دولة إفريقية تصدر "أحدث عملة في العالم"    والي الخرطوم يدشن استئناف البنك الزراعي    الناطق الرسمي بإسم القوات المسلحة السودانية: نحن في الشدة بأس يتجلى!    السودان: بريطانيا شريكةٌ في المسؤولية عن الفظائع التي ترتكبها المليشيا الإرهابية وراعيتها    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    البطولة المختلطة للفئات السنية إعادة الحياة للملاعب الخضراء..الاتحاد أقدم على خطوة جريئة لإعادة النشاط للمواهب الواعدة    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تقدم فواصل من الرقص المثير مع الفنان عثمان بشة خلال حفل بالقاهرة    شاهد بالفيديو.. وسط رقصات الحاضرين وسخرية وغضب المتابعين.. نجم السوشيال ميديا رشدي الجلابي يغني داخل "كافيه" بالقاهرة وفتيات سودانيات يشعلن السجائر أثناء الحفل    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السعودية والصهيونية إخوان حتى النصر أو الموت
نشر في حريات يوم 18 - 02 - 2012

مقدمة شوقي إبراهيم عثمان لمقالة الكاتبة سامية حدادين:
تعتبر المملكة الأردنية إحدى الكروت الهامة في القضية السورية..بل هي الكرت أو الهدف الرئيسي المبطن من كل هذه الضجة المخادعة ضد سوريا والممانعة عموما، ولكن في سياق السيناريو تعتبر المملكة الأردنية هي الخطوة اللاحقة أو التابعة لحدوث الانفجار الكبير big bang في سيناريو الشرق الأوسط الكبير. ولا أخال الأمور إلا ماضية في اتجاه البج بانج big bang..!! فالأنظمة العربية الخليجية تنطلق إلى حتفها مثل الفراش نحو قبس النار السورية!!
أحد الحيل الغربية اليهودية التكتيكية هي توريط “الحليف” في حرب ماحقة بنية القضاء عليه!!
لقد فعلتها بريطانيا ويهودها مع القيصر الروسي نيكولاي رومانوف. قالوا له في عام 1907م لو دخلت معنا في حرب ضد ألمانيا والدولة العثمانية سنعطيك نصيبا من بترول الشرق الأوسط، بينما قالوا لفرنسا إذا دخلتي معنا هذه الحرب سنعطيكي الإلزاس واللورين. اتفاقية عام 1907م الثلاثية هي نفسها إتفاقية سايكس بيكو التي كشفتها الثورة البلشفية عام 1917م. ما يهمنا هو نيكولاي رومانوف!! كان جيشه أكبر جيش في أوروبا قاطبة، ولكن نقطة ضعفه كانت في سلاحه السيئ بل الضعيف حتى الازدراء، وكانت خزينة نيكولاي رومانوف أيضا فارغة. وهنا وعدت بريطانيا نيكولاي بتسليح جيشه، ووعده اليهود بملأ خزينته!! وحيت أشتعلت الحرب عام 1914م ودخل فعلا الروس الجبهة ضد ألمانيا والدولة العثمانية لم توف بريطانيا ولا يهودها إلا ب 15% من وعودهم له عن تقصد وعمد، فأنهزم الجيش الروسي هزيمة نكراء!! وكان عدد المصابين والمعوقين الروس بالآلاف وتحولوا إلى شحاذين، وعمت المجاعة الشعب الروسي، وارتفع معدل التضخم، وزادت معدلات البوس والشقاء الخ بسبب هذه الحرب الورطة!! بهذه الحيلة نجح اليهود الدوليون في صنع وتهيئة الظرف الموضوعي للثورة الروسية، أي لصالح البلشفية، فحوالي 340 كوميسار شيوعي ثوري بلشفي كانوا يتدربون سرا في نيويورك بتمويل من يعقوب شيف ودعم من قبل دون د. روكفيلر؛ ورجع هؤلاء الكوميسار مع تروتسكي بباخرة واحدة نحو هاليفاكس وفي حقيبته عشرون مليون دولارا ذهبيا، ثم بازل، فأستوكهولم بالسويد، فموسكو، في عام 1917م قبل الثورة بأسابيع قليلة. وهكذا أبتلعوا روسيا!!
دول الخليج، وبالذات الأردن، يسيرون معصوبي العينين مثل مصير نيكولاي رومانوف في نفس الاتجاه..أي السقوط.
ما يتخيلونه قد يكون انتصارا على قوى الممانعة (إيران، سوريا، حماس وحزب الله)، وما يمكن أن يسموه تمكينا لعروشهم – هو في الواقع فخ كبير، سيرتد عليهم. ولماذا يقصدون سوريا؟ لأنها الدولة العربية الوحيدة الممانعة والحاضنة للممانعة ولا تعترف بإسرائيل!! بتعبير آخر، خطة الشرق الأوسط الكبير ليست سوى اللعب على أوتار جدل الجغرافيا والتاريخ – وهو تخصص بريطاني صرف، والبريطانيون أفضل خلق الله مهارة في استعمال الشوكة والسكين لتقطيع أوصال الجغرافيا!! وإذا فقدت أنت الجغرافيا ستفقد التاريخ، أو إذا غيرت في الجغرافيا حتما ستتغير سياسة دول المنطقة، وسيتغير التاريخ!! وطبقا لهذا الجدل الإستراتيجي والتكتيكي، ليس مطلوبا إسقاط نظام بشار الأسد فحسب، بل أيضا تمزيق سوريا إلى ثلاثة أقاليم تضم إلي جيرانها من الأقليات. وفي حمى الفوضى الخلاقة التي قد تعم سوريا كما حسبوا، أي البج بانق big bang، سيتسبب الزلزال السوري في تقديرهم في صنع موجات اهتزازية متتالية على اثرها يهتز العرش الملكي الأردني – وسيحول الإرهابيون بقدرة قادر بنادقهم نحو عمان لإسقاط النظام الملكي الأردني، تماما كما تحول الإرهابيون توظيفيا من العراق نحو سوريا في هذه الأيام.
رغم أن هنالك خطرا فعليا على سوريا.ولكن بشار الأسد حقا سينتصر. لأن الشعب السوري معه. وقد فهم الشعب السوري أن القضية ليست قضية ديموقراطية الخ، بل فهما على حقيقتها أنها مؤامرة لصالح إسرائيل بدعم عربي خليجي كامل. حتى الشعب الأردني فهم مضمون هذه الرسالة التآمرية المبطنة كما قالت سامية حدادين في مقالتها. بقية الرتوش يسهل فهمها، فمثلا السيد حسن نصر الله ذكر في خطابه الأخير أن دول الخليج أنفقت ثلاثة مليار دولارا فقط في شمال لبنان. فكم تم إنفاقه في تركيا، والأردن، وإعلاميا، وكم دفعت رشوة لنبيل العربي وأمثاله الخ؟ وعليه لا تستغربوا كأن يقيم سعد الحريري حفلا (قبض أثنين مليار دولارا لشخصه فقط قبل عدة أيام من السعودية!!) بينما وليد جنبلاط وسمير جعجع سيرقصون على بضعة ملايين، والمقاتلون “في سبيل الله” ستفرحهم الورقة قيمة الألف أو الألفين دولارا في الشهر.
إذن العنوان الكبير والمطلوب هو إيجاد وطن بديل للفلسطينيين في الأردن بعد إزاحة نظام الملك عبد الله بن الحسين!!
المطلوب إذن رأسان، رأس النظام السوري أولا والأردني ثانيا على الترتيب. هنالك ثلاثة نقاط ما تسمى “نقطة هانوي” ترتكز فيها قوى السلفية الإرهابية الغازية لسورية؛ إحدى هذه النقاط في إقليم الأسكندرونة (المحتل) بتركيا، والنقطة الثانية في شمال لبنان قرية عرسال (وهي منطقة تعتبر مسيحية – سمير جعجع!!) بوادي خالد، ثم الثالثة في منطقة المفرق – الرمثا الأردنية. مقالة الكاتبة سامية حدادين تتعلق بالمنطقة الأردنية هذه على الخصوص.
الخريطة الصغيرة هي لصاحبة المقالة، بينما شخصي أنزل ب “القوقل ايرث” الخريطة الثانية الكبيرة ويمكن هكذا اكتساب تصور اشمل لمدينة المفرق وحولها وبعدها من دمشق. ولكن الأهم أنني قد رسمت في خريطتي خطا أحمر صغير بالقرب من خليج العقبة. هذا الخط الأحمر وحتى عام 1965م كان يمثل الحدود السعودية مع إسرائيل، ويعتبر ميناء العقبة (الأردني حاليا) ميناء سعودي، ومعنى ذلك كانت للسعودية حدود مشتركة مع الكيان الصهيوني، وكان من المفترض أن تكون دولة مواجهة، ولكن تم توقيع اتفاق بين المملكة السعودية والأردن في 10 أغسطس 1965م حصل بموجبه تبادل أراضي بين الجانبين، حيث حصلت السعودية على مساحة 7000 كيلومترا مربعا من الأراضي الأردنية مقابل حصول الأردن على 19 كيلومترا لتوسيع خطه الساحلي على خليج العقبة، بالإضافة إلى 6000 كيلومتر مربع من الأراضي في المناطق الداخلية. وهذه بالضبط المساحة داخل المثلث الذي أضلاعه الخط الأحمر والخط الأصفر في الأسفل!!
وهكذا هرب آل سعود من مواجهة (صديقهم) الكيان الصهيوني مبكرا على يد الملك فيصل بن عبد العزيز!! وكثير من السذج مخدوعين في الملك فيصل. ومرد أصل الخدعة التي اصلها أئمة المساجد إياهم في عقول الغبش هو حين روج إبراهيم نافع وإبراهيم سعدة وعبد العظيم رمضان الخ نبذة مزيفة كتبها موظفو السفارة السعودية في القاهرة عقب اغتيال الملك فيصل 1975م تحوي الكثير من الأساطير عن، مثل إنه سيحرر القدس وتحدى كيسينجر الخ، ومر وفد السفارة السعودية بالنبذة على كبريات دور الصحف المصرية، ومن وقع عليها تم إكرامه بدفتر الشيكات – وفتحت له أبواب السعودية على مصراعيها!! فالملك فيصل هو من زار القدس في شبابه وخدع ثوار فلسطين حين طلب منهم وقف الثورة عام 1936م، وأكد لهم أن “صديقتهم بريطانيا” وعدتهم بحل مشكلة فلسطين. فهذا الابن من ذاك الأب، فوالده عبد العزيز هو الذي باع فلسطين لليهود إلى الأبد!! إذا ترغب أن تشاهد الوثيقة التاريخية التي كتبها عبد العزيز بن سعود بخط يده لليهودي رجل المخابرات البريطاني برسي ذكريا كوكس، أدخل هنا لتشاهدها:
http://filkkaisrael.blogspot.com/2008/06/blog-post_17.html
وهي وثيقة صغيرة ومختومة بختمه الشخصي، تقول:
(انا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود اقر واعترف للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى، لا مانع عندي من إعطاء فلسطين لليهود المساكين أو غيرهم كما ترى بريطانيا التي لا اخرج عن رأيها حتّى تصيح الساعة)!
حتى تصيح الساعة!! وفعلا هم على درب أبيهم مخلصين حتى تصيح الساعة؛ ففي السابق حرض الملك فيصل في ديسمبر 1966م جون ف. كينيدي وليندون جونسون لضرب مصر، وتأديب سوريا وتقسيم العراق!! ما يدور في أيامنا هذه هو لصيق بهذه الوثيقة وروحها التي أخلص لها أبناء وحفدة عبد العزيز!! الفارق الوحيد أنهم مارسوا في العقود الماضية خياناتهم سرا، أما اليوم فهي بالمكشوف – لأنهم نجحوا في السيطرة على العالم العربي بالريال السعودي!!
وربطا (ب) حتى تصيح الساعة!! ستجد في نفس الرابط كتابا قيما بعنوان: “السعودية والصهيونية إخوان حتى النصر أو الموت”. وأعده الباحث والمؤرخ الإسرائيلي المعادي للعنصرية الصهيونية البروفيسور إسرائيل شاحاك. لذا لم يخطئ العديد من المحللين السياسيين والتاريخيين حين اكدوا أن زوال الكيان الصهيوني مرهون بزوال عائلة آل سعود!!
الآن نتركك مع مقالة الكاتبة: سامية حدادين – وصحيفة الحقيقة الأليكترونية:
الأردن يحول المنطقة ما بين المفرق والرمثا إلى منطقة عسكرية مغلقة
دون الإعلان عن ذلك من أجل إقامة ثلاثة مخيمات لإيواء 18 ألف مسلح سلفي ليبي
منذ اندلاع الاحتجاجات السورية، وحتى بعد تحولها من "صراع من أجل سوريا" إلى “صراع عليها" يهدد كيانها ووجودها ذاته، تحاشى النظام الأردني، بتكويناته المختلفة، السماح بأن يكون قاعدة خلفية للمعارضين السوريين على غرار ما قامت به تركيا. هذا ولو أن كلا من واشنطن وأنقرة، ومعهما قطر والسعودية، مارست عليه من الضغوط والإغراءات ما لا يستطيع تحمله سوى “الجبابرة". ولكن "مكره أخوك لا بطل".. والمعلومات الإحصائية الموثقة التي جمعتها المخابرات الأردنية، وغيرها، تشير إلى أن أكثر من 60 بالمئة من الشارع الأردني أعاد التموضع خلال الأشهر الأخيرة بعد أن رأى بأم عينه أن الموضوع لم يعد يتعلق بديمقراطية أو حريات عامة في سوريا (إلا إذا كان بإمكان المرء تصديق أن نظام قطع الرقاب بالسيف في الدولة الوهابية، والنظام الذي لا يسمح للمرأة بقيادة حتى الناقة دون فتوى شرعية، هو من محبي الديمقراطية)، بل بصراع مرير على الفوز بسوريا الدولة والشعب من أجل نقلها كليا إلى الخندق الآخر. ومع ذلك، لم يزل هذا الشارع داعما لمطالب الشارع السوري، ولكن ليس بأي ثمن ومهما كانت النتيجة مثلما كان عليه الأمر من قبل!
هذا الأمر كان أبلغ تعبير عنه ما جرى خلف الكواليس مع حكومة معروف البخيت التي استقالت، أو بالأحرى أطيح بها، في تشرين الأول /أكتوبر الماضي بعد أن رفعت بطاقة حمراء في وجه ثلاثة ملفات أساسية تعمل واشنطن والسعودية وقطر على إرغام الأردن على الانخراط فها. وفي هذا السياق، ينقل أحد المقربين من البخيت عن هذا الأخير قوله ل"الحقيقة" إن واشنطن وقطر "أرغمتاني على الاستقالة بعد أن أصريت على رفض توطين اللاجئين الفلسطينيين نهائيا في الأردن وأكدت على مبدأ حق العودة، وبعد أن رفضت الانخراط في لعبتهما السورية، وعارضت بشدة انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي، لأني أعرف أن الغاية الوحيدة من هذا المشروع هو تمكين قوات (درع الجزيرة) من المرابطة على الحدود السورية الأردنية استعدادا لتدخل عسكري أجنبي تحت راية عربية خليجية. فالنظام الداخلي لمجلس التعاون الخليجي يجعل من أراضي أعضائه وحدة أمنية وعسكرية واحدة، وبالتالي إعطاء الحق للقوات السعودية والخليجية الأخرى من الدخول إلى الأردن والمرابطة على الحدود السورية. وهذا ما لا يمكن القبول به أبدا “.
البخيت، الذي سيتوجه قريبا إلى سورية على رأس وفد كبير يمثل طيفا واسعا من القوى القومية والديمقراطية الأردنية، كما علمت “الحقيقة" من مصادر مقربة منه، سيؤكد للسوريين “أن الشعب الأردني، ومعه الجيش الأردني كذلك، لن يسمح على الإطلاق بأن تتحول أراضي الأردن إلى قاعدة خلفية للمسلحين السوريين“. لكنه سيؤكد لهم أيضا أن "القوى القومية والديمقراطية الأردنية باتت ترى أن الإصلاحات السياسية الجذرية والعاجلة في سوريا، هي السبيل الوحيد لقطع الطريق على التدخل الخارجي، وسيكون العامل الحاسم في إفشاله إذا ما حصل". كما وسيؤكد لهم أن "حضور القوات الخاصة الأميركية إلى منطقة المفرق كان بعد إسقاط حكومته، ولم يكن ممكنا خلال وجوده على رأس الحكومة"، في إشارة إلى ما كشفت عنه "الحقيقة" في تقريرها بتاريخ 10 كانون الأول / ديسمبر الماضي، والذي أكدته وسائل إعلام أميركية لاحقا.
على هذا الصعيد، تكشف أوساط البخيت أن المخابرات العسكرية الأردنية، "المخترقة حتى النخاع أميركيا وإسرائيليا"، قامت خلال الأسابيع الأخيرة، ودون الإعلان عن ذلك رسميا، بتحويل المنطقة الحدودية مع سوريا بين مدينتي المفرق والرمثا، أي على امتداد حوالي 30 كم وعمق حوالي 10 كم، إلى “منطقة عسكرية" يحظر على أي شخص دخولها أو الاقتراب منها. وتؤكد هذه الأوساط أن الغاية من إقامة هذه المنطقة هي إنشاء ثلاثة مخيمات كبيرة لإيواء حوالي عشرين ألف ليبي من المنظمات الأصولية التكفيرية التابعة ل"لواء طرابلس" بقيادة عبد الحكيم بلحاج كانوا بدأوا يتوافدون إلى الأردن تحت غطاء أنهم “جرحى بحاجة إلى العلاج"! وتكشف هذه الأوساط أن عدد الليبيين في الأردن أصبح الآن 43 ألفا، منهم 18 ألف مقاتل محترف من السلفيين، والباقي مرافقون لهم من أفراد أسرهم لوحظ أن معظمهم من الذكور! وينزل هؤلاء في الفنادق والمشافي العسكرية في ثلاثة مناطق أساسية هي مدينة عمان وضاحية “عبدون" التابعة لها ومدينة إربد في الشمال. وفيما يتعلق بهذه الأخيرة، تقول أوساط رئيس الوزراء السابق ل"الحقيقة" إن مشافي "الخدمات الطبية الملكية" العسكرية في الأردن، فضلا عن الفنادق، أصبحت مليئة عن بكرة أبيها بالمسلحين الليبيين الذين تدفع الحكومة القطرية نفقات إقامتهم في الأردن . وبسبب اكتظاظ هذه المشافي بهم، وصل الأمر إلى حد إنزال قسم كبير منهم في “مشفى الملك المؤسس عبد الله" في الرمثا، أي على بعد بضعة كيلومترات من درعا! وتشير هذه الأوساط إلى أن هؤلاء الليبيين "ليسوا مرضى أو جرحى على الإطلاق، رغم احتمال وجود البعض بينهم ممن تنطبق عليهم هذه الصفة، لكنهم مقاتلون سلفيون شاركوا في معارك طرابلس ومصراتة، ولم يكن بإمكان الاستخبارات الأميركية والأردنية، ومن ورائهما قطر، إحضارهم إلى الأردن إلا تحت عنوان الاستشفاء لا سيما وأن أعدادهم بالآلاف"! لكن هذه المصادر تستبعد أن تسمح الحكومة الأردنية لهم بالقيام بأي نشاط عسكري ضد الأراضي السورية في الوقت الراهن، فالمرحلة التي سيأتي دورهم فيها، بحسب ما جرى الاتفاق عليه بين عمّان والدوحة وواشنطن، هو عندما "تفلت الأمور في سوريا من نطاق سيطرة الحكومة المركزية السورية، سواء نتيجة لتفكك الجيش السوري أو لتدخل عسكري تحت غطاء عربي و / أو دولي". وبانتظار ذلك ما على هؤلاء الليبيين إلا أن يعيثوا فسادا وفوضى في الأردن، حيث بات العديد من الأردنيين يتقدموا بشكاوى إلى السلطات الأردنية من المضايقات التي يتعرضون لها على أيدي هؤلاء الزعران المرتزقة (تحرش، اعتداء على أملاك خاصة، تحطيم مصابيح الكهرباء في الشوارع، سرقة سيارات.. إلخ)!
على هذا الصعيد أيضا، تكشف الأوساط نفسها أن عشرات الضباط التابعين للمخابرات التركية بدأوا يتوافدون مؤخرا إلى الأردن، ومعظمهم يقيم في "فندق مرمرة" الواقع في شارع مكة بمنطقة “الرابية"، الذي تحول إلى “غرفة عمليات للمخابرات التركية"! ويعمل هؤلاء منذ أسابيع على تجنيد أكبر عدد من هؤلاء الليبيين ونقلهم إلى لواء إسكندرونة المحتل للالتحاق ب"الجيش الحر"، بالنظر لأن المعركة التي ستبدأ انطلاقا من الأراضي الأردنية "قد تطول بعض الوقت"، وبالتالي قد يطول انتظارهم في الأردن وربما يفوتهم قطار “الجهاد". هذا بينما المعركة في “جبل الزاوية" انطلقت منذ وقت طويلة، وهي لم تتوقف، وسيكون لها دور كبير في الأيام والأسابيع القليلة القادمة!
ولكن أين موقع الساسة اللبنانيين من هذا كله!؟
تفيد مصادر أردنية مطلعة بأن المخابرات الأردنية، التي تراقب الوضع عن كثب، سجلت الشهر الماضي عملية نقل أكثر من خمسين طنا من الأسلحة الإسرائيلية إلى مطار إربيل في كردستان لصالح المسلحين السوريين، قيمتها أكثر من 650 مليون دولار سددتها الحكومة القطرية لحساب شركة "رافائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية. وتضم هذه الأسلحة قواذف وألغاما مضادة للدروع وقناصات ودروعا فردية للمقاتلين وأجهزة اتصال وكميات كبيرة من الذخيرة لزوم الأسلحة المرفقة بها. وتكشف هذه المصادر أن زيارة النائب اللبناني وليد جنبلاط إلى قطر مؤخرا، ثم إلى كردستان العراق، ويوم أمس إلى تركيا، تتعلق بهذه الشحنة تحديدا. كما أن زيارة سمير جعجع إلى إربيل في 12 من الشهر الماضي كانت على صلة مباشرة بالقضية نفسها. وبحسب هذه المصادر، فإن المعنيين يواجهون صعوبة الآن في نقل هذه الشحنة إلى شمال لبنان من أجل تمريرها إلى ريف دمشق وحمص، لا سيما بعد أن نشر الجيش اللبناني عددا من وحداته في منطقة “وادي خالد" المتاخمة لحمص، وبعد أن كثف “حزب الله " من تواجد عيونه الساهرة على امتداد المناطق الحدودية التي يحظى فيها بحاضنة اجتماعية. ولهذا توجه وليد جنبلاط يوم أمس إلى تركيا من أجل بحث إمكانية إمرار الشحنة من كردستان إلى المسلحين في محافظة إدلب السورية عبر الأراضي التركية، بدلا من إمرارها إلى حمص وريف دمشق عبر ميناء جونية اللبناني الذي افتضح أمره خلال اليومين الماضيين. وكان وليد جنبلاط، بحسب الأوساط نفسها، أرسل أحد أبرز مسؤوليه الأمنيين خلال الحرب الأهلية، هشام أنيس ناصر الدين، إلى الأردن لبحث القضية نفسها، لكنه لم يصل إلى نتيجة إيجابية. فقد أبلغه الأردنيون أن الأردن "ليس معنيا بأي تورط ساخن في القضية السورية، على الأقل في المرحلة الراهنة". وهو الأمر نفسه الذي أبلغه الأردنيون لسمير جعجع كذلك! وتؤكد هذه المصادر أنه في حال فشل جنبلاط بإقناع الأتراك في الموافقة على نقل شحنة السلاح عبر أراضيهم، لن يبقى إلا إعادة نقلها إلى ميناء جونية اللبناني الخاضع لسيطرة الجهاز الأمني لسمير جعجع، من أجل شحنها برا عبر زحلة وعرسال، حتى وإن كان الأمر ينطوي على مغامرة كبيرة بعد افتضاح أمر الميناء!
هذه المعطيات تتقاطع مع ما كشفه "مركز ستراتفور للاستخبارات" في واشنطن مؤخرا. فقد أكد المركز أن عمليات تهريب السلاح إلى سورية عبر ميناء جونية اللبناني تحت إشراف العقيد وسام الحسن تحتل مكانا بارزا في هذا المجال حاليا، وإن يكن أقل من المطلوب بسبب رقابة مخابرات الجيش اللبناني. ويقول المركز في هذا الصدد إن العقيد الحسن، رئيس فرع المعلومات في الأمن الداخلي اللبناني، المعروف بصلاته بواشنطن وفرنسا، هو من يشرف شخصيا على عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري، ولهذا حاولت المخابرات السورية تدبير عملية لاغتياله مؤخرا جرى اكتشافها من قبل المخابرات الأردنية التي تنسق معه!؟ وطبقا لتقرير “ستراتفور"، فإن السلاح الذي يجري جلبه عبر ميناء جونية، يجري نقله إلى منطقة زحلة في البقاع اللبناني، التي تعتبر حاضنة مهمة لجماعة سمير جعجع، بينما يعتبر محيطها إحدى حواضن “تيار المستقبل" الحريري، والطرفان يتساعدان الآن في عمليات تهريب السلاح إلى الداخل السوري من خلال منطقة "دير العشائر" و"عرسال" و"البقاع".
تبقى الإشارة أخيرا إلى أن فارس سعيد، الأمين العام لتحالف "14 آذار" اللبناني، الذي تدعمه واشنطن وإسرائيل، كان ألقى أول أمس كلمة باسم ما يسمى "المجلس الوطني السوري" ورئيسه برهان غليون في الاحتفال المركزي الذي أقيم في بيروت بمناسبة الذكرى السابعة لاغتيال الحريري! وهذا أول تنسيق وتعاون رسمي علني بين الطرفين على هذا المستوى، الأمر الذي يضاف إلى جملة القرائن التي تراكمت خلال الأشهر الماضية عن “المجلس الوطني السوري"، والتي تؤكد أنه ليس في جوهره أكثر من مشروع إسرائيلي قبل أن يكون غربيا، هذا إذا وضعنا جانبا حقيقة أن خمسة على الأقل من قياداته، على رأسهم بسمة قضماني، يقيمون علاقات رسمية مع إسرائيل منذ سنوات عديدة (السيدة قضماني زارت إسرائيل في العام 2008 تحت اسم بسمة قضماني درويش؛ أي حين كان لم تزل تحمل كنية طليقها نبيل درويش، المذيع في مونت كارلو). وكان أحد الأعضاء البارزين في “المجلس"، خالد خوجة، قد وجه رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو طالبه فيها ب مايسمى "دعم الثورة السورية"..! وقد كرر الرسالة بالصوت والصورة في مقابلة مباشرة مع القناة الإسرائيلية العاشرة في الثامن من الشهر الجاري! وكان ملاحظا أن أيا من أعضاء “المجلس الوطني" أو مناصريه، بما في ذلك المثقفون الكبار كصبحي حديدي وفاروق مردم بك أو فرج بيرقدار، لم يدن أو يشجب أو يستنكر ما قام به خوجة!؟
الحقيقة – سامية حدادين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.