السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الوطني والشعبي .. ودولة قطر (2)

دولة قطر من أغنى الدول العربية ويلعب حكامها بمئات المليارات، ويدين شعبها تبعا لحكومته بالمذهب السلفي الوهابي فآل الثاني "سعوديين" نجديين يدينون بعقيدة بن تيمية، ولا يتعدى عدد مواطني قطر دون الأجانب ال 200 ألف نسمة!! وهذا يتفق مع الإستراتيجيات الغربية، فحين يكتشف الغرب البترول في رقعة جغرافية كبيرة تميل الإستراتيجية الغربية لتقسيم الرقعة إلى دويلات ميكروسكوبية لأسباب اقتصادية وليس سياسية فحسب. فمدخولات البترول التي تتحول إلى احتياطيات نقدية دولارية ضخمة، يجب أن تكون في متناول وخدمة عدد قليل من السكان!!
ولكي تفهم سر التكتيك الغربي، تخيل دخل قطر من البترول والغاز يملكه الشعب المصري الذي يبلغ عدده خمسة وثمانين مليونا، ستتحول سريعا كافة الاحتياطيات النقدية عبر الاستهلاك العالي بفضل كثافة الشعب المصري السكانية إلى سلع رأسمالية مثل ماكينات التصنيع، ومواد غذائية مثل القمح، واستهلاكية سيارات، مكيفات، بترول..، وترفيهية الخ مما "يُهلِك" ليس فقط موارد العالم الشحيحة سريعا، بل أيضا قد تصبح مصر قوة في محيطها الإقليمي الجيوسياسي وتنعكس قوتها على الجيران!! ففضلا عن احتجاز هذه الاحتياطيات النقدية البترولية في بنوك أمريكية وغربية، أو استثمارها في الدول الغربية كما تفعل قطر، فالسياسة الثابتة للدول الغربية هي أن تصب كل موارد العالم المادية في تجاه دولهم، بينما "يعلمون" كافة دول العالم عقيدة التصدير؛ لا تصدر الولايات المتحدة سوى 5% وأوروبا سوى 10% من إنتاجهما القومي الإجمالي GDP. في الواقع لا يصدرون شيء!! وعبر مبدأ تقسيم العمل labor division الذي يحدث عادة داخل اقتصاد الدولة الواحدة، تفتق خيال واشنطون بعد الحرب العالمية الثانية كأن تخلق "دول مصدرة" - أي شعوبا "سخرة" للإنتاج مثل الشعب الياباني، والكوري الجنوبي، والشعب التايواني، وشعب هونج كونج بلعبة التحكم في الدولار – "من يرغب في دولاراتنا "الورقية" التي لا تسوى شيء ليضع سلعه في سوقنا" الخ. الصين استثناء، تحارب واشنطون بدولار جهاز الاحتياطي الفيدرالي باستخدامها احتياطيها الدولاري الضخم المتحرر من القبضة الأمريكية في إقراض الدول النامية وكأنها بنك دولي وهكذا نافست البنك الدولي السيئ السمعة!!
تعد أعوام التسعينيات أعوام كبيسة على نظام آل سعود!! انتهت الحرب العراقية- الإيرانية عام 1988م بشكل غير متوقع إذ لم يسقط لا نظام الثورة الإيرانية ولا النظام البعثي العراقي، بل ازداد كلاهما شراسة، فالضربة التي لا تقضي عليك تقويك!! الخليج والغرب كانا يسلحان الجانبين حتى يدمرا بعضهما البعض!! اكتشف صدام حسين أن دول الخليج خدعته واستدرجته لكي يدافع بالوكالة عن بوابة "العرب" الشرقية ويسقط في الحفرة، ثم يكتشف صدام لاحقا أن مشتريات الأسلحة الإيرانية كانت تمر إلى إيران عبر ميناء دبي!! لذا بدءا من عام 1990م أصبح صدام شرسا – فقرر الخليج التخلص منه!! استغلت واشنطون هذه التناقض لصالح دولارها، فغمزت السفيرة الأمريكية بسنارتها لصدام إن دخل الكويت ستكون واشنطون محايدة!! وحين دخل صدام دقت أمريكا الطبول، واحتلت بأساطيلها الخليج لتحرير الكويت!!
هذه الزفة الأمريكية العسكرية لتحرير الكويت ليست سوى اعتقال دول الخليج المنتجة للزيت، فواشنطون منذ 1990م قررت سرا أن تعمل بشكل استباقي ضد عملة اليورو التي ستظهر للوجود بعد اثني عشر سنة!! قلنا في مقالة سابقة، أن هنري كيسينجر والملك فيصل شاغبا دول الأوبيك ألا تبيع زيتها إلا بالدولار عام 1973م!! نتج عن هذه الخدعة اضطرار حوالي 160 دولة غير منتجة للبترول بيع صادراتها بالدولار وليس بسلة عملات – وبهذه الخدعة أصبح الطلب على الدولار عاليا وثابتا. الآن فكر ماذا لو دول الأوبيك بعد اثني عشر سنة (2002م) قررت بيع زيتها باليورو وليس بالدولار!! النتيجة: ينهار اقتصاد الولايات المتحدة في دقائق!! لماذا؟ لأن ال 160 دولة ستضطر إلى بيع صادراتها باليورو لدفع فاتورة الزيت باليورو!! إذن الدول المصنعة للبترول هي التي تتحكم في مصير اقتصاد الإمبراطورية الأمريكية!! لذا قفزت واشنطون على آبار البترول مسبقا وقبل ظهور اليورو بعقد كامل، ومن يأتي بلفظة اليورو على لسانه تسحقه واشنطون، أو تضعه في محور الشر evil axis!!
نتائج حرب العراق-إيران وحرب الخليج لتحرير دولة "الكوت" هزت العرش السعودي بقوة. فإضافة لشراسة صدام التي انتهت بزفة الأساطيل الأمريكية تحتل الخليج، وهي تلوح "بصدمة الديمقراطية" للشيوخ لإرعاد فرائصهم، ثم غضب الشعوب العربية على وضع "أسد" البوابة الشرقية في قفص حديدي 1991-2003م وأغلق عليه، وانقسام السلفيين الوهابيين داخل السعودية مناصفة إلى سلفية بيضاء وسلفية سرورية ... أصبحت السعودية بالمجموع مرجلا يغلي طوال أعوام التسعينيات!! هذا الغليان داخل المملكة لم يطفح إلى إعلام الخليج ولم يدرك أبعاده لا السودانيون ولا بقية الدول العربية!! وأزداد النظام السعودي وقتها شراسة باضطهاد وسجن كل المعارضين والمخالفين، وتدنت حقوق الإنسان في السعودية أكثر وأكثر بشكل مريع، هنا خافت الدول الغربية وقتها أن تقوم ثورة في السعودية على غرار الثورة الإيرانية!!
كيف ينقذ الغرب السعودية من نفسها – هذا هو السؤال؟ فنظامها العتيق العنيد المتخلف هو نفسه الذي سيطيح بالعرش السعودي!! ومن حسن حظ المخابرات الغربية، أتت حادثة في عام 1997م مثلت الفرصة لها لوضع السعودية في بيت الطاعة. وكانت أيضا فرصة تاريخية لقطر!! وتبدأ الحادثة باختلاف النظام السعودي مع محطة BBC التلفزيونية العربية وكان بينهما تعاقد لتلميع المملكة PR إعلاميا. كان الاختلاف حول فيلم تسجيلي عن حقوق الإنسان في السعودية – أصرت القناة البريطانية العربية أن تبثه!! الصدام القانوني والسياسي بينهما وصل حدا مرعبا، هددت المملكة السعودية بريطانيا بوقف أي تعاملات تجارية معها إن بثت القناة الفيلم!! ماذا فعلت المخابرات البريطانية والقطرية؟ حلت قناة BBC العربية التلفزيونية بالكامل وسرحت موظفيها ومذيعيها تكتيكيا الخ، وتم ترحيل القناة البريطانية BBC إلى الدوحة باسم "قناة الجزيرة" التي استوعبت مجددا كل الموظفين المسرحين أحمد الشيخ، فيصل القاسم، جميل عاذر، ليلى الشايب، سامي حداد، خديجة بن قنة، محمد كريشان، توفيق طه، جمال الريان الخ هؤلاء كانوا يعملون في الBBC البريطانية، وهؤلاء أسسوا قناة الجزيرة!! ويعتبر أحمد الشيخ الأردني الفلسطيني هو عراب السلطة القطرية في رسم المواد التحريرية!!
قناة الجزيرة في بداية إنشائها لم تكن سوى ذراع بريطاني قطري هدفه جر السعودية بشكل خاص ودول الخليج عامة كأن يوسعوا من هامش حريات "الظاهرة الصوتية" لتنفيس الاحتقان السياسي لشعوبهم، حتى لا تكون مصير عروشهم مصير عرش الطاووس رضا شاه بهلوي!! ووجد هذا الدفع الغربي هوى لدى حمد الكبير والصغير ولكن لمنطلقات أخرى كما ستفهمها لاحقا!! ونجحت قناة الجزيرة – سمحت قطر للمجموعة العاملة أعلاه كأن تعمل أي شيء بحرية كما لو أنهم في BBC البريطانية..ولكن بالتدريج تطورت قناة الجزيرة وأصبحت رأس الرمح في رسم إستراتيجيات أمريكية وإسرائيلية كبيرة وخطيرة في المنطقة العربية، وانتهت القناة إلى ما انتهت إليه الآن من سقوط مدوي وفضحت ويكيليكس وضاح غضنفر مدير القناة بعمالته للمخابرات الأمريكية، وفضحت ابنة صدام حسين محمد كريشان على أنه أيضا مخابرات أمريكية ساعد على قتل أخويها، واستقال من الجزيرة كمشة من الإعلاميين الشرفاء مثل غسان جدو، سامي كليب، ويسري فودة، على هاشم، ولينا زهر الدين، وإيمان عياد، وجمانه نمور، ولونا الشبل، ولينا زهر الدين، وجلنار موسى، ونوفر عفلي. ومن المراسلين المشهورين حسين عبد الغني مدير مكتب الجزيرة بالقاهرة وإسلام صالح مدير مكتب الخرطوم وكذلك عرار الشرع وهو مسؤوول سابق في قسم التحرير. بينما بقي في القناة البغال الصحفية!!
ما هي نقطة التشابه التاريخية ما بين العائلتين؟ كلا من عائلة آل سعود وعائلة آل الثاني القطرية من نجد!! ونجد هذه لم يباركها نبينا العظيم قط، بارك ومدح الشام ومصر واليمن وفارس، وحتى ملك الحبشة!! إلا نجد!! كلو إلا نجد!! فمن نجد يخرج قرن الشيطان، ومسيلمة الكذاب من بني حنيفة قتله الصحابة في "حديقة الموت" وموقعها الآن في منتصف العاصمة الرياض اليوم!! وكذلك أدعت النبوة سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان وهي امرأة نجدية من بني تميم. آمن بها بعض من قومها من بني تميم وتزوجت من مسيلمة الكذاب!! آل سعود فهيم دماء بني حنيفة، بينما تأمل عائلة آل الثاني القطرية من قبيلة تميم!!
لذا تفسير سلوك دولة قطر الحالي الذي يشبه اللغز وقد حير المحللين لا يخلو من تعقيدات الماضي والتاريخ، ليس فقط لكون عائلة آل الثاني من نجد التي لم يباركها نبينا أو من بني تميم، بل أيضا لأن عائلة آل الثاني ترى أنفسها أحق من آل سعود في حكم الجزيرة العربية وأرض الحرمين، فليست صدفة إذن أن يكون أسم قناتهم "الجزيرة"!! وهذه النقطة خفية على كافة المحللين السياسيين والنفسيين!! وقطعا لا تخلو هذه الأحقية التاريخية المدعاة من قبل دويلة لا يتعدى سكانها 200 ألف نسمة ومساحتها 11571 كلم مربعا وعدد جيشها 8000 جندي من الغمز واللمز في أصول آل سعود اليهودية غير العربية!!
فقد نقل دبلوماسي فرنسي إلى أمراء سعوديين ما قاله حاكم قطر في لقاء مع مسؤولين فرنسيين اثنين زارا الدوحة مؤخرا، حين تعرض للسعودية بكلام خطير يمس أركان المملكة، ويؤكد الدور الخفي الذي تلعبه قطر لإضعاف المملكة والنيل من دورها مستغلة الصراع العائلي السعودي حول كراسي الحكم وتراجع دور الرياض. مصدر مطلع في باريس ومقرب من دائرة شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية أكد (لصحيفة المنار المقدسية) أن حاكم قطر وخلال حفل عشاء مع اثنين من المسؤولين الفرنسيين، قال أن عائلته (آل ثاني) لها الحق في انتزاع الحكم من آل سعود، حيث أصول عائلته من نجد بالحجاز، وأن جده "حمد آل ثاني" الكبير غادر نجد ومن حق أبنائه وسلالته تولي زمام الأمور في السعودية بكل الطرق. هذه المعلومة وصلت إلى عدد من أمراء السعودية فقاموا بتصعيد تحريضهم ضد آل ثاني، متهمين بعض أبناء عائلة آل سعود باستغلال الوضع الصحي للملك عبد الله بن عبد العزيز للاستمرار والسقوط في تبعيتهم لعائلة آل ثاني، معللين ذلك، بتعليمات تلقوها من واشنطن!!
إذن كشفنا أهم نقطة في اللغز القطري!!
لمجمل الأسباب أعلاه تقاطعت طموحات عائلة آل الثاني مع طموحات واشنطون وتل أبيب. فالدخل القومي الإجمالي GDP لدولة قطر من البترول والغاز يبلغ حوالي 183 بليون دولار حسبة عام 2010م يمكنها ، وفي أرضهم أكبر قادة عسكرية أمريكية على الإطلاق خارج الولايات المتحدة الأمريكية – عصا غليظة!!
الباقي سهل فهمه!! طموحات عائلة آل الثاني وسعة خيالها الكبير لا بد أن يكون لها ثمن!! فإذا رغبوا في القيادة وحكم الجزيرة العربية وكافة العرب والمستعربين من حولهم حتى يسجلوا أسم عائلتهم في التاريخ المعاصر والمستقبلي، لابد أن يقوموا بما قاموا به بالسيطرة على الفضاء الإعلامي العربي، وأن يطرحوا أنفسهم للشعوب العربية بأسلوب مغاير تماما مثل: "نحن لا نخبئ القواعد العسكرية الأمريكية كما يفعل الآخرون!!" و"بيننا وبين أمريكا صداقة"، ومثل: "نحن لا نستطيع الدفاع عن قطر، إذا قامت قوة كبيرة بمهاجمتنا. فنحن بحاجة إلى وجود القوات الأميركية والولايات المتحدة في حاجة إلينا" الخ.
بعد ذلك كيف يكون الجواب على السؤال: إذا رغبت قطر أن تنشئ إمبراطورية قطرية عربية بقيادتها على ركام آل سعود فماذا يجب أن تفعل؟
الجواب بسيط في سياق التحليل الواقعي المترابط، وهو: أن تتبنى دولة قطر الأخوان المسلمين الكلاسيكيين في العالم العربي وأن تحل محل "جمعية الإصلاح الاجتماعي" الكويتية لعبد الله المطوع، لمجابهة "جبهة" آل سعود العريضة من أنصار السنة الاقحاح، و"السلفية العريضة" من تنظيمات في الدول العربية والإسلامية، والمتسعودين من شيوخ الدين ومن الأنتلجينسيا العربية المتسعودة بأنواعها في بلادهم أو من مشردي أوروبا وأمريكا!! فكان دور العراب مفتي الناتو القردضاوي ضروريا لآل الثاني لشد الخيوط نحو قطر وإضعاف الدور السعودي بأسلوب ذي الوجهين المنافق!! فإتحاده، "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" لم تدرك السعودية على أنه نواة الإمبراطورية القطرية التنظيمية ربما إلا متأخرا جدا، ولن تكون لهذه الإمبراطورية أسنان إلا اعتمادا على الوجود المسلح الأمريكي في قاعدة العديد والسليت والدعم صهيوني!! وبالرغم من أن الأخوان المسلمين الكلاسيكيين لديهم "مكتب الإرشاد الدولي" لكنه كوزموبوليتاني بلا أفق محدد، وهم أكثر ميلا لريالات آل سعود الذين لا يفرضون عليهم مشاريع سياسية معقدة، وفي أحسن الأحوال ينظرون إليهم كطابور خامس.
نجح القردضاوي كأن يجعل من نفسه خطا موازيا مع خط تنظيم الأخوان المسلمين ومحسوبا عليهم في الغالب رغم اختلاف المنطلقات، ونجح أن يشد نحو قطر العديد منهم، وأن يعقد صفقات تحتية معهم، حتى أصبح القردضاوي وأمير قطر مؤخرا نقطة التفاهم والحوار ما بين الأخوان والولايات المتحدة الأمريكية!! هذا الدور القطري أو القردضاوي، دور السمسار والعراب الأمريكي ظهر بقوة مع ثورة تونس والغنوشي نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين. وأيضا أثناء عملية إسقاط نظام معمر القذافي. وبما أن مصر هي السمكة الكبيرة، وضع أمير قطر أثنين مليار دولارا في البنك المصري المركزي كوديعة لدعم حكومة محمد مرسي وجماعته، ثم ثماني عشرة مليار دولارا إضافية في استثمارات مباشرة في مصر!!
تعدى دور قطر في استقطاب القاعدة السلفية الحربية ومشتقاتها إلى استقطاب الأمراء الشباب السعوديين أنفسهم ضد نظام بلادهم المتخلف لإضعافه، وكثيرا ما صنعت هذه التدخلات القطرية احتقانا وتشققات شديدة داخل الأسرة السعودية. وحضنت قطر سرا بن لادن وقاعدته والسروريين منذ 1997م، وأصبحت قناة الجزيرة بوقا إعلاميا لهم بشكل ناعم بمباركة أمريكية كاملة!! وبما أن القوات السوفيتية خرجت من أفغانستان في 15 مايو 1988م بفضل كلفة الأموال وتجنيد المقاتلين التي تكلفتها السعودية وتقدر بتسعة عشرة مليار دولارا، لن يكون آل الثاني أقل إخلاصا لواشنطون من الرياض، فقطر متورطة أمريكيا بدعم حرب الشيشان ضد موسكو مالا وسلاحا وتجنيدا من ضربة البداية، ومع ظهور قناة الجزيرة أصبحت قضية الشيشان إحدى مواضيع القناة الرئيسية ولابن الخطاب (خطاب) السلفي السعودي حضورا ثابتا على الشاشة لا ينافسه إلا عبد الباري عطوان!! في قطر اغتيل الرئيس الشيشاني السابق يندرباييف من قبل المخابرات الروسية، بينما قناة الجزيرة ممنوعة منعا باتا أن يطأ أحد مراسليها قدمه في روسيا الاتحادية!!
إذن علاقة قطر بالسلفيين واضحة. بفضل الهمة العالية لتخليد أسم عائلة آل الثاني في سجل التاريخ، وطموح العائلة للتوسع على طريقة عبد العزيز آل سعود المؤسس للمهلكة السعودية، تشد قطر نحوها السلفيين العرب خاصة السعوديين، بهدف إسقاط النظام السعودي بدعم أمريكي، بعد أن فشلت واشنطون في فك المحاصصة ما بين آل سعود وآل الشيخ تحت شعار غامض "تغيير مقررات المدارس"..!! ولقد ثبت حقا أن هذه المحاصصة هي محور الشر. بدعم طموحات آل الثاني أمريكيا، تنجح واشنطون كأن لا يقطف شعب الحرمين ثورة على غرار الثورة الإيرانية أو ثورات الربيع العربي وقد تأتي بنظام مستقل استقلالا حقيقيا عن واشنطون!! وإذا سقط النظام السعودي بدفع قطري، لا يستبعد أحدكم أن تظهر جذور عائلة آل الثاني في نجد فجأة وتجلس على كرسي الجزيرة العربية بأسلوب عصري تطمح له واشنطون!! كل شيء جائز، فحظوظ آل الثاني أكبر من حظوظ عبد العزيز آل سعود بمعية برسي ذكريا كوكس وجون سنت فيليبي مؤسسا العرش السعودي!!
ماذا عن إيران؟ تتعمد قطر في علاقتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية أن يبدو ظاهرها طبيعيا لاضطهاد آل سعود وإحباطهم سياسيا، والموقف القطري لا يخلو من النفاق السياسي التكتيكي!! وماذا تستطيع قطر أن تفعل حيال إيران وقوام جيشها لا يتعدى ثمانية ألف جندي؟ فالقضية الإيرانية بالضرورة قضية تشغل بال "الرياض" في الدرجة الأولى لأن عقيدتها الدينية المهووسة التي تتبنى عقيدة بن تيمية لا تسمح بالتعايش مع الشيعة الروافض. وكذلك القضية الإيرانية تشغل بال "واشنطون" و"تل أبيب" ولا تدخل قطر في خصومة مع إيران حرصا على ما تبنيه من استراتيجيات مستقبلية بمكر!! قول السفير الأمريكي في فقرة من ورقة للويكيليكس نوفمبر 2009م: (الثلاث سنوات القادمة ستطور قطر علاقاتها مع إيران لأسباب براجماتية "حقل الغاز المشترك"). كذلك ما يجمع قطر بإيران بشكل خاص أيضا ليس التجارة البينية فقط، بل أيضا لأن كلاهما أكبر منتج ومصدر للغاز بعد روسيا عالميا وتأتي مرتبة إيران الثانية بعد روسيا ثم تليها قطر ثم استراليا في المرتبة الرابعة. وقد قدمت إيران فكرة إنشاء "أوبيك للغاز" أيدتها روسيا، ولكن قطر تسعى لإفشال الفكرة بنعومة من خلال منتديات دولية تعقدها في الدوحة وتضع العصي في دواليب العربة، وهذا ما يفسر نقطة التماس القطري بإيران!! وكما لعبت وتلعب السعودية لصالح واشنطون في أوبيك الزيت، تلعب قطر نفس الدور في أوبيك الغاز المقترحة التي لم تأخذ حظها بعد، وتقف واشنطون وأوروبا في وجه الفكرة الإيرانية بقوة، لأن المستقبل للغاز الطبيعي لنظافته بدلا من البترول!!
إلى الآن لم نتكلم عن علاقة قطر بفلسطين..لقد أخرنا هذه النقطة لكي نربطها بقضية الغاز القطري وأنابيبه!!
رأي حمد الصغير عن فلسطين صرح به لأحد المسئولين الأوروبيين وكشفته أوراق ويكيليكس!! أشتكى من مصر متبرما، وقال: علاقة مصر بفلسطين مثل علاقة طبيب له مريض واحد!! وقصد حمد بذلك، أن الطبيب لا يرغب أن يعالج مريضه الوحيد لكي يظل يتكسب منه!! حمد الكبير والصغير مصممان على إنهاء القضية الفلسطينية بطريقتهما، ويبدو أن حلمهما أن يعتلي آل الثاني عرش الجزيرة العربية يضيق بأي معوقات تقف في وجه أحلامهما حتى ولو كانت فلسطين!! لذا لم يترددا في الدخول في تنفيذ مشروع سايكس بيكو 2، إسقاط الأنظمة العربية المقاومة لصالح الأخوان المسلمين. وبما أن سورية عقبة كؤودة لسايكس بيكو 2، قرر الحمدان تمزيق سوريا إلى ثلاثة أقاليم تضم إلى جيرانها وإنهائها كدولة وإسقاط النظام الملكي الأردني وحشر كل الفلسطينيين في الفائض الجغرافي الأردني – هكذا تحل القضية الفلسطينية والله يحب المحسنين!! هذا الخيار الأردني للفلسطينيين خطة إسرائيلية قديمة منذ الثلاثينيات!!
إنتبه!! سايكس بيكو 2 لا تشمل فقط إنهاء القضية الفلسطينية، وإلا لماذا تدخل واشنطون ولندن وباريس وبرلين وتل أبيب بثقلهم في تمزيق سوريا؟ واشنطون وحلفاؤها الأوروبيون يرغبون في التحرر من قبضة موسكو التي تمدهم شركة غازبروم الروسية بالغاز!! ويحتل الغاز موقعا رئيسيا في الصراع على سوريا، وخاصة منطقة حمص، بعد أن كشفت معلومات مسربة عن مخطط قطري بموافقة أميركية لإنشاء أنبوب جديد لجر غاز قطر إلى حمص ومنه إلى أوروبا، لن تكون إسرائيل وتركيا بعيدتين عنه. وإليكم هذا التقرير المنقول من صحيفة سوريا الآن بتصرف:
تحتل مدينة حمص وريفها موقع (العقدة) أو (القلب الجغرافي). فهذا المشروع يمنح أيضا كلاً من تركيا وإسرائيل مزايا إستراتيجية في معادلة تجارة الغاز العالمية أو احتياجاتهما إليه. ويرمي المشروع إلى مدّ أنبوب لجر الغاز القطري يسلك الخط البري الآتي: ينطلق من قطر ويمر عبر الأراضي السعودية ومن ثم الأراضي الأردنية (متجنّبا المرور في الأراضي العراقية)، ويصل إلى الأراضي السورية، وتحديدا إلى حمص. ومن حمص يتفرع عن الأنبوب ثلاثة أنابيب، أحدها باتجاه اللاذقية على الساحل السوري، والثاني باتجاه طرابلس في شمال لبنان، والثالث صعوداً باتجاه تركيا. الهدف الأساسي لهذا المشروع هو إيصال الغاز القطري والإسرائيلي إلى البر الأوروبي لتوزيعه على كل الدول الأوروبية، تحقيقاً للآتي: أولا منافسة احتكار روسيا تزويد أوروبا بالغاز. ثانيا، تحرير تركيا من الاستمرار في اعتمادها على استيراد الغاز من إيران من حقل كيران. وثالثا منح إسرائيل فرصة لتصدير غازها إلى أوروبا برا وبكلفة رخيصة.
مجمل الأهداف الآنفة لا يمكن إدراكها من دون وصول الأنبوب المزمع إنشاؤه إلى منطقة حمص. وأكثر من ذلك، من دون اعتماد المحافظة كنقطة جغرافية تؤدي دور (العقدة) بالنسبة إلى هذا المشروع. فالغاز القطري لا يملك بديلا من حمص للوصول إلى أوروبا، إلا تسيير شاحنات نقل بحرية عبر طريق بحري طويل، وغير آمن في بعض نقاطه، وفائق الكلفة.
إسقاط النظام السوري يأخذ بعده انطلاقا من تطورين مهمين أساسيين: الأول يرتبط باكتشافات الغاز الإسرائيلي في المتوسط، فيما التطور الثاني يتعلق بالاستثمار في الأحداث السورية، عبر خلق وضع سياسي فيها يسمح باعتماد حمص كمركز العقدة في تصدير الغاز القطري والإسرائيلي إلى أوروبا.
من وجهة نظر المصادر عينها، فإن الثنائي روبرت فورد _ فريدرك هوف، (الأخير مكلف بملف الغاز في المشرق)، العضوين في خلية الأزمة السورية في الخارجية الأميركية، يتوزعان الأدوار، بحيث ينظم الأول إيقاعات دعم المعارضة السورية في الداخل على نحو يستجيب لمتطلبات جعل خارطة مرور الأنبوب القطري الذي هندسه هوف قابلة للتجسد على الأرض. وتضيف بعض المصادر أن خطة فورد الحالية هي إنشاء حكومة مصغرة في الخارج، لديها امتداد داخل المجموعات والتنسيقيات المسلحة في شمال سوريا وريف دمشق ومنطقة حمص، بهدف الوصول إلى تقسيم واقعي في سوريا، تتكون خارطته من مناطق مرور أنبوب الغاز باتجاه تركيا وطرابلس، ومناطق أخرى للنظام.
يمنح المشروع تركيا ميزات إستراتيجية، لكونه يحوّلها أولا إلى ممر حيوي تعتمد عليه أوروبا لتنويع مصادر تزوّدها بالغاز من قطر وإسرائيل، ولا تعود تعتمد فقط على الغاز الروسي، الأمر الذي تشجعه أميركا. ثانيا، يدعم المشروع مطلب أنقرة الاستراتيجي بدخول النادي الأوروبي. ويخفف، ثالثا، من اعتمادها شبه الكلي على الغاز الإيراني، ما يحسّن من موقعها إقليمها. رابعا، يقلل المشروع فاتورة التدفئة الباهظة على تركيا، إذ إن تل أبيب والدوحة ستدفعان ثمن مرور غازهما في أراضي تركيا إلى أوروبا.
كذلك يلحظ مشروع أنبوب قطر _ حمص مصالح إسرائيل المرشحة لأن تصبح، بعد خمس سنوات، إمارة نفطية كبرى، نتيجة لبدء استثماراتها في حقلي ليفياتان وتمارا المشتركين مع لبنان. حقل ليفياتان، بحسب دراسات فرنسية، يحتوي على 122 تريليون متر مكعب وحقل تمارا 8,4 تريليونات متر مكعب، ما يزيد عن كميات الغاز الموجودة في حقل نورث بول _ ساوث بارس القطري الإيراني المشترك الذي يعتبر اليوم أكبر حقل غاز في العالم. وتحتاج طفرة إسرائيل من الغاز، كما قطر، إلى اعتماد طريق حمص إلى أوروبا، لأن الطرق البديلة مكلفة للغاية، ولاسيما في ظل عدم ملاءمة قناة السويس لشحن ناقلات النفط والغاز عبرها.
وخلال زيارة رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي لقطر، كان لافتا التحول الإيجابي في موقف الدوحة تجاهه وتبديل مقاطعتها الاقتصادية والسياسية للبنان، بانفتاح كامل تمثل في تعهدها بالتوقف عن التهديد بترحيل العمالة اللبنانية من أراضيها (دول الخليج تستخدم العمالة العربية كآلية ضغط وابتزاز سياسي فهل فهم المغتربون السودانيين في الخليج، وأولئك البلهاء الذين كتبوا مذكرة لمجلس التهاون الخليجي؟!)، وبإنشاء مشاريع تنموية لدعم الاستقرار الاقتصادي في لبنان وتعزيزه. وبدا لافتا عزمها على تقديم مساعدات مالية لميناء طرابلس الذي تورده خطة الأنبوب القطري كمركز احتياطي بالإضافة إلى اللاذقية، لشحن غازها من حمص إليه. الجدير ذكره أن مصفاة طرابلس لا تعمل منذ سنوات، بينما لا تزال توجد في الميناء خزانات صالحة لتخزين النفط وليس الغاز. ويمكن أن تؤدي عملية تأهيله بمنشآت لتسييل الغاز وتخزينه إلى دعم خطة جعله أحد خيارات الشحن لأنبوب الغاز القطري إلى أوروبا.
في جانب آخر على صلة بملف الغاز في المشرق وارتباطه بالأزمة السورية، كشفت مصادر الشركة الغربية النفطية عينها عن معلومات تفيد بأن روسيا أبلغت لبنان أنها لن توافق على مشروع خطط استثمار الغاز في المتوسط إلا بعد حصولها على ضمانات غربية بعدم تغيير النظام في سوريا. وتقول هذه المعلومات إن نشاط الشركات الروسية في مجال التنقيب عن الغاز المتوسطي لا يتنافى مع مطلبها الآنف، إذ إن وجود شركاتها هو لجمع المعلومات، وعدم الغياب عن مسار ولادة طفرة الغاز المتوسطي.
وكشفت هذه المصادر عن أنه في مقابل مشروع خط أنبوب قطر _ حمص، يوجد مشروع إيراني _ سوري قوامه مدّ أنبوب يأتي من إيران ويمر عبر العراق إلى حمص، ويتفرع منها إلى كل من اللاذقية وطرابلس.
ونقول نحن إذن القضية ليست قضية ثورة ديمقراطية، وأن القضية ليست أن بشار الأسد يذبح شعبه مثل ما كتب السوداني-الأماراتي الصحفي طه النعمان مقاله بصحيفة آخر لحظة تطفح بالنفاق وأبخرة مجاري الصرف الصحي!! كتب الرجل مقالة غثة بصدر الصفحة بعنوان: "الآن.. علي بشار الاختيار بين الموت والفرار". وبما أنني أعرف طه النعمان شخصيا وقد دجل على العديد من الصحفيين السودانيين في فترة اغترابه بأبي ظبي بزعم أحد الشيوخ يؤسس صحيفة جديدة، وأتضح أن القضية كذب في كذب!! نقول للأخ طه تواضع وأقلل من جرعة النفاق والكذب، فالصحف الخليجية نفسها ليست بهذه الضحالة لكي تعتقد أن بشار الأسد يفر!!
أين المؤتمر الوطني والشعبي هنا من الإعراب؟
ذكرنا في مقالة سابقة أن مؤتمر الحركة الإسلامية الحالي هو مناسبة لاجتماع تنظيم الأخوان المسلمين الدولي الذي تديره دولة قطر في الخرطوم، وليس سوى واجهة للقاء هام يعقده التنظيم الدولي "إثر نهاية فعاليات المؤتمر العلني" لاستكمال ما قرره الاجتماع الذي عقد بمكة المكرمة على هامش أداء مناسك الحج، وحضره يوسف القرضاوي ثم أصابه المرض!! الواجهة الجديدة البديلة للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين للإخوان ستكون في شكل منظمة سياسية (شبيهة بالمؤتمر الإسلامي، أو الجامعة العربية، أو حتى الفاتيكان) يرأسها خالد مشعل، تتولى التكلم باسم الإخوان الذين يحكمون الآن في تونس ومصر والسودان، ويحضّرون للانقضاض على السلطة في أكثر من بلد – الأردن والكويت، بينما الجزائر وموريتانيا في القائمة كما بشرهم حمد الصغير!! الإخوان المسلمون يريدون من الهيئة الجديدة أن تنوب عن الجامعة العربية ومنظمة مؤتمر الدول الإسلامية في الحوار مع الغرب، وخاصة مع الولايات المتحدة. ولقطنا لكم بعض الأخبار عن مؤتمر الخرطوم:
قال أحد المفكرين البارزين من الذين حضروا حفل الافتتاح في الخرطوم إن الزمن الآن زمن الإسلاميين، ومن حقهم أن يغيّروا كل الهياكل والمنظمات الإقليمية التي صنعها الاستعمار أو عبد الناصر أو السعودية، ويضعوا بدلا عنها هياكل سيقول التاريخ يوما إن الإخوان وضعوها (بالأحرى يقصد قطر!!).
تمويل أنشطة المنظمة الجديدة التي سيترأسها خالد مشعل وتمويل تحركات قيادييها سيتم عبر إدارة الإخوان المسلمين المشرفة على مشروع النهضة في وزارة الخارجية القطرية والتي يشرف عليها جاسم سلطان كما قلنا في مقالنا السابق. . وحضرت إلى الخرطوم 120 شخصية إسلامية بينها محمد بديع المرشد العام "مصر"، وراشد الغنوشي، وعبد المجيد النجار "حركة النهضة بتونس" ومحمد الهلالي "حركة الدعوة والإصلاح الجزائرية"، وسعد سلامة وبشير الكبتي "حركة الإخوان المسلمين بليبيا". ويا فرحة ما تمت!! القصف الإسرائيلي على غزة، واغتيال القيادي البارز في حماس، أحمد الجعبري، خيّما على فعاليات المؤتمرين العلنية والسرية. فالصلح مع إسرائيل هو أحد شروط "الكتاب القطري"!!
وقال وجه إخواني سوداني بارز إن المؤتمر ألإخواني يرفع شعارا له كيفية الاستفادة القصوى من نتائج الربيع العربي، وتجييره لفائدة الإخوان. وأضاف القيادي، إن الهدف القادم لاحتجاجات الربيع العربي التي يحركها الإخوان سيكون الكويت "ضمن خطة لتطويع الخليج" ثم الأردن. وقال القيادي السوداني إن المؤتمر سيدرس تقديم مختلف أشكال الدعم لما أسماه "انتفاضة" الكويت والأردن، وسيكون على رأس هذا الدعم التحرك الإعلامي القوي الذي يركز على مهاجمة القيادة السياسية، وعلى الفشل الاجتماعي والاقتصادي لسياساتها. وأشار إلى أنه ستتم في الاجتماع مراجعة الخطوات المتخذة في سبيل إنشاء قناة الإخوان الفضائية الدولية وسيكون مقرها القاهرة.
ويؤكد متابعين في الخرطوم أن التفاؤل الإخواني مبالغ فيه بعد النكسات التي شهدتها التجربتان التونسية والمصرية والليبية خلال الأشهر الأخيرة، وعجز الإخوان عن توفير الأمن والاستقرار للناس، فضلا عن عدم الاقتراب من فتح الملفات المعقدة ذات الصبغة الاجتماعية والسياسية. ولم ينس المتابعون الإشارة إلى فشل التجربة الإخوانية السودانية التي تحولت إلى صراع بين الإخوة الأعداء "الترابي والبشير" ؟!، فضلا عن كونها فتحت على البلاد أبواب الحرب والانفصال والصراعات الإثنية والعرقية.
ونقول، هل صدفة أن يجتمع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الخرطوم؟ وهل فعلا تم اجتماع عُقِدَ في مكة؟ وهل تسمح به السلطات السعودية للإخوان؟ في تقديري ليس صدفة، خاصة بعد أن سلم الشيخ حسن الترابي "التابليت" في الدوحة للتنظيم الدولي عند حضوره "ذلكم" مؤتمر "الواجهة" الذي حضره أيضا الحاج وراق!!
ورقة الترابي التي حررها للضيوف المؤتمرين علنا ذما في المؤتمر الوطني هي ورقة ملعوبة. قال فيها الشيخ عن المؤتمر الوطني: (إننا نتبرأ من هذا المشروع المدّعى أنه للحركة الإسلامية بالسودان، وإننا لا نعرف لها علماً وهدى فكرياً ولا خلقاً ولا سياسة مما ينسب حقاً إلى الإسلام). نقول للشيخ الترابي أنك لم تأتي بجديد في ورقتك فيما يخص من يجلس في السلطة أو الحركة الإسلامية السودانية!! فالغنوشي غنى في سوءة التجربة السودانية كما لم يغني مالك في الخمر، ومع ذلك كيف تفسر يا شيخ الترابي استدارة الغنوشي º360 ووضع كل نقده القديم أسفل قدميه وأخذ يمدح التجربة السودانية بقاعة الصداقة؟ أليست ورقتك لا معنى لها؟ المطلوب ليس رأيك في نظام الإنقاذ – وهل يُخْفَى القمر؟ المطلوب رأيك في قطر وما تفعله في هذه الأيام!! ثم يجب أن تفسر لنا رحلاتك لقطر، وماذا تعني قطر لديك؟ غير ذلك فورقتك هي لسد الفراغ وتعطيل العقول حتى لا ينتبه المغفلون أنك تدير كل شيء!! طبيعة ورقتك اعتذارية – نصف الإسلاميين يدين النصف الآخر، وهكذا تجد التجربة الفاشلة داخل السودان وخارجه مخارج لحفظ ماء الوجه!! كذلك، ورقتك الاعتذارية تفيد التحايل لإعادة ثقة الشعب السوداني بالإسلاميين مجددا – فأي سلف صنعت وأي خلف سترجى يا شيخ الترابي؟!
في هذه المقالة فضحنا لكم علاقة المؤتمر (الوطني + الشعبي) وتحالفه السري الخفي مع دولة قطر ومع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. السودان الآن جزء من الإمبراطورية العربية القطرية المستقبلية!!
أحد كبار رؤوس المعارضة (فاروق أبو عيسى) يعتقد بسذاجة مفرطة تحالف السلطة السودانية القائمة مع إيران!! ثم يعجز عقل عبد الوهاب الأفندي الصغير أن يستوعب ما يجري في الإقليم العربي، فيستنكر على أخوان "الربيع الإسلامي" الديمقراطي ("الإسلام الديمقراطي الجديد" المصطلح الذي ترغب واشنطون أن تطلقه بدلا من الإسلام السياسي!) الجلوس مع نظام البشير الدكتاتوري المتفسخ، ولم يفهم "الأفندي حقا" أن جميع الحضور في الخرطوم بما فيهم الشيخ الترابي يؤسسون للإمبراطورية العربية القطرية القادمة، وخالد مشعل هو عريس الزفة الذي قرر التنازل عن سلاح المقاومة، بينما الذي يطالب بالتحالف مع إيران من حماس هو الشهيد أحمد الجعبري!! ولم يفهم الأفندي أن الذي أطلق شرارة القتال في غزة الآن هي مجموعة أبو علي مصطفى والجهاد الإسلامي وليست منظمة حماس، لإفشال الطبخة القطرية الأمريكية الصهيونية التي تدور حول سورية!! ويا سيدي أفندي صواريخ المقاومة الفلسطينية وصلت تل أبيب وهي سلاح سوري وإيراني!!
عقدة المنشار للمشروع القطري وكأن تلعب قطر حاضنة للأخوان المسلمين، واستخدامهم كرافعة سياسية ودينية لمشروعها الإمبراطوري هي القضية الفلسطينية!! الفلسطينيون بالسلاح وتقنية السلاح الإيراني والسوري لم يعودوا يكترثون لتغريد عرب قريش ولم يعودوا يبتلعون نضالهم اللفظي لتحرير فلسطين. فكيف يكون موقف التنظيم الدولي؟ لماذا تحاصر مصر والسعودية وقطر الأردن اقتصاديا؟ لماذا يرغب الأخوان المسلمون إسقاط الملكية الأردنية؟ هل يستطيع الشيخ الترابي الإجابة على هذا السؤال؟
أشكر الأخوة القراء في طلبهم لهذه المقالة، هل يرغب أحدكم الكتابة في موضوع معين؟ نحن على إستعداد.
شوقي إبراهيم عثمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.