أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    شمس الدين كباشي يصل الفاو    لجنة تسييرية وكارثة جداوية؟!!    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    المريخ يتدرب بالصالة    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    ياسر عبدالرحمن العطا: يجب مواجهة طموحات دول الشر والمرتزقة العرب في الشتات – شاهد الفيديو    وزارة الخارجية القطرية: نعرب عن قلقنا البالغ من زيادة التصعيد في محيط مدينة الفاشر    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    المؤسس.. وقرار اكتشاف واستخراج الثروة المعدنية    البيان الختامي لملتقى البركل لتحالف حماية دارفور    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    مدير شرطة ولاية النيل الأبيض يتفقد شرطة محلية كوستي والقسم الأوسط    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    تجارة المعاداة للسامية    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    سوق العبيد الرقمية!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محجوب شريف مثيولجيا الرمزيه !! متدثرا برقاعه في محرابه يغني للوطن خليلا ... معلما!....(2-2) عبدالوهاب الانصاري

حالة كوننا قياما، لمحجوب شريف ، لنوفه التبجيلا حيث كاد أن يكون رسولا ... أستاذي لك ودي أمتهن شريف مهنة الأنبياء والرسل والفلاسفه، كان ذلك في نهاية ستينيات القرن المتصرم وبداية سبعيناته ونحن تلاميذ غر نضع أقدامنا في بداية السلم التعليمي وكانت تسمي آنئذ تلك المرحلة الاولي للتعليم بالمرحله الأبتدائيه ،كنا بمدرسة الحاره الثانيه الأبتدائيه المزدوجه بنين ونحن في عمرنا الباكر ووعينا المشرئب نحو المعارف وفي بواكير نمونا الناهض نحو ماهو جديد مبتكر كانت المعرفه هي الأمل المرتجي لتخرجنا من ظلمات الجهل إلى نور العلم، لنستشرف فلق الصباح الجميل الذي لاح ليطرد غسق التجهيل كان معلمي ذلك الزمن النضر الخصب المدهم الاخضرار حاذقين لمهنتهم، مجودين لها، ممتلكين لأساليب مهارتها وخفايا فنياتها، ومبدعين في ضروب شتى من الفن كان أستاذنا شريف أحدهم، وأميزهم، وأصغرهم سنا، وأكبرهم شهره، وأقربهم منا بما يمتلك من تلك الروح المشبعه بمواهب الشاعر وقيم الانسانيه الساكنه خلجات أنفاسه .
كان قد تخرج للتو من معهد التربيه الخرطوم بما يعادل المرحله المتوسطه القديمه تقريبا ،وكنا نسترق النظر لنراه وننصت لنستمع ما يقول لنباهي أندادنا عندما نرجع لأحيائنا مع اترابنا، تلاميذ المدارس الأخري كنا نفرح حين نراه خارجا أو داخلا إلي المكتب من أحد الفصول من علي البعد حيث كانت برندة ما بين المكتبين مكتب المعلمين ومكتب ناظر المدرسه اوالمدير في الخرائط التعليميه القديمه بشكلها الكلاسيكي المهيب محرمه تمام علي التلاميذ المرور بها وكانت خطا أحمرا لايمكن تجاوزه لذا كنا نكتفي بالنظر من علي البعد، معلمي ذلك الزمن الرائع الجميل رحم الله من غيبه الموت منهم وأمد الله في أعمار الأحياء منهم وحفتهم عناية الصحه والعافيه كنا نحترمهم ونجلهم، حد التقديس وظلوا منحوتون نقوشا أيقونه في ذاكرتنا لدرجه تصل حد القداسه إحتراما وتبجيلا منتصب القامه . في العام الاخير من ستينيات القرن المتصرم ونحن تلاميذ صغار بمدرسة الحاره الثانيه الابتدائيه والجو مشحون وممتلئ حد الثماله بمتغير سياسي زلزل الأرض وقلب الموازين وما زالت آثاره باقية حتى الآن تشويها( كقنبله هيروشيما النووية) وهو انقلاب مايو 1969 ونحن في طفوله ممزوجه بطيف من الوعي يعرفه أطفال تلك الحقبه ( طشاش طشاش) خاصة أبناء الأنصار المسيسين بالفطره بحكم التربيه الأنصاريه المميزه وكنت أحدهم... إنقلاب عسكري ! الحكومه تغيرت؟ هذا كان أقصي درجات فهمنا ووعينا المحدود، تم تمديد اجازة المدارس لمدة 6اشهر لتغير المنهج وفقا للمتغير وقئذ، ثم انتهت الاجازه وبدآ العام الدراسي حينها دلف إلينا في الصف الثاني الإبتدائي الاستاذ الجديد والشاعر محجوب شريف، شاب في مقتبل العمر، ممتلئ حيويه ونضاره ومهنيه، هاشا باشا بصوره ممزوجه بصرامة المعلم، مربوع القامه عالي الهامه يمتلك جاذبيه مدهشه، تجسد فعل الصمت، لم يحيد عن مهنيته قط، شهرته الداويه سبقته الشاعر محجوب شريف "استاذنا" كان ذلك مدعاة لقبطتنا وفخرنا لاندادنا في المدارس الاخري كما ذكرت مسبقا" أستاذنا شاعر، بجيبو اسمو في الراديو، وما ادراك ما الراديو!!، دعك عن التلفزيون، في تلك الحقبه التي قد لا يفهمها أجيال الآي فون والأنترنت، والأسافير، المشرعه. وكمان بغني بكلماته وردي، وما أدراك ما وردي،... اليوم نرفع راية إستقلالنا – كرري تحدث عن رجال كالأسود الضاريه- وحين خط المجد في الأرض دروبه عزم ترهاقا هرم الغناء، عليه الرحمه، ثم يا حارسنا وفارسنا، ومن شعاراتنا مايو، حفظناها من المذياع أو الراديو من كثرة ترديدها، وجمال كلماتها، وسهولة لحنها، وشهرة مبدعيها،ثم ما تبعها من احداث جسام اترك -لاستاذنا الحديث عنها لاحقا في هذا المقال عبرخيمة الصحفيين- طيبة برس. كنا نرددها بعفويه ولا نعرف معناها وهي التجربه التي نقدها الشاعر نفسه فلاغروهذه التجربه من حياة شاعر الشعب المهموم بقضايا شعبه بلا وهم ولا وثن وفقا لمعطيات فكريه وزمنيه وسنيه وهذا حديث اوفاه الشاعر نفسه مايستحق وقطع قول خطيب...المهم في الامر وقف الاستاذ محجوب شريف، أمام السبوره ميمما وجهه الوضئ نحونا، في تلك المنطقه المرتفعه التي تكون دائما أمام السبوره بأرتفاع من سطح الصف يقف عليها المعلم ليكون في مكان يمكنه من النظر بسهوله إلى تلاميذه ومتابعتهم، عرفنا بأسمه والذي حفظناه من قبل عن ظهر قلب ومن خلال جدول الحصص الذي كان يعلق في اليوم الاول للدراسه تماما في تلك الايام الخوالي ،التي كان دولاب عملها يسير كما تسير عقارب الساعه بصرامه ودقه تؤدي بها الشعائر الدينية، كما في عطبرة بلد الحديد والنار، حينها كان يفطر الصائمون فيها بصافرة القطار وكذلك يمسكون، وكان من حسن الحظ انه سيدرسنا اللغه العربيه و مرشدا لصفنا أو ابا للصف، ونحن وقوف أفتح الشبابيك... حتي يتأكد من أن الضوء ينتشر في الصف، أرفع الورقه ديك قف منتصبا... السلام عليكم.... وعليكم السلام... إجلس... نجلس في صمت... يكتب علي السبوره بخط واضح ومشكل، ما لم يكن تقليديا أو مالوفا ... الوقت وقت الجد... المدرسه مكان العلم ...التلميذ المهذب يحترم ...والديه ومعلميه ... إلخ جمل تحمل كل قيم التثقيف، والادب، والذوق. ثم قصيدة من تأليفه قدمت في حتفالات اكتوبر
دعي أماه ثيابي وكفي عطفا عليا/ انا ماعدت صغيرا لا أهاب البندقيه/ هزة الخرطوم هزا/ ووزارة وقصرا/ تجبر الطغيان قسرا، اذهبوا لا لن نحيد/ بدماها وفداها، وهتافات قويه/... وللاسف (الذاكره الخربه المثقوبه بفعل الزمان أضاعت الكثير من الدرر النادره التي تعلمناها من أستاذنا الكبير، ثم منهج المحفوظات والأناشيد ذلك المنهج المجرب والمنقح، المختارة مواده علي أسس علميه مثل نشيد يا(كنار):
يا كنار قد تغني في القفار ينشد الالحان آناء النهار
في حقول القطن زاهي الاخضرار
كل جيل سوف يروي ويغني ويعيد
يوم حاربناك يا جهل بعزم من حديد
أيها الجهل المخيف المعتدي طال مثواك بهذا البلد
لن يظل الشعب مكتوف اليد
فوداعا ووداع الأبد
كل جيل سيغني ثم يروي ويعيد
يوم حاربناك يا جهل بعزم من حديد
يابني السودان هذا اليوم يوم عيد
يوم هب الشعب في عزم اكيد
ثم قصيدة بلادي والتي تقول في بعض مقاطعها :
بلادي بلادي فداك دمي
وهبت حياتي فدا فاسلمي
غرامك اول مافي الفؤاد
وذكراك اخر ما في فمي
ثم نشيد العلم (وهو علم الأستقلال بالوانه المميزه )
علمي انت رجائي انت عنوان الولاء
انت رمز للفداء ونسيج الشهداء
لونك الأصفر أرض يفتديها الأوفياء
لونك الاخضر زرع لونك الازرق ماء
كم فؤاد هام فيكا وشهيد يفتديكا
نحن في الجلى فداء
ثم نشيد المدرسة الذي أذكر منه:
صباح الخير مدرستي
صباح الخير والنور
اليك أشتقت في الأمس
وزاد اليوم تفكيري
سمعت رنين اجراسك
وجئت اليك فرحانا
نداؤك رائع عذب
كما لو كان الحانا
ويشتاقون لقياك
وتشتاقين لقياهم
فانت لجمعهم أم تعلمهم وترعاهم
وأحيانا تؤدبهم اذا ما خالفوا الادبا
وتهديهم الي الرشد، فيضحى أمرهم عجبا
ثم نشيد الصباح من ذلك المنهل العذب من كتاب المحفوظات والاناشيد الذي تم اعداده من قبل نخب تربويه رفيعة المقدره عالية المهنيه في معهد التربيه بخت الرضا قسم التأليف والمناهج الذي كان يضم عقد نضيد من رجال التربيه والتعليم .
نحن إن أشرق صبح نترك النوم ونصحو
ونحي ابوينا فرضا الاباء فتح
ثم نمضي فنصلي ان تقوي الله ربح
ولدور العلم نسعي والى العلياء ننحو
نحن للآداب ذخر نحن للاخلاق صرح
نحن للاوطان نصر يوم تدعونا وفتح
ولنا كل صباح أمل في الله سمح
ياله من منهج راسخ ما زال عالق في الذاكره رغم صدأ السنين فما بالك إن كان معلمك الذي درسك هذه الدرر الاستاذ محجوب شريف.. حيث مازال صدى صوته الجهوري يملأ المكان..الحصة انشاء شفهي قم تحدث عن العلم عن المدرسة عن الوطن... الحصة انشاء تحريري اكتب عن رحله جميلة.. كيف قضيت اجازتك؟... الحصة املاء اكتب الريف في الخريف... الخريف اجمل فصول السنه،، الحصة نحو اعرب ضرب الولد الكلب... ذهب التلميذ الي المدرسه... كان واخواتها ان واخواتها ... المبتدأ والخبر، التنوين، ويتم فيه تجسيد الكلمه بواسطة اجساد التلاميذ وايضا شكل التنوين الذي يجسده تلميذين فتحا وكسرا وضم يالها من عبقريه فذة في استخدام الوسائل التعلمية حتى من التلاميذ انفسم بطريقه محببه تظل راسخه ما نبض الانسان.... افتح كتاب المطالعه البطل علي عبد اللطيف جمعية اللواء الأبيض ثورة 1924 الجساره والبطوله المواقف هاهو يقف شامخا في محكمة المستعمر بعد خمد الثوره وإستشهاد رفيقه البطل عبد الفضيل الماظ وقد درسنا لها محجوب شريف ومثلنا شخوصها في الصف والجمعيه الادبيه بأسلوب ومقدرة مبدع وشاعر ثوري ومعلم حاذق ومن وقائع المحاكمه التي مثلناها مايلي :
القاضي الانجليزي : ما أسمك ؟
-علي عبداللطيف
القاضي الانجليزي : ما جنسيتك ؟
-علي عبد اللطيف : سوداني
القاضي الانجليزي : اقصد السؤال عن قبيلتك؟
-علي عبد اللطيف : لا يهمني ان انتمي الى هذا القبيله او تلك فكلنا سودانيون يضمنا قطر واحد ونعمل من اجل هدف واحد هو تحرير بلادنا من سيطرتكم .
القاضي الانجليزي : لقد جئنا الى هذه البلاد وانقذناكم من العبوديه
-علي عب اللطيف : أخرجوا انتم من بلادي وأتركوني عبدا كما كنت
القاضي الانجليزي: انك سليط اللسان !!
-علي عبدالطيف: لست سليط اللسان ولكني أدافع عن حقي وحق بلادي في العيش بحرية وكرامه
القاضي الانجليزي : حكمت عليك المحكمه بالسجن عاما كاملا .(فحفظناها عن ظهر قلب حتى اللحظه)
يا لها من مواقف ذات أثر وطني مضئ في سجل التاريخ للبطل المناضل علي عبد اللطيف أين الأدعياء ؟ ..علي كل كان استاذنا يؤدي دوره كمعلم بمهنية عاليه وحرفيه وشرف مهنه، لم يكن يحيد عنها ابدا
كان معلمينا لهم التجله والاحترام في ذلك الزمان عندما يعاقبون اويوبخون احدنا بغرض تقويمه وتأديبه عند الخطأ او العمل الطائش أو الضوضاء وفقا للثقافه التربويه السائده حينها بعبارات (دا شنو يا حمار ... وقف حمار الشيخ عند العقبه يابن .... عند الغضب والاخطاء الكبيره) ولكن ما لفت نظرنا هو توبيخ الاستاذ محجوب شريف كانت مختلفا وغريبا تماما علي مسامعنا الغضه ومصدر فخرنا وفرحنا وكثيرا ما نرددها بكل شموخ وكبرياء مثل (دا شنو يا ضيق الافق ... يا قليل المواهب... يا متوسط الخبره... يا منعدم التجربه... )!! ثم تعقبها منه بسمه عريضه حازمه وأحيانا يكون هذا التوبيخ يكون لكل الصف بصيغة الجمع عند الأزعاج او الهرجله أي الضوضاء الجماعيه خاصة عندما تكون الحصه فارغه (فاضيه) لسبب قاهر لمعلم الحصه وهي فرصه نادرة الحدوث في ذلك الزمن الوضئ حيث نكون قد أحدثنا ضوضاء للاستاذ الذي يعمل في الصف المجاور كان ايضا عقابه غير تقليدي اي ليس بالسوط وحده ( الجلد ) والذي كان عقوبه اساسيه حينئذ رغم راي خبراء التربيه، ولكن علي اي حال كانت مكان جدال ، كانت عقوباته نوعيه اكتب الجمله كذا مية مره، انقل من كتاب المطالعه من الدرس كذا الى الدرس كذا، صلح الحديقه، عليك نظافة الصف ،الذي كان موزع علي تلاميذ الصف علي كل الاسبوع، وهكذا.... لك الوقوف تبجيلا المعلم المعلم، الانسان الانسان، انما خلقت معلما لتتمم مكارم الادب وقيم الاخلاق، وانت تعلمنا فنون الكتابه، وفصاحة النطق، وجمال الاسلوب، وصحيح الاملاء، ورائع التعبير، ونحن في بداية سلم وعينا الباكر الخصيب، نقاوم المؤتفكات، باهل لنا الحب الحازم، وماهل لنا البال التربوي وما ساهل، فصباحك فالق وضاح، جميل الكلمه، نبيل الغضب، ظريف النكته، نير المحيا .
كان النشاط اللاصفي المدرسي، كالجمعيه الادبيه، لها القها ومكانتها، وكان استاذنا شريف مايسترو اكتشاف المبدعين من التلاميذ في شتي ضروب الفن، كالغناء والالقاء،والكتابة، والخط، والخطابه، والمسرح ،وقد قام بإنشاء أول مسرح مدرسي بمدرسة الحاره الثانيه الإبتدائيه في اوائل سبعينيات القرن المتصرم كأول مسرح، في المدارس الابتدائيه علي ما اذكر كان نتيجة لهذا النشاط والمجهود المقدر من الاستاذ محجوب شريف ان فازت المدرسه بالجائزه الاولي في عيد العلم الثاني 1971، والتي تم حجبها من قبل وزير التربيه والتعليم حينها، دكتورمحي الدين صابر، عند محاولته، اي الوزير تجيير، العمل الابداعي ومنح الجائزه لمصلحة التيار العربي في النظام، وقد، علمت ذلك من استاذنا فيما بعد، رفض ذلك الاستاذ محجوب شريف وباصرار محافظا علي استقلاليته ومهنيته الحديث يطول وللرجل مناقب عديده لا يسعها هذا الحيز المحدد والذاكره المثقوبه بفعل السنين فله التحايا بلا حدود. ثم تلاحقت الاحداث بزلزال 19يوليو ، وما اعقبها من مجازر، فأخذه السجان منا في ليل بهيم داجي ونحن لا نملك المقدرة علي التحليل وحل الطلاسم في تلك السن الحدث ... استاذ محجوب في سجن كوبر!! وانقض الخبر ظهرنا، وما حليتنا؟! وافتقدناه في الابداع المبتكر وتلبسنا القنوط وبأسه وكانت ذكراه كالماء المقدس تطهرنا ونحن ملبسون.!!
محجوب شريف جارا وفيا و صديقا لأبي!!
ثم دارت الايام دورتها، وكان القدر يحتم لنا فرصة اخرى وقد استوى نضجنا ووعينا للاشياء محجوب جارنا.. وهو كالذهب المجر لم تبدله السنين،ولم تغيره الايام, رغم المحن والشدئد، رجل نكته وانساني ، قدامي وسوداني، مهموم بهم الناس يدون على القرطاس اشعار توعي الناس تراكم حمم لخلاص.
كان ذلك في ثمانينيات القرن المنصرم وقد استاجر نصف منزل في الثوره الحاره 11 منزل العم إدريس محمد علي(عليه رحمة الله)، حيث كان صديقا وزميلا لابنه عمر ذلك النقابي الصنديد وهو الآن بأمريكا له التحيه من علي البعد، علي كل اعادة هذه الجيره الرائعه، ذكريات قد خلت بها الايام، وانتقلت الي الاسره حيث اصبح صديقا حميما لوالدي( رحمة الله عليه) عبدالله عبدالوهاب الانصاري –الذي كان يقول تربطني بإبننا محجوب صلة رحم- ورغم اختلاف الافكار والرؤي السياسيه حيث كان والدي انصاريا صميما وحزب امة لا يتزحزح وكان حافظا للقرآن الكريم، وراتب الامام المهدي عليه السلام وكان دائما يقرأ الراتب ثم يختمه بتلاوة جزء من القرآن كما هي عادة الانصار، الراسخه له شبائيب الرحمه، كان دائما يسال عن محجوب، ويذهب اليه وياتي اليه محجوب في المنزل، وكان عندما يصل والدي محصول التمر من الشماليه، كان اول ما يذكر محجوب، وينادي ياولد اذهب بهذا التمر الي محجوب، فاصبح محجوب كثيرا ما يسال مداعبا اين تمر عم عبدالله، وكثيرا ما يتبادلان الرؤي والافكار وتوطدت، العلاقه مع اسرة محجوب وزوجته رفيقة دربه الاستاذه اميره الجزولي، وكريمتيه مريم ومي، اللتان كانتا طفلتين حينئذ مع الوالده نفيسه والاخت الشقيقه شمس و نجاة وانتصار واخواني عبدالرحمن وابراهيم وجميع افراد الاسره .
محجوب شريف الانسان :
كنت بصدد اعداد ملف عن الامير الحاج نقدالله اقال الله عثرته، فذهبت الي الاستاذ محجوب شريف بمنزله العامر المرحاب، بالثوره الحاره واحد عشرين، فاستقبلني بتلقائيته وبشاشته الرحيبه، التي يتخللها الكثير من المداعبات والنكات المحببه، واتفضل... ذكرت له انني بصدد اعداد ملف عن الامير نقد الله طالبا مساهمته في الملف لم يتردد قط بالموافقه بل ابداها بكل رحابه ثم صمت برهة ودلني علي الدكتور عبدالقادر الرفاعي، الذي تربطه علاقة مميزه بالاميرة نقدالله، الذي استجابه بفيض غامر من الموده والحب بصدق المشاعر للفكرة لمكانة الامير نقدالله المميزه عنده والتي لمستها من خلال افادته في الملف رغم انه كان طريح الفراش وكتب د/ الرفاعي مقالة رائعة نشرة في ملف الامير نقدالله. بصحيفتي اجراس الحريه وصحيفة الايام- وقد كانت مشاركت الاستاذ محجوب شريف في الملف قصيده جديدة،بالرغم من موقفه المعلن بمقاطعة النشر خلال هذا العهد، أهداها للاميرنقدالله، وقدم لها بخط يده كاتبا.... (الى النهر الصامت بين ضفتيه، تحت سقف بيته الكريم، ذي البوابه التي لا تجعلك تضطر لأن تكتب " حضرنا ولم نجدكم" ما احوج السودان الى مثل هذه الرحابه وهذه الاستقامه التي لن تجد مهما تربصت الاعين الشريره، فرصه لخدشها او المساس بها، احب الناس واقربهم الي قلبي الذين قد تختلف معهم، في كل او بعض ما يرون، الا انك لا تملك الا ان تحني راسك اجلالا لهم، والعزيز نقد الله احد ابرز هؤلاء، واليه اهدي هذ النص الذي بين ايديكم، ومتروك لفطنة القارئ، لكي يقول مالم اقله وكم كان وسيما جدا بزيه الانصاري الشهير) ( محجوب شريف)
انتي يا أحذيتي
وبرضو يا قمصاني اعذروني جميعاً إن قطعت ولكن ماحبست ضميري مالجمت لساني الكلام الواضح لم ولن يعصاني الوجوه والايدي والشوارع يوماً ربما تنساني قلبي وارف وعارف السنين لو حرَّت
ما بتحت أغصاني
ما يئست بتاتاً
ولا يبست كذلك
بل لبست زماني
اوكسجيني يجيني
ذكريات وأماني
هذه أحوالي
وهذه أقوالي
اذا قبلتو قبلتو
اذا زعلتو وداعا
انتو ما قصرتو
اتركوني وشاني
إلاتوب السترة باليقين فصلتو
ماحصل من شينه مستكين غسلتو
ولامهب الريح مني طار حصلتو
نمت اتوستو قمتا البسو تاني
إيهِ يا قمصاني
ياجميل يا مزركش
زوق وخفة كأنك
الفراش الطاير
كُم طويل الجنبك
شفتو قالد زاير
وانت بني مخطط
بنطلونك لونك
تمشي زي ما داير
كم قصير وملحلح
المقص سوداني
مربعات ودواير
ياسماوي نجومك
في الليالي زراير
اوعى ما تتكرفس
وش صباحك ناير
وانتي يا احذيتي
بين غبار ونقلتي
كم سمعتك قلتي
ياتو سكه تودي
للمهانة مشينا
وما رفعنا قدمنا
كضب ولا غشينا
البدوس بندوسو
مافي شر بنكوسو
ماركلنا أكلنا
ولا في شي خوفنا
قمنا منو جرينا
انتو اشرف وانضف
من أيادي السرقة
سمحة بيك المرقة
للنفيروالنجدة
والحياة اليوماتي
بين كراسي الندوة
تشرئب القومه

الهتاف الداوي
والجموع بتلاوي في مظالم يومه
النزول من زحمة في المحطة الوسطى
جولة حول البوسطه
جاي وجاي إتمشَّى
مكتبة وفكهاني
والحديث الحايم بين عزاء وتهاني
العرس والجر تق ود فلان اتوفى
شوف رموش الباعه زي ثواني الساعة
المحال والممكن
كل حاجة بضاعة
كم أيادي نحيلة
الوظيفة منشة
داك زقاق البنكي نحو زنك اللحمة والخدار والأعين والكتوف ملتحمة
خطوة خطوة إتمهل أوعَ ما تترشَّه
أم بناتي تهاتي (ما مسحت الجزمة ولا القميص إتفشَّى)
إنها بإزائي صحتي ودوائي ملبسي وغذائي
أُحبها وتحبني ويُحب جزمتها حذائي
قدلة عرض الشارع والمناظر شتَّى
لمبة مدَّت راسَه ناسه مابتيتفاهم
طاولة لِجَّة وحِجَّة بين مهرِّج واعشى
ست وبت قدامن كوم حريق ومقشة
لافتة خافتة ومخبز جنبو تكسي مهكَّع
شفت ستَّ سنابل مكندكين دافوري
ادوهو لزَّه وفزَّه جرَّا نفسو وطشَّه
صاج مولع، وامهر من رمى الطعمية
بلعت ريقي أصنقر في خشم دكان البرقو داك اتعشى
محطة ستات شاهي
ياحليل نعناعن
إلى الجحيم الكشَّه
هذه آرائي وهذه أشيائي
ضميري مابتغشَّا
عرفت كيفن قَصَمَتْ ظَهَرَ البعير القشَّة
محجوب شريف بصدقه وشجاعته المعهودة :
في لقاء جماهيري محضور ومشهود، وغير مسبوق، زين الجلسه شاعرنا الاستاذ شريف بلا منافس في خيمة طيبة برس ييحري خيمة الصحفيينن قائلا: ناقدا اي كلمه قالها في مايو، وقال إن النصح يحتاج لكلمة مفتاحيه، ورفع لافته كتب عليها " لا حارسنا لا فارسا ، ولا مايو الخلاص " وقال يجب ان يحاسب الشاعر نفسه، انا كنت صغيرا وليس لي وعيا كافيا ... "وبعد ان صمت قليلا" قال استطيع ان اقول ان حارسنا اليوم في مزبلة التاريخ ثم اردف لا بد من مسافة بين الشاعر وبين النظام ولو تتطابق النظام مع ما تؤمن به ... ولكني اقول لم اتاجر بحارسنا وفارسنا، ولم تصافح يدي قط ، احد رموز مايو، فلم اكن انتهازيا... وكان لسان حاله بصدق الشاعر ، الحسن بن حبيب النيسابوري القائل :
إن الملوك بلاء حيثما حلوا
فلا يكن لك في اكنافهم ظل
ماذا تؤمل من قوم إذا
غضبوا، جاروا عليك
وإن ارضيتهم ملوا
فاستعن بالله من ايواهم ابدا
ان الوقوف على ابوابهم ذل
واخيرا كان شريف كغيره من الشيوعيين السودانيين، "اختلفت ام اتفقت معهم في كل اوبعض" ملح الارض حاملين بيارق الابداع والتجويد الحاذق لعملهم، محافظين على قيم شعبهم واصيل شمائله، معفرين بتراب ارضه، ووسط جماهيره لتنظيم وعيهم، ونشر الاستناره، استاذنا شريف اشعاره انشودة صوفيه عرفانيه يتسامى فيها شاعرنا ويسامي الانسان، نحو آفاق اكثر رحابه وغنى للجمال، وتوليد المعاني وتخصيب الفكر، القصيده عنده امتدادا لنهجه، وتطويرا لهذه التقاليد الصوفيه العرفانيه التي ارسى حجر الزاوية الفكرية لها العارف بالله محي الدين بن عربي، والتي عرفت وتفاعل معها جمع غير قليل من المفكرين والفلاسفه، مثل ابن الفارض عبر اشعاره، وجلال الدين الرومي وصولا لعمر الخيام في رباعياته، وما مدائحنا النبويه الشريفه واذكارنا الصوفية واناشيدنا العرفانيه " اولاد حاج الماحي –واذكار الطرق الصوفيه المختلفه" ما هي الا امتدادا لهذا الانشاد العرفاني الرفيع والادب الجم . وهنا لابد من الاشاره الي الصوفيه واثرها الادبي والقيمي المؤثر في تجربة ووجدانية الشاعر محجوب شريف والمعلم والانسان الانسان بلونه الابداعي المتفرد وحيد النسج حيث تجد في لوحة اشعاره خطوط الفلسفة الصوفيه الجمالية يجسدها ثالوث ، الحق، والخير، والجمال، وحين يعرج بهموم الناس، وقضايا امته كأنه علق في السماء، او رفع اليها لا هربا من الارض، بل لكي يرصدها من اعلى نقطة كنتورية، في الخريطه ويتأملها من عل لروئية اغنى واشمل، كأنه في الصف امام تلاميذة ، مختارا مكان الروئيه الاكثر ايضاحا لمسيرة الاصلاح والتغير بأعمال شعرية تكرس، لنقاء طفوله رائعة دائمة حتى نغيير الحكم المهزوم، كان دائما يقول لنا وبإبداعه المثيولجي الفريد"يجب علينا البقاء قياما، عند منتصف الليل، اذا كنا ننتظر الفجر الجديد " كما قال( مارتن لرثر كنج} و يغازل شمس المشارق، مميط زيف غموض خمارها، اما المشانق.. كم وكم... ثم كم، كم... زلزل بفصاحة البيان... وقوة المعاني وثبات المواقف وقار ثباتها، .... انها مثيولجيا الرمزيه تنبض ابداعا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.