(1) السماء ملبدة بالقيوم، الشمس تجتهد في إلقاء شعاها على القرية الوادعة، الجو ينزر بقدوم المطر، تقدمت طلائع الرذاذ.. لاشيء في الخارج يبشر بغير رائحة المطر والفرح القادم من كل صوب، في داخل القطيه نشب الخلاف بين الزوجين، أسباب الخلاف غير معروفة، قد يكون سببه آخر غير "جو الفول" . تشعب النقاش وتطور إلى تشابك بالأيدي والأرجل.. تلمست الزوجة طريق النجاة خارج القطية، يتبعها الزوج بالعصا، التي قرر أن لا يمسكها هذه المرة من نصفها، بل يمسكها من طرفها ويترك طرفها الأخر يشوف شغله. بينما كانا في ذلك الوضع، إذا بشيخ على ظهر حمار يمر بالقرب منهم. قال الشيخ موجها كلامه للزوج: - يازول..هى.. هي .. المره ما بضربوها بالعصا.. بضربوها باخته. - قلت شنو.. - قالها الزوج الذي لم يسمعه جيداً، بينما كان "بسوى في البسو فيه". - قبل أن يكرر الشيخ ما قاله،ردت عليه من تحت " الزينة" قائله: - قاليك.. دق دقك.. (2) ذهب للصيد مبكراً، آثار طرائد الصيد التي تتبعها ضاعت عند الحشائش الكثيفة أو دخلت في المويه. كان يمنى نفسه بصيد سمين.لا يريد تذوق طعم الفشل المر كالحنظل هذه المرة، ولا تحمل تلك النظرات والتعليقات من زوجته إذا عاد خالي الوفاض، يكفيه ما كابد من تعب في البحث عن الطرائد. بعيداً عن الحشائش عثر على آثار ورل تتبعها حتى وصل إلى الحفره حيث يختبى. حاول أثارته ليخرج من الحفرة بعصاه طويلة، وبالدخان المنبعث إلى داخل الحفرة من النار التي اشعلها أمامها. خرج الورل ، تمكن منه، وحمله عائداً إلى الفريق. أمام باب القطيه ترك الورل ودخل ليرتاح. لم تكن زوجته بالقطية. كانت مع أومها. جاءت زوجته. رأت الورل وقالت قبل أن تدخل القطية: دا منو القتل وريل قوز دا؟ في الداخل بدأ العنقريب الذي يرقد عليه يدور به من الغضب قال لها: يلا..ارجعي لبيت أهلك طوالي. رجعت لامها واخبرتها بالحكاية. الأم قالت : ليه يا بنيى قلت كدا؟ ثم أردفت: كدى اصبري أنا حامشى اصلح النكسر.. جاءت الأم وكأنها لا تعلم شيء عن ما حدث .. أمام باب القطيه مثلت أنها خافت عند رؤية الورل قالت: ويي.. ويي.. ويي أو أصدرت تلك ألاصوات. - دا منو القتل التلب ابو شنب دا؟ - من داخل القطية رد عليها بزهو دا أنا يا عمتي. - قالت كيف حالك من قهير صدره وبتبات ضنبو؟ - رد عليها بزهو اكثر .. يا عمتي القاسية حمرة عيونه. تنفس اخيراً قال لها : قولي لبنتك ترجع لبيتها طوالي. عادت البنت إلى بيتها وطبخت اللحم الدسم، تعشوا قبل أن يهطل المطر.. (3) استقبلت القرية صباح يوم جديد، ومازال الصفق في فروع الأشجار يحمل قطرات الماء.. وهناك في سماء القرية طائر يرتفع محلقاًعلى جناحين ، لايهم لون أي منهما ، المهم انهما الجناحان الأيمن والأيسر اللذان لايمكن التحليق بدونهما معاً أو بدون أحدهم.. الزين والزينة يعملان سويا للتحليق بأسرتهم عالياً مثل الطائر.