كان يوم السبت الاول من ديسمبر يوما عاصفا يموج بالبشر والمظاهرات والهتافات بمدينة القاهرة حيث تجمع التجمعيون بميدان التحرير يوم الجمعة .. وبمجرد سماعهم بان الاسلاميين سوف يتجمعون يوم السبت بميدان التحرير اعلن التجمعيون باستمرار تجمعهم يومى الجمعة والسبت وانهم سوف يعتصمون بالميدان حتى الغاء المرسوم الدستورى .. ولكن الاسلاميين اعلنوا عن تغيير مكان تجمعهم ونقلوه الى ميدان جامعة القاهرة بالجيزة منعاً لاى شكل من اشكال الاختلاف والالتحام وخلق مشكلات عنف بين المؤيدين لقررات الرئيس مرسى والرافضين .. وكان قرار المؤيدين حكيماً وبليغاً بمنع اى ذريعة يمكن ان يتخذها الرافضون عليهم او على الرئيس مرسى بان الاسلاميين مارسوا العنف ضدهم او مارسوا الارهاب عليهم والأيام التى قضيتها فى القاهرة لمراجعة طبية كانت حافلة بالسياسة وعلى مستويات عالية جدا مخيبة للمعارضة التى تستخدم المجلس الاعلى للقضاء لتعطيل اعمال الحكومة وشل يدها عن ملاحقة المفسدين والذين قتلوا الثوار .. والرئيس مرسى فى ظل حل مجلس الشعب ، الهيئة التشريعية بواسطة مجلس القضاء الاعلى مارس صلاحياته كرئيس منتخب من الشعب لملئ الفراغ وادارة دفة الحكم .. وهؤلاء يعترضون على هذا اعلان ويطالبون بالغاء المرسوم الدستورى الاخير الذى اصدره مرسى .. وهو فى تقديرى حق اصيل للرئيس فى غياب المجلس التشريعى وهكذا اتخذت قوى المعارضة ونادى القضاة من ذلك ذريعة لاثارة هذا الضجيج الكبير وإظهار الشعب المصرى وكأنه منقسم على نفسه بصورة تدعو الى الاشفاق ولكن انجاز كتابة الدستور ورفعة للرئيس ربما يكون المدخل لحسم الجدل حول المرسوم الدستور ويقتل الذريعة فى يد المعارضين للرئيس مرسى .. لان الدستور بعد استفتاء الشعب عليه سيلقى كل المراسيم الدستورية سواء الذى اصدره الرئيس مرسى او تلك التى اصدرها المجلس الاعلى للقوات المسلحة التى لم يعترض عليها احد .. سواء القضاة او قوى التجمع المعارض .. عشت تلك اللحظات الدافئة بين الاعتراك السياسى فى مصر.. ونظرت الى السودان والجدل الدائرة حول الدستور الدائم الذى فشلنا منذ ستين عام ان ننجزه .. وانجزه اخواننا المصريون فى ستة اشهر .. لجنة منتخبة من عدة جهات علماء فطاحلة .. وطنية دافقه .. وعى دستورى عظيم .. مسئولية وطنية .. تضحيات بالوقت والصحة .. فئات المجتمع المختلفة شاركت جميعاً فى صياغة الدستور المصرى فأين نحن من ذلك اين نحن من ( الرافضة ) لكل امر وطنى فيه خير لبلدنا ولشعبنا ومستقبل اجيالنا لماذا هذا الخلاف غير المنطقى حول كتابة الدستور .. لماذا لا نجلس كأحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدنى وخبراء وعلماء ووطنيون لنكتب دستورنا الذى سيحدد هويتنا ويرسم الطريق لنظام الحكم الذى نرتضيه ويرضاه الشعب ويحقق الاستقرار السياسى والاقتصادى والأمنى لبلادنا التى عانت كثيراً بفضل فشل ساستنا فى الاتفاق على الثوابت ثوابت الوطن وثوابت الامة .. انه واليه لأمر يحزن ويدعو الى التشاؤم ان نختلف قبل ان نلتقى .. وان نرمى عيوبنا فى وجوه بعضنا لمزيد من الفرقة والتشرذم والفشل فقد آن الاوان لكى نبنى دستور السودان الدائم .. وان الاوان لكى نلتفت الى الداخل نعالج قضايانا بأيدينا وفكرنا .. وننبذ الماضى ونرفض التدخلات الخارجية فى شئوننا ..