المواطنة/المواطن السوداني عزيز قوم أذلته وشردته الانقاذ (الحلقة الأولي) تحقيق :حسين سعد أمضيت عطلة عيد الفطرالمبارك الماضي مع أهلي في حلة موسي بمحلية الكاملين بولاية الجزيرة وبالرغم من فرحة العيد الذي جاء( بأي حال) وسط التهاني،والتبريكات بتحقيق الأماني السندسية والعمر المديد،وتحقيق المزيد من النجاحات للطلاب والطالبات بينما جاءت معايدة المزارعين علي شاكلة ان يكون الموسم الزراعي الحالي والقادم موسم خير،وبركة، وان تشتعل (حقول وحواشات بلادنا قمحاً وقطناً وتبش وطماطم)لكن سياسات النهضة الزراعية. والنفرة الخضراء التي وصفها بعض المزارعين في مقابلات سابقة لي معهم قبل نحو ثلاثة أعوام بأنها(نفخة ساكت)وان الحال في شيخ المشاريع لن ينصلح في ظل قانون 2005 وفي ظل الأوضاع الحالية،والناظر لحال المزراعين وحواشاتهم يري الفوضي التي ضربت كل شي في المشروع حيث بات المزارعين (فقراء لايملكون جوال العيش في منازلهم )وتبدل حالهم في عهد الانقاذ التي لا(ترحم) من (عزيزقوم) الي (غلابة وكادحين)،لايملكون (قوت أولادهم) ،وبعضهم (باع) حواشته وأخرين (دنقدوا) أراضيهم،وفضلوا الهجرة نحو العاصمة للعمل في الأعمال الحرة والمهن الهامشية التي لا( تسمن ولاتغن من جوع) لكن النقاشات والجلسات في قريتنا لم تكن حصراً علي الرياضة وكرة القدم والسياسة بل كانت عن تكاليف السفر للخارج ، بل كانت الهجرة من السودان هي رغبة غالبية أبناء حلة موسي من أجل العمل وكسب العيش، بالرغم من ان منطقتنا زراعية وتقع في قلب تفتيش المعيلق بالقسم الشمالي الذي يعتبرمن أفضل أراضي مشروع الجزيرة، وتشهد علي هذا (التصنيف) الإنتاجية العالية للمحصولات الزراعية التي يحققها مزارعو حلة موسي في (الزمن السمح) لم أتوقف كثيراً في الأسباب والمبرارات التي طرحها الراغبين في الهجرة لأصلاح الحال (البطال ) ومساعدة أسرهم في المعيشة التي أصبحت (قاسية) لان الحال يغني عن السؤال. ويبعث تسونامي الهجرة والنزيف الذي طال أبناء المزارعين الذين كانوا فخورين بحواشاتهم وهم يغنون في (الجزيرة نزرع نتيرب قطنا )و(طوريتك مجدوعة ومرمية) و(من حقي أغني لشعبي ومن حق الشعب علي) و(من أرض المحنة ومن قلب الجزيرة) وكذلك أغنية (لو تسافردون رضانا بنشقي نحن الدهركلو أقل حاجة تخلي سفرك) وغيرها من الأغاني التي شكلت وجداننا الفني والغنائي .يبعث تسونامي الهجرة الحزن والأسي،حيث شرع بعضهم في إجرارات السفر فعليا وبعضهم غادر السودان وأخرين في الطريق للخارج ،وعندما عدت للعاصمة الخرطوم عقب نهاية العطلة وجدث في جلسات المدينةالخرطوم التي (تنام باكراً)ولا تحفظ لها (سراً) وجدت روايات ومعلومات كثيرة ومتعددة عن تنامي وتمدد الهجرة من السودان إلى الدول العربية مثل السعودية ودول الخليج وبشكل أكبر ليبيا واحيانا الدول الاوربية وامريكا الي من (استطاع اليها سبيلا). هذه الهجرة التي نشطت فيها وكالات السفر، ومكاتب الاستخدام الخارجي بشكل لافت تركت أثاراً واضحة في قطاعات مهمة بالبلاد لاسيما التعليم والصحة والأعمال الحرة، وغيرها.واللافت للنظر هو حجم الهجرة للخارج داخل هذه التحقيق الذي نتناول فيه قضية الهجرة علي ثلاثة حلقات ونتناول في الحلقة الاولي هذه حجم تأشيرات الخروج من السودان للخارج ونقف علي ردة فعل اتحاد العمال السودانيين ونتابع معاً رؤيته_ اي اتحاد العمال_ للهجرة الجماعية من السودان في الوقت الراهن ونتابع أيضا افادات المراقبون حول القضية بجانب إستعراضنا للدراسات المختصة. ثلاثة ألف تاشيرة يومياً: دعونا نقف معاً علي حقيقة هذه القضية محل النقاش داخل الجهات المعنية حيث كشف رئيس جهاز المغتربين في السودان أن عدد المواطنين السودانيين الذين يترددون على الجهاز للحصول على تأشيرة خروج للهجرة للعمل بالخارج بعد أن حصلوا على عقود عمل في دول أجنبية وصل إلى رقم غير مسبوق؛ إذ إنهم يستخرجون كل يوم ثلاثة آلاف تأشيرة خروج . ويقول مراقبون هناك عوامل عديدة أدت لتنامي الهجرة من السودان تضافرت في مقدمتها الأزمة الاقتصادية الخانقة وإنخفاض القيمة الحقيقية للأجور بسبب تخفيض قيمة العملة السودانية، إضافة للإحباط السياسي وحالة الحصار التي (يحسها) المواطنون أمام واقع يزداد كل يوم تأزماً –كل ذلك جعل السودان طارداً لابنائه بصورة غير مسبوقة– لقد أقدم السودانيون على الاغتراب بحثاً عن العمل منذ عقود من الزمان ولكن الأوضاع وصلت الآن مرحلة الاستنزاف الشامل للقوى البشرية، وقد طالت الهجرة كل شرائح الشعب السوداني بدءاً من أساتذة الجامعات وكل الاختصاصيين المهنيين وانتهاء بالعمالة الماهرة. ناقوس الخطر: وفي دوائر اتحاد العمال قال القيادي باتحاد العمال ادم فضل في حديث له مع قناة الشروق ان مسألة الهجرة من السودان تدفعنا ان (ندق ناقوس الخطر)ويري البعض هذه الهجرة بإنها هجرة إضطرارية لعقول وكفاءات والوطن في أمس الحاجة لها ولكنه يعجز عن أن يوفر لهم أدنى مستويات الحياة الكريمة الآمنة المستقرة والحد الأدنى من الدخل المادي الذي يقابل حاجياتهم الضرورية وهم يرون الحلقة تضيق كل يوم وتتعامل معه الدولة كرعايا لا مواطنين لهم كافة حقوق المواطنة. تنمية الريف: ويقول تقرير للجنة الهجرة والنزوح في اكتوبر 2011ان السودان يحتل موقعًا متميزًا في الجزء الشمالي الشرقي من القارة الأفريقية ، وتربطه علاقات جوار مع دول عديدة الأمر الذي ساعد كثيراً في ايجاد تداخل سكاني كبير بين السودان وهذه الدول ، وأن لهذا التداخل أبعاده الاقتصادية و الاجتماعية بل والعرقية والثقافية أحيانًا. ويلاحظ التقرير أن ولاية الخرطوم تعتبر الجهة الأولي لاستقبال الهجرات من الولايات الأخرى ..وأوضح التقرير ان الهجرة في السودان تعتبر من القضايا السكانية الأساسية ، إذ شهد القطر كافة أنواع الحراك السكاني الطوعي و القسري والمؤقت منها و الدائم والموسمي. كذلك فقد تلاحظ أن مسار الثروة هو المحدد الأساسي لاتجاهات الهجرة ، إذ أن مسار الثروة هو مسار فرص العمل لاكتساب الدخل وتوفر سبل كسب العيش.وما شهدته البلاد في العقود الآخيرة من تدهور في الموارد الطبيعية بسبب التدهور البيئي (الجفاف) ومن تدهور أمني بسبب نشوب الحروب والنزاعات القبلية ، أدى الي تعطيل حركة الإنتاج و من ثمّ تنامي الهجرة الداخلية نحو المدن ، خاصة العاصمة المثلثة. . كذلك تشير نتائج العديد من الدراسات إلى تغيرات في اتجاهات الهجرة ، فبدلاً من الاتجاه التقليدي وهو الهجرة من الريف إلى الحضر ، ظهر اتجاه جديد وهو الهجرة من الحضر إلى الحضر – أي يهاجر الفرد من مدينة الي أخرى طلباً لمستوىً أفضل من المعيشة و في هذا الإطار فإن ولاية الخرطوم بجانب استقبالها للهجرة الريفية) صارت أيضاً المستقبل الأول لهذا النوع من الهجرات (من المدينة الى المدينة) وذلك باعتبارها المركز الحضري الأول في البلاد . ونسبة للأسباب المتقدمة (تدهور الظروف الطبيعية والأوضاع الأمنية) فإن الهجرات إتخذت طابع النزوح . وفي هذا الصدد فإن الحرب في دارفور ترتبت عليها أوضاعًا إنسانية بالغة التعقيد دفعت بالالاف من سكان الاقليم المنكوب الى النزوح من قراهم إلى المدن الكبرى في دارفور وإلى خارجها ،حيث تكدسوا في معسكرات النازحين داخل وخارج السودان في حياة إنسانية قاهرة . هجرة ونزوح ولجوء: و تشير الاحصائيات الى أن أعداد النازحين بلغت حوالي (14%) من سكان السودان و حوالي (20%) من لاجئي العالم . كذلك فإن ازدياد الحراك السكاني (هجرة ونزوحاً ولجوءاً ) أدى الى التكدس السكاني في المدن خاصة العاصمة المثلثة – مع ما تعانيه من محدودية في الخدمات الاجتماعية وفرص العمل - مما شكل بها خللاً عمرانيًا و اقتصاديًا و اجتماعيًا . لم تقتصر مشكلة الحراك السكاني في السودان علي النزوح الداخلي ، بل شهدت البلاد أيضاً موجات اللجوء من دول الجوار إلى السودان ، إذ تشير التقارير إلى أن أعداداً كبيرة من اللاجئين قد توافدت إلى السودان طلباً للأمن والحماية بعدما ضربتهم موجات متلاحقة من التدهور الأمني (الحروب) والبيئي (الجفاف والمجاعات) . كذلك فإن هجرة السودانيين اتجهت أيضاً الي خارج البلاد بحثاً عن فرص عمل مجزية ، غير أن ذلك كان له أثره السالب على مشروعات التنمية ، إذ تناقصت الأيدي العاملة .وقال التقرير بما أن تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية في الريف هو السبب الأساسي للهجرة والنزوح والهجرة الي المدن ، فإن الدراسة توصي بإعطاء التنمية الريفية أولوية قصوى وجعل الريف جاذباً ومشجعاً علي الاستقرار، لكي تتواصل عملية الإنتاج والتنمية. عدم العدالة في التنمية: وترجع دراسات جذور وأسباب الحراك السكاني الي التوزيع غير المتكافئ للموارد الطبيعية خاصة موارد المياه والنبات الطبيعي والتنمية غير المتوازنة وتركزها في مناطق معينة من البلاد خاصة مناطق الوسط.وتدهور الاقتصادي الريفي.وتشير البيانات الي أن معدلات الهجرة الداخلية قد ارتفعت من. مليون مهاجر عام 1973إلى 1.3 مليون 1983م. بينما بلغ عدد الذين ميزوا مكان أقامتهم وفقاً لأرقام عام 1993 حوالي 3.4 مليون شخص 16%من مجموع السكان النزوح والهجرة: ويمثل النزوح أحد أشكال الهجرة القسرية ويقدر عدد النازحين في السودان خلال العقدين الأخيرين بحوالي 4 مليون شخص بسبب تدهور الاوضاع الامنية في الاقاليم والحرب التي شنتها الانقاذ في دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان . وحسب مسح لوزارة القوى العاملة لعام 1996 فان عدد السودانيين بالخارج يبلغ حوالي 400.000 شخصا، حوالي 78% منهم بالمملكة العربية السعودية و 76% من أسباب الهجرة هو العامل الاقتصادي وأن معدلات الأمية وسطهم تبلغ 14% كما تبلغ نسبة الجامعيين 25% مما يشير إلى انتقائية هذه الهجرة. التنوع الثقافي: تضافرت عوامل الموقع والجغرافيا والتاريخ في تشكيل شخصية السودان وهويته المتفردة بتنوعها الإثني والعرقي والثقافي وانتماءاتها العربية والإسلامية والأفريقية. فالسودان يضم ما بين 570 و595 مجموعة قبلية، تنقسم إلى 56 مجموعة عرقية لكل منها عاداتها وتقاليدها وإرثها الثقافي والحضاري المميز. بالرغم من الحراك السكاني الواسع وانتشارعمليات الاختلاط والتزاوج والانصهار. وهناك أيضاً أكثر من مائة ألف لغة في السودان تمثل لغات التعامل اليومي وتشكل اللغة العربية اللغة الأولى للتخاطب بالقطر وعلى حسب تعداد 55/1956 فان حوالي 51% من السكان يتحدثون اللغة العربية. وما من شك أن استخدام اللغة العربية قد أنتشر كثيراً خلال العقود الأخيرة بسبب تزايد الحركة السكانية والاختلاط. في عام 1993 نجد أن حوالي 79% من مجموع السكان الحضر يتحدثون العربية بينما يتحدثها 71% من سكان الريف. تأتي لغات دارفور وبعض اللغات الأفريقية الأخرى في المرتبة الثانية في شمال السودان إلى جانب اللغات البجاوية (شرق السودان) والنوبية (شمال السودان).