رابعا : السلطة السياسية المركزية وتأجيج الصراع الاثنى وإعمال التنزيح فى كردفان إنه وبدلا من أن تصبح كل تلك المميزات في الموقع والموارد مصدرا لرفاهية الإنسان الكردفاني وعوامل تغيير ايجابي في تحسين مستواه المعيشي، كان الاستغلال من قبل السلطات المركزية قد جعل الاقليم يعانى الافقار والعوذ والهجرة القسرية والاستغلال والامية الابجدية والحروب الجهادية والعرقية طوال العقود الست الماضية، حيث فقد الإقليم أكثر من ء% من سكانه فى العقدين المنصرمين. فقد عمدت السلطات المركزية الى استغلال موارد الإقليم البشرية واستخدامها فى حروبها ضد الأقاليم الأخرى، وزجهم في معارك قبلية واثنيه فيما بينهم، ففقد الاقليم ارقاما مخيفة من ابنائه وبناته بالموت فى جبهات القتال المتعددة، و بالأمراض المستعصية. هذه الحروب أثرت سلبا في النشاط الاقتصادي رغم تقليديته، وأدت إلى ارتفاع نسب الفاقد التربوى، تعاظمت أرقام اليتامى والأرامل، فأصبح الفاقد التربوي سببا في تكرار المتوالية المحزنة عندما لا يجد الصبية والشباب مصدرا للدخل سوى بيع رقابهم للنخب السلطوية المركزية باستخدامهم جنودا فى قواتها المحاربة سوا أن كانت نظامية او مليشيات حزبية. جراء تلك السياسات المقصودة نزح أكثر من مليون شخص الى المركزالمهيمن سياسيا تحت ضغط افرازات الحرب وعوامل الطبيعة من جفاف وتصحر والذين مصدرهما الرئيس هواهمال الدولة لقطاع الزراعة والغابات هناك. هذا هو الحال الذي وجد معه أهل الإقليم أنفسهم عرضة للاستغلال والاستخدام مرة أخرى في الأعمال الهامشية والرثة باعتبارهم مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة غير مرغوب فيهم، ليتكدسوا في أحزمة الفقر حول العاصمة المثلثة ويفتك بهم المرض وسؤ التغذية!!... إنهم يدفعون ثمن ظلم الانسان لاخيه الانسان ويتحولون الى قوم مستلبين ثقافيا ومفسوخين قسراً من بيئتهم مما سبب لهم المزيد من البؤس كنتيجة للعيش في ظروف أكثر تهميشا ودونما اية التزام من الدولة تجاههم، اضف لهذا كله الاضطهاد الاجتماعى والنظرة الدونية التي يرمقهم بها حملة ثقافة المركز وقواه المستغلة. ما ذكرناه فى قضية الثروة أعلاه يرتبط ارتباطا مباشرا بالمشاركة فى السلطة المركزية، ونعنى بأن السبب الرئيس فى تقديم وانفاذ تلك السياسات التى ادت للكارثة هو اما نتيجة لغياب ابناء كردفان فى القرار السياسى المركزى، او نتيجة لضعف ذلك الوجود او الوجود الرمزي، أو المشاركة الديكورية في السلطة. فمعظم القيادات السياسية التى شاركت فى الحكومات المركزية من ابناء الاقليم كانت تابعة للنخب المركزية ومغلوبة على أمرها بحكم غسيل الدماغ أو تعبئتها بأطماع سلطوية جزئية أو إفسادها ماليا وفي أحسن الأحوال هو استغلال نخب المركز لعفوية سكان الإقليم الناشئة عن فطرتهم السليمة وإيمانهم غير المهزوز بوحدة السودان وأهله. لهذا شارك العديد من أبناء الإقليم النخب المركزية منذ الاستقلال في تنفيذ سياسات أحادية في منطلقاتها الذهنية والثقافية ولم ينتبهوا لذلك إلا بعد فوات الأوان وحينما يغال أو يفصل احدهم من منصبه، فيكتشفون حقيقة التماهي في الخطاب الاقصائي ألتهميشي الذي تمارسه نخب المركز.أي أنه تكشف لنا أن ذهاب أبناء كردفان ممثلين للاقليم عن طريق الانتماأت للاحزاب ذات التوجهات الثقافية الموغلة فى التمركز كان يعنى وبالضرورة ان يذهبوا حماية لقيادات تنفذ سياسات تخلف اقليمنا، أىأنهم يذهبون الى مؤثات الدولة التنفيذية والتشريعية على علاتها ممثلين لاناس خارج الإقليم، فالقومية التى سوقت وروجت لها تلك المؤثات طوال تاريخ سودان ما بعد الاستقلال وصلت الى طريق مسدود كما يعكسه الآن وعي أبناء الأقاليم المهمشة لحقوقهم وواجباتهم . إن النخب السياسية التى أفرزتها هذه الثقافة المركزية قد أدمنت الفشل فى ادارة الدولة الموحدة بسبب النعرة العنصرية غير الإنسانية التى تعترى تفكيرها، وأن محاولاتها إخفاء سياسات التمييز والتحيز والمحاباة التي أزكمت دولاب ومؤثات الدولة السودانية، لم تعد تجدي لاسيما محاولاتها رمى الآخرين بأمراضها بهدف التحجيم لطاقاتهم وتسخيرهم لغيرهم وهذا ما قاد الى الانتفاضات المسلحة فى كافة اطراف السودان. وهذا ايضا ما يفسر ردود الفعل المسعورة من نخب المركز تجاه أبناء الأقاليم التي وصلت حد محاولات الإبادة الجماعية كما هو الحال مع قضية دارفور. أنها التحيزات والتمايزات الجهوية والاثنية التي مارستها نخب الحكم المركزي، وحروبها الأهلية التي قادتها ضد أبناء جنوب السودان مستخدمة فيها أبناء كردفان وغيرهم من أقاليم الهامش وقودا لتلك الحروب اللا أخلاقية، هذا إلى جانب إتباع سياسة فرق تسد بإشعال الفتن البينية في الإقليم بين النوبة والبقارة في جنوب كردفان ليجعلوا من الأخيرين دروعا بشرية في مواجهة الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة، مثلما مارست سلطات المركز النهب المنظم لنواتج الإقليم الزراعية والحيوانية فأشاعت الفقر والجهل والأمية والمرض في أوساط الشعب السودانى فى إقليم كردفان. هذا بالإضافة إلى التسيد والتسلط على الإقليم عن طريق الحكم المباشر له عبر ولاة ومستوزرين وإداريين كبار في الخدمة المدنية والقوات النظامية يوفدون إليه من خارجه أي من المركز بشكل من أشكال الحكم الاستعماري المباشر، فالنخب السلطوية بالمركز لا تثق بأبناء الأقاليم المهمشة في أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم رغم انهم سودانيون يتمتعون بكامل حقوق المواطنة وقد يشاركونهم أكثر من عامل مشترك لغوي كان ام ديني أو حتى اثني أحيانا. فعلى سبيل المثال لا الحصر وكنتيجة لهذه السياسات التمييزية التى لا تستوعب المواطنين فى أى مشروع تنموى جاد، تسبب الرعى البدائىغير المستقر فى تخلف الرعاة وجعلهم مجتمع تتركز فيه الأمية وتتعمد السلطات المركزية المتعاقبة إبقائهم على هذا الحال، إذ لم يقم أى مشروع تنموى بدراسة جادة فى إستقرار الرعاة بغية تعليم إبنائهم. وذلك بهدف إبقائهم كمادة خام للإنخراط فى سلك الجندية. فنسبة الأمية بين الرعاة فى إقليم كردفان تصل الى ص0% ونسبة أبنائهم كجنود وضباط صف تصل الى ط0 %. ليس هذا فحسب بل لا يحق لهم تبؤ رتب قيادية بالقوات المسلحة ولا يمكن دخولهم لأكاديمية العلوم العسكرية إلا فى ظل المساومات الحزبية الضيقة. يحدث هذا رغم أن هؤلاء الرعاة يساهمون بنسبة كبيرة فى إيرادات مصلحة الزكاة ولا يحظون بأى نسبة من الخدمات الصحية والبيطرية والتعليمية. وبالتالى فهم يدفعون زكوات وضرائب بلا مقابل وقد اصبحوا ضحايا سماسرة السوق من التجار الممولين من السلطات المركزية. فتجار المواشى معظمهم ممن يتمتع بحماية المركز من تسهيلات وصلاحيات وتصديقات يجهلها المنتج الأساسى وهم الرعاة بحكم الامية والبدائية. وبالتالى يتولى هذا المركز عملية التسويق العالمى عبر مؤسساته الاقتصادية التى يمتلكها قلة من الرأسماليين المنتمين ثقافيا واثنيا للمتنفذين فى السلطة المركزية . فيتم شراألمواشى من الرعاة باسعار زهيدة وتباع فى سوق اللحوم العالمى بحوالى ء00 % من قيمة الشراء من المنتج الحقيقى. ينطبق هذا الحال ايضا على انتاج الصمغ العربى وغيره. هذا الاستغلال ساهم فى غرس بذورالتشكك بين اثنيات الاقليم المختلفة التى تمارس هذا الرعى المتجول والذى كان يساهم كثيرا فى المصاهرة والتلاقح الثقافى والاجتماعى. يحدث ذلك بتغذية النعرات القبلية القديمة وقد نجحت السلطات المركزية المتعاقبة بالفعل فى توجيه ثورة ابناء جبال النوبة بدلا من ثورة ضد الظلم الى ثورة ضد القبائل الرعوية وهم البقارة بجنوب كردفان وتم استخدامهم فرسانا فى الدفاع الشعبى للمحاربة بالوكالة من أجل البقاء وتم إختزال دور القوات المسلحة القومية فى فرسان أبناء الرعاة. وتم تبعا لذلك خلق فجوة كبيرة بين السكان فى تلك المنطقة وهيأها للاشتعال بحرب أهلية تشغل وترهق المنطقة اقتصاديا واجتماعيا. خامسا: التدمير البيئى نتيجة لغياب السياسات التنموية الواضحة وعدم التوازن فى توزيع الثروة، تضررت البيئة فى إقليم كردفان. فقد تدهورت صلاحية الارض الانتاجية نتيجة للزحف الصحراوى السريع الذى سببه الاستغلال غير المنظم للثروة الغابية فى الاخشاب والوقود والرعى غير المنظم. ووفقا لتقرير الاممالمتحدة الصادر فى العام ء002 فإن الزحف الصحراوى يتقدم بسرعة خ كيلومترات فى العام فى الاجزاء الشمالية والشمالية الغربية من الإقليم. وهذا يشير الى احتمال تفاقم مشكلة الفقر ونقص الغذاء والامراض المرتبطة بهذا التدمير البيئى. مضافا الى ذلك فإن الاتفاقات التى تبرم بين الحكومات المركزية وشركات النفط لا تلزم تلك الشركات بوضع حلول بيئية للنفايات المترتبة على انتاج النفط، ولا تلزمها بتعويضات لسكان الاقليم ولا بالمساهمة فى التنمية من بناء للمدارس والمؤسسات الصحية. لقد أدت الحروب التى تغذيها السلطات المركزية الى المزيد من التدمير البيئى من حرق للغابات مما شكل ضغطا على مناطق الرعى وزاد من احتمالات الصدامات بين المجموعات الرعوية، إضافة الى دفن الالغام وهجرة الحيوانات البرية التى تشكل توازنا بيئيا لا غنى عنه. السيدات والسادة المخاطبون بهذه الوثيقة: ما ذكرناه باختصار شديد من حقائق حول مشكلة إقليم كردفان يعكس الى أى مدى تم استغلال هذا الاقليم والى أى مدى أورث هذا الاستغلال أهلنا في اقليم كردفان، أورشم الفتن والحروب البينية، والفقر والجوع والمرض والجهل. هذا الحال الذي ينفطر له الضمير الإنساني لم يعد مقبولا لأهل الإقليم وبالضرورة علينا نحن طليعة التغيير في تجمع كردفان للتنمية التصدي لهذا الواقع الكارثي بالمطالب المشروعة سياسيا وتنمويا من خلال معالجات وحلول مستدامة على نحو ما نطرح لاحقا. وعليه نرى أن واقع أهلنا في كردفان يحتاج إلى المواجهة الواضحة: (أ) إما بالتفاوض العقلانى حول هذه الحقوق التى لا نعتقد أننا نستجديها من أحد، أو تمنح لنا، أو يمن بها علينا، ولكنا اخترنا ذلك الطريق لأن من نفاوضه فى السلطة والذى اختار العنف لكى يكون فى هذا الموقع، يجب وبعد فشل المشروع الديكتاتورى العسكرى، أن يعرف أننا لسنا دعاة عنف الا اذا اضطررنا اليه. (ب) أو عبر الكفاح المسلح الذى اختاره الشرفاء من أبناء الأقاليم الاخرى المهمشة، وذلك لنيل حقوق شعبنا الكردفاني المشروعة وتحرير إرادته من قبضة النخب المركزية التي تمارس التهميش والإقصاء. انه واقع مفعم بالإحباط، الأمر الذي يملي علينا ضرورة العمل من اجل التغيير العاجل. إننا في تجمع كردفان للتنمية قد تواثقنا على إحداث تغيير ايجابي في حياة إقليمنا وأهله ووطننا، لذا نرى بان لنا كامل الحق وعلينا كامل الواجب في العمل بالوسائل المختلفة لتصحيح هذا الواقع ورد الظلم عن بلادنا، وهذا ما يجعلنا نقول ان لاهل كردفان استحقاقا اساسيا فى الثروة والسلطة في السودان يجب أن يحصلوا عليه، فهو حق أكيد وذلك من خلال التقسيم العادل لتلك الثروة أسوة بغيرهم من سكان الاقاليم المهمشة الاخرى وإنصافا للشعب السوداني في إقليم كردفان. كما نذكر بأن الإصرار على إدارة بلد بحجم السودان تبلغ مساحته مليون ميل مربع ومئات المجموعات العرقية وعشرات الاديان والتباينات الثقافية الاخرى، إدارته بقانون القلة القليلة، وحكمه بهيمنة جهوية واثنيه معينة مع وجود ديكوري لأبناء الأقاليم الأخرى، إصرار كهذا لم يعد له نفع في مستقبل السودان القريب بل إن الذين يتمسكون به يشكلون تهديدا لهم ولمستقبل أبنائهم لأنهم سيكونون سببا في ثورة إصلاح حقيقي ربما لا تبقي ولا تزر أحدا من محاسيب الطغاة والمتجبرين. محمد الزين على النور تجمع كردفان للتنمية كاد