محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    حذاري أن يكون خروج الدعم السريع من بيوت المواطنين هو أعلى سقف تفاوضي للجيش    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    نشطاء قحت والعملاء شذاذ الافاق باعوا دماء وارواح واعراض اهل السودان مقابل الدرهم والدولار    لم يقنعني تبرير مراسل العربية أسباب إرتدائه الكدمول    ركلات الترجيح تحمل ريال مدريد لنصف نهائي الأبطال على حساب السيتي    وزير الخارجية السوداني الجديد حسين عوض.. السفير الذي لم تقبله لندن!    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    سيكافا بطولة المستضعفين؟؟؟    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    شاهد بالفيديو.. بعد فترة من الغياب.. الراقصة آية أفرو تعود لإشعال مواقع التواصل الاجتماعي بوصلة رقص مثيرة على أنغام (بت قطعة من سكر)    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    ترتيبات لعقد مؤتمر تأهيل وإعادة إعمار الصناعات السودانية    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاة تنضم لقوات الدعم السريع وتتوسط الجنود بالمناقل وتوجه رسالة لقائدها "قجة" والجمهور يسخر: (شكلها البورة قامت بيك)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. الفنانة عشة الجبل تظهر في مقطع وهي تغني داخل غرفتها: (ما بتجي مني شينة)    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    حمدوك يشكر الرئيس الفرنسي على دعمه المتواصل لتطلعات الشعب السوداني    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    محمد وداعة يكتب: حرب الجنجويد .. ضد الدولة السودانية (2)    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    تنسيقية كيانات شرق السودان تضع طلبا في بريد الحكومة    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جامعة الدول الأمريكية... الناطقة بالعربية!! (2، الأخيرة)

أهدي هذه المقالة للأخ القارئ سوداني sudani على حسب طلبه!!
قلنا في المقالة السابقة أن الأغيار حكموا العرب منذ 656ه (1258م)، وهذا هو تاريخ انتهاء الدولة العباسية، ولكن عمليات السقوط والانحطاط سبقت ذلك التاريخ بكثير إذ تمردت معظم الأسر الكبيرة في الأقاليم الإسلامية وأصبحت دويلات بينما الإمبراطورية الإسلامية العباسية حكمت شكليا المركز وحتى سقوطها النهائي على يد الأتراك السلجوقيين!! وتزامن بدءً من هذا التاريخ الغزو المغولي والصليبي!! قامت الدولة الإسلامية أو ما تسمى بدولة الخلافة على حكم مركزي بينما الأطراف تخضع لهذا المركز سياسيا وماليا. والإمبراطورية العثمانية حكمت العرب بهذا الأسلوب أربع قرون ونصف!!
حكم العثمانيون العرب بدء من عام 922ه (1516م) حين نزعوا الحكم من المملوكين في مصر والشام ودانت لهم أرض الحجاز منذ هذا التاريخ على يد السلطان سليم بن بايزيد الأول – وسمى نفسه خادم الحرمين!! ولم ينتهي حكمهم على العرب إلا بانتهاء الدولة العثمانية نفسها في عام 1343ه الموافق 1924م. وبذلك حكم العثمانيون العرب ثمان وأربعمائة عام – هذا دون أن نحسب فترة الأتراك السلجوقيين، والأتراك المملوكين!!
تعتبر فترة حكم العثمانيين على العرب أكثرها ظلاما وانحطاطا – لقد تم فيها تجريد وإذلال الشعوب العربية إذلالا تاما. وفي الحق لم يقدم عرب قريش في عهدي الحكم الأموي والعباسي شيئا يذكر في علوم القرآن أو في العلوم الدنيوية – معظمهم أو جلهم فرس!! لقد أنغمس عرب قريش في الحسيات والماديات باستثناء أئمة أهل البيت وشيعتهم الذين مثلوا على الدوام المعارضة السياسية والدينية!! فالأتراك العثمانيون كانوا وما زالوا يحتقرون العرب، إلى درجة أن العثمانيين حاولوا جهدهم إلغاء اللغة العربية وإبدالها باللغة التركية!! بينما منع العثمانيون الفتوى الدينية منعا باتا خوفا على ملكهم العضود – ولو حتى من قبل أمام مسجد صغير مصيره السحل الفوري!!
وحقا يستحق عرب قريش هذا المصير الأسود!! فخذ على سبيل المثال لا الحصر كيف تأولوا الحديث المتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله (الخلفاء من بعدي أثنا عشرة بعدة نقباء بني إسرائيل، وكلهم من قريش) فكان تأويلهم وبالا عليهم!! وبدلا من أن تعترف قريش أن هؤلاء الأثنا عشر هم علي وذرية النبي الحسن والحسين وتسعة من الحسين عليهم السلام، أنفوا بأنوفهم عن ذلك وأخذوا بنظرية الخلفاء الراشدين الخمسة ثم عجزوا أن يتموا السبعة!! وهذا الحديث حير علماء السنة أيما حيرة!! ولكن تأتي النكبة حين أفتت ثلاثة مذاهب (المالكي، والشافعي والحنبلي) طبقا للحديث بأنه لا يجوز أن يكون الخليفة إلا قرشيا، وشذ عنهم أبو حنيفة قال: يجوز!!
وعليه، لم يستطع الأغيار حكم العرب إلا بمذهب أبي حنيفة طيلة حقبة الإسلام – لذا فرض الأغيار هذا المذهب على عرب قريش بالحديد والنار لقرون وقرون!! وللتأمل، قس على ذلك خطأ واحد في تفسير حديث واحد صنع تاريخا كبيرا ضخما وبسببه سُفِكَت فيه الدماء وطَلَقََت النساءُ الرجالَ وسقطت عروش وأهين علماء الخ لذا تجد كل مسلمي أوروبا من أتراك ومشتقاتهم مثل البلغار والأفغان والبوسنيين الخ على مذهب أبي حنيفة!! حتى مصر القريبة هذه تعمل محاكمها الشرعية بمذهب أبي حنيفة إلى اليوم، بينما الشعب المصري نفسه إما شافعيا أو مالكيا!! ولقد سخر الشيخ الترابي في قناة الجزيرة من تأويلهم لهذا الحديث وقال ساخرا: يعني في السودان لو داير أعمل لي حاكم أو خليفة لازم أجي الجزيرة العربية أفتش لي على قرشي!!
ولكي تفهم مقدار الظلامية التي سقط فيها عرب قريش في العصر التركي العثماني، سقط المؤرخ الكبير محمد أحمد بن جرير الطبري ت 310ه من الذاكرة الجمعية العربية!! وحتى عام 1900م لا يعرفه أحد من العرب!! ولم يخرجه من الأدراج المغلقة على المخطوطات الإسلامية في برلين سوى مستشرق ألماني عام 1900م!!
وعندما أفترش العثمانيون العالم العربي لصالحهم اصطدموا بالضرورة بشيعة آل البيت – فوضعوا لهم جاسوسا تركيا في الحجاز أدعى أنه من نسل الهاشميين وهو الحسين بن علي جد ملوك الأردن!! والمراغنة في السودان ليسوا هاشميين وليسوا من أهل البيت فقد دخل جدهم الكبير السودان مع الفتح البريطاني لتطويع القبائل السودانية للفتح البريطاني بحكم بشرته السوداء، ونفس الحكم ينطبق على العائلة المالكة الفاسدة في المغرب التي تتحالف مع الموساد – كل هذه الأمثلة تصطدم بقول الله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)!!
وهنا دارت الدورة الإلهية كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وآله وكما قال تعالى (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم)، وتحولت إيران السنية بكاملها إلى دولة شيعية منحازة لآل البيت في عهد إسماعيل الصفوي عام 907 ه الموافق 1502م – "لما" في الآية (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) حرف نفي يفيد عدم حدوث الحدث في الماضي أو الحاضر وقت نزول الآية ويفيد حدوثه في المستقبل (بالدارجي: يعني لسع ما لحقو بيهم!!).
في الأعوام 1853-1856م حدثت حرب القرم ثم تلتها حرب البلقان 1877-1878م وفي كلتيهما هزمت روسيا القيصرية تركيا العثمانية هزيمة شنيعة جدا أبيد فيها الجيش التركي بمعداته العسكرية إبادة كاملة، وإلى اليوم لا ينسى الأتراك للروس هاتين الهزيمتين – فالترك لهم ذاكرة ضخمة متورمة لا تنسى!! في هاتين الحربين وقفت فرنسا وبريطانيا مع تركيا حتى لا يلتهم الدب الروسي كل الكعكة العثمانية – وفي الحق الدب الروسي في حرب القرم كان يدافع عن حقوق الأقليات المسيحية الأرذودوكسية المضطهدة في الشام وتركيا والأناضول من قبل سلاطين الإمبراطورية الفاشية العثمانية، والدفاع عن حق الملاحة في البحر الأسود ومضايق البوسفور والدردنيل!! أما حروب البلقان ليست سوى تمرد شعوب منطقة البلقان ضد سلاطين آل عثمان!! سرعان ما أظهر الذئبان أنيابهما، احتلت فرنسا تونس في الأعوام 1881-1883م بينما احتلت بريطانيا مصر عام 1882م!!
في هذه الحقبة، أعلنت ألمانيا القيصرية في عهد بسمارك والقيصر فيلهلم الثاني صداقتها للسلطان عبد الحميد الثاني، وأعادت بناء الجيش التركي وتسليحه من الصفر، كذلك ساعدت ألمانيا الجيش التركي كأن يأخذ الأساليب الحديثة. ولم تتوقف المساعدة الألمانية على إعادة بناء الجيش التركي، بل تعدته إلى تصنيع تركيا وبناء البنى التحتية الخ وزار فيلهلم الثاني تركيا مرتين، وكبادرة شكر أهدى السلطان بعد الحميد الثاني القيصر الألماني فيلهلم الثاني امتياز حق التنقيب في البلاد العربية – أي في بلاد القرشيين!! هذا الامتياز للتنقيب عن البترول في بلاد العرب كان السبب الرئيسي لإشعال الحرب العالمية الأولى!!
كان العالم أو البشرية في ذلك الوقت في فترة انتقالية من الفحم الحجري وماكينة البخار إلى الزيت (البترول) وماكينة الديزل!! وعلى هذا الوقود (الجازولين) يعتمد مصير المستعمرات البريطانية، إذا رغبت بريطانيا سيدة البحار الاحتفاظ بمستعمراتها عليها الحصول بشدة على البترول أي الجازولين وفي أسرع وقت!! ولسخرية القدر ماكينة الديزل أخترعها ألماني رودولف كريستيان كارل ديزل Rudolf Christian Karl Diesel ولد في 18 مارس 1858م في باريس وتوفي في 29 سبتمبر 1913م.
أرسلت بريطانيا أحد أبناء روتشيلد المصرفيين (لويس روتشيلد) إلى برلين وعرض عليهم شراء هذا الامتياز بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني ذهبي، مع مناصفة الأرباح مع ألمانيا بعد استخراج البترول العربي!! رفض الألمان العرض البريطاني، وهنا زاد الحقد البريطاني!! ففي عام 1907م أبرمت بريطانيا معاهدتين سريتين إحداهما مع القيصر الروسي نيكلاوس، والثانية مع فرنسا أن يدخلوا حربا مشتركة ضد الإمبراطورية العثمانية وألمانيا القيصرية. وعدت بريطانيا القيصر الروسي إذا دخل معها الحرب بحصة من البترول العربي، بينما وعدت فرنسا بحصولها على الإلزاس واللورين – منطقة غنية بالحديد هي الآن ستراسبورج Strasbourg في فرنسا!! هذه المعاهدة السرية تسمى معاهدة سايس بيكو كشفها لينين عام 1917م!!
الآن أنتبه جيدا..!! بهاتين المعاهديتين السريتين عام 1907م، رسمت بريطانيا شركا لكل من روسيا القيصرية والإمبراطورية العثمانية لابتلاعهما معا!! منذ عام 1907م وحتى 1914م كانت الأجواء الأوروبية أجواء حرب عاصفة، ولكن لأن الخزينة الفرنسية، والروسية، والفرنسية، والإيطالية كانت فارغة تعلق قرار الحرب في الجو!! ولم ينزل واقع قرار الحرب إلى حيز التنفيذ إلا بعد أن نجح عملاء روتشيلد من يهود نيويورك المصرفيين الدوليين (وصلة لندن London connection) أن يخدعوا الشعب الأمريكي ويؤسسوا جهاز الاحتياطي الفيدرالي في يوم 23 ديسمبر 1913م. جهاز الاحتياطي الفيدرالي هو البنك المركزي الأمريكي – وأصوله المالية لا يملكها الشعب الأمريكي، ولا الحكومة الأمريكية، بل تملكها البنوك التجارية!! ونصيب البنوك اليهودية مثل بنك ليهمان بروزر، وجي، بي. مورجان، ولوهن آند كوهنة، يعقوب شيف الخ لهم نصيب الأسد وهم الذين يقررون كل شيء عبر فرع الجهاز التابع لنيويورك (وزير مالية باراك أوباما الحالي كان محافظا لهذا الفرع النيويوركي!!) – لذا يقال أن الدولار في الواقع الفعلي تملكه بريطانيا ويهودها!!
فور تأسيس جهاز الاحتياطي الفيدرالي في 23 ديسمبر 1913م على يد مهندسه اليهودي الألماني باول فاربورج Paul Warburg ذو الخمس وأربعين سنة، المهاجر توا إلى الولايات المتحدة من مدينة هامبورج (هو عائلته متخصصون في صناعة المال والبنوك)، أقرض جهاز الاحتياطي الفيدرالي بريطانيا وحلفائها قرضا حربيا مقداره 25 مليار دولارا ذهبيا. ما أن قبض الحلفاء على القرض حتى أعلنوا الحرب على الإمبراطورية العثمانية وألمانيا القيصرية عام 1914م!!
ماذا كانت نتيجة الحرب؟
ما أن حل صيف عام 1916م حتى هزمت ألمانيا القيصرية الإمبراطورية البريطانية وحليفاتها هزيمة عسكرية منكرة (حلفاء بريطانيا في الحرب: فرنسا، وروسيا القيصرية، ومملكة ايطاليا، ومملكة صربيا، واليونان، ورومانيا، والبرتغال، وبلجيكا – ثم لاحقا 1917م دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب ضد ألمانيا!!). الجيش الروسي تحطم تماما وأنسحب من المعركة يجر أذيال الخيبة والآلاف المؤلفة من جنوده المعوقين والمشوهين المنسحبين من الجبهة زادوا حال البلاد بؤسا على بؤس وعم الفقر وعمت النقمة بطول روسيا!! الجيش الفرنسي في فترة قصيرة قتل له حوالي 750 ألف من زهرة شباب فرنسا..وانسحبت، وهزم الجيش الإيطالي بينما جيوش البقية لم تكن سوى دمي صغيرة!! لم يتبقى لبريطانيا سوى أسبوع وتعلن الهزيمة العسكرية والمدنية – capitulation- وإلا المجاعة بالمرصاد، فقد سيطرت ودمرت الغواصات الألمانية (إختراع ألماني!!) كافة السفن التجارية والحربية البريطانية في بحر المانش والأطلنطي!! ولكي تفهم حجم ومقدار هذه الهزيمة البريطانية لم تطأ أقدام جندي بريطاني واحد أو حلفائها الأراضي الألمانية – بل لم يطئوا حتى الأراضي المتحالفة مع ألمانيا مثل تركيا، والإمبراطورية النمساوية المجرية وبلغاريا!! تهيأت ألمانيا المنتصرة أن تعطي بريطانيا المهزومة شروط استسلام كريمة تحفظ ماء وجهها بكرم شديد..!!
ثم حدث شيء غريب قبل انقضاء هذا الأسبوع المتبقي للإستسلام!!
ذهب وفد من اليهود الدوليين على رأسهم حاييم وايزمان (وأيضا يهود ألمان) إلى وزارة الحرب البريطانية وقالوا لهم: لم تستسلموا؟ نحن مستعدين دحرجة الولايات المتحدة في صفكم ضد ألمانيا، بشرط أن تعطونا فلسطين!! وكان وعد بلفور!! وافق البريطانيون فورا، وأدخلوا الوفد اليهودي فورا لحجرة البرقيات التي انهمرت إلى اللوبيات اليهودية الصهيونية الأمريكية في الولايات المتحدة..تقول: "أن أعلنوا الحرب على ألمانيا" من أجل فلسطين!!
الطريف والمجهول في أيامنا هذه، كان الشعب الأمريكي بكامله في صف ألمانيا ضد بريطانيا أثناء الحرب في الأعوام 1914-1916م وكان الشعب الأمريكي يرسل المعونات والمواد الغذائية والأدوية للشعب وللجيش الألماني!! الشعب الأمريكي إلى اليوم يبغض بريطانيا والبريطانيين – حقيقة لا يعرفها معظم العرب أو العالم الثالث!! وحين نفخ البوق الصهيوني إعلان الحرب ضد ألمانيا، وقف الشعب الأمريكي ضد الفكرة، وعجز رئيس الولايات المتحدة وقتها وودرو ويلسون أن يعلن الحرب على ألمانيا!! تفتق ذهن اليهود الصهاينة على حيلة أن يرسلوا سفينة أمريكية مستأجرة اسمها لويزيانا Luisianna وملئوها بالمساعدات والأسلحة هدية لبريطانيا، وجعلوها تمخر عبر الأطلنطي في وسطه – فضربتها الغواصات الألمانية كما توقع اليهود وقتل فيها ستون بحارا أمريكيا!! وهنا دق اليهود طبول الحرب إعلاميا وضغطوا على وودرو ويلسون وأعلن فعلا الحرب على ألمانيا في 17 يناير 1917م!! بهذه الخدعة اليهودية أستطاع وودرو ويلسون أن يبرر للشعب الأمريكي إعلان الحرب على ألمانيا!!
ودارت الحرب مرة أخرى بعد هزيمة الحلفاء سجالا ما بين ألمانيا من جهة ومن الجهة الأخرى بريطانيا والولايات المتحدة وحتى عام 1918م!! كانت النتيجة لا غالب ولا مغلوب ولا أفق لوقف الحرب أو الانتصار فيها!!
الخدعة اليهودية الثانية بعد خدعة وعد بلفور!!
أطلق وودرو ويلسون في عام 1918م بإيعاز من يهود واشنطون ورقة سلام فضفاضة وإنشائية كاذبة من خمس عشر نقطة كلها تدعوا للسلام وأطنبت حولها الصحافة اليهودية الدولية وحرقوا حولها البخور، وعرضوها على ألمانيا التي وافقت على هدنة ثم أن يجتمعوا في فرنسا لمناقشة نقاط الورقة!! وحين جلس الوفد الألماني في المؤتمر فرق أصحاب المؤتمر وريقات "عقد الاتفاق" على الوفد الألماني – ويا للمفاجأة كلها تشير إلى هزيمة ألمانيا، وأنها يجب أن تفعل وتفعل..وإلا..الخ وخرج الوفد الألماني فورا غاضبا، فمتى كان الجيش الألماني مهزوما؟ بهذه الخدعة اليهودية رغبوا أن يدقوا إسفينا ما بين الشعب الألماني وحكومته، ويصورون للعالم الأوروبي أن الألمان دعاة حرب بينما بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية دعاة سلام!! وبما أن التشقق في الحكومة الألمانية قد بدأ حين دخلت في جدل عنيف مع نفسها حول تلك الهدنة الكاذبة، ثم خدعة المؤتمر، حرك اليهود كل طابورهم الخامس في ألمانيا لضعضعة الحكومة الألمانية – وبالطبع من سيكون سوى الألمان اليهود، ثم اليسار الطلابي والعمالي الشيوعي!! وتعتبر روزا لوكسمبورج اليسارية البولندية اليهودية (من مجموعة اليهودي بليخانوف) التي تجنست بالجنسية الألمانية لاحقا المحور الرئيسي لحركة الطابور الخامس – وكما تقول الويكيبيديا عنها - تبنت نظرية الإضراب العام. عدوة لدودة للحرب العالمية الأولى. تخلت عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني. أغتالها الجيش الألماني في 15 يناير 1919م.
وبما أن اليهود البلشفيك في أكتوبر 1917م أعدموا أسرة رومانوف بقسوة وبلا رحمة، اجتثوها اجتثاثا، ظن القيصر الألماني فيلهيلم الثاني مع أتساع حركة الإضرابات اليسارية في ألمانيا التي كانت تنادي "بوقف الحرب" بإيعاز من يهود أمريكا الدوليين أن مصيره ليس أقل من مصير أسرة رومانوف، فتنازل عن العرش طوعا في 9 نوفمبر 1918م ونفى نفسه أو هاجر إلى هولندا – وتحولت ألمانيا إلى جمهورية!! وتشكلت حكومة ألمانية في ظلال الجمهورية الألمانية على مقاس ما رغبه اليهود، وقعت هذه الحكومة الخائبة في مؤتمر فرساي على وثيقة الهزيمة - التي لم تحدث- وفرضت بريطانيا وفرنسا على ألمانيا تعويض حرب مقداره خمسون مليار دولارا، وفي وثيقة الاستسلام هذه وضعوا بند إضافي أن فلسطين محمية بريطانية – حضر مؤتمر فرساي 117 من اليهود الصهاينة الدوليين!!
من الطرافة التي يجب أن تقال في عالم اليسار والسياسة الدولية الخفية التي يجهلها قطعا الرفاق السودانيون، وقطعا ليس المرحوم عبد الخالق محجوب، في نفس مؤتمر فرساي هذا عام 1919م، بينما كان اليهودي الألماني باول فاربورج Paul Warburg مهندس جهاز الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) يجلس مع الوفد الأمريكي المفاوض على طاولة المؤتمر بصفته مهاجرا متجنسا أمريكيا neutralized لم تتعدى أقامته أربع سنوات، كان يجلس شقيقة ماكس فاربورج في الناحية الأخرى من الطاولة مع الوفد الحكومي الألماني!! ماكس فاربورج كان يشغل مستشار القيصر فيلهيلم الثاني المالي وكانت له رتبة كبيرة أيضا في جهاز المخابرات الألماني، وهو الذي هرب لينين وبليخانوف وتروتسكي وكوميساره ال 350 من بازل إلى السويد ثم فنلنده ثم إلى بطرسبيرج في عربات قطار مغلقة الشبابيك بالستائر ومحروسة من جهاز الأمن الألماني طوال الرحلة لكي يشاغبوا القيصر الروسي نيكولاي المعادي لألمانيا، بينما لم يفهم فيلهلم الثاني أن هؤلاء سيقلبون الطاولة على أسرة رومانوف ويبتلعون روسيا!! تأمل هذه اللعب اليهودي على الجانبين!!
عند هذه النقطة من المقالة، ابتلعت بريطانيا ويهودها:
كيفية سقوط الإمبراطورية العثمانية معلوم، وتحدثنا عنه في سياق هذه المقالة كثيرا في أكثر من نقطة، بل هي الهدف من المقالة. ولكن ليس معلوما ولا حتى للشيوعيين السودانيين كيف ابتلعت بريطانيا ويهودها الإمبراطورية الروسية القيصرية.
ونقول، حين وافق القيصر نيكلاوس للدخول في حرب ضد ألمانيا وتركيا بمعاهدة سرية مع بريطانيا عام 1907م (سايكس بيكو لاحقا) بوعد أن ينال نصيبا من بترول بلاد العرب، كان الجيش الروسي يعد من أكبر الجيوش الأوروبية على الإطلاق!! ولكن نقطة ضعفه أن تسليحه يكاد أن يكون صفرا إضافة إلى فراغ الخزانة الروسية من الأموال!! أحد شروط بنود الاتفاقية السرية إن دخلت روسيا الحرب تلتزم بريطانيا ويهودها أن يمدوا الدولة الروسية بالسلاح والمال في الوقت المناسب!! وحين اشتعلت الحرب، قبل وبعد دخول الجيوش الروسية المعركة تعمدت بريطانيا ويهودها ألا يوفوا بوعودهم لروسيا ولم يقدموا لها سوى 15% من وعودهم، مما أدى إلى هزيمة الجيش الروسي هزيمة عسكرية منكرة!! هذه الهزيمة المصنوعة هي التي صنعت الأرضية أو الأزمة الموضوعية للثورة لصالح الشيوعيين البلشفيك، فالكوميسار (المفوضون لقيادة الثورة وكان عددهم حوالي 350 كوميسارا) الشيوعيين الدوليين كانوا يتدربون على السلاح في نيويورك بقيادة تروتسكي نفسه. وهكذا خدعت بريطانيا ويهودها القيصر الروسي، فبينما جيشه كان يقاتل الألمان والأتراك، كان اليهود الصهاينة الأمريكان يجهزون ويعدون البلشفيك لكي يبتلعوا روسيا – وقد كان!! إلا أن جوزيف ستالين عام 1934م نظف الحزب الشيوعي السوفيتي من اليهود تماما، ويسمى عام 1934م عام التنظيف purge year. وقد حاول أدولف هتلر، صبي الصهيونية، أن يستعيد روسيا مرة أخرى لليهود، حين فجأة أعلن الحرب على روسيا رغم معاهدة بريست، وقذف ب 55 فرقة من مجموع 77 فرقة للجبهة الروسية على ثلاثة محاور، بينما ترك 17 فرقة للجبهة الغربية فقط، والكل يعرف، أن الحلفاء الغربيين قادمون من الغرب!! سلوك هتلر هذا لم يستطع الألمان المعاصرون الإجابة عليه!!
أين وصلنا مع الجامعة العربية؟
قلنا في عام 1882م ابتلعت بريطانيا مصر، وثاني قضمة قضمتها بريطانية بعد مصر من الإمبراطورية العثمانية هي حين جندوا مبارك الصباح في الهند، وفي عام 1898م رجع مبارك إلى الكوت وذبح شقيقه الحاكم على الكوت محمد وتمرد على والي البصرة التركي، وأستنجد بالطرادات البريطانية!! ومن الكوت أمر البريطانيون مبارك أن يستجلب عبد الرحمن آل سعود وابنه الصبي عبد العزيز من العنيزة، ومن الكوت كون البريطانيون لآل سعود جيشا بقيادة شكسبير لقتال آل الرشيد..!! واستلم آل سعود الرياض بخدعة وخسة وغدر عام 1902م، ثم على بقية الجزيرة العربية براية التكفير والقتل والسحل والسلب واللصوصية – بدعم بريطاني كامل!!
كان هنالك مكتبان للمخابرات البريطانية تابعان لوزارة الحرب والمستعمرات البريطانية، المكتب الهندي بالهند، ومكتب القاهرة بمصر. المكتب الهندي كان يرأسه ضابط المخابرات اليهودي برسي ذكريا كوكس، بينما لورنس العرب كان موظفا صغير بمكتب القاهرة!! كوكس كان مؤيدا لآل سعود ذي الأصول اليهودية، بينما لورنس العرب كان مؤيدا للشريف حسين بن علي وكانت هنالك منافسة حادة بين الضابطين انتهت لصالح كوكس. وكان مطلب العرب وقتها دولة عربية واحدة تحكمها خلافة عربية!! دخلت بريطانيا غازية للعراق عام 1919م وقد انهزمت تركيا، ولم تتوقع بريطانيا أن يعلن المرجع الشيعي محمد تقي الدين الشيرازي الجهاد ضد البريطانيين، فكانت ثورة العشرين المباركة فحمها ووقودها الشيعة والأكراد وبقية السلطة التركية – ولأول مرة يتحالف الأتراك مع الشيعة منذ الدولة الصفوية!! بينما أعيان السنة العرب العراقيين فرشوا الورود لبريطانيا بإيعاز من عبد العزيز آل سعود، وعلى رأسهم عبد الرحمن النقيب الذي عينه البريطانيون كأول رئيس وزراء، وانهزمت الثورة العشرينية حين استخدمت بريطانيا السلاح الكيميائي ضد الثوار – وقُتِلَ لبريطانيا عشرة ألف جندي!! وحدث ما يسمى معادلة النقيب-برسي كوكس، وهي حرمان الأغلبية الشيعية من حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية عقابا لهم تحت مسميات أنهم فرس، وأن الثورة بتحريض إيراني، وأكمل اضطهاد الشيعة العراقية التركي المتعربن ساطع الحصري الذي جلبوه من القاهرة خصيصا وعين وزيرا للتربية والتعليم ومستشارا للبريطانيين – وبموجب معادلة النقيب برسي كوكس حكمت السنة الأقلية العراقية دولة العراق منذ 1920م وحتى صدام حسين!! حين يقال أن حكومة نوري المالكي طائفية لا أتمالك من الضحك والاستهزاء بهذا التدليس السياسي الإعلامي الخليجي!!
ابتلعت بريطانيا ويهودها كل من الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية الروسية، وحصدوا على أربع أشياء:
وعليه يعتبر ما رسم في الحرب العالمية الأولى من مؤامرات وأنجز هو الأهم ونعيشه حقا إلى اليوم، بينما الحرب العالمية الثانية غير مهمة للباحث الذكي وليست سوى إكمال مهام الحرب العالمية الأولى، فأحتاج اليهود الدوليون الصهاينة إلى حرب عالمية ثانية لقطف الثمار – ولقد فعلها لهم صبي الصهيونية أدولف هتلر!! أهم ثمار الحرب العالمية الثانية تدمير أوروبا القديمة وإعادة صياغتها على عملة الدولار (جهاز الاحتياطي الفيدرالي!!)، تأسيس صندوق النقد والبنك الدوليين 1944م، تأسيس الأمم المتحدة 1944م، وحصولهم على فلسطين عام 1948، بينما فشلوا في استعادة الاتحاد السوفيتي من قبضة جوزيف ستالين عام 1941م!!
قسمت بريطانيا ويهودها العالم العربي (التركة العثمانية!!) طبقا لقانون فرق تسد divide and rule عبر تقطيع الجغرافيا لإحداث تاريخ عربي مغاير!! ولقد أسست بريطانيا جامعة الدول العربية عام 1945م كمنظمة شكلية لإطفاء وامتصاص ذلك الحنين وتلك الجذوة التي كانت تلهب أشواق العرب نحو دولة عربية مركزية كبرى (دولة الخلافة!!) – وقد صممت بريطانيا لائحة جامعة الدول العربية الداخلية في اخذ القرارات اعتمادا على الإجماع أو لا شيء!! هكذا شلت بريطانيا هذه الجامعة وتركت مهمة إفشال أي قرار مصيري كبير لعملائها العرب وبالتحديد لآل سعود!!
لقد اكتشفت بريطانيا لاحقا خطأ فكرة تقسيم الدول العربية على مراكز، أو لنقل أن ذلك التقسيم أفاد في مرحلته التاريخية ولم يعد مفيدا لاحقا حين أينعت هذه المراكز العربية (الدول العربية) ونمت تقدميا وتقدمت وأصبحت خطرا على الدول الخليجية العميلة، مثل الحالة المصرية الناصرية، والحالة اليمنية والسورية والجزائرية الخ ولم تتردد بريطانيا في دعم آل سعود بشكل براجماتي لنشر المذهب الوهابي (الوهابية!!) في اتجاه تكوين دولة خلافة سلفية - وهي معادلة معاكسة لعملية التقسيم التي صنعتها سايكس بيكو!! ويعد تنظيم حسن البنا (الأخوان المسلمين) أول تباشير هذا الدعم لآل سعود منذ 1922م. تنظيم الإخوان المسلمين تنظيم عميل صنعته ودعمته بريطانيا وآل سعود بشكل خفي لثمانية عقود، ولقد تفاجأ العالم العربي بصورة حسن البنا يقبل يد المؤسس عبد العزيز!! تنظيم الأخوان المسلمين تنظيم سلفي تديره السعودية من الخلف وبأسلوب مخابراتي!!
ولصالح دولة الخلافة السلفية السعودية المدعومة غربيا، أخذت مراسلات الملك فيصل مع جون ف. كندي ولاحقا مع ليندون جونسون منحى منهجي تكتيكي وإستراتيجي، فقد خرج الملك فيصل من التجربة الناصرية والتحريض الثوري الخارجي الناصري بقرارات مهمة مثل الهجوم خير دفاع بدعم أمريكي، وعلى يد فيصل بن عبد العزيز وضع السعوديون خطة الاستيلاء على الفضاء الإعلامي العربي، وطبقتها كافة الدول الخليجية، ومن ضمن الخطة ثم إضعاف الدول العربية الطرفية اقتصاديا وإجبارها على الدوران حول دول الخليج (مجلس التعاون الخليجي)؛ وطبقت الخطة عمليا بدءا من عام 1972م بإنشاء الشركة السعودية للتسويق التي أنتجت صحيفة الشرق الأوسط والكثير من المطبوعات وانتهاء بقناة العربية!! دول الخليج تمتلك ما يقارب ستمائة قناة تلفزيونية!! ضمن هذه الخطة الكبيرة والطموحة لتركيع الدول العربية الطرفية الفقيرة تضمن ليس صنع طابور خامس ونشر الوهابية عبر جمعية أنصار السنة وغيرها فحسب، بل تضمن أيضا شراء الصحفيين والمثقفين العرب، ويخدم هذا الاختراق بالمجموع سرقة القرار الوطني للدول العربية الفقيرة المستهدفة لصالح نشر المذهب الوهابي على المدى الإستراتيجي البعيد الذي بدوره في تقديرهم ينتهي بقيام مشروع دولة الخلافة السعودية الوهابية!!
عندما أعلن رتشارد نيكسون في أغسطس 1972م وقف التعامل بالذهب وأن واشنطون من هذا التاريخ وصاعدا غير ملتزمة مقابل دولارات البنوك المركزية العالمية تبديلها بمعدن الذهب إيفاءً للذمة طبقا لشرط معاهدة بريتون وودز 2-22 يوليو 1944م لكي يصبح الدولار عملة دولية، كان يجب على دول العالم من أغسطس من عام 1972م وصاعدا وضع الدولار في صندوق "الزبالة" – والاكتفاء بسلة عملات مغطية بالذهب في تعاملها التجاري البيني وفي حفظ الاحتياطيات النقدية!! ولكن في 1972-1973م (بالتوازي مع حرب أكتوبر!!) حدثت خدعة أمريكية!! خدعت إدارة حكومة ريتشارد نيكسون الممثلة في هنري كيسينجر مستشار وكالة الأمن القومي ووزير الخارجية وقتها وليام روجرز كافة دول العالم المتمردة على الدولار الورقي غير المغطى بالذهب!!
أتفق هنري كيسينجر مع الملك فيصل ورضا بهلوي شاه إيران سرا أن يشاغبا دول الأوبيك المنتجة للزيت ويجبرانها ألا تبيع دول الأوبيك زيتها إلا بالدولار حصرا – وليس بنظام سلة العملات!!
ماذا كانت نتيجة هذه الخدعة؟
اضطرت حوالي مائة وثلاثين دولة غير منتجة للزيت أن تبيع كل صادراتها بعملة الدولار، حتى تستطيع دفع فاتورة الزيت بالدولار للأوبيك وتمثل كلفة فاتورة الزيت عادة حوالي 70% من قيمة صادرات الدولة النامية في سنة واحدة!! وهذا ما صنع الطلب الثابت على عملة الدولار غير المغطى بالذهب - وبما أن زيت العرب لا تملكه أمريكا، سخر العالم من هذا الوضع الشاذ وسمى عملة الدولار ببترودولار petrodollar ويمثل البترول العربي "القيمة الإضافية" للعملة الأمريكية التي لا تسوى قيمتها الفعلية سوى قيمة الحبر والورق!!
معاهدة بريتون وودز 2-22 يوليو 1944م ميزت حقبة العصر الصهيوني الأمريكي، بينما ما قبل بريتون وودز كان العصر عصرا بريطانيا!! بريطانيا التي لا تغرب عن أراضيها الشمس كانت لا تسمح لدول العالم باستخدام العملات الوطنية (المحلية) في التجارة البينية وحفظ الاحتياطيات النقدية، فقط كان عليها استعمال العملة الدولية (!) الإسترليني!! وفي هذا القرار البريطاني خدعة مبطنة. تخيل أنك وقتها دولة مصدرة فلن تقبض مقابل بضاعتك سوى عملة الإسترليني المغطى بالذهب، ومن ترغب من الدول شراء بضاعة ما من دولة أخرى على الدولة الشارية أولا الحصول على عملة الإسترليني، وهذا لن يحدث إلا بأمرين إما ببيع بضاعة أخرى لدولة أخرى أو أن تسلم بريطانيا معدن الذهب النفيس..ولكن بريطانيا وضعت يدها مسبقا على مناجم ذهب العالم في جنوب أفريقيا والهند وغيرها!! إذن في كل الأحوال ستصب كل موارد العالم المادية نحو بريطانيا ... وهو بيت القصيد!!
جوهر معاهدة بريتون وودز 2-22 يوليو 1944م ذات الصبغة الصهيونية والأمريكية كأن يكون الدولار عملة دولية لا يختلف عن جوهر الخدعة البريطانية إلا في مسائل شكلية!! فمثلا معاهدة بريتون وودز التي نسخت عصر الإسترليني تقول أن كل عملات دول العالم عملات دولية - (أي ما يسمى خطأ بالعملات المحلية)!! يمكن لأية دولة أن تتعامل بعملتها مباشرة بيعا وشرا مع أية دولة أخرى – القضية قضية تراضي، كما يجب أن تكون لعملتك الوطنية قيمة مدخرة لكي تستعملها دوليا بشكل مباشر وتجد القبول بدلا من اليورو والدولار، لا أحد يرغب في عملة ليست سوى ورقة فقط fiat money!!
بخدعة هنري كيسينجر والملك السعودي فيصل كأن يفرضا على دول الأوبيك ألا تبيع زيتها إلا بالدولار خطفت الولايات المتحدة كافة اقتصاديات العالم كرهينة، ولكن الأهم ضمنت الولايات المتحدة (والدول الغربية) أن "خادم الفكي" مجبر لكي يسلم لها كافة ثرواته وموارده المادية مقابل ورقة لا تكلفه سوى الأحبار والورق – عبر ما يسمى عقيدة التصدير!! وبقليل من الخيال الاقتصادي أسقطت واشنطون كافة دول العالم خاصة النامية في الديون غير قابلة للسداد وعليها أن تصدر ثرواتها إلى ما نهاية - راجع كتاب: جون بيركينز، اعترافات رجل مافيا اقتصادي!!
إذن إحدى وظائف جامعة الدول العربية أيضا هي المحافظة على هذه الوضعية الاقتصادية الدولية والنظام النقدي العالمي الحالي لصالح واشنطون عبر عملائها السعودية خاصة ودول مجلس التعاون الخليجي عامة. فإن لم تشتري أنظمة دول الخليج الدولار مقابل زيتهم فلماذا تحتفظ بهم واشنطون؟ ومع اهتزاز النظام النقدي العالمي عام 2008م حتى كاد أن ينهار (ملحوظة: هذا الانهيار لا يحدث فعلا إلا بظهور عملة دولية ثالثة تلتف حولها دول العالم خاصة النامية مثل ظهور عملة الروبل كعملة دولية)، ولم يكن دور باراك أوباما الرئيسي بشراكة مع اللوبي الأمريكي الصهيوني سوى أن يمنع ظهور عملة الروبل كعملة دولية ثالثة – حتى ولو أدى ذلك إلى تفعيل الحرب الباردة ضد موسكو لمحاصرة الروبل، وأن يضع أوباما الدول الغنية (أصحاب الاحتياطيات النقدية الدولارية الضخمة خاصة البترولية) في نادي يسمى نادي العشرين، وأن يبتزهم تارة ويقنعهم تارة إنهم جميعا في مركب واحد، إما أن نغرق جميعا أو أن نطفو جميعا، ومن يرغب أن يقفز من المركب لا يلوم إلا نفسه فهو كمن يشنق نفسه!!
لذا أهم رجل في حكومة أوباما هو تيموثي فراتز قايتنر Timothy Franz Geithner، بل هو أهم من أوباما نفسه فمنصبه كوزير للخزانة كان محجوزا له سيان فاز أوباما أو هيلاري كلينتون في الدورة السابقة، وقد شغل قايتنر سابقا محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي فرع نيويورك. ولا فخر من أسمه عرفت أنه يهودي من أصول ألمانية. وتأكد لي ذلك وأكثر من سيرته في الويكيبيديا، بل عمل مع مركز هنري كيسينجر Kissinger Associates، الرجل رغم صغر سنه فهو خطير، ولن يحتل منصب محافظ فرع نيويورك by default إلا يهودي، أو بالضرورة!! هذا الرجل هو الذي يقرر سياسات الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل، وما أوباما إلا بصمجي!! قراءة سيرة قايتنر في الويكيبيديا مهمة جدا
http://en.wikipedia.org/wiki/Timothy_Geithner
تعتبر التسعة ملايين برميل التي تنتجها المهلكة السعودية يوميا هي الرافعة الأمريكية financial instrument الأهم للسيطرة على قيمة الدولار وسعر صرف العملات تجاه الدولار في العالم (ما عدا منطقة اليورو!!)، إضافة للسيطرة على حجم الكتلة الدولارية خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية!! فبتحكم واشنطون على كمية الإنتاج السعودي يمكنها أن تتحكم في قيمة وحجم كتلة الدولار في العالم، عبر كمية الإنتاج وتذبذب سعر البرميل المصطنع على حسب القراءة الأمريكية. يجب أن تعلم عزيزي القارئ حتى ولو استخدمت واشنطون بالكامل الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية، والكهرومائية، والنووية، والهوائية، والبحرية الخ ولم تحتاج إلى البترول الحفري الطبيعي قط، لما ترددت واشنطون في السيطرة على بترول الخليج ودول الخليج. من يسيطر على بترول دول الخليج يسيطر على كافة دول العالم!! ولم نخطئ قط حين قلنا أن اقتصاديات دول العالم رهينة في يد واشنطون.
لذا تعمد المهلكة السعودية (والولايات المتحدة طبعا) على ألا تستقر دولة العراق قط – فالإرهابيون السلفيون القتلة وإلى اليوم نشطون في العراق، لأن العراق مؤهل كأن ينتج وحتى تسعة مليون برميل يوميا، وإذا فعلها العراق تفقد واشنطون أهم آلية للتحكم في الدولار دوليا، لذا بضغط سعودي وإلى اليوم لا نعترف جامعة الدول الأمريكية الناطقة بالعربية بدولة العراق ولا تعترف بحكومة نوري المالكي بحجج كاذبة مثل طائفيتها، وأنها صناعة إيرانية، وأن العروبة والإسلام في العراق قي خطر إلى آخر كذبات آل سعود السياسية.
في الختام أقول لأخي القارئ سوداني sudani لن تجد مثل هذا التحليل السياسي والاقتصادي في أي مكان آخر، فآل سعود سيطروا على كل شيء عربي، والتجهيل مقصود لذاته إقليميا ودوليا، وحل القضية الاقتصادية في السودان هو من أسهل الأمور، إلا أن سياسيونا واقتصاديونا إما جهلاء، أو عملاء لدول الخليج، حولوا علم الاقتصاد إلى علم آثار archeology فهم للطرافة ما زالوا يبحثون عن أسباب الفقر في السودان!! إذا خرج السودان من جامعة الدول العربية لن يخسر السودان شيئا بل خروجه هو واجب أخلاقي وخير كبير!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.