُهُم
ونِسوةٌ لإمامَةٍ وقَوامَةٍ تتتبّعُ
يا جَبهةً [73] كعرينِ الأُسدِ قد شَمَخت
فقلبي على ما بي بذِكراكِ يرجِعُ
شُدِخَت نَواصِيها دُمِيَت هَوادِيها
وطالها العَسفُ والتَنكيلُ والصَرَعُ
ياويحَ نَفِسَي والأيامَ مُدبرَةٌ
ضاعت هَباءاً واضحى أمرُها صَدِعُ
إذا انقضى عُمرُ امرئٍ قامت قِيامَتهُ
صوبَ جناتِ ونارٍ تَلفَعُ
والعُمرُ كاليلِ يُدرِكهُ صَباحٌ مُسِفرُ
والآمِدون [74] بِضَنِكهِم يَتضَوّعوا
والموتُ يُزِهقُ أرواحاً ويختلِسُ
والناسُ تَغفَلُ لا بالجَّدِ تَنَتفِعُ
فِرعَونُ يَردَعُ لا بالحِق يَرتَدِعُ
ومالكُ المُلكِ للفرعِونَ يَقتِلعُ
والله يُمهِلُ والأيامُ تنتَظِرُ
والبدرُ يَبزُغُ والظَلماءُ تَنقَشِعُ
إذا سقط الطاغوتُ قامت فِكرةٌ
فآلهُ الطاغوتِ للأفكارِ تُمِلى وتُخْضِعُ
يا فتيةً عاشرتُهُم وألِفتُهُم
نالوا المكارِمَ للنُهى جَمعوا
سلكوا دروبَ الواصِلينَ تيّمُناً
حصدوا الشهامةَ بالتُقى دَرَعوا
رحلوا على عَجَلٍ لله دَرَّهُمُ
فليغِفِر اللهُ أو فليُسبَغِ الشَفَعُ
يا مالِكَ [75] الجودِ لا تُعَدم فَضائِلُهُ
لك العزاءُ وقد أقلاكُمُ هَجَعُ
والموتُ يَقتَنِصَ النُفوسَ طَرائِداً [76]
لاخَبطَ عَشواءَ فيمن ماتَ يا فَزَعُ [77]
ولا عيشَ مثل عيش ٍ مضى لنا
على الدربِ نقضي حاجة ً ونُوَّدِعُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.