تؤكد الوقائع الجديدة الثابتة على الأرض أن ثورات الربيع العربي قد نجحت حتى الآن في إسقاط أربعة أنظمة استبدادية عاتية في تونس، ليبيا ، مصر واليمن ، وتوشك على إسقاط النظام القمعي في سوريا ، وتهدد بالانتشار في بلدان أخرى لم يفهم حكامها الاستبداديون بعد الأثر الثوري العميق الذي أحدثته ثورات الربيع العربي في سائر شعوب العالم والرغبة الشعبية العالمية الجارفة في تحقيق الديمقراطية الحقيقية والقضاء على الدكتاتورية اياً كانت صورها ومهما تدثرت بأي أثواب سياسية أو دينية أو ثقافية، لكن يبدو أن ثورات الربيع العربي سوف لن تكتفي مطلقاً بانتاج الآثار السياسية بل ستكون لها آثار تكنولوجية ثورية ستساهم بقوة في تفجير أخطر ثورة في التاريخ البشري وهي ثورة المعلومات والاتصالات المفتوحة والتي يُمكننا أن نطلق عليها مجازاً "ثورة اتصالات الربيع العربي" فقد ورد في آخر الأخبار التكنولوجية الصادرة عن معهد التكنولوجيا المفتوحة الأمريكي أن تحكم الدول الاستبدادية في العالم الثالث في وسائل الاتصالات وقيامها بشكل متكرر بقطع الاتصالات وحجب المعلومات لمنع الحراك الثوري للناشطين السياسيين المعارضين لها كما حدث في مصر وتونس قد شكل دافعاً أساسياً للبدء في تنفيذ مشروع تكنولوجي جديد يحمل إسم "ثورة" وهو مشروع متطور ينفذه خبراء أمريكيون بدعم مالي جزئي من الحكومة الأمريكية وهدفه الأساسي هو تمكين الانسان من الحصول على المعلومات والاتصالات مجاناً بل وتمكينه من التمتع بخدمة اتصالات مجانية حتى لو تم قطع الاتصال بالانترنت! إن الشق الفني والثوري لمشروع "ثورة" وفقاً لما ورد في موقع معهد التكنولوجيا المفتوحة يقوم على اختراع جهاز لاسلكي قادر على تحويل الحلم إلى حقيقة وتمكين الانسان من التجول بحرية مطلقة في فضاء الانترنت دون الكشف عن هويته وإجراء أي اتصالات محلية أو دولية مجاناً وإبطال مفعول الرقابة الحكومية الاستبدادية على مصادر المعلومات والاتصالات وبالتالي فتح الباب واسعاً أمام الناشطين السياسيين في دول العالم أجمع لتبادل المعلومات والاتصالات الثورية دون أي معوقات أمنية تعسفية مما سيساهم بشكل حاسم في نشر الديمقراطية وإسقاط ما تبقى من دكتاتوريات متخلفة في سائر أنحاء العالم! من المؤكد أن الآثار الجانبية بعيدة المدى لثورة الاتصال الحر سوف تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء احتكار الاتصالات والمعلومات من قبل شركات الاتصالات الكبرى في كافة دول العالم بما في ذلك الولاياتالمتحدةالأمريكية نفسها كما ستؤدي بشكل عملي إلى تعطيل مفعول قوانين الملكية الفكرية إلى حد كبير إذ سيصبح تحميل البرامج الفنية والصناعية مجانياً ومتاحاً للجميع دون أي رسوم ولا شك أن مجانية الاتصال المحلي والدولي ومجانية المعرفة ستكون لصالح أغلبية سكان العالم وغني عن القول إن الشركة الأمريكية صاحبة المشروع سوف تجني ثروة طائلة من تسويق "ثورة" أما الحكومات الاستبدادية التي مازالت تراهن على أساليب القطع والحجب التقليدية فسوف تصاب بصدمة سياسية تاريخية عندما ينقلب السحر على الساحر وتقوم عصاة "ثروة" السحرية بابتلاع كل الحيات الالكترونية التقليدية وتكشف كل مستور إلى درجة أن قدرة موقع ويكيليكس على تسريب المعلومات الرسمية السرية ونشرها سوف تصبح مجرد لعب عيال بالقياس إلى قدرة جهاز "ثورة" الذي يؤكد خبراء التكنولوجيا المفتوحة أنه سيجعل الحصول على الاتصالات والمعلومات مجانياً ومتاحاً كالحصول على الهواء! فيصل الدابي المحامي