قلنا أن فكرة " يوم العمال " بدأت في أستراليا عام 1956 ، ويحتفل بيوم العمال في كندا في الثالث من سبتمبر وأوضحنا كيف تم ذلك ، وفي أمريكا في الخامس من سبتمبر وشرحنا لماذا ؟ وفي شرق أوربا والإتحاد السوفيتي سابقا والإتحاد الدولي لنقابات العمال العرب وأمينه العام الحالي معتوق رجب ، وأن الإتحاد يكمل عامه ال " 56 " – 1956- 2012 ، والإتحاد النقابي الدولي – إفريقيا – Africa CSI وفي جميعها يتم الإحتفال بيوم العمال في الأول من مايو . وعلى الرغم من التغيرات الكبيرة التي حدثت عالميا وخاصة في العلاقة بين العالمين الرأسمالي والإشتراكي إلا أن عيد العمال العالمي ظل معلما مضيئا في تاريخ العالم ، رغم محاولات التغييب والتعتيم الإعلامي المضروب حوله ، ومن سخرية القدر أن اليوم الذي يليه يصادف اليوم العالمي لحرية الصحافة ، ومنذ أولى إجتماعات منظمة التجارة الدولية في مدينة سياتل الأمريكية ظل العالم يشهد تناميا مضطردا يزداد عنفوانا وقوة عاما بعد عام لحركة مناهضة العولمة ، وعلى نفس الوتيرة جرت مظاهرات في كل أنحاء الكرة الأرضية ، شاهناها هنا في كندا وفي أمريكا وبريطانيا وفرنسا واستراليا ، وشاهنا كيف تم إستنفار الشرطة التي قانت بإعتقال عشرات الناشطين العماليين . لقد تركزت مطالب كل المظاهرات والمسيرات العمالية التي شملت مختلف بقاع العالم في مراجعة سياسة الخصخصة وآثارها السلبية ورفع الحد الأدنى للأجور وتحسين شروط التأمين والخدمات الإجتماعية وتحديد ساعات العمل وإطلاق الحريات العامة والنقابية على وجه الخصوص . إتحاد عمال السودان بدأ النشاط العمالي في تاريخ السودان الحديث مناهضة للمستعمر عام 1908 ، بأول إضراب لعمال مناشير الغابات " ويكيبيديا " للمطالبة بتحسين بيئة العمل وظروفه ، ثم تدرج ذلك النشاط ليدخل المقاهي العامة في الأسواق لمناقشة قضايا العمال ، وبدأ الضغط على الإستعمار البريطاني لتتم الإستجابة لقيام أندية العمال في مدن الخرطوم الثلاث عام 1934 ، وتوالت بعد ذلك في كل المدن العمالية بالسودان وأصبح لها دور تثقيفي وتدريبي وسياسي في مناهضة الإستعمار من خلال المظالبة بقيام التنظيمات النقابية وانتشار الصحف الحائطية والمسارح العمالية ، وقد صدرت أول مجلة عمالية عام 1946 باسم " العامل السوداني " . في العام 1947 كانت الشرارة الأولى لقيام التنظيمات النقابية في شكلها الحديث بهيئة شؤون العمال بالسكة حديد ، وبعدها تبلورت الفكرة ويتم الضغط على المستعمر ليعترف ويستجيب لحق التنظيم النقابي ويصدر أول قانون للعمل والعمال في عام 1948 ، وبذلك إكتسبت الحركة النقابية السودانية شرعيتها واستمدت قوتها ليقوم أول مؤتمر عمالي في 18/5/1949 ، حيث أجاز دستور نقابات العمال وتوج ذلك بقيام الإتحاد العام لنقابات عمال السودان في نوفمبر 1950 ، ويتم تشكيل مكتبه التنفيذي من " 25 " عضوا برئاسة محمد سيد سلام كأول رئيس للإتحاد من مصلحة النقل الميكانيكي ، ليستمر العمل بهذا القانون حتى عام 1960 . منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم جرت الكثير من الأحداث ، اليوم هناك إتحادان أحدهما في السودان برئاسة البروفيسو إبراهيم غندور والثاني إتحاد عمال السودان المعارض وسكرتيره صديق يحي ، وللذكرى فقط ولجيلنا اليوم فإن الحركة النقابية السودانية أنجبت قيادات أمثال سليمان موسى ، قاسم أمين والشفيع أحمد الشيخ ، وأرست تقاليد العمل النقابي الصحيحة والراسخة المتجسدة في إسقلالية وديمقراطية الحركة النقابية ، وقدمت على ذات الطريق لفيف من الشهداء : علي فضل ، محمد حاج الأمين ، علي الماحي السخي ، محجوب سيداحمد وزملائهم بمختلف توجهاتهم . الحركة النقابية الكويتية عشت كما قلت سابقا " 12 "عاما في قلب الحركة النقابية الكويتية والثقافة العمالية ، وأعرف مئات المئات من القيادات النقابية والعمال والموظفين الكويتيين ، يكفي فقط إشرافي على نحو " 200 " دورة تثقيفية لعدد حضور نحو " 30 " موظفا وعاملا ، الكويت بلد صغير الحجم ولكنه سبق الدول المجاورة في السماح بقيام التنظيم النقابي من خلال دستورها وقوانين العمل ومن هنا إكتسبت الركة النقابية المعرفة والخبرة منذ تأسيسها في ستينات القرن الماضي ، ووضع مؤسسوها الأوائل القواعد والنظم التي تضمن استقلاليته وقوتها أمثال : ناصر الفرج ، حسين اليوحه ، أحمد سعيد الأصبحي ، محمد العصيمي ، مليحان الحربي ، راشد الحجيلان ، عبد الرازق الجاسم ، عويضة الماتع ، عبد الله البكر ، حمد صويان ، علي مهدي ، سالم المري ، محمد سلطان ، ثابت الهارون ، هايف عصام وأسماء يضيق المجال لذكرها . ورغم كل هذا فالأول من مايو ما يزال لا يعترف به كعطلة رسمية على الرغم من إنعقاد 16 مؤتمر عام للإتحاد العام لعمال الكويت ما أوردته أعلاه جزء ضئيل جدا مما تحمله الذاكرة العطرة لسنوات الكويت