ضربة موجعة لمليشيا التمرد داخل معسكر كشلنقو جنوب مدينة نيالا    مدير مستشفي الشرطة دنقلا يلتقي وزير الصحة المكلف بالولاية الشمالية    شاهد بالفيديو.. شاعرة سودانية ترد على فتيات الدعم السريع وتقود "تاتشر" للجيش: (سودانا جاري في الوريد وجيشنا صامد جيش حديد دبل ليهو في يوم العيد قول ليهو نقطة سطر جديد)        ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شرح المفردات العامية في القصيدة الدارفورية ( تراث قوم ) ،،
نشر في الراكوبة يوم 17 - 06 - 2012


للشاعر/ أحمد السنوسي أحمد .. تقديم / شريف آل ذهب
نزولاً عند رغبة بعض الأخوة الذين لم يتسنى لهم الاضطلاع على ما قمنا بنشرها سابقاً من شرح هذه القصيدة الدارفورية ، وتواكباً لما قمنا به من تنقيح لعملية الشرح الأولى ، نعيد النشر تعميماً للفائدة ، أملاً أن ينال استحسان القارئ الكريم .
الإهداء :
أهدي هذا العمل المتواضع في المقام الأول إلي روح شاعرنا الفقيد الراحل أحمد السنوسي أحمد الذي خلّف لنا هذا الكنز التراثي العظيم ليكون نبراساً يستضيء به أبناء دارفور وكل محبي تراث الشعوب أجيالاً تلو أجيال .
وإلي كل أفراد عائلة الفقيد من سلالة سلاطين دار مساليت الأفذاذ وعلى رأسهم شقيقه الدكتور علي حسن تاج الدين القطب الدارفوري المعروف والأخ الأستاذ طه حسن تاج الدين وكل من لا يسعني المجال لذكرهم وهم بوسع السودان أرضاً وشعباً .
ثم إلي الأخ الأستاذ بحر الدين محمد بحر الدين الذي لفت انتباهي للوهلة الأولى عن هوية شاعر هذه القصيدة التراثية الخالدة حينما بدأتُ بنشر حلقات الشرح الأولى منها عبر المواقع الالكترونية دون أن أعلم عن شاعرها شيئاً سوى اسمه فقط ، فقام الأخ بحر الدين مشكوراً بمراسلتي عبر البريد الالكتروني وذودني بمعلومات تعريفية عن الشاعر وعن حقه الأدبي ، فحمدت له ذلك وسعيت وسع جهدي للوفاء بالواجب المطلوب في حقه وأسرته .
وثانياً : أهدي هذا العمل إلى كل من ساعدني في كل مراحل الشرح حتى إخراجه بهذا الشكل النهائي الذي آمل أن ينال استحسان الجميع ، وذلك سواء بالتذكير ببعض المفردات التي التبست عليّّ معانيها فاستوضحتهم فلم يبخلوا عليّ بالمعلومة الكاملة عنها ، أو بمزيد من الأبيات في القصيدة ، وعلى رأس أولئك الأخ الفاضل الشيخ عبد السلام حسن ( توري ) والأستاذ حسن إبراهيم اسحق ( دور ) والأخ الأستاذ صلاح دقوش ( نيالا ) .
وإلي الأخ الدكتور علي رباح في ألمانيا الذي تقدّم مشكوراً بمساهمة مقدرة في التعليق وقمنا بتضمينها في موضعها في الشرح .
وثالثاً وأخيراً : إلي كل دارفوري ودارفورية في كل زمانٍ ومكان ، مهتمٌ بأمر تراث الإقليم وتوثيقه والتعريف به وتخليده للأجيال القادمة .
وكلي أمل ورجاء أن يكون جهدنا المتواضع هذا بمثابة حجر صغير نلقي به في خضم بحر حضارة شعب دارفور مترامي الأطراف والضارب الجذور في قدم التاريخ ، عله يحرك ساكناً فيه يُشعر الآخرون ليسهموا بمجهوداتهم في هذا المجال .
والله نسأله السداد وهو وليّ التوفيق .
شريف آل ذهب
الجزء الأول :
شرح النص الذي تغنى به الفنان عمر إحساس :
1- تراث قومٍ وددتُ اليوم أجمعه ** كي أخلّده شعراً على فرخاي
المفردة العامية في هذا البيت هي كلمة (( فرخاي )) والمقصود بها الورقة ، وفرخاي مفرد وتجمع على (( فرخ )) كغنماي من غنم ولحماي من لحم وبصلاي من بصل.. وكذا صيغة المفرد من الأسماء عند أهل دارفور، حيث تأتي في غالبها الأعم على هذا النمط ، وتُصاغ عليها قواعد اللغة في الإعراب والجمع والتثنية والتكثير و التصغير وغيرها .
وقد وردت عبارة (( فرخ )) في قواميس اللغة العربية بمعنى (( ولد الطائر ، والزرع إذا تهيأ للانشقاق ، وفي الُسنبل ، وذهاب الفزع ، وسواها .. )) و ليس فيها الورق .. ولكن الملفت في الأمر أن هذه العبارة تستخدم بذات المعنى أي : الورق ، عند معظم بقية أهل السودان ، وكذلك في الجزيرة العربية حيث تطلق على المسّطر من الورق .وربما تكون قد وردت على هذا المدلول في بعض أشعار العرب ولم أقف عليها ؟؟ و الله أعلم .
2- كلنكي جبراكة حداً لصحابها *** وآلات الزرع بوتين وجراي
كلنكي جبراكة ..
جبراكة .. هي المزرعة الصغيرة المتصلة بالمنزل ، وتُزُرع فيها عادة الخضروات الموسمية كال(تبش ) والذرة الشامية و( العنكوليب ) وهو نوع من القصب حلو المذاق يختلف عن الذرة العادية في حجم بذورها ، فبذور العنكوليب عادةً ما تكون ضامرة سوداء ملتصقة بقشرتها .
و كلنكي ..أو كلنكاب ، تُنطق بالصيغة الأولى في جنوب دارفور وبالثانية في شمال دارفور ، هو الحد الفاصل بين مزرعتين أو ملكين لشخصين مختلفين ، ويبدو أن الشاعر رمى هنا إلي مدلول أوسع من ذلك ، في (( حداً لصاحبها )) ولعله يرمي إلي خصوصية الجبراكة.
بوتين وجراى :-
هما آلتان تستخدمان في الزراعة . والبوتين هي (الطورية ) ، وهي آلة مصنوعة من الحديد كبيرة الحجم مفلطحة أشبه في شكلها ب ( القدوم ) عند النجارين ، تثّبت قاعدتها على عصا مستقيمة متوسطة الطول ، وتستخدم في تنظيف الزرع من بقايا النباتات القديمة قبل بداية العملية الزراعية و تستخدم كذلك في حفر الجور لوضع البذور ، ومثلها - الجلموي -وهي نظير ( البوتين ) في الاستخدام ولكنها تختلف في شكلها قليلاً ، حيث تُرّكب على عود ( خشبة ) على شكل زاوية قائمة أو منفرجة. و( الجلموي ) هو نظير ( السللّوكة ) عند أهالي وسط السودان .
أما الجراى .. أو ( الجراية ) أو ( الملوت ) في بعض الأماكن.. فهي آلة للعزق تستخدم في تنظيف الزرع من الحشائش الطفيلية ، وهي عبارة عن مدية ، إما أن تكون محدبة ويطلق عليها (( الإنتاية )) أي الأنثى ، أو مستوية أصغر حجماً ويطلق عليها (( الذكر )) وتثبت قاعدتها علي عصا طويلة مستقيمة ، وتستخدم في العزق في الأراضي الرملية - خاصةً - . ونظير الجراية في العمل هي ( الكدنكة ) وهي أشبه ( بالبوتين ) ولكنها أصغر حجماً وأحدب شكلاً وتستخدم في العزق في الأراضي الطينية بشكلٍ خاص .
3- دبنقا مخزنٌ للعيشَ تحفظه *** دامرقة العيش تُخمّر ببوشاي
دبنقا أو ( دبنقة ) ، واسمها الشائع في دارفور (( السويبة ))، وهي صومعة كبيرة تحفظ عليها الغلال ، وتصنع من نوع خاص من الطين مخلوط بالتبن حتى تزيد في تماسكها ، وتكون موضعها دوماً داخل ( القطيه ) اتقاء المطر .
دامرقة العيش .. هي المخّمر منه ، وعصيدة الدامرقة أرفع درجة ً لدى المجتمع من الحمراء منها لأنها تكون أكثر بياضاَ وأسهل هضماً بفعل التخمير .
البوشاي : هو الإناء الفخاري (( زير )) التي يوضع فيها العيش للتخمير (( دخن أو ذرة )) وكذلك تطلق على قطعة البرش الصغيرة التي تستخدم لتصفية العيش عن الماء استعداداً (( لشرها )) أو نشرها في ( المدق ) أو ( برش ) ، لتجف .
وعلى ذكر الدامرقة فلابد أن تذكر نوع آخر من الدقيق ينتج كذلك عن عملية التخمير ولكن بطريقة مختلفة ، وهو دقيق الجير.
تحضير الجير :-
تمر عملية تحضير دقيق الجير بعدة مراحل ، تبدأ بتخمير العيش (( الدخن )) لفترة أطول عن ( الدامرقة ) ، ثم يُبسط الدخن على ( برش ) ليجف قليلاً ، ثم يوضع على ((الفندك)) أي المدق ويدق وهو رطب حتى يتحول إلي مسحوق ناعم ، بعدها يوضع في (( دهلوب )) "إناء كبير من الفخار مفلطح " ويصب عليه الماء ، ثم يتم فرز الماء عن الدقيق بواسطة مصفاة مصنوعة من القماش تطلق عليها – الصفاية - وتوضع المخلفات الناتجة عن التصفية جانباً لتتكرر عملية التنقية مرة أخرى ، بينما تتم أخذ المياه الناتجة عن عملية التصفية فتوضع في ( دهلوب ) آخر يراعى تنظيفه جيداً وقفله بشكل مُحُكم عقب وضع ماء الجير فيه ويُترك في مكان آمن لعدة أيام ، فتبتدئ تلك المياه في الترسيب تدريجياً حتى تتماسك أجزاءها وتصير في شكل عجينة بيضاء جامدة ، وهي ( الجير ) . عندها يتم تقطيعها إلي قطع صغيرة و تؤخذ باليد كما في الذلابيا أو الزلابية والطعمية ، وتوضع على صواني كبيرة وتعرّض للهواء لتجف ، بعدها يتم جمعها و تكسيرها لتتحول إلي بودرة ناعمة ناصعة البياض كما يراها الناس في شكلها النهائي .
وعصيدة الجير هي أفخم أنواع العصائد في دارفور ، حيث في الغالب الأعم يتم إعدادها للضيوف من ذوي المقام الرفيع كالنسابة ، جمع ((نسيب)) وهم الأصهار، أو في مناسبات خاصة وعامة أخرى كالأعياد وخلافها ، ولعصيدة الجير إدام خاص ، عبارة عن نوع من التقلية تكون مسبّكه و( مدنكلة ) بطريقة مميزة ، وهناك نوع خاص من عصيدة الجير تصنع فقط من الحليب ودقيق الجير وإيدامها عبارة عن زيت وبصل وبهارات فقط ، حيث يتم تحمير البصل بطريقة فنية عالية جداً وتضاف عليه الكُمبا والغرجان ( عرق أحمر )) والزنجبيل وأنواع أخرى من التوابل حتى يتحول لونه إلي أصفر ويكتسب نكهة خاصة ورائحة زكية شهية .
مساهمة الدكتور علي رباح :
و في تعليقه عن ثقافة أهل دارفور في عملية صناعة الجير، تقدّم الدكتور علي رباح من جامعة هامبورج بألمانيا مشكوراً بالإضافات التالية حيث يقول : إن ثقافة أهل دارفور وبراعتهم في عملية صناعة الجير عبر وسائلهم وتقنيتهم المحلية تلك ، يعد سبقاً علمياً متقدما جداً لم يماثلهم أو يسبقهم فيها أحداً قط منذ عصور ما قبل وضع قواعد علم الكيمياء . وقد اجتهدت أن أُضمّن ترجمة لفكرته التي وردتني باللغة الإنجليزية وفقاً للجدول التالي :
مسلسل خطوات صناعة الجير عند أهل دارفور المقارنة مع استخدام الوسائل الحديثة
1 في الخطوة الأولى ..يستخدم أهل دارفور الفندك لنزع القشرة عن الغلال من خلال إضافة قليل من الماء عليها للترطيب ثم يتم دقها بالمدق أو عمود الفندك لعزل القشرة عن الغلة ، بعدها تستخدم الهواء للتخلص عن القشرة بوضعها في طبق وتحريكها إلي أعلى وأسفل حتى تتطاير كافة القشرة المنزوعة بينما تبقى الغلال سليمة كما هي . من الصعب استخدام الماكينة في هذه العملية لأنها ستعرّض الغلال الرطبة للتكسر فلا تصلح للخطوة التالية.
2 عملية التخمير .. وهو تفاعل كيميائي يؤدي وظيفتان الأولى إزالة اللون والثانية هشاشة الغلة مما يساعد في عملية طحنها . أية عملية أخرى بديلة لا تجدي هنا لأداء هذا المهام. .
3 تجفيف العيش عقب التخمير بدرجة متوسطة (( ترطيب )) . عملية التجفيف بالوسائل الحديثة نحتاج إلي مكائن تدفئة عالية التكلفة .
4 استخدام الفندك للمرة الثانية في تكسير الغلال الرطبة بمستوى معين . تحتاج هذه العملية مكائن لتشغيل مطاحن الغلال ، ورغماً عن ذلك لا يمكن أن تؤتي بالنتائج المطلوبة ، لأن الغلال الرطبة سوف تلتصق على جدار حجارة الطاحونة مما يعيق عملية الطحن فضلاً عن تسببه في نقص المنتج .
5 عزل الشوائب عن ماء الجير باستخدام قطعة من القماش لذلك الغرض ((صفاية )) . تحتاج هذه العملية لفلاتر كبيرة كي تقوم بعملية التنقية .
6 ترك ماء الجير في آنية كبيرة (( دهلوب )) كي يتعرض للترسيب والتجمّد بواسطة بكتريا نافعة . ثم تقطيعه وتعريضه للشمس كي يجف . هذه العملية تحتاج لمكائن التدفئة الكبيرة كي تساعد في عملية التجفيف الأخيرة .
ومما سبق يمكننا الخروج بالنتائج التالية :
1/ الاستغناء عن الآلات والمكائن الكبيرة المطلوب استخدامها في كافة مراحل هذه العملية .
2/ توفير الطاقة الكهربائية المطلوبة لتشغيل تلك المكائن .
3/ عدم الحاجة للفلاتر الكبيرة للقيام بعملية الفلترة الأولى والتنقية الثانية .
– ا انتهى مساهمة الدكتور رباح وله فائق الشكر والتقدير - .
4/ في المدن حقائب تسمى دبلوماسي *** وفي القرى حقائب تسمى مخلاي
مخلاي : أو ( مخلاية ) وتُجمع على (( مخالي )) و هي حقائب محلّية كبيرة جداً نُصنع من جلود الأنعام ، أشبه في شكلها بمحفظة النقود القديمة لدى الحبوبات ( الجدات ) التي كانت تتدلى إلي أسفل بحبلٍ طويل ، أو بالحقائب اليدوية النسائية الحديثة المصنعة محليا من الجلد ، ولكنها كبيرة في حجمها كما أسلفنا .
ويتم وضع ( المخلاية ) عادةً على إحدى جانبي البعير في السرج وفي الجانب الآخر ( الجراب ) أو أيّ متاع آخر لحفظ التوازن ، وهي بمثابة حقيبة الأسفار لدى الرجال ، وكما الحال في الحقائب النسائية الحديثة ، فكذلك كان الرجال في دارفور يتفننون في تزيين مخاليهم بالجلد الأحمر والخرز والسكسك والودع وخلافها . حتى تزيد في زينة الدابة عند ركوبها ، وهذا يدخل ضمن الهندام ، فكلما كانت أدوات البعير من سرج ومخلاية ورقبية ولبب وخردة وجراب وغيرها أكثر تزييناً ، دلت ذلك على مكانة الرجل الاجتماعية ووضعه المالي ، وقد أضيفت إليها لاحقا فروة المرس ، والبطانية النمر من فئة المغتربين خاصة .
5/ كشمبيرة لبخور الثوب إذ جعلت *** ولنعومة الجلد مكياج بدلكاي
الدلكاي .. من الدلكلة وهي مادة تستخدم في المكياج معروفة لدى كافة السودانيين ، وكما أسلفنا عن صيغة المفرد في لهجة أهل دارفور عند ذكرنا لكلمة فرخاي ، فكذلك الحال في كلمة دلكاي . وتجيء هنا بمعنى شيء من الدلكة ، كون (( دلكة )) اسم ذات لا مفرد منه.
كشمبيرة : هو قفص يصنع من أعواد الأغصان الطرية من الأشجار وتكون في شكل مخروطي مثبتة على قاعدة دائرية كما القطيه ، ومنها نوعان : كبيرة.. وتستخدم كقفص لحمل الدجاج والحمام عند الترحال ، وهذه تكون مغلقة من أسفل حتى لا تسقط الطيور ، ونوع صغير مفتوح من أسفل تستخدم لتبخير الثياب لدى النساء خاصة ، بحيث توضع المبخرة داخل الكشمبيرة بينما يُنشر الثوب من أعلى ويُترك حتى يتشبع برائحة البخور كاملة.
6/ شكابة ستارُُ صار موضعه *** وأحرج الزى سروالٌ فيه قدّاي
شكابة : الشكابة من الشُّكْبانُ ، وهو ثوب يعقد طرفاه من وراء الجِفْوين ، والطرفان في الرأس ، يحش فيه الحشاش على الظهر . وتعني هنا الستار المؤقت الذي ينصب في الزرع للاستجمام وكذلك الشبرية لدى العرب الرُحّل خاصة وهي بيوت متنقلة ، والهودج كذلك الذي ينصب على ظهر الراحلة كستار من الشمس ومنها نوع خاص للعروس تتفنن النسوة في تزيينها بالخرز والودع والسكسك والجردق وخلافها .
قدّاي : من القد ، أي الخرق ، ويعني السروال الذي بها قد أي المخروق .
7/ تفاتيف السوق لدى الأطفال واجبة ٌ*** كرناكة وجغجغ وسقيد وصبلاي
تفاتيف السوق : التفاتيف من الأشياء هي الكماليات غير الضرورية ، ولكنها تعد محل اهتمام لدى الأطفال قياساً على مستوى عقلهم ، وبشكلٍ عام عندما يذهب الأب للسوق فلابد له من أن يأتي لأولاده بما يفرحون بها ، وقد تكون قطعة حلوى أو فواكه أو لعبة وخلافها عند أهل المدينة ، بينما الأسماء الواردة هنا هي من ضمن كماليات الأطعمة التي تباع في أسواق دارفور والتي ينتظرها الأطفال مع قدوم والدتهم من السوق ، كونها تدخل في دائرة الأغراض التي تتاجر بها النساء .
كرناكة وجغجغ وسقيد وصبلاي :
الصبلاي : من ( الصبلي) أو ( السبلي ) وهي ثمار البطيخ الحديثة التكوين ، حيث يتم جمعها عندما تصل إلي أحجام محددة قد تكبر قليلاً أو تصغر عن حجم كرة التنس أو البرتقال ، وتعد من الفواكه الموسمية في دارفور في وقت ((الدرد )) حيث تؤكل إما مسلوقة بالماء جيداً أو مشوية على الجمر أو تحت الملالة ، ولكل منها نكهة خاصة يسيل لها لعاب الكبار قبل الصغار.
سقيد : ( السقيد ) نوع من العشب من فصيلة السِعِد ، وهي تشبه السعِد في شكل أوراقها ولكنها تختلف عنها في بعض الجوانب ، فالسعد يتواجد غالباً في المستنقعات والمياه الراكدة وهي من النباتات العطرية ولها عدة عقد درنية عند الجذر تتميز بنكهة خاصة وطعمها مر ، بينما السقيد نبات موسمي ينمو عادة في فصل الخريف ثم تجف أوراقه عند نهاية الموسم ، ولها عقدة درنية واحدة فقط عند نهاية الجذر حلوة الطعم ، ومن المفارقات الغريبة أنني وجدت لدى بعض أهالي وسط السودان يطلقون لفظ (( الكُمبا )) على جذور السعد ، بينما ( الكمبا ) في الأصل هي ثمار رفيعة الشكل سوداء اللون مقوسة على شكل ذيل القط ، وهي من التوابل التي تأتي من آسيا .
وهناك نوع آخر من السقيت لها قشرة خارجية كما البصل تماماً وهو نوع غير محبب كثيراً كما الأول ، وتستخدم عملية الحَفْر في الحصول على السقيت كما في البطاطس ، فعند جفاف أوراق النباتات في نهاية فصل الخريف يقوم النسوة والأطفال بتكسير سطح التربة بطريقة محددة على مستوى جذور النباتات فتظهر السقيد فيقومون بجمعها .
جغجغ : الجغجغ نوع من لأشجار الكبيرة نوعاً ما ، تنمو في مناطق السافنا الغنية في جنوب وغرب دارفور ، ولها ثمار دائرية الشكل بحجم ثمرة الليمون أو الكمثرى حيث تتشقق عند نضجها وتخرج منها مادة سكرية فيقوم الناس بجنيها وتناولها كفاكهة .
8/ أمراض الطفولة شتى في قساوتها *** أم قونتو وبُرجق وطيراي
أم قونتو وبرجق وطيراي : هذه أمراض تصيب الأطفال .
أم قونتو : هو مرض السعال الديكي لدى الأطفال .
البرجق : ويطلق عليه الحبوبة ، أو الجدري الكاذب ويعد من الأمراض الشائعة ولها حمى شديدة لدى الكبار خاصة ، ممن لم يصابوا بها في صغرهم ، وهو من الأمراض التي تكتسب الجسم منها المناعة بمجرد الإصابة لمرة واحدة ولا يتكرر مرة أخرى.
الطيراى : أوتيراي وهي حمى مصاحبة لفترة التسنين لدي الأطفال ، وتعالج بفصد الطفل في أعلى رأسه من الخلف قليلاً وتوضع على موضع الفصد شيء من مسحون نبات العيير الأخضر،
9/ خميس طوري أساس الزاد في سفرٍ *** وأنواع السلاح سفاريك وشلكاي
خميس طوري : أو الدامسورو .. ويرمز لها طلاب المدارس ب((D.M.C )) وهو الكسرة العسلية يُضاف عليها شيء من الفول أو السمسم ، ثم تدق جيداً في الفندك حتى تصير مزجاً ناعماً متماسكاً . وتستخدم عادة كزاد في الأسفار الطويلة ، ويتم تحضيرها كوجبة بجعل كمية قليلة منها في إناء ثم يضاف عليها مقدار من الماء فتبتدئ في الانتفاخ تدريجياً حتى تمتلئ الإناء بها كاملاً ، ولذلك وصفها أهل دارفور بعبارة (( زاداً كتل سيدها )) أي الزاد الذي قتل صاحبه ، ذلك أن الذين لا يخبرونها يقومون بتناولها إما جافة أو عقب إضافة الماء إليها مباشرة ، فتشعِرهم بالعطش المتواصل ، فيضطرون لشرب الماء باستمرار حتى يصابوا بالتخمة التي قد تودي بحياتهم في بعض الأحايين . ومن الطرائف التي تُروى في هذا الصدد : ( أنّ طالباً جامعياً من دارفور قد خرج للمذاكرة أو التنزه ، فانتهز رفاقه من أبناء البندر السانحة وقاموا بكسر شنطة الدامسورو خاصته وصبوا عليها الماء وقضوا عليها في لحظتها ، وعندما عاد صاحبنا ووقف على ما حلّ بزاده ، سأل رفاقه عن الفاعل فأنكر الجميع ؟!، و ما كان منه إلا أن قال لهم (( أصبروا شوية ، الأكل زادي براه ببين )) أي سوف ينكشف أمره بعد حين ، وبالفعل لم تمض لحظات قليلة حتى انكبّ الجميع على الماء شُرباً ، لينُقلوا على إثرها جميعهم للمستشفى لتفريغ الأمعاء !!.
سفاريك وشلكاي : سفاريك ، جمع سفروك .. وهو الجزء المعكوف من فرع الشجرة يتم قطعه وحفه من الجانبين بطريقة فنية محددة حتى يصبح خفيفاً بحيث يتم قذفه لمسافات بعيدة ، وتستخدم السفاريك عادة في صيد الأرانب . ومنها الأحنف (( الحنفا )) وهو أكبر حجماً عن السفروك العادي ويستخدم كعصا للحماية الشخصية .
شلكاي : هو النوع العريض من الحراب .
10/ فتاة العشرين إذ تدعى رباعية *** أما الحفيد لجده فيدعى أتناي
أتناي : لفظ يطلق على الحفيد عادةً .
11/بلدو بلدو صغير التيس ذو شحمٍ *** وأطيب الأكل عند الجوع لحماي
بلدو بلدو : لقب يطلق على التيس الصغير .
لحماي : أي شيء من اللحم .
12/ أم قوقسي لدى الأطفال متعة *** وبعدها حمام بصابون وبرواي
أم قوقسي : نوع من اللعب يقوم به الكبار لتسلية الصغار ، و عادةً ما يقوم به الآباء في الجلسات المسائية خاصة ًحيث يستلقي الأب على ظهره ويبسط قدميه إلي أعلى قليلاً في شكل زاوية منفرجة ، ويأتي الطفل الصغير ويجلس على المفصل عند الكعبين وبطنه على الساقين وصدره على الركبتين ، فيقوم الأب برفعه إلي أعلي مردداً عبارة (( أم قوقسي )) مع بعض العبارات الأخرى ، ويتناوب الأطفال على ذلك إن كانوا أكثر من واحد ثم ينصرفوا فرحين للعشاء بينما يكون الأب قد استمتع بقسطٍ من الرياضة .
برواي : البروى ، ما تبقى من الصابون عقب استخدامه ، ويطلق على القطع الصغيرة منها عادةً ، وفي هذا تقول شاعرة الغناء الشعبي (( صابون بروى خليني نروى يا وليد *** موية سريف ما بسوي حاجة ياوليد )) . وسوف نتوسع في هذا الجانب لاحقاَ عند تناولنا لأضرُب الغناء الشعبي في دارفور بإذن الله .
13/ ملاح دودري كمبو زاده طعماً *** كدنقو وشية من جرداي
دودري : هو مسحوق العظام ،
كمبو: هو مسحوق مخلفات السنابل بعد الحصاد ، حيث تُجمع وتُحرق ثم تستخلص منها الكمبو كما سنوضحه لاحقاً.
ملاح دودري : هو إدام مصنوع من مستخلص مسحوق العظام يضاف إليه ماء الكمبو . وطريقتها كالتالي : يتم نزع اللحم عن العظام الهشة من الحيوان عقب سلخها ثم تؤخذ العظام وتُسحق جيداً ثم يضاف عليها الماء وتترك علي النار لتغلي جيداً ، بعدها تتم تنقية الماء عن العظام وتستخدم كأساس لصنع الإدام حسب الطرق المعتادة وتضاف عليها ماء الكمبو في المراحل الأخيرة بمثابة (( الكربونات )) .
جرداي : من الجراد ، والجراد حلالٌ أكله كما ورد عن النبي عليه السلام أنه قال : أحِلّت لي ميتتان و دمان : فأما الميتتان فهما الحوت و الجراد ويعني بالحوت السمك بشكلٍ عام . والدمان هما الكبد والطحال . والأنواع التي تؤكل من الجراد محددة ، منها الجراد الصحاري الكبير الذي يسمي (( ساهر الليل )) ونوع آخر يسمى الشأو .
كدنقو : هو الرأس أي : النيفة ، ويقال فيه (( النيفة بالبصل أحلى من العسل ، بريدك يا لسان )) .
14/ مندتجشي ، فرندو لا نظير لها *** مصران وعيير ونيلماي .
مندتجشي ، فرندو ، مصران ، عيير ، ونيلماي : هذه أسماء لأصناف من الإدامات والتي تعتمد طريقة تحضيرها على دقة فنية عالية بحيث أبسط خلل في تحضيرها سوف يفقدها مفعولها . وهنالك بعض الإدامات التي تعتمد التخمير في أساس مكوناتها مما يمكن أن نطلق عليها سلسلة (( العفون )) وهي : المصران ، المرس ، الفرندو ، الدودري ، والكول وقد تناولنا منها (( الدودري )) فيما سبق .
مندتجشي : هو ملاح سمك مطحون . وهو نوعان نوع أصلي يصنع من السمك الصغير خالي العظم دون أن يضاف إليه الماء وهو أجود أصنافه ، أما الصنف الآخر فيصنع من أي نوع من السمك ، وفي هذه الحالة تتم تنقية الماء عن عظام السمك المطحون كما في الدودري ، ثم يتم أخذ الناتج ليصنع منه الإدام ويضاف إليه الكمبو أو العطرون .
والكمبو كما أسلفنا هو رماد مخلفات السنابل بعد الحصاد ، حيث يتم جمعها بكميات كبيرة وحرقها ثم يؤخذ الرماد الناتج عنها ويتم غليه في الماء جيداً وبعده يُترك قليلاً كي تترسب الشوائب إلي أسفل ومن ثم يتم عزل المياه النقية في إناء "كما في عملية تحضير الجير "وتترك مكشوفة لتتعرض لعملية التبخر فيكون الناتج المتبقي هو الكمبو .والتعريف العلمي للكمبو هو هيدركسيد البوتاسيوم . والفائدة من إضافة الكمبو هو تذويب الشحوم عبر التفاعل الكيميائي ، لذلك يستخدم في معظم الأصناف التي ذكرناها مثل .. دودري ، مصران ، فرندو ، عيير ، مندتجشي ، و ِمرِس .
فرندو : هو عبارة عن حبات الكركديه يتم طحنها وتخميرها مع إضافة بعض المواد ثم تُكّور وتحفظ لتصنع منها الإدام .
مصران : هي أجزاء معينة من الأمعاء يتم تفريغ محتواها وتنظيفها وتجفيفها ثم لفها في شكل حزمة لتعد منها الإدام لاحقاً .
عيير : هو نبات موسمي متسلق ، أوراقها شديدة الخضرة رفيعة مُرّة الطعم ، وثمارها تكون حمرا فاقعة عند النضج بحجم وشكل ثمار الفراولة .
وتستغل أوراق العيير في تحضير الإدام كما الملوخية والتمليكة والموليتة وغيرها . وهي من الإدامات صعبة التحضير التي لا يجيدها سوى (( الشيخات )) من النساء ، لذلك يُطلق عليه (( ملاح الميارم)) والميارم جمع ميرم .. أي (( أميرة )) وهو لقب لبنات وأخوات السلاطين خاصة كما كلمة (( أمّوو )) التي تُطلق لبنات الذوات من ملوك ومشايخ وخلافهم ، ومما يذكر عن صعوبة تحضير ملاح العيير أنه إذا ُعهدت عملية إعداده لثلاث نسوة شقيقات بنفس المواد والمقادير فإن واحدة منهن فقط على أقل تقدير بمقدورها أن تنجح في تحضيره على النحو المطلوب بإخفاء مرارة طعمه . وهنالك قصة طريفة في هذا الشأن ، حيث يُحكى بأن أحدهم قد نزل ضيفاً لدى إحدى العائلات ، وجييئت إليهم بوجبة قوامها عصيدة بملاح العيير ، وما أن تذوقها صاحبنا الضيف حتى قام بتفلها مباشرة على الجانب ، ثم تساءل مستغرباً عن كنه هذا الإدام شديد المرارة ، على النحو التالي : يا ناس (( شغل دا مصران زول ولا شنو ؟؟)) أي هل هذا الإدام مصنوع من مصران إنسان ؟؟ فرد عليه أحدهم بكلمة (( لا )) مشددة ..، ثم تساءل مرة أخرى (( طيب ملاح عشر )) أي هل هو مصنوع من العشر ؟؟ والعشر نبات معروفٌ عنه شدة مرارته ، فجاءه الرد بالنفي أيضاً . ثم تساءل ((طيب ملاح مُخيّط )) أي إذاً هو مصنوع من المخيّط ؟؟ " والمخيط "بضم الميم وتشديد الياء " أيضاً نوع من الشجر شديد المرارة !! وجاءه الرد كذلك بالنفي . فتساءل أخيراً .. (( طيب ملاح شنو ؟! )) أي .. إذاً مما يكون هذا الإدام العجيب ؟! فرد عليه صاحب المنزل : دا ملاح عيير.. وهنا صمت صاحبنا قليلاً ثم قال : وملاح عيير دا سواه البني ولا أمه ؟؟ ، أي : هل البنت هي من قامت بإعداد هذا الإدام أم أمها ؟؟ فرد عليه الولد .. سواه البنيّ ، أي أنّ البنت هي من قامت بإعداده ، فما كان من صاحبنا الضيف إلا وأن قال : ((البني دي أقتلوه !! سير ُكلّو بسويّ )) أي عليكم بإعدام هذه الفتاة لأنها إذا تمادت في صناعة مثل هذه الأصناف من الإدامات فربما تقوم يوماً ما بصناعة مادة سامة تقتل الناس .
نيلماي : وهذه العبارة تُنطق بالعامية علي غير ما هي مكتوب بها حيث هنالك بعض الأحرف الخارجة عن عداد أحرف الهجاء المعروفة كما حرف (( الياء )) توضع أسفله ثلاث نقاط بدلاً عن نقطتين وهو الحرف المعني في أول هذه الكلمة .
وملاح النيلماي هو أدام مصنوع من ماء البطيخ " أي أنّ أصل الماء الذي تصنع منه هذا الإدام هو ماء البطيخ لذلك يكون في طعمه حلاوة نتيجة لذلك . والكلمة مشتقة من ((النيلما )) وتعني في لغة الفور العسل .وكذلك تلطق على نوع آخر من الأدام يتم تحضيره من البراعم الغضة في أغصان شجر اللالوب ، وهو أشبه بملاح العيير والملوخية .
15/ لنا ملاحٌ له طعمٌ ورائحة ٌ ** *وبكل فخرٍ أقول في شذى كولاي .
كولاي: من كَوَل ، والكول معروف وهو نبات موسمي ينبت في فصل الخريف أوراقه خضراء ريشية ، وهو من فصيلة السنمكة .
طريقة تخمير الكول : يتم قطع الأوراق كما في الملوخية وبعد جمعها بكميات كبيرة يتم دقها في الفندك حتى تتحول إلي عجينة ، بعدها تُعّبأ في (زير) كبير يتم إحكام قفله جيداً بقطعة قماش تتم ربطها على فتحته العلوية حتى لا تدخل الهواء أو الحشرات ، وبعد عدة أيام تمتد لأسبوعين أو أكثر يتم فتح الزير ويتم سحب الماء من على العجينة بواسطة الضغط عليها من علٍِ دون الملامسة باليد لأن الملامسة باليد يعرضها مباشرة للتعفن بواسطة نوع من البكتيريا الضارة فلا تصلح بعد ذلك ويتم دفنها بعيداً ، لذلك تتحسب النسوة عليها جيداً . ويتم استخدام موية الكول المنزوعة تلك في صناعة الإدام وهو أطيب أنواعها ، وتستمر عملية نزع مياه الكول هذه لعدة أشهر حتى لا يتبقى سوى عجينة جامدة عندها يتم تقطيعها في أشكال دائرية ويتم تعريضها للشمس كي تجف وتصبح على الشكل المعهود لدى الجميع في الأسواق .
وللكول عدة حكايات يتندر بها الناس ونورد منها الطرفة التالية : حيث يُحكى أن أحد الأخوة السودانيين في دول الاغتراب قد دعا زميلاً له في العمل من الجنسية المصرية لتناول وجبة العشاء معه في المنزل ، وكعادة موائد السودانيين في المهجر التي درجوا ألا يخلو منها صحن العصيدة في غالب الأحايين ، حتى غدت معروفة لدى بقية الأجناس الأخرى ، إلا أن هناك شيئاً ما لفت نظر صحابنا الضيف وهو ذلك المسحوق الناعم داكن اللون ذات الرائحة النفاذة الذي لم يره من قبل فأرتاب منه قليلاً ولكنه ألتزم الصمت ولم ينطق بكلمة إلا حينما رأي الناس يضيفونه للإدام ، حينها عاجلهم باللهجة المصرية متسائلاً (( أيه دا )) فكانت الإجابة أنها الكول ، فرد بالسؤال (( وليه تحتوها في الأكل )) فكانت الإجابة أنها تفتح النفس أي ( الشهية ) ، فرد باستغراب (( ومل أيه البسد النفس )) أي إذا كان هذا الشيء يفتح النفس للأكل فماذا يسدها إذا ؟؟! .
وهناك عدة طرائف في الكول لا يسع المجال لذكرها ، والكول مفيد بلا شك للإنسان لما يحويه من بروتين نباتي ، هذا والله أعلم .
16/تجتجي سلاح ٌ عند حامله ** * وأحقر الناس عند قومه موقاي
تجتجي : هو بندق الصيد البلدي المصنوع محلياً ، حيث برع الصُناع المحليون الذين يُطلق عليهم بالأُسط جمع - أسطى - قديماً في صناعة هذا النوع من السلاح الناري الذي يستخدم في أغراض الصيد ، وخاصة من ماركة الخرطوش ، ثم تطور الأمر لاحقاً لصناعة أصناف أكثر حداثة ً تعمل بالطلقات الصغيرة للبنادق الحديثة ، ومن أشهر الصُنّاع الذين برعوا في هذا الجانب من الصنعة في شمال دارفور تحديداً نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الأسطى (( أونا )) والأسطى أبكر ولا أذكر أسماء أبائهم ولعلهم يكونوا جميعاً الآن قد رحلوا عن هذه الدنيا ، وربما خلفهم أبنائهم في مزاولة مهنتهم تلك ، وهي مهنة اجتماعية شريفة برغم استعارة أفراد المجتمع منها إذ أن تلك الفئة من الناس ظلوا يقدمون لمجتمعاتهم المحلية خدمات جليلة في حاجياتهم من آلات الزراعة والصيد وأواني منزلية وخلافها ، وتحضرني طرفة في هذا الموضع عن الأسطى أونا وهي رواية شفوية لم أشهدها شخصياً لصغر سني في تلك الأثناء ولكني وجدتها رائجة في منزلنا ، حيث يُحكى بأن الأسطى أونا قد قابل ذات مرة والدنا الراحل عليه الرحمة والغفران ، فسأله مستفتياً : يا مولانا القاضي (( وهو لقبه إذ ذاك ، بناءاً على مهنته في الإدارة الأهلية المحلية )) أنا اسمي أونا دا ما لقيتو لي في الكتاب ؟؟ أي : ألم تجد اسمي وارداً في القرآن ؟؟ فرد عليه الوالد بالنفي ، فما كان منه إلا أن قال : طيب أنا نسمع بقولوا ((وتب ما أونا )) طيب أونا دا ما أسمي أنا !! أي الآية التي تقول (( وتب ما أغنى )) "والآية في سورة المسد "... أليس ذلك باسمي ؟! فضحك الوالد رحمه الله وقدّم له شيء من الشرح ثم تركه ومضى .
موقاي : الموقاي هو الشخصية الإعلامية في عهد السلطنات في دارفور ، حيث كان يُعهد به إعلان الأخبار والأوامر الهامة الصادرة عن السلطان ، فيقف في مكانٍ علٍ ويذيعه بأعلى صوته . ولا يزال الناس في دارفور إلي يومنا هذا ينعتون من يرفع صوته في الحديث بالموقاي ، وعادة ما يسمع الناس عبارة (( لا تموقي فينا )) أي لا تصيح فينا كالموقاي . ولمن أراد التوسع في معرفة المزيد عن الموقاي بإمكانه الرجوع لكتاب (( تشحيذ الأذهان في سيرة بلاد العرب والسودان )) لمحمد التونسي ، ليطلع عليها بالتفاصيل الكاملة والصورة كذلك.
17/ شرّارة العيش ما زالت معاصرةٌ *** والخفير بسوق القرية جباي
شرارة العيش : المكان الذي يتم فيه نشر العيش كي يجف ، وقد تناولنا هذا الجانب عند حديثنا عن الجير ، والشرّارة إما أن تكون ( برش ) وهو معروف ، أو ( مدق ) وهو قطعة من الأرض في داخل حوش المنزل يتم تسطيحها وتلييسها جيداً بالطين المخلوط بالتبن ثم ينشر عليها العيش (( الدامرقة )) كي يجف .
جبّاي : من الجباية ، أي : جباية الضرائب في السوق ، والخفير معروف وهو الحارس ، وُيطلق عليه جبّاي لأنه بجانب الحراسة فهو يعمل كذلك في جباية الضرائب من التجار .
18/ الكشوك رقصةٌ مفرحة ٌ*** وطمبل آلة الإيقاع جلداي
الكشوك : هي إحدى الرقصات الشعبية المشهورة لدى القبائل العربية في دارفور وصيغتها تكون بالقفز العالي ، بينما هنالك الكسوك بالسين وهي رقصة تشتهر بها قبائل الفور تحديداً.
طمبل : هو الاسم المحلي للطبل في لغة الفور ، ويُطلق عليه النُقّارة عند عموم أهل دارفور.
جلداي : من الجلد ، أي : قطعة من الجلد . ذلك أن الطبل المستخدم في إيقاع الكشوك هو عبارة عن جذع شجرة يتم تجويفه جيداً ثم يتم تغطيته من كلتا جانبيه بجلد غير مدبوغ يُحكم شّده جيداً حتى يخرج صوتاً رخيماً ، ومنه نوعان صغير وكبير لكل منهما إيقاع خاص به يوزن عليه الرقصة .
وفي النقارة يقول المثل الشعبي : ثلاثة في الدنيا بدوروا الدبارة .. المرأة والحمارة وثالثهم نقارة . وربما توسعنا أكثر في هذا الجانب بمزيد من الشرح عند تناولنا للأمثال الشعبية في دارفور بإذن الله .
19/قطيه بنيت لأغراض الحياة *** سلامة السقف مرهون ٌ ببلضاي .
القطيه : معروفة وهو البيت الشعبي المصنوع من القش .
البلضاي : هي الركيزة الأساسية التي تكون عند سقف القطيه وترتكز عليها بقية الأعمدة ، وفي حال وجود ((الدر زوي )) فإنها ترتكز على البلضاي ، والدرزوي هي شِعِبة كبيرة جداً توضع في وسط المنزل وتُثّبت قاعدتها داخل حفرة عميقة .
ويختتم شاعرنا الراحل المقيم بقوله :
20/ هذا تراثٌ لنا فخر ٌ نسّجِله وليس مكتملاً *** وأصل المرء نسّاي .
نسّاي : أي : كثير النسيان .
+++ نهاية الجزء الأول +++
*********************************************
الجزء -2-
-21- دواني للماء إذ العطشان قاصدها *** وزينة التكل مقرون بكيراي
دواني : بضم الدال ، هو زير الماء الكبير .
التكل : بضم التاء والكاف ، هو الكرنك بضم الكاف والراء والنون ، وهو نوع من البناء مستطيل الشكل وسطحه محدب من الجانبين ، و لفظ التكل مقرون دائما بغرفة المطبخ .
كيراي : هي الركيزة الأساسية للكرنك التي تلتقي عندها جميع الأعمدة الطرفية عند السطح وتكون مسنودة من الأسفل بعدد من الشعب .
-22- كرّاب و تركاش أحزمةُ أسلحةٍ *** مغرافة وكلول ثم دوراي
كرّاب و تركاش : هي الجعبة أي حاملة الحراب .
مغرافة : هي آلة غرف الأطعمة بشكل عام ، ويطلق بشكل أخص على كأس من القرع يستخدم في غرف العصيدة .
كلول : هو إناء من الفخار تصنع عليها الإدام .
دوراي : كلول صغير
-23- مندُولة من شرار الجرح مزمنة *** وأحرج الزي سروال فيه قداي
مندولة : بضم الميم ، هي الجرح المتعفنة بسبب الغرغرينة .
-24- مدقاقة العيش أصل العود مصدرها ***وريكة السوق تحمل فوق أوقاي
مدقاقة : بضم الميم والدال ، قطعة خشبية مفلطحة مثبتة على عصا متوسطة الطول تستخدم في دق العيش لفرز القشرة عن الحبوب .
ريكة : طبق كبير محدب الشكل ومرتفع إلي أعلى مصنوع من الأعواد الرفيعة والسعف أو ليح الأشجار ، يحمل عليها السنابل عند الحصاد إلي مكان جمعها .
أوقاي : أي الواقية ، وهي قطعة من القماش يتم لفها بشكل دائري ، توضع على الرأس عند حمل الأثقال للوقاية .
-25- إناء بخو له اسم يميزه *** وأشهر الاسم كنتوش وتكلاي
بخو : هي المريسة وهو نوع من الخمور البلدية .
كنتوش : آنية محلية صغيرة مصنوع من السعف .
تكلاي : كأس صغير .
وكنتوش وتكلاي هي أدوات للشرب بشكل عام ولا سيما للخمر.
-26- دنبل من صنوف الحبس أذكرها *** حكومة القوم سلطان وشرتاي
دنبل : بكسر الدال والباء ، أي الحزم بالحبال بشكل محكم فيقال دنبل الثور إذا تم حزمه بالحبال من أطرافه الأربعة . ويقال فلان دمبلو إذا تم ربطه بالحبال واقتيد للحبس .
-27- من كركنج الزير يلقى ماءً عكراً *** فُرُش المحافل دندرو وراقاي
كركنج : فعل ماضي بمعنى غرف آخر الماء عن قاع الزير . لذلك قال : يلقى ماءً عكراً لأن المياه المتبقية في آخر الزير غالباً ما تكون مخلوطة بالشوائب .
دندرو وراقاي : هي البروش الصغيرة المصبوغة بالألوان الزاهية ، و البروش جمع برش بكسر الباء والراء وهي نوع من الفرش المحلية تنسج من السعف .
-28- كربلو من أواني البيت أذكرها *** وبرمة وكذا التاجون طيناي
كربلو : محفظة من الجلد للبنات ، وهي بمثابة شنطة اليد .
برمة : إناء من الفخار تصنع عليها العصيدة .
التاجون : إناء من الفخار تستخدم لغسل الأيادي والاستحمام .
طيناي : أي قطعة من الطين ، ويعني أن أصل البرمة والتاجون من الطين .
-29- شكا للتكاكي مصنعٌ قِدماً *** ومحلج القطن إذ يدعى خوخاي
شكا : بفتح الشين وتشديد الكاف ، هو آلة النسيج المحلية .
خوخاي : المحلج .
وهناك الفرفر : وهو آلة غزل الخيوط .
-30- من أنواع البخور دروت تم تتبعه*** جمسندة وكجيجي ثم سكتاي
السكتاي : هو غرفة نوم العريس .
دروت وجمسندة وكجيجي : هي أصناف العطور المحلية ، وأصل الاسم مشتق من أسماء النباتات العطرية البرية التي تستخلص منها تلك العطور والدهون التي تدخل في عملية المكياج والتطيب .
ويرمز الشاعر في هذا البيت إلي مراحل التزين التي تتبعها العروس في المساء قبل الالتحاق بزوجها في السكتاي أي غرفة النوم .
-31- وزينةٌ لفتاة الريف مفخرة *** مثل الكجيل وقدور ثم عاجاي
كجيل ، قدور ، عاجاي : هذه أصناف العقود التي تزين بها الفتاة الدارفورية عنقها .
عاجاي : من العاج .
-32- ملاح أم بلط بالثوم لذته *** منقاش آلة إخراج شوكاي .
ملاح أم بلط : الملاح هو الإدام ، وملاح أم بلط هو أحد صنوف الإدام للعصيدة خاصة ، ومكوناته من البصل والزيت والصلصة والويكة فقط ، ولا تدخل ضمنها الشرموت ولذلك سمي ملاح أم بلط ، والشرموت هو شرائح اللحم يتم تجفيفها وسحنها بالفندك أو المدق.
منقاش : المنقاش معروف ، وهو آلة من الحديد لا يتجاوز طولها بضع سنتمترات تكون حادة من إحدى جانبيها ومشطورة إلي نصفين محفوفتين من الجانب الآخر وتستخدم في استخراج الشوك وخلافها من الأذى عند الوخز واستقرارها في أي جزء من أطراف الجسم .
-33- ملاح دودري كمبو زاده طعماً ***جدول الماء في البستان قناي .
* الشطر الأول من البيت تم شرحه في الجزء الأول .
قناي : قناة ، أي قناة المياه .
-34- في المسيد فقيهٌ ورع ٌ *** غداءه بعد طول الدرس دنزاي .
المسيد : خلوة القرآن .
دنزاي : صنف من الطعام مصنوع من الدقيق ويسمى كذلك بالأم تنخرني من نخر ينخر فهو ناخر ، وطريقة إعداده تبتدئ بغلي الماء جيداً ثم تضاف إليها كمية من الدقيق العادي مخلوطاً بشيء من دقيق ( الذريعة) فتصبح في شكل عصيدة سميكة جداً ، بعد ذلك تتم وضعها في قربة قديمة مع ربطها بشكل محكم وتوضع في مكان آمن يراعى أن يكون رطباً ، وبفعل التخمير تكتسب نكهة خاصة ، وميزتها أنها يمكن أن تبقى لأطول فترة زمنية ممكنة دون أن تتعرض للتلف لذلك تستغل كزاد في الأسفار الطويلة ، وهي مفيدة للجسم . *(الذريعة : هي الحبوب يتم ترطيبها بالماء وتغطيتها لعدة أيام حتى تبتدئي في الإنبات ثم تُستخرج وتُجفف ويتم طحنها ) *.
-35- أواني الطين أصنافٌ هياكلها *** وكسر إناء الطين يدعى شقفاي .
شقفاي : مفردها شقفة وهي من الِشق ، أي النصف .
-36- تنجي سلاح عز حاملها *** وأحقر الناس عند القوم موقاي
* تم شرحه في الجزء الأول .
تيكلو أعذب الألحان في درتٍ ***وصنفه من عقيق فص قصباي
تيكلو : مسمى لنغمة موسيقية محلية .
درت : الدرت هو موسم الحصاد .
صنفه : أي عزفه .
عقيق : يطلق على سيقان الذرة وما شاكلها من الحشائش والنباتات .
فص قصباي : أي فص من القصب ، والفص معروف وتجمع على فصوص وهي الفواصل .
-37- كدنكة آلة للحرث أذكرها *** وقسّاي القلب ذاك النوع قرضاي
كدنكة : سبق شرحها في الجزء الأول .
قرضاي : من القرض وهو شجر السنط وهي من الأشجار الكبيرة وسيقانها صلبة جداً يستصعب قطعها بالآلات الحادة ، لذلك نعتها الشاعر ( بقسّاي القلب ) أي قاسي القلب ، لأنها تعذب المزارع حين يريد إزالتها لأي سبب من الأسباب ، والقرض هي ثمار شجرة السنط ولكن أهل دارفور يطلقونها على ذات الشجرة كما يتم إطلاق لفظ التمر أحياناً على شجر النخيل . والقرض مفيدة لعلاج الزكام .
-38- ورناق رئيس شباب الحي قائدهم *** وشورة الرأي ولا قنقيس ببلداي .
ورناق : هو المسئول المحلي عن شباب القرية وهو يتولى كذلك مهام المسئولية عن المفقودات من الماشية التي قد تتعدى على مزارع الآخرين حيث تتم حبسها في حظيرة كبيرة يطلق عليها ( زريبة الورناق ) إلي أن يحضر أصحابها لاستلامها ، وفي حال تعدت هذه الماشية السائبة على مزروعات الآخرين تتم دفع غرامة عليها . والورناق هو غير الشيخ أو العمدة بل هو مستوى أدنى من مستويات الإدارة الأهلية .
شورة الرأي : أي أخذ المشورة في الأمر .
قنقيس : جلسة المتحسرين .
بلداي : الأرض القفرة .
وشورة الرأي ولا قنقيس ببلداي : شرح هذا البيت يحتمل معنيين كليهما يحث على ضرورة الالتزام بالمشورة وعدم الإنفراد بالرأي ، فيكون المعنى الأول : أنه في حال استعصى الأمر لشخصٍ ما ، فمن الأفضل له التوجه لأخذ المشورة من ذي مشورته بدلاً عن الهروب والانطواء بعيداً في الفناء لوحده يضرب أخماسه في أسداسه .
والمعنى الآخر أن عاقبة الإنفراد بالرأي وعدم الأخذ بالمشورة دوماً تعود بالحسرة والندامة لصاحبها ويتركه يجلس القنقيس ببلداي .
-39- قطية لها كاجا ثم كو جمعت *** سلامة السقف مرهون ببلضاي .
كاجا : الكاجا هي القاعدة الأساسية للقطية ، وهي عبارة عن مجموعة من الأعواد الرفيعة تسمى مطارق ( مفردها مطرق ) حيث يتم جمعها وحزمها معاً في شكل دائري على مقاس قطر القطيه وساسها الذي إما أن يكون مبنياً من الحجر والطين أو من الشعب .
كو : الكو لفظ يطلق على الأعواد التي تشكل هيكل القطيه .
ولتقريب المعنى فإن بناء القطيه تعتمد على عدة مراحل ، المرحلة الأولى تبتدئ ببناء الساس أي القاعدة الأساسية والتي إما أن يكون ( دُردُر ) ونطقها بضم جميع أحرف الكلمة ، وهي كما أسلفنا بناء من الحجر والطين لا يتعدى طولها المترين عن الأرض . أو أن تكون القاعدة من الشعب بنفس الارتفاع عن الأرض ، والشعب بكسر الشين والعين ومفردها شعبة (أعواد من الأشجار متشعبة في أطرافها ) . وتعتمد اختيار قاعدة القطيه على نوعية التربة ، فالدردر تكون عادة في الأراضي الرملية بينما تكون الشعب في الأراضي الطينية الخفيفة كثيرة التشقق .
والعنصر الثاني في القطيه هي الهيكل العظمي للقطية ، ويتكون من الآتي ، 1/ الكاجا : وكما أسلفنا أنها القاعدة الدائرية التي توضع على الساس ( دردر أو شعب ) .
2/ الكو والمطارق : و الكو هي مجموعة من الأعواد يتم تثبيتها على الكاجا في شكل دائري حتى تكوّن الهيكل العظمي للقطية ، أما المطارق فهي سيقان الأشجار الرفيعة المطاوعة ، ووظيفتها هي ربط الكو فيما بينها حيث تتم تثبيتها عليها في شكل دائري وربطها بالحبال الرفيعة أو السعف أو لحاء الأشجار ، ثم تتم حزم الكو عند نقطة التقائها في رأس القطيه بكاجا صغيرة أيضاً.
3/ القش : وعادة تكون من قصب الذرة أو الدخن أو النال .
مع العلم أن بناء الهيكل العظمي للقطية المكوّن من الكاجا والكو يتم على الأرض أولاً ثم يرفع بعد ذلك في الدردر وتكتمل بقية البناء عليها .
40/ شرارة العيش ما زالت معاصرة *** أما الخفير بسوق القرية جباي
هذا البيت تم شرحه في الجزء الأول .
- 41- وقرفة سبقت للجمل أذكرها *** أما الصعين رفيق حمار داراي .
قرفة : هي قطعة كبيرة من الجلد تتم خياطتها من الجانبين بحيث تتسع من أسفل وتضيق من أعلى ، وتستخدم في نقل العيش حيث تعبأ عليها العيش وتحمل على الجمال .
صعين : ويسمى الصعن ، وهو عبارة عن جراب صغير ، يكون عادة إما جلد عجل صغير أو عنزة كبيرة .
حمار داراي : أي الحمار البلدي العادي .
ومعنى البيت أن القراف ( جمع قرفة ) هي من أحمال الجمال فقط ، بينما الصعين يحمل على الحمير .
أم كروبة لا أنسى لها زمناً *** ذوات الضر من الحشرات فسّاي
فساي : من الفساء وهو الضراط ، ومعنى البيت واضح .
كرناكة لها شراب تخص بها *** هلا ذكرت ثماراً من نوع نبقاي .
نبقاي : من النبق وهي شجر السدر .
-42- كليوي لفظ عزاءٍ عند ميتنا *** منافس الفحل ذاك الشخص ونتاي .
كليوي : مناحة تقال عند العزاء .
ونتاي : هو لفظ يطلق على كل شخصين أو أكثر تنافسوا على الزواج من امرأة واحدة .
-43- تمبي تمبي لدى الوديان سباحة *** وقرقور وكذا البلوط حوتاي .
تمبي : هي حشرة مائية صغيرة سوداء اللون تجيد السباحة والمراوغة على سطح الماء .
قرقور وبلوط : معروفة وهما نوعان من الأسماك .
حوتاي : مشتقة من كلمة حوت ، أي القرقور والبلوط من أصناف الأسماك .
-44- مديدة قضيم سيد المشروب قاطبة *** صغير الجر من الكنتوش تبساي .
مديدة قضيم : القضيم نوع من النباتات معروف لدى شعوب السودان وهي نباتات جبلية من العائلة الخباذية ، ثمارها حمراء اللون عند النضج طعمها سكري وبداخلها نواتان صلبتان . وتصنع من خلاصة ثمارها العصائر وكذلك ((المدايد )) جمع مديدة وهي النشاء .
الجر : أي الجرة وهي معروفة وتجمع على جرار بكسر الجيم والراء .
الكنتوش : سبق شرحه .
تبساي : هي التكلاي ، سبق شرحه وهي الكأس الصغيرة من القرع .
-45- هذا تراث لنا فخر نسجله وليس *** مكتملاً وطبع المرء نساي .
***خاتمة ***
وبذا أكون قد فرغت من شرح هذه القصيدة الخالدة بنسختيها كما حصلت عليها دون إضافة أو حذف في نصوصهما ، وأكرر ما ذكرته في المقدمة بأنني لم أرتج من هذا العمل سوى الفائدة لصالح القصيدة والقارئ الكريم وتراث دارفور الثر ، وأقول بقول شاعرنا الراحل ( وطبع المرء نساي ) .
.
شريف آل ذهب
ملحوظة : المقدمة لشرح هذه القصيدة ستجدونها في الكتاب بعون الله .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.