· كثيرة هي تلك المؤتمرات التي عقدتها "الإنقاذ" لمناقشة القضايا الوطنية منذ تسلمها السلطة وحتى اليوم، وإذا حصرنا تلك المؤتمرات لوجدنا أن "الإنقاذ" تتفوق على من سبقها من حكومات في هذا الجانب، ولو أن الإنقاذ طبقت من كل مؤتمر واحدة من وصاياه لكان حال السودان اليوم غير الذي عليه، وذلك لسبب بسيط هو أن تلك المؤتمرات تميزت بحضور ومشاركة بعضا من السياسيين والأكاديميين والمختصين من أهل الخبرة فيما تناولته تلك المؤتمرات من قضايا قومية، لذلك كانت عضوية هذه المؤتمرات فاعلة تدارست وتناقشت بروح وطنية في كافة القضايا المطروحة، ووضعت من التوصيات لها حلولا جذرية لو أخذت بها الحكومة لما وجدت نفسها بين هذه الأزمات والتي من بينها الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد اليوم والتي اختارت الحكومة لمعالجتها أصعب القرارات وهو رفع الدعم عن المحروقات وفرض المزيد من الضرائب وزيادة التعريفة الجمركية، وهي معالجات حتما سيتبعها ارتفاعا في أسعار السلع الاستهلاكية والخدمات وضروريات المواطن الحياتية. · والحكومة بلجوئها لهذه الوصفة تكون قد هيأت البيئة الصالحة لانتشار داء سرطان الاقتصاد "التضخم" في جسد الاقتصاد المنهك ، وتصاعدت معدلاته إلى أكثر مما هي عليه الآن خاصة في المرحلة الأولي من تطبيق هذه الحزمة من المعالجات الاقتصادية لتظهر نتائجها الايجابية على الوضع الاقتصادي الكلي للدولة في 2014 حسبما أشار مسئولو الدولة، ولهذا فهي وصفة محفوفة بالمخاطر ما لم تتبعها إجراءات صارمة تلتزم بها قيادة المؤتمر الوطني أولا وتلزم بها القواعد، ولسنا في حاجة للإسهاب في هذا الجانب لان المتطلبات كثيرة، إلا أننا نرى أن محاربة الفساد والمفسدين يجب أن تكون أولي سياسات الإصلاح التي تبدأ بالجهاز الحكومي لتشمل من هم تابعين للمؤتمر الوطني و لغيره في الحكومة العريضة، والسعي لاستعادة الأموال المنهوبة ومحاكمة من تثبت إدانتهم حتى يكونوا عظة لغيرهم، ثم اختيار الأصلح والأكفأ لتنفيذ هذه السياسية الاقتصادية ولإدارة شئون المواطنين حتى لا تصبح ما تطرحه الدولة من برامج اسعافية لامتصاص أثار هذه الوصفة الاقتصادية مصدر دخل للمفسدين والمنتفعين، وعلى الحكومة أن تبدأ بنفسها وتعمل جادة على تقصير ظلها وإعادة هيكلة الدولة بما يدفع باتجاه الإصلاح الاقتصادي. · ولو رجعت الحكومة إلى أضابير توصيات المؤتمرات الاقتصادية المختلفة لوجدت فيها الكثير من الحلول لما تواجه من أزمة اقتصادية هي من صنع أيديها، لقد تضمنت توصيات المؤتمر الوطني للإصلاح الاقتصادي الكثير من الحلول والبرامج الإصلاحية ما كان كفيلا بأن يخرج الاقتصاد الوطني من وهدته عبر الاستفادة مما هو متاح له من موارد وعائدات نفطية وتوظيف ذلك في تحديث البنية التحتية الاقتصادية للدولة ودعم القطاع الخاص بحل معوقاته وتقليص ما هو مفروض عليه من أعباء مالية وضريبية والاهتمام بالقطاعين الصناعي والزراعي الخاص وتوسيع مظلتهما الإنتاجية بتقديم أفضل الخدمات والدعم لهما لتحريك عجلة الإنتاج لدعم الناتج المحلي والإجمالي، وهذه سياسات كان يفترض أن تأخذ بها الدولة خاصة في تنفيذ برنامج الخصخصة الذي لم ترى فيه الدولة غير التخلص من مؤسسات القطاع العام، عبر ما تم انتهاجه من طرق تجعلنا نطالب بإعادة فتح ملف الخصخصة لمعرفة نتائج البرنامج وما حققه من مردود ايجابي على الاقتصاد. · وما نود الإشارة إليه أن ما يحدث الآن في واقعنا الاقتصادي هو محصلة مجموعة سياسات اقتصادية ونقدية تسأل عنها الحكومة القاسم المشترك بينها أنها أضرت بالاقتصاد وألحقت به فشلا كبيرا وقادت في نهاية الأمر لاتخاذ مثل هذه الوصفة القاسية التي سيكون لها تأثيرا سالبا على المواطن، والتي إن لم تتبعها تحولات باتجاه الإصلاح الشامل سياسيا واقتصاديا وتنمويا ستكون عواقبها كارثية على البلاد، ونتائجها أشد قسوة على الاقتصاد، والمطلوب أن تسارع الدولة بانجاز المشاريع القومية في الوقت المحدد حتى تدخل دائرة الإنتاج وتصبح ذات قيمة مضافة للاقتصاد الوطني لامتصاص أثار هذه القرارات، نقول ذلك وفي الذهن الكثير من هذه المشاريع التي تم الصرف عليها من عائدات النفط أو القروض بطريقة من لا يخشون الفرق. · وأخيرا فإن الأزمة الاقتصادية ليست هي الوحيدة فالبلاد تجابه أزمات عدة كلها تستوجب حلولا على ذات النهج " الكي بالنار " حتى يتم ادخار ما يوجه إليها من موارد لدعم الاقتصاد وتسريع معدلات نموه حتى تحقق تلك الوصفة نتائجها وتعيد للاقتصاد عافيته كما هو مقدر لها . عادل الريح محمد عضو جمعية الصحفيين السودانيين بالسعودية