السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يجب أن يُنْصَب للملك فيصل تمثال بالجمرة الكبرى؟ قصتي مع صحيفة الرأي العام 2006م

القمة الثالثة عشرة لدول عدم الإنحياز كانت في هافانا في عام 2006م وكتبت وقتها مقالة لصحيفة الرأي العام، وكان كمال حسن بخيت رئيسا جديدا للتحرير بينما وجدي الكردي محررا وله عمود بها قبل أن يستقل بنفسه بصحيفة حكايات...وكانت حكاية!!
كتبت للرأي العام وقتها مقالة صغيرة عن مؤتمر دول عدم الإنحياز الذي أنعقد في هافانا، وكانت المقالة رائعة من زاوية إقتصادية وقد تساءلت في المقالة لماذا وقتها أي في العام التأسيسي للمنظمة في باندونج 1955م لم تلتف دول عدم الإنحياز حول مقترح عملة دولية جديدة؟ أو لنقل لماذا لم تفعل في الأعوم التالية، فعمر المنظمة الآن هو سبعة وخمسين عاما. فلو تبنت هذه الدول فكرة عملة دولية جديدة وقتها أو على الأقل ألتفت حول العملة السوفيتية الروبل في التجارة الخارجية واستخدامها كوعاء للإحتياطيات النقدية، إضافة إلى اسلوب المقايضة bartering بدلا من دولار صندوق النقد الدولي 1944م، لتغير مسار تاريخ البشرية.
ولفائدة القارئ نعيد بعض ما في كتابنا "جهاز الإحتياطي الفيدرالي وبنك أنجلترا على طاولة التشريح السودانية"، ونقول، عملتا اليورو والدولار عملتان دوليتان مثلهما مثل الجنيه السوداني أو المصري أو الأريتري الخ، فأية عملة وطنية تابعة لدولة ما عضوة في الأمم المتحدة هي عملة دولية، طبقا لإتفاقية بريتون وودز 2-22 يوليو 1944م. هذا عكس الحقبة البريطانية أي ما قبل بريتون وودز إذ لا تعتبر عملات دول العالم دولية ما عدا الإسترليني – هكذا خططت بريطانيا لإستنزاف موارد مستعمراتها السابقة. ولكن عرفا وبعد تحطم الدول الغربية الصناعية في الحرب العالمية الثانية التي أشتعلت بمؤامرة يهودية صهيونية لإعادة صياغة أوروبا القديمة على مقاس الدولار اليهودي، أو بسلاح القوة والبلطجة السياسية لاحقا، وقطعا صنع الحروب الإقليمة والرشاوي والإغتيالات والتجبين intimidation أصبحت عملة الدولار هي العملة "المتعارف" عليها دوليا. لقد قاومت بخفية الولايات المتحدة الأمريكية ويهودها ظهور عملة اليورو وهو ما زال فكرة، ولكنهم فشلوا، فظهرفي الأول من يناير من عام 2002م للوجود. لذا بهذه العملة الجديدة قاسمت "أوروبا القديمة" كل من واشنطون ولندن (ويهودهم) نصف خيرات العالم. في الواقع العملي عملة الدولار تملكها بريطانيا وليست الولايات المتحدة الأمريكية، بينما يملكها اليهود حقيقة وليس مجازا لغويا.
ومع ذلك، هل عملتا الدولار واليورو دوليتان بحق وحقيق؟ الجواب كلا. فحتى ولو قلنا أن العملة السودانية أو المصرية الخ عملات دولية، فهو على السياق النظري الصرف فقط، فالدول الغربية الكبرى تدرك تماما أن دول العالم الفقيرة، ما عدا الدول البترولية، لا تستطيع إبراء ذمة عملاتها لدى الغير. ومعنى الإبراء لدى الغير، هل تستطيع عملة دولة ما أن تعطي حامل ورقتها البنكنوتية في وقت مقابل مادي مفيد؟ ينطبق هذا السؤال التقريري على الدول البترولية إلى حد كبير بل بشكل مطلق. لذا اية دولة بترولية يمكنها أن تضع عملتها على طاولة العالم بلا وجل وأن تطبع منها ما تشاء، نكرر ما تشاء، خارج حدودها، لعلمها أن الغير القابض على عملتها في أية لحظة يمكنه أن يشتري بترولها – فالطلب على البترول ثابت. وهذا ما تفعله الولايات بالضبط – تطبع ما تشاء من ورقة الدولار خارج حدودها وتتلقى كل موارد العالم في إتجاه الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن هل الدولار مغطى بقيمة مفيدة مادية ما؟ هل مغطى بالذهب مثلا؟ كلا، منذ أغسطس 1971م أوقف ريتشارد نيكسون غطاء الدولار بالذهب. هل تغطي الولايات المتحدة دولارها بالبترول مثلا؟ الجواب نعم، ولكنها لا تملك هذا البترول – فالبترول بترول العرب. لذا سمى الدولار ببترودولار petrodollar سخرية من العرب.
ونعود للسؤال السابق مرة أخرى: هل عملتا الدولار واليورو دوليتان بحق وحقيق؟
الجواب على هذا السؤال لا معنى له إذا أفترضنا أن كل عملة وطنية في العالم هي عملة دولية، وهنا تكمن الخدعة الأمريكية أو الغربية عموما. الصحيح أن نعيد صياغة السؤال كالتالي: ما هي شروط العملة الدولية؟ ورغم بديهية السؤال، لكن الإقتصاديون يسقطون في رذيلة العادة، ويعيدون المكرور وإعادة المكرور، ولا يخطر على بالهم السؤال: "ما هي شروط العملة الدولية". فالبشر عبيد للعادة.
الجواب: أن تكون العملة الدولية عملة مستقلة بذاتها وليست ملكية تابعة لأية دولة، أي أن كل العملات الوطنية (اليورو والدولار عملات وطنية) لا تصلح كأن تكون عملات دولية، إذا رغبنا أن تقاس كل العملات الوطنية بعملة ما – لتسهيل التجارة والمبادلات الخ.
أكتفي بهذا القدر، ولكن لا يفوتنا القول إذ تعتبر قمة طهران السادسة عشرة لدول عدم الإنحياز التي تدور أحداثها اليوم أهم قمة في سياق الصيرورة التاريخية – وتعتبر كلمة قائد الثورة الإيرانية علي الخامئني هي خلاصة تطلع الفكر البشري أو سقفه. وما يرعب دولة إسرائيل (ملاك عملة الدولار) وواشنطون ولندن وبقية العواصم الغربية ومعهم الرياض وقطر وأبوظبي والكويت الخ هو أن تجر الجمهورية الإسلامية الإيرانية دول عدم الإنحياز إلى تغيير بنية النظام النقدي العالمي، إما بعملة دولية مستقلة، أو الإنحياز لعملة الروبل الروسية – بهذا المعنى أرسل فلاديمير بوتين برقية للمجتمعين في طهران أن روسيا الإتحادية على إستعداد تام لدعم مجموعة ومنظومة دول عدم الإنحياز.
لعلم القارئ الكريم..كل الصراع الظاهر للعيان دوليا هو حول العملة الدولية ولكن بشكل مبطن، وان اية "حرب باردة" تطلقها واشنطون هي حرب لمحاصرة نشوء عملة دولية جديدة، وأن أية دولة تتمرد على اليورو أو الدولار تعتبر دولة مارقة وتوضع فورا في قائمة محور الشر وهكذا دواليك..نرجع لصحيفة الرأي العام...
لو كان الأمر بيدي، لوضعت جثمان الملك فيصل في منى حيث ترمى تلك الجمرات، عموما في مقالتي للرأي العام عن مؤتمر دول الإنحياز في هافانا عام 2006م وضعت الحوار التالي الصغير في المقالة على لسان الملك فيصل:
ارسلت رئاسة وأمانة سر المؤتمر رسالة إلى (الدولة السعودية) تطلب منها إرسال وفد يمثلها في (مؤتمر الشعوب) وعلى الرغم من كون المؤتمر (مؤتمر شعوب) فقد كانت السعودية اكثر واقعية حينما رفضت ارسال وفد عنها بحجة (انّه لا يوجد شعب ولا ممثلين عنه غير الدولة السعودية). وكان يرأس أول مؤتمر للشعوب الآسيوية الأفريقية أنور السادات وسكرتيره يوسف السباعي وأثناء انعقاد المؤتمر عقد فيصل مؤتمرا صحفيا غايته ان يتبرأ فيه باسم حكومته من هذا الشخص الذي مثل الشعب "السعودي" بهذا المؤتمر. ووجهت مجلة "المصور" لفيصل الاسئلة التالية التي اقحم فيها تعبيره عن (حبه) لأمريكا بطريقة غير مناسبة:
سؤال: ما سبب رحلة سموكم إلى امريكا؟..
جواب: السبب هو انني اصدق صديق لأمريكا لكن الامريكان مع الاسف الشديد لم يقدروا هذه الصداقة حتّى الان ..
سؤال: وما هو رأي سموكم بعد ارسال (الحكومة السعودية من يمثلها) في مؤتمر الشعوب الإسلامية الاسيوية الافريقية؟ وما رأيكم بالشخص الذي يمثل الشعب في المؤتمر؟
فكان جواب فيصل ما يلي: (نحن ليس لدينا شعب حتّى يمثله احد.. وليس لدينا مثقفين لنرسلهم لحضور مثل هذه المؤتمرات .. وهذا المؤتمر ليس مؤتمر للدول حتّى نقرر الموافقة على حضوره أو عدم الحضور).
هذه الفقرة أعلاه قطعتها صحيفة الرأي العام 2006م ونشرت بقية المقالة ناقصة. هل قطعها كمال حسن بخيت، أم وجدي الكردي – لا أدري؟ فقررت فورا قلب الطاولة مع الصحيفة فكان أول عهدي بالصحف الألكترونية، وضعت في سودانيزاونلاين المقالة كاملة وشرحت بمقالة أخرى أين تم قص المقالة. ومن يومها وضعتني صحيفة الرأي العام في القائمة السوداء – قطعا بمزاجي. فلي سأسوأ من أن تفضح صحيفة أورئيس تحرير.زلن يغفروا لك.
بعد ستة أعوام من هذه الحادثة نجد أنفسنا مجددا مع دول عدم الإنحياز ولكن هذه المرة في طهران. أين علي إسماعيل العتباني الذي يدافع عن دول الخليج؟ وأين صحيفة الرأي العام التي تشارف على الإفلاس؟ وأين أنتهي كمال حسن بخيت كمناضل بعثي قديم؟ وهل وجدي الكردي راضيا عن صحيفة بوليفارد يسمونها زورا "إجتماعية" تعني بالهشك بشك وفضائح الخرطوم؟ ولعلنا نكتب قصة الملك فيصل كاملة هنا من مصادرنا للعبرة والتاريخ بمناسبة قمة طهران:
إنعقاد أول مؤتمر لشعوب آسيا وأفريقيا بالقاهرة عام 1957
عبد العزيز يتفرج حول تهويد فلسطين:
في العدد 1637 من مجلة "اخر ساعة" الصادر في مايو 1966 كتب الكاتب الفلسطيني وجيه ابو ذكرى ضمن مقالة طويلة بعنوان (هكذا ضاعت فلسطين وهكذا تعود) يقول تحت عنوان (ملوك الذهب والصحراء): ثم (يأتي الدور الخطير الثالث من اسباب هزيمتنا عن ارض فلسطين .. وهو دور عبد العزيز آل سعود فلم يكن الشعب العربي يطلب منه رجالا أو سلاحا.. كل ما كان يرجوه ان يضغط على اصدقائه الامريكان لكي يضغطوا بدورهم على العصابات الصهيونية وكانت وسيلة الضغط: ذلك السلاح الرهيب الذي يملكه العرب حتى الان ولم يحاولوا اشهاره في وجه العدو .. سلاح البترول).
وتعليقنا على فقرة وجيه أبو ذكرى..نقول، أن الملك فيصل قطع البترول في أكتوبر من عام 1973م بأمر من واشنطون لكي تنشل وزارة الخزانة الأمريكية الدولارات الزائدة في البنوك المركزية العالمية..ومع ذلك روجوا كذبة كبيرة إنه قطع البترول لتحرير القدس!!
ثم يأتي دور فيصل:
منذ الصغر وفيصل يحمل الحقد لاخيه سعود يخفيه حينا ويظهره أحيانا لإعتقاده (إنه أذكى) من سعود و(أثقف) لانه تربى تربية انكليزية على يد فيلبي وهي في نظره تربية خاصة لم يحظ بها سعود ولا سواه من افراد العائلة عدا عبد العزيز .. ومما كان يشيعه عن نفسه منذ صغره (انّه يتكلم بسبع ألسن .. بينما لا يعرف سعود إلا لسانا واحدا) أي انّه يجيد سبع لغات.. وهذا غير صحيح لكن إشاعة (السبعة ألسن) هذه إشاعة من فيصل نفسه اراد بها ان يقول انّه استعاض عن فارق السن التي هي سبع سنين يكبره فيها سعود بسبع لغات إذ ولد سعود عام 1317ه وولد فيصل عام 1324ه وكان بهذه (السبعة ألسن) المزعومة لا يخدع الا والده عبد العزيز الذي لا يعرف غير العربية والأمي بكل معنى الكلمة وكان فيصل يقول ان تعيين سعود وليا للعهد (ما هي الا إرادة عبد العزيز الذي اراد ان يورث البلاد وشعبها وحكمها لكل اولاده وأحفاده) الذين لا حصر لهم ولا عدد بالتسلسل كل حسب تقدمه بالسن لتظل جزيرة العرب "سعودية" ان صح له ما يريد، ويسكت فيصل على مضض لكنه لا يترك خطيئة من خطايا سعود الا ويستغلها للوصول إلى سرير الملك .. وما اكثر اخطاء سعود وخطاياه وجرائمه التي لا تفوقها سوى جرائم فيصل وآل فهد .. لكنه ماذا يفعل وأمريكا كانت تقف إلى جانب سعود وتدعمه؟
لابد اذن ان يثبت فيصل بوضوح لامريكا انّه اكثر اخلاصا لها من سعود .. فاتصل بسفراء أمريكا وبرؤساء شركة ارامكو مرارا وتكرارا ليقنعم انّه اجدى لهم وابقى لمصالحهم من سعود..ومع ان الجميع يقرون بصلاحيته الا ان جوابهم له: انّه لم يحن الوقت لازاحة سعود فهو لم يزل صالحا للاستعمال.
وفي عام 1957 سافر فيصل إلى أمريكا ومكث مدة مبديا للمسؤولين الامريكيين تذمره من سعود واجتمع بوزير خارجية أمريكا آنذاك جون فوستر دالاس..وبالرئيس الامريكي السابق ايزنهاور شاكيا لهما سوء تصرفات سعود موضحا تخوفه مما ستجره هذه التصرفات على العرش السعودي الذي سيدركه الخطر فيما لو استمر سعود على حالته وفي ذلك خسران مبين لمصالح الامريكان والعائلة السعودية.. واوضح لم إنّه لا يريد ان يحدث شيئا ما لم تكن أمريكا على علم به ورضا عنه..
وقال لهم فيصل: (انني اقول لكم بصراحة ان هناك من الامريكان المسؤولين عندنا من يكتب لكم ضدي ويزعم ان سعودا اكثر اخلاصا لامريكا مني ولكنهم على خطأ فانني اصدق صديق لامريكا وشكا لهما من مستشاري سعود امثال يوسف يس وجمال الحسيني.. ورغم ذلك فان دالاس وايزنهاور لم يعطيا اهمية كبرى لكلامه مع ثقتهما باخلاصه لامريكا ..إلا انهما ابلغاه بوجوب التعاون مع سعود وانهما سيبلغان سعود باعطاء فيصل صلاحيات اكثر من صلاحيات ولي العهد فيتنازل سعود عن رئاسته لمجلس الوزراء ليتولاها فيصل بالاضافة إلى ولاية العهد وزارة الخارجية وحينئذ يصبح اتصاله بالحكومة الامريكية اكثر من ذي قبل.
فعاد فيصل مسرورا بالوعود ومر بطريقه بالقاهرة ومكث بضعة ايام فيها استأجر جناحا بفندق شبرد ليستقبل فيه من يريد استقبالهم من غير الخاصة لمدة ساعة في النهار بينما هو يقيم متنقلا بين قصوره في طريق المطار وجاردن سيتي وفي تلك الايام وافق مجيئه انعقاد اول مؤتمر لشعوب اسيا وافريقيا بالقاهرة عام 1957.
وارسلت رئاسة وامانة سر المؤتمر رسالة إلى (الدولة السعودية) تطلب منها ارسال وفد يمثلها في (مؤتمر الشعوب) وعلى الرغم من كون المؤتمر (مؤتمر شعوب) فقد كانت السعودية اكثر واقعية حينما رفضت ارسال وفد عنها بحجة (انّه لايوجد شعب ولا ممثلي عنه غير الدولة السعودية). وكان يراس اول مؤتمر للشعوب الاسيوية الافريقية انور السادات وسكرتيره يوسف السباعي واثناء انعقاد المؤتمر عقد فيصل مؤتمرا صحفيا غايته ان يتبرأ فيه باسم حكومته من هذا الشخص الذي مثل الشعب "السعودي" بهذا المؤتمر.. ووجهت مجلة "المصور" لفيصل الاسئلة التالية التي اقحم فيها تعبيره عن (حبه) لأمريكا بطريقة غير مناسبة:
سؤال: ما سبب رحلة سموكم إلى امريكا؟..
جواب: السبب هو انني اصدق صديق لامريكا لكن الامريكان مع الاسف الشديد لم يقدروا هذه الصداقة حتّى الان ..
سؤال: وما هو رأي سموكم بعد ارسال (الحكومة السعودية من يمثلها) في مؤتمر الشعوب الإسلامية الاسيوية الافريقية؟ وما رأيكم بالشخص الذي يمثل الشعب في المؤتمر؟
فكان جواب فيصل ما يلي: (نحن ليس لدينا شعب حتّى يمثله احد.. وليس لدينا مثقفين لنرسلهم لحضور مثل هذه المؤتمرات .. وهذا المؤتمر ليس مؤتمر للدول حتّى نقرر الموافقة على حضوره أو عدم الحضور).
عموما ما هي جريمة الملك فيصل؟ لماذا يجب أن يُنْصَب للملك فيصل تمثال بالجمرة الكبرى؟ شرح جريمته لن تجده إلا من عندي!! هذه ليست مبالغة!! وإليك هذه القصة الخفية:
يعتبر مخاض ونتائج الحرب العالمية الأولى أهم من الثانية، والثانية ليست سوى ضجة فارغة. ما تم في الحرب العالمية الأولى أسس بنية النظام الدولي الذي نعيشه الآن، بينما الثانية ليست سوى إكمال للأولى لقطف مستحقات آجلة الدفع، وكلاهما من صنع اليهود والصهوينة العالمية.
ففي الحرب العالمية الأولى نجح اليهود الصهاينة في ثلاث وفشلوا في ثلاث فأداروا الحرب العالمية الثانية:
1) تأسيسهم ل "جهاز الإحتياطي الفيدرالي" كبنك مركزي قطاع خاص في 23 ديسمبر 1913م بخدعة الشعب الأمريكي، أصوله تملكها البنوك التجارية اليهودية النيويوركية الضخمة ليهمان برزر، جي. بي. مورجان، يعقوب شف، لوهن آند كوهنة الخ.
2) إسقاط أسرة نيكولاي رومانوف، وإبتلاح روسيا القيصرية على يد البولشفيك أكتوبر 1917م،
3) وعد بلفور، أن تكون فلسطين وطنا لليهود. هذه الصفقة ما زال المثقفون العرب يجهلونها في العمق. فحتى صيف عام 1916م كانت بريطانيا وحلفاؤها مهزومين هزيمة مرة بل مطلقة، ولم يتبقى سوى أسبوع واحد وتعلن بريطانيا إستسلامها capitulation السياسي والعسكري بلا شروط. هنا تدخل اليهود الصهاينة وقالوا لبريطانيا: لا تستلموا، نحن مستعدين دحرجة الولايات المتحدة الأمريكية في حرب ضد ألمانيا لصالحكم شرط إعطائنا فلسطين، وقد كان.
أما الفشل:
تم تصميم الحرب العالمية الثانية بأسلوب الأرض المحروقة لإعادة "صياغة" أوروبا القديمة من جديد، ثم لإستعادة الإتحاد السوفيتي من قبضة جوزيف ستالين 1934م، ولتهجير اليهود الأوروبيين والشرقيين لفلسطين بصنع عامل طرد ديموغرافي، ثم أخيرا مؤتمر بريتون وودز 2-22 يوليو 1944م وفيه تم فرض دولار (جهاز الإحتياطي الفيدرالي) كعملة دولية، ثم تأسيس صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في نفس هذا المؤتمر، وكما أسست فكرة الأمم المتحدة في نفس العام 1944م في اجتماع على طراد بحري في المحيط الأطلنطي – كل هذا والحرب ما زالت مشتعلة تأكل الأخضر واليابس وقد أنتهت في 8 مايو 1945م!!
ما يهمنا هو الملك فيصل!! ففي مؤتمر بريتون وودز 1944م وافقت ال 43 دولة الحضور طلب الولايات المتحدة كأن يصبح الدولار العملة الدولية بشرط أن يكون مغطيا بالذهب – أونصة ذهب مقابل 35 دولارا. ما أن حل عام 1967م حتى أمتلآت البنوك المركزية العالمية بعملة الدولار، خاصة الياباني، والألماني والفرنسي (أنسى بريطانيا قد قلنا أنها تملك الدولار!). طالبت هذه الدول الثلاثة واشنطون بالذهب مقابل إحتياطيها الدولاري!! تهربت واشنطون، ثم طلبت من اليابان والماينا شراء سندات الخزانة الأمريكية بدلا من الذهب، وافق الألمان واليابانيين، كلاهما تحت استعمار الحلفاء، بينما شارل ديجول فرنسا قال لا، بل قال: لا أشتري ديون أمريكا بدولاراتي!! وطالب بالذهب..!! عام 1968م حركت ال CIA ثورة الطلاب الفرنسية ونقابات العمال اليسارية بقيادات يهودية ضد ديجول وعمت هذه لاثورة بعدها بقية أوروبا فخسر ديجول الإنتخابات وأعتزل!!
الأزمة ما زالت مستمرة!! ماذا تفعل بمئات الأطنان من الورق يسمى الدولار مقابل الملايين والملايين من العمل والإنتاج المرهق والمجهد؟ هل تعرف كم يحتاج من الجهد البشري لصنع عربة المرسيدس؟ ما أن حل شهر أغسطس 1971م حتى أعلن ريتشارد نيكسون رسميا ألا ذهب بعد اليوم مقابل الدولار!! لقد حطم أتفاقية بريتون وودز وأدخل كل العالم في غضب عارم وربكة رهيبة!! الأعوام 1971-1973م هي أعوام مشهورة، وتميزت بمؤتمرات عالمية مكثفة ما بين دول الشمال والجنوب، ولم تناقش قضية الدولار "الأقرع" فحسب، بل نوقشت أيضا على مدى ثلاث سنوات أسس نظام نقدي وإقتصادي عادل، واسعار الخامات الخ كانت ثورة اقتصادية عالمية لعبت فرنسا (فاليري جيسكار ديستان) بهدوء وخبث في إمتصاصها.
وبينما كان العالم يغلي في الأعوام 1971-1973م ضد الدولار وأصحابه وأقتربت الرؤية كأن تعمل كافة الدول بسلة عملات لعب اليهودي الصهيوني هنري كيسينجر لعبته القذرة مع الملك فيصل خلف ظهر العالم. فالمقبور فيصل لم يقطع البترول في 17 أكتوبر 1973م بأمر من هنري كيسنجر فحسب لكي تنشل واشنطون دولارات "حلفائها الأصدقاء"، بل –وهو الأخطر- ايضا شاغب فيصل دول الأوبيك لكي لا تبيع زيتها إلا بالدولار!!
هذه النقطة الأخيرة هي التي يجب أن تركز عليها ايها القارئ الكريم: ماذا يعني ألا تبيع دول الأوبيك زيتها إلا بالدولار حصرا؟
هنالك حوالي 160 دول لا تنتج البترول في العالم الأول أو الثاني أو الثالث، وقد تبلغ فاتورة البترول أو تعادل 70% من دخل الصادر السنوي للدولة من دول العالم الثالث – وربما قد لا تستطيع دفعها في أكثر الأحوال..وهي أكبر فاتورة على الإطلاق. الآن فكر معي قليلا، لكي تدفع فاتورة البترول الضخمة لدول الأوبيك بعملة الدولار حصرا (كما أجبروك!!) فأنت مضطرا أن تبيع كل صادراتك حصرا بعملة الدولار. وعليه، أصبح الطلب على الدولار ثابتا، بل لا يمكن الإستغناء عنه، إلا إذا حدثت حادثة درامية مثل ظهور عملة دولية ثانية مثل اليورو، أو ثالثة مثل الروبل، أو حتى لو طبقنا أسلوب هوجو شافيز أي المقايضة بترول مقابل سلع وخدمات والأستغناء عن العملات الدولية الغربية.
هذه الخدعة الكيسنجرية الفيصلية هي التي صنعت الأمبراطورية الأمريكية!!
لكي تمتص واشنطون صدمة ظهور عملة اليورو وخطرها على الطلب الدولي على الدولار استعدت واشنطون لليورو منذ عام 1990م بشكل إستباقي – دحرجت صدام حسين نحو الكويت وأحتلت دول الخليج بالبوارج البحرية ولوحت للجميع بصدمة الديموقراطية!! أما غير دول الخليج مثل إيران، فنزويلا فسوريا وهؤلاء قرر جميعهم بيع زيتهم بغير عملة الدولار اي باليورو – وضعتهم واشنطون جميعا في خانة محور الشر. لماذا كل هذا الإستعداد الأمريكي الإستباقي؟
ببساطة نقول، لو قررت دول الأوبيك عام 2002م (وقت ظهور اليورو) مثلا بيع زيتها بعملة اليورو حصرا لتحولت ال 160 دولة غير المنتجة للبترول إلى عملة اليورو في التبادلات التجارية واستخدام اليورو كأحتياطي نقدي...وهكذا دواليك، لو قررت الأوبيك بيع زيتها حصرا ب Cuمن العملات لتحولت ال 160 دولة غير المنتجة للزيت للعملة Cu. فهي مثل المعادلة الرياضية (متغير مستقل ومتغير تابع)؛ دول الأوبيك متغير مستقل X، بينما ال 160 دولة غير المنتجة للزيت متغير تابع Y ...
Xcu = a + b +yc
هذا التحليل الاقتصادي يفسر لكم الصراع السياسي الدولي المبطن في العالم – ولا يكون سوى حول العملة الدولية – أن تصبح عملتك الوطنية دولية فهي ميزة لك كأن تطبع منها ما تشاء مقابل موارد العالم الحقيقية، غير ذلك من صراعات سياسية فهي أشياء ثانوية أو دخاخين للتعمية، فقضية العملة الدولية عادة لا تناقش في العلن مطلقا حتى لا تستيقظ الخراف النائمة.
الآن أنت مؤهل لكي تفكر في الروبل كعملة دولية ثالثة أو كأن تلتف دول عدم الإنحياز حول عملة الروبل، أو تصنع عملتها الدولية بنفسها..ماذا يحدث في العالم؟
هل يستحق الملك فيصل أن نضع له مجسما في الجمرة الكبرى؟
لا أعتقدد أنني ظلمت المقبور ملك الغلمان فيصل، فعملة الدولار وما يحيط بها من شباك وأفخاخ إمريكية لإسقاط الدول والشعوب الفقيرة في الديون وفي خدمة الديون، وما يحدث من إفقار ومجاعات تضرب بالشعوب مسلمة أو غير مسلمة كلها في عنق هذا الرجل الداعر، ويكفي أن تعلم إنه وفي عمر الخامسة عشرة عينه والده عبد العزيز آل سعود أميرا على الحجاز، فأغتصب صبيا ثم قتله – وجرائمه لا تحصى ولا تعد. ومع ذلك، ومع ذلك، يمدحه صحفيو الريال السعودي وموظفو المساجد ويترحمون عليه، بل صنعوا منه بطلا رغب أن يحرر القدس – وكل ذلك كذبات روج لها الإحتلال السعودي للجزيرة العربية. في مقالة آخرى سنكشف لكم من وما هو فيصل بن عبد العزيز آل سعود.
شوقي إبراهيم عثمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.