باتفاق بين الطرفين السودان ودولة جنوب السودان، تم إرجاء وتأجيل التوقيع على اتفاقية الحريات الأربع، وتم إخضاع هذا الاتفاق لمزيد من الدراسة على أن تتم المصادقة عليه من البرلمانَين في البلدين، وعدم ربطه بالملفات الأخرى، بالرغم من أن هذا الخبر لم يُعلن على لسان وفد حكومة السودان، فقد سارع بالإعلان عنه، أروب دينق سفير دولة جنوب السودان لدى إثيوبيا وعضو الوفد المفاوض .! وفي ذات الوقت رفض الوفدان حسب تصريحات لسفير الجنوب لدى أديس أبابا لمراسلة صحيفة الصحافة في المفاوضات، دخول مواطني كل بلد للآخر دون تأشيرة دخول لضبط حركة دخول وخروج المواطنين وأن الوفدين رأيا أنه لا يوجد شيء مستعجل في هذا الملف ولا يجب ربطه بالملفات الأخرى. ما ظللنا نعارضه ونقف ضده بشدة، اتفاق الحريات الأربع، الذي قِيل الأسبوع الماضي إن مجموعة العمل الخاصة به قد أكملته، ولم يتبقَ غير التوقيع عليه، فما هو السبب وراء تصريحات عضو وفد الجنوب المفاوض؟ ولماذا لم يعلن وفدنا ما تم بشأن هذا الاتفاق، فالحريات الأربع في حالة العداء والتنازع الحاد بين البلدين وارتضاء جوبا لدور تآمري ضد السودان، لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بها، خاصة أنها وسيلة لإعادة زراعة الحركة الشعبية ومشروعها السياسي في السودان مرة أخرى وعودة كوادر التآمر والخراب لبلادنا تحت مظلة هذه الحريات، وفتحها من جديد لرعايا دولة الجنوب، ولم يمضِ على تصويتهم للانفصال أكثر من سنة وشهرين واختاروا دولتهم المستقلة بنسبة «99%» ، وغنّوا لذهابهم ووصفوا بلادنا بأقذع الألفاظ .!! تحت ضغط الرأي العام هنا وليس مجريات التفاوض تم إرجاء هذا الملف وكبح تقدمه، وهو عملياً يكون قد تراجع واقترب من موته، لأن إخضاعه لمزيد من الدراسة والمصادقة عليه من برلمانَي البلدين، يعني عملياً أنه اتفاق مشكوك في قدرته على الصمود، ووُلد بأرجل كسيحة وقدمَين من طين. فالرأي العام وكل قطاعات الشعب السوداني وقواه الحيّة ومساجده ومنابره الحرة وصحافته وعلمائه ومستنيريه والحادبين على أمنه واستقراره وسلامته، جميعهم رفضوا هذا الاتفاق وقاوموه منذ التوقيع عليه في نسخته الأولى مارس الماضي.. وسقط الاتفاق صريعاً بالضربة القاضية يومذاك، ولم يقوَ حتى من وقّعوا عليه على إنقاذ رقبته من الحزّ والجزّ كما يقال. وعندما أعيد فتح هذا الملف من جديد في الجولة الحالية، وأطلقت الوساطة بالون اختبار حوله، وأعلنت الأسبوع الماضي عن اكتمال إنجاز اتفاق الحريات الأربع ظنت طاولة مفاوضات أديس أبابا بكل مكوناتها أن النار التي اشتعلت قد خفت أوارها، وهدأت معارضة الحريات الأربع، لكن فوجئ الجميع في أديس، بأن الرفض أشرس من السابق لهذا الاتفاق الكارثي.. وسيواجه أي اتفاق من هذا النوع الركل كما تم من قبل في مارس الماضي، لأن السودانيين باختلاف طيفهم السياسي والاجتماعي والجغرافي لا يرغبون في أي حريات أربع مع دولة الجنوب وحقدها تنفثه كالأفعى ضد السودان. ومن الناحية الموضوعية لا يمكن في ظل التعقيدات في الملف الأمني وقضايا الحدود وملف النفط وبقية القضايا العالقة أن يتم توقيع اتفاقية تعد من الموبقات، وهي ليست من أولويات الخلافات الناشبة بيننا ودولة الجنوب، ولمصلحة من يتم إبرام مثل هذه الاتفاقية؟ وما هي المصلحة من التوقيع عليها وتطبيقها؟ وإن فعل وفدنا المفاوض ذلك، فإن ضغط الشارع وقطاعات الشعب ونواب البرلمان سيكونون لها بالمرصاد، خاصة أن البرلمان قد وعد من قبل بإسقاطها.. ولا يزال وعده قائماً .!