السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكري ال11 لأحداث الحادي عشر من سبتمبر وتأثيراتها علي السودان


حينما يكون الإرهاب عابرا للقارات
..
الخرطوم : الهادي محمد الأمين
لا يمكن للمرء أن يتطرق أو يستعرض أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وتداعياتها وتأثيراتها وذيولها دون أن يرد اسم السودان سواء في متن الحديث والحدث أو مروره علي هامش الاحداث نظرا لعدة اعتبارات من بينها الإرتباط الوثيق بين تنظيم القاعدة وأذرعه وواجهاته الجهادية والحركية بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالسودان من جهة ولاستقرار زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بالخرطوم لفترة تزيد عن الخمسة سنوات ( 91 – 1996م ) من جهة ثانية ... أو لأن سجن غوانتانامو استضاف عددا من السودانيين لشبهة تورطهم وضلوعهم في اعمال إرهابية سواء صحت تلك الإتهامات والمزاعم أو لم تصح .. وكذلك لاحتفاظ الإدارة الأمريكية باسم السودان ضمن الدول الراعية والداعمة للإرهاب وهو عرف وتقليد ظلت تكرره الخارجية الامريكية في تقاريرها السنوية كل عام منذ العام 1993م وحتي آخر تقرير لها في منتصف هذا العام ( يوليو 2012م ) حيث أكد التقرير أن الخرطوم لا زالت واقعة تحت خط ونقطة مرور وعبور الإرهابيين ومحطة انتقال لهم للسفر الي العراق – الصومال وأفغانستان ولهذا تم الابقاء علي اسمه ضمن القائمة ذات السجل الأسود لكن التقرير تجنب الاشارة الي انّ السودان يأوي إرهابيين كما في السابق .. وأيضا لوقوع عدد من الحوادث والعمليات التي يمكن تصنيفها كعمليات إرهابية بالسودان طيلة سنوات حكم الانقاذ كان أولها الأحداث الدامية التي وقعت في مسجد الشيخ ابوزيد محمد حمزه بضاحية الثورة الحارة الاولي في مدينة أم درمان في صيف العام 1994م وكان يقود الفيلق المهاجم عبد الرحمن الخليفي ومعاونوه ( عبد الباقي يوسف - ياسر محمد علي ومحمد الماحي ) ثم اكتشاف خلايا عسكرية وتشكيلات وأنوية إرهابية كانت تنوي تنفيذ عددا من الاعمال الانتقامية والإعتداء علي مقار المنظمة الاممية ومنشآت تابعة للأمم المتحدة ومواقع بعض المنظمات الاجنبية وسفارات الدول الغربية مثل ( امريكا – بريطانيا – فرنسا ) وتحديد أهداف أخري منها ضرب الوجود الاجنبي في مستوياته المدنية والعسكرية مثل ما جري في العام 1996م بمنطقة الخبر بالمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية ... وتم التعرف علي موقع هذه الخلايا وعناصرها بعد إنكشاف أمرها وما تدبره من مخططات التفخيخ نتيجة لوقوع انفجار مدوي بمنازل بحي السلمة جنوبي الخرطوم في العام 2007م حيث ضبطت هذه الخلايا والمنظمات الإرهابية المتطرفة التي تنتمي لتيار السلفية الجهادية وبحوزتها متفجرات وعبوات ناسفة جاهزة للإستعمال وتركيبات كيمائية مكونة من مواد قابلة للإشتعال من بودرة ( التي إن تي ) ومسحوق النتروجلسرين وحوض من مواد يتم تحضيرها لتكون متفجرات تستخدم لهذه العمليات العسكرية لكن استطاعت الأجهزة الامنية وضع يدها علي كامل المخطط وإحباط العملية وتوقيف عناصرها قبل ان يبدأوا تنفيذ مشروعهم الإنتحاري - الذي إن تمّ كان سيضع السودان علي فوهة برميل ملئ بالبارود - ويقف علي راس هذه المجموعة الدكتور اسامة عبد السلام وهو يحمل شهادة الدكتوراة في الكيمياء الحيوية ويعتبر العقل المدبر والدينمو المحرّك للعملية يعاونه دكتور صيدلي يسمي أيمن زروق ونجل الشيخ عبد الحي يوسف ( الملّا عمر ) وآخرون ...
يضاف لذلك إغتيال موظف وكالة المعونة الامريكية الدبلوماسي جون مايكل غرانفبل في مطلع العام 2008م وبرفقته سائقه السوداني عبد الرحمن عباس حيث جرت عملية قتلهما عند تقاطع شارع عبيد ختم مع شارع عبد الله الطيب بحي الرياض شرقي الخرطوم وأمطر الجناة الضحايا بوابل من الرصاص الذي اخترق سيارة الدبلوماسي بعد رحلة عودة من وسط الخرطوم حيث كان يسهر مع مجموعة من أصدقائه بأحد أندية الخرطوم احتفالا بأعياد رأس السنة الميلادية حتي حلول فجر ذات اليوم الذي لقي فيه حتفه وتبين لاحقا أن الرجل كان مراقبا من قبل هذه المجموعة التي انتهزت فرصة وقوف سيارته عند شارة المرور فعاجلته باطلاق أعيرة نارية كثيفة أردته قتيلا في الحال بينما توفي سائقه متأثرا بجراحه بعد فترة وجيزة من الحادث الدموي .. ولم يقف الأمر عند ذلك بل فر الجناة دون أن يتركوا أو يخلفوا وراءهم أي أثر علي الرغم أن بعضهم كان يمثل بقايا من خلية تفجيرات السلمة الذين أعتقلوا ثم أطلق سراحهم ليجدوا فرصة كافية لتنفيذ مخططهم وإقدامهم لإغتيال غرانفيل وتتكون هذه الخلية من عدد من الشباب الجهاديين المتأثرين بفكر تنظيم القاعدة وفي مقدمتهم ( محمد المكاوي ونجل الشيخ أبوزيد محمد حمزة ( عبد الرؤوف ) – أبوبكر الدخري – أحمد جعفر – قصي الجيلي المصري – مبارك مصطفي – صدام عمر سر الختم – عبد الباسط حاج الحسن ومهند عثمان يوسف ) والأخير استشهد في الصومال في العام مايو 2011م وهو ذات التوقيت الذي تصادف فيه إغتيال جنود المارينز الأمريكي لزعيم القاعدة أسامة بن لادن بباكستان ويطلق الجهاديون علي الصومال ( أرض افغانستان الثانية ) ومنفذو عملية إغتيال الدبلوماسي الامريكي غرانفيل أكدوا أن تنفيذ عملية القتل حدثت نتيجة لوقوعهم تحت تأثير أحداث مضاعفات أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م وانكبابهم علي كتب الجهاد وتشبعهم بأدبيات وثقافة تنظيم القاعدة ...
والطريف أنّ الفارّين من سجن كوبر الذين كانوا يقضون فترة إنتظار إنزال حكم الإعدام عليهم بدأوا يخططون قبل الهروب للإلتحاق والإنضمام لكتائب المجاهدين بالصومال ..
ورغم أنّ السلطات الأمنية بذلت جهدا مقدرا انتهي بالقبض علي بعض منفذي عملية قتل الدبلوماسي الأمريكي ( غرانفيل ) وبالتالي تقديمهم للمحاكمة بل وإنزال الحكم القضائي عليهم ليصبحوا محكومين ونزلاء بسجن كوبر العتيق بالخرطوم بحري إلا أنّ المجموعة أفلحت في الهروب والفرار من السجن بسيناريو لا تقدم عليه إلا مجموعات متأثرة بمخططات تنظيم القاعدة ومعرفة تكتيكاتها وأساليبها ووسائلها في التعامل مع هذه الحالات حيث انّ عملية فرار المدانين بمقتل جون غرانفيل من سجن كوبر العتيق تتشابه في بعض فصولها مع عملية هروب المتهمين بالهجوم علي المدمرة ( كول ) جمال البدوي وفهد القصع وبرفقتهما 8 من أفراد تنظيم القاعدة بعد فرارهم من السجن العام بصنعاء في العام 2003م وقاما بفتح أرضيات حمامات السجن والخروج من أسوار المعتقل بينما قام المدانون بمقتل جون غرانفيل بتطبيق ذات السيناريو حيث بدأوا في حفر نفق داخل منهول الحراسة عبر مجاري الصرف الصحي وجعلوا من تراب الحفر أرضيات لزراعة الزهور والورود ( صباح الخير ) واستفادوا من مناخ إنشغال طاقم الحراسة بمشاهدة مباراة القمة السودانية ( الهلال - المريخ ) ومتابعة إنطلاق فعاليات أولمبياد كأس العالم وتمكنوا عبر تسهيلات داخلية ومساعدات خارجية من التسلل والهروب من سجن كوير في العام 2010م ...
ووقوع حادثة مقتل الدبلوماسي الأمريكي جون مايكل غرانفيل جاءت في وقت كانت الخرطوم تتطلع فيه إلي أن تحسّن واشنطن علاقاتها مع السودان بعد ان قطع الأخير خطوات عملية كبيرة وشوطا مقدرا في ملف التعاون مع الإدارة الأمريكية لمكافحة الإرهاب عبر إتفاقيات التعاون الثنائية المشتركة بين الخرطوم وواشنطون لإستكمال مشروع التطبيع الذي تراجع إلي الوراء بسبب هذه وقوع هذه الحادثة وظهرت بعض ثمار التطبيع الإفراج عن بعض سجناء معتقل غوانتانامو مثل مصور قناة الجزيرة الفضائية سامي الحاج ...
تبقي هذه المقدمة ضرورية لتوضيح أنّ أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م الذي مضت عليها 11 عاما هي الحادثة الوحيدة التي نجد فيها مشاعر مشتركة ومتبادلة بين تنيظم القاعدة والدول الغربية خاصة أمريكا فمثلما أحدثت التفجيرات هزة عنيفة وزلزالا قويا ضرب المجتمع الامريكي ومؤسساته ودولته فكذا الحال بالنسبة لتنظيمات القاعدة فقد كان الحادث هو بداية النهاية للتنظيم الذي كان يمثل الأممية الإسلامية الجهادية في مواجهة النظام العالمي الجديد الذي تقوده أمريكا لكن الإستراتيجية الأمريكية في القضاء علي الإرهاب استطاعت أن تقصم ظهر القاعدة في حرب مفتوحة وطويلة المدي استعانت فيها امريكا بعدد من شركائها في البلدان العربية والاسلامية مثل السعودية – مصر - الأردن – باكستان وغيرها من الدول حيث اعتمدت أمريكا علي حلفائها في إنجاح سياساتها لملاحقة التنظيم الجهادي ومطاردة وتعقب كوادره وشخوصه وكذلك قدرتها في تجنيد واسقطاب الكثيرين الذي كانوا يشكلون عناصر متقدمة في تنظيم القاعدة وأصبحوا كشهود ملك بعد إلقاء القبض عليهم واعتقالهم بل وتحول بعضهم الي خبراء في برنامج مكافحة الإرهاب واستخدمتهم أمريكا لإنهاء ووضع حد لتمدد وتحركات التنظيم الجهادي كما حاولت مخابرات أمريكا وعبر شركائها وأعوانها من اختراق التنظيم نفسه وتغذيته وزرعه بعناصرها عبر غواصات وصلت للقمة وبالتالي تفكيك الكثير من الخلايا المتطرفة وتعد عملية مقتل زعيم التنظيم اسامة بن لادن في مايو 2011م مؤشرا لهذا الإختراق الذي أنهي الرمزية الجهادية وكشف ظهر القاعدة وأفقدها القدرة علي المناورة وروح المبادرة وجعلها في موقف دفاعي بعد ان كانت في وضع هجومي ( تفجيرات الخبر 1996م – تفجيرات نيروبي دار السلام 1998م – تفجيرات برج التجارة العالمي بنيويورك 2001م – تفجيرات مدريد 2004م – تفجيرات لندن 2005م ) بجانب أن إغتيال بن لادن أخلّ بموازين القوي وكان وجود بن لادن يمثل دفعا معنويا فعّالا ومؤثرا في الأوساط الجهادية من جهة ومركز رعب ظل يشكّل بعبعا مخيفا لأمريكا وفي المقابل مثّل مقتله نهاية سريعة للتنظيم الذي فقد المرجعية الفكرية والروحية وكارزيما القيادة التي آلت إلي رفيقه وخلفه أيمن الظواهري ...
لكن بدا واضحا انّ وجود القاعدة أصبح في أضعف حالاته في القارة الآسيوية لسبب بسيط وهو انكشاف ظهر التنظيم في عدد من الدول الأمر الذي جعل القاعدة تغيّر من خططها بنقل نشاطها بالكلية من القارة الآسيوية إلي القارة الإفريقية البكر عبر شريط وخارطة انتشار منتظمة في المغرب العرب يبدءا من ( ليبيا – تونس – الجزائر والمغرب ) وغرب إفريقيا ( انطلاقا من موريتانيا ومالي والنيجر ) ومرورا بوسط القارة وانتهاء بشرقها خاصة في الصومال والقرن الافريقي وهذا يتماشي في المقابل مع سياسة أمريكا في الانفتاح علي دول القارة الافريقية للإستفادة من مواردها البكر وثرواتها الارضية كالنفط واليورانيوم وغيرها من المعادن والطاقات الحيوية كما أن وجود ( الأفريكوم ) يفتح شهيّة القاعدة وتحفزها لتكثيف نشر خلاياها في إفريقيا الأمر الذي يجعل المواجهة بين أمريكا والقاعدة تتحول وتنتقل إلي ساحة أخري وميدان جديد لكن هل ستكون الحرب والمعركة بذات الآليات والأدوات السابقة أم بوسائل أخري ؟ ولأن السودان لم يكن إستثناء فان الإجابة علي السؤال أعلاه تطرح سؤلا آخرا عن حجم ووزن تنظيم القاعدة بالسودان وأماكن انتشاره ومدي تغلغله وخارطة وجوده وتوزيعه ومدي تأثيره علي مجريات الأحداث خاصة وانّ تنظيم القاعدة في الأصل كان ولا زال مهتما بالسودان ومتابعا لتطورات أوضاعه وملما بشكل وطبيعة وتفاصيل الصراع بينه والدول الغربية - الذي انتهي بتقسيم السودان شمالا وجنوبا والتنظيم يعتبر انّ ذلك تفريطا وتنازلا عن أرض وديار إسلامية ؟ ..
يكفي للتدليل علي وجود القاعدة بالسودان ثلاثة إفادات حسب الترتيب الزمني لها :
= الأولي : صرّح بها المدير العام السابق لجهاز الامن والمخابرات الوطني الفريق صلاح عبد الله قوش في واحدة من جلسات البرلمان المفتوحة مؤكدا أن القاعدة بالسودان موجودة لكنها ليست بالخطورة التي يتوهمها الناس ...
= الثانية : ما ورد علي لسان المدير العام لجهاز الامن والمخابرات الوطني الحالي الفريق مهندس محمد عطا المولي عبّاس خلال تنوير قدمه العام الماضي لمجموعة من الدعاة والأئمة والعلماء مؤكدا لهم انهم يراقبون مجموعات متطرفة وتكفيرية سبق لها ان قامت بتنفيذ بعض أعمال العنف ..
= الثالثة : حديث رئيس الجمهورية لقناة النيل الأزرق قبل عدة شهور كاشفا انّ تنظيم القاعدة بلاد النهرين ( النيلين ) كان يخطط لاغتياله واستهداف وتصفية رجال آخرين من رموز الدولة والحكم ...
لكن ما ظهر هو الجزء الأعلي من جبل الجليد الذي يخفي الكثير خاصة في مواجهة تنظيم يتمتع بقدرات فائقة في العمل السري والخفي وله إمكانيات هائلة في تأهيل عناصره وكوادره وتوفير الحماية لها والاحتفاظ بسواتر وأغطية يصعب معها الوصول إلي مواقعه ومعرفة مخابئه خاصة وان للسودان خاصية تميّزه عن بقية الدول الاخري وهي الاحتفاظ ب( الخميرة ) و ( التيراب ) لأطول فترة ممكنة وعلي سبيل المثال فان نهاية الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط المعسكر الشرقي لم يشكّل نهاية لوجود الحزب الشيوعي السوداني رغم تعرضه لكثير من الضربات والهزات العنيفة وذهاب العراق وحزب رئيسه صدام حسين وتآكل البعث وترنحه في سوريا لا يعني نهاية البعث في السودان فهو موجود وهكذا الحال بالنسبة لتنظيم القاعدة كظاهرة أممية عالمية فضعفه وانحساره في كثير من البلدان وتراجع دوره إقليميا لا يعني نهايته في السودان بل العكس صحيح فإن القاعدة تراهن علي السودان لسبب بسيط أنها حتي اللحظة لم تفصح عن نفسها بشكل معلن أو تعبّر عن وجودها في الساحة السودانية رغم ان وجودها في كثير من البلدان معلن ومعروف علي كافة المستويات ..
هذا الغموض يكشف انّ القاعدة تنظيم ( بلاد النهرين ) تنتظر دورها أو ترجئ تحركاتها لاعتبارات وحسابات مرتبطة بكثافة الوجود الاجنبي وواجهاته الاستخباراتية بالسودان فمثلما ان الغرب يتحرك في البلاد بشكل مدني واحتلال ناعم وتدخل غير ملموس ببلادنا فكذا الحال بالنسبة للقاعدة فهي تتحرك في الخفاء وبصورة موازية غير معلنة وناعمة تتقابل مع نشاط خصومها السري فهي في مرحلة ترتيب الاولويات سواء في مواجهة السلطة وحزبها الحاكم أو مع الفصائل اليسارية والعلمانية أو مع الادارة الامريكية وواجهاتها وأذرعها أو القوي الصليبية واليهودية فالحرب مع هؤلاء مؤجلة ومرتبطة بمدي نجاح علاقة السودان بأمريكا أو إحراز أي تقدم في ملف التطبيع والعلاقة مع إسرائيل والحوار مع الدول الغربية والنتائج التي ستفرزها هذه السياسات وتأثيراتها علي جملة الأوضاع بالبلاد فالقاعدة الآن تدرس وتراقب وتتابع وترصد وقطعا تحلل ما يجري مع الإقرار والتأمين بوجود قدرات وتشكيلات عسكرية تابعة لها واحتفاظها بخلاياها النائمة وأنويتها وحلقاتها الأمنية وبنياتها التحتية تتعامل بحذر وحيطة شديدينمن غير توتر أو إنفعال نظرا لتغيّر الأحوال والظروف وتروي الطرفة أن جهاديا سودانيا هاجر لأفغانستان من أجل الإنضمام للقاعدة وطلب منهم وضعه كجندي في الخلايا النائمة !!... لكن هل ستكون في مواجهة عنيفة مع الواقع ومستجداته وظلاله أم تدخل في حرب باردة وتجيب علي تطورات الأوضاع وتناقضاته ومفارقاته عبر خط عقلاني أم تحتفظ وتمسك بكروت وأوراق اللعبة وتفاجئ الساحة السياسية والدينية والمجتمع بوجه جديد وترمي بأسلحة من العيار الثقيل في وجه خصومها تغير شكل اللعبة والملعب ؟ غيوم الواقع وأتربته وغباره العالق يحجب رؤية كثير من الاشياء بالعين المجردة ... !!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.