وقعت الإنقاذ في ليلة ظلماءعقمت فيها حواء السودان من الولادة، مثل قنبلة هيروشيما أو نجازاكي في منتصف السودان فأحالته هشيماً بلقعاً خربا مهمشاً ركاما، وحتى ماء نيله العذب الذي يتشكل ثلاثيا يخلب الألباب فهو لأحياء العاصمة المثلثة أضحى كسراب بقيعة يحسبه السكان ماء فإذا بالماسورة تشخر وتخر هواء، وأحياناً كان يأتي متقطعاً ملوثاً بالطمي أو مائلاً للسواد كبترول الجنوب الذي جاء سراباً وسار في الأنابيب سراباً وتم تصديره وحصد الشعب سرابا مثله كمثل ذهب إرياب وقطن الجزيرة وصمغ كردفان الطلح والهشاب الذي تفتت وضاع كالمؤسسات والخطوط صار رهاب. فتسمع به وتصم أذنيك طبول انتاجه وجمعه وترحيله وينتشي المواطن وبصره مركز على الشاشة الغشاشة يرعى غنم إبليس بهطول موسيقى مليارات عبر تلفزيونيات إنقاذية فقد صرنا دولة بترولية ذهبية صمغية قطنية وينتظر الشعب طويلا ويصبر فلاتظهر أي بارقة أمل ولا حتى تحسن طفيف في معيشة الشعب الملهوف للرقي والإزدهار ويرتد بصره سنين عددا خاسئاً وهو حسيرويسف التراب.فالإنقاذ وقعت كالصاعقة على نافوخه ولايهمها أصلا هذا الشعب ولا المواطن المسكين الغلبان لهذا هجمت سعرانة للتمكين مثلها كأي طفيل كالبوده في الدرة أو الهالوك في الفول المصري أو كأعشاب النيل تنتشر من المركز وتتغلغل وتتمدد حتى تعم كل الجسد لدرجة يصعب جريان ماء النيل الأبيض للشمال نحو الهدف والمصب وسريان الدماء في الأوردة والشرايين لتغذية الأجهزة الأساسية كالقلب والكلى والكبد والمخ والأطراف فلا يصل بسهولة لهذه الأجزاء ولمصبه بأسرع ما تيسر ليبثه الحيوية والنشاط فيجف رويداً رويداً وتتقصف أطرافه وتنشف وتتساقط جهة إثر جهة وتتساقط الواحدة تلو الأخرى طلباً للحياة فتنفصل كما تفعل الهيدرا أو الأميبا عسى ولعل. ثم تتكور الإنقاذ على نفسها مركزيا كالإخطبوط وتتضخم وتمدد أرجلها في كل الإتجاهات وتضع معظم ثقلها جاهها وثروتها وسلطتها البترولية وكل أموال الشعب في أيدي معينة محتكرة في وسط القلب تبدوكالمغناطيس وتلوح به للطاش والضهبان من المعارضة والشفقان لتجذب به أكبر عدد كان من هذه الأحزاب، فتتوالى عليها من الجوانب والأطراف كالذئاب الجائعة النهمة والعطشى لتنهش من لحمة الجسد الهزيل المرمي وهو يئن أولتسقط في أطراف صحن عسلها المكشوف كسقوط الذباب المتكالب على إمتصاص رحيق الحياة التي جف ريقها ونشفت عروقها أو كتدافع فئران (آوت بريك) في مشروع سندس أوغيط جاف أو جزيرة مهملة في شراك قصعة ممتلئة بالطعم الجاذب وضع في تلاقي طرق المنتصف فتتهافت الفئران على الكنز المجهول. فتوالى وتتابع الكثيرون من المعارضين وسقطوا في ثقب الإنقاذ الأسود المهول الذي يجذب بقوته الدولارية المغناطيسية الهائلة كل من يقترب من حافته المسمومة الطازجة. وهكذا كان التمكين فمن هجم مع المرتعشين في الداخل مفقود.. مفقود والذي في الخارج وهو يحاول أن يصيب فيصاب فيزحف للولوج أو يهرب مكبلاً للخروج فيتوه من في الداخل ويتلمس من في أطراف الخارج الإفلات من المتاهة المجبوكة الغامضة. فيجب التحوط للمياعة واللزوجة اللاصقة الإنقاذية القذرة التي تتصيد الجرزان بكل سهولة ويسر للدخول في شباك الشراك والمتاهة طوراً بالرشى والمال وطوراً بالحوار الثنائي وتارة بالمناصب والمكاتب الإستشارية أو المناصب ذات المرتبات الفلكية. فبدون تخطيط حقيقي منضبط للشباب وللأحزاب والحركات والمجتمع المدني في كل المدن وتقوية إعلامية وقناة تلفزيونية جادة حقيقية حاسمة وإرادة فولاذية متكاتفة متعاونة وتجاهل المخذلين والمنتفعين والذين يلعبون على الحبلين والمتعلقين بأذيال النظام وإسقاطهم مرة واحدة مع إسقاط النظام بمثل سقوطه وسقوط قنبلتي هيروشيما ونجازاكي المربك المفاجيء ، وإلا فالسقوط المروع الداوي للجميع وللوطن المفجوع بأبنائه.