ربما كانت بعض تنظيمات وأحزاب المعارضة لها بعض الاهتمام بالنواحي الامنية أو لها وحدات أمنية ولكن واقع الحال يدل على عدم إعطاء الأمر ما يستحقة من أهمية ما عدا التخوف من المراقبة . والحديث عن الرقابة التلفونية تكنولوجيا قديمة جاءت بعدها مراقبة الفاكس والانترنت أي ما يسمى بالرقابة الالكترونية فقد ظل أحد قادة المعارضة شديد الحرص على عدم الحديث مع معاونيه عن طريق التلفون في اي أمر هام ولكنه يطلب منهم نقل المعلومات له عن طريق الفاكس وهو أكثر خطورة لأنه يعطي الطرف الأخر والذي يقوم بالرقابة على الفاكس وثيقة مكتوبة وقد تكون خطية وقانون الامن الوطني يعطي جهاز الامن هذه السلطة بل ان قانون الاجراءات الجنائية ايضا يجيز سلطة المراقبة ولكن تحت إشراف النيابة وليس هنالك أي جهاز أمني يستطيع تخصيص الوقت والجهد المطلوب لمراقبة كل الهواتف والفاكسات وغيرها من وسائل الاتصال ولكن تتم الرقابة على ارقام معينة الى جانب وسائل أخرى كالعينات العشوائية وزيادة المخاطر تدفع بالسلطات الامنية الى زيادة المنصرفات والتجاوزات في مجال المراقبة بوسائلها المتعددة. وما حدث في نقل ما تم في لقاء الصادق والترابي بمنزل كامل إدريس وتسرب ما تم عن طريق مصدر او رقابة الكترونية يكشف إستمرار عدم إعطاء المعارضة الاهتمام المطلوب للجانب الامني ولا اميل لشراء رواية الحكومة بانها حصلت على المعلومات عن ما دار في ذلك الاجتماع الهام من مصادرها في صفوف الاحزاب لسبب فنى ومهني فأجهزة الامن قد تقوم بكشف ما تحصل عليه من معلومات ولكنها في ا لعادة لا تكشف عن وسائل حصولها على المعلومات. ولقد كان عدم إعطاء موضوع الامن والمعلومات الاهتمام الكافي من اهم اوجه القصور في عمل التجمع الوطني في تقديري فقد كنت أقوم بهذه المهمة أحياناً بصورة غير منظمة وغير متواصلة لاني لم اكن متفرغاً فقد كان لا بد لي من قضاء معظم الوقت مع اسرتي سعياً وراء سبل كسب العيش بل لم يكن لدي تكليف رسمي من هيئة القيادة ولقد كان احد كبار ضباط جهاز الامن المصري والمسؤول عن السودان في ذلك الوقت يطلق علي لقب "أمن التجمع" ولقد كنت أعتقد بان الاحزاب والتنظيمات المعارضة قد تنبهت للأمر بعد ذلك واصبحت لديها وحدات أمن ومعلومات متخصصة ومتفرغة ولكن خاب ظني بعد أن جاءت الحكومة للتباهي بإختراق أجهزة أمنها لصفوف المعارضة في اهم لقاءاتها إجتماع الصادق والترابي في الخرطوم ولقاءات الجبهة الثورية في كمبالا فالامر ليس في عدم توفر الكوادر ولكن في الحس الامني وإدراك أهمية الامن في كل اوجه الحياة ولا يقتصر ذلك على مواجهة محاولات أختراقات أجهزة الامن بل بالاهتمام بالمعلومات من حيث التحليل والتقييم والربط فهل اهتمت المعارضة بما جاء في لقاء الرئيس الايراني احمدي أنجاد مع عوض الجاز واخضعته للتقييم الجاد ؟ الانطباع الاولي لأي مهتم بالنواحي الامنية والاستراتيجية هو ان الجاز توجه إلى طهران مستنجداً بايران مع تدهور الحالة الامنية وضعف العمل العسكري الحكومي في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق في ظل عدم حماس قوات الدفاع الشعبي ومليشيات جهاز الامن بعد ان ظلت قياداتها رهن الاعتقال طوال هذه الفترة وعدم تقديمهم للمحاكمة مما اعطى الانطباع بان الحكومة لا تملك دليلاً على أتهامها لهم بالقيام بمحاولة إنقلابية أو تخريبية بل كان الاعتقال مجرد إجراء تحوطي إستباقا ً لما يمكنه ان تقوم به المجموعات الاصلاحية في الحركة الاسلامية بعد فشلهم تحقيق اهدقهم من خلال مؤتمر الحركة الاسلامية الاخير. اما رد الفعل الايراني والذي جاء على لسان الرئيس أنجاد حسب ما اوردته وكالة الانباء الايرانية الرسمية فقد كان اكثر وضوحاً بمحاوله إيران إستغلال الموقف بدفع النظام السوداني لتنفيذ البنود التي لم ترغب الحكومة في تنفيذها في الاتفاقيات السابقة بين البلدين خوفا من أثارها الداخلية والاقليمية والدولية فقد كرر الرئيس الايراني في اكثر من فقرة المطالبة بتنفيذ ما جاء في الاتفاقيات السابقة وأنقل هنا بعض هذه الفقرات "ان العلاقات الثنائية بين البلدين تصب في مصلحة الشعبين والشعوب الاخرى ويجب تفعيل الاتقاقيات المبرمة بين البلدين" " وعلينا في ظروف العالم الراهنة اليوم أن نكون إلى جانب بعضنا اكثر مما مضى " ووصف أنجاد العلاقات بين البلدين ب "المميزة والعميقة جداً" مؤكداً " تعزيزها على اعلى المستويات وتنفيذ جميع الاتقاقيات المبرمة بين البلدين " معرباً عن امله بأن "يتم إتخاذ قرارات مناسبة في مسار تطوير العلاقات الثنائية ونتفيذها على وجه السرعة ". فهل تستطيع الحكومة تحقيق غرضها من الزيارة بالاستمرار في لعبة تخويف امريكا وحلفاءها في المنطقة من امكانية دخولها في تحالف حقيقي وفعال مع إيران أم تتمكن إيران من من استغلال حوجة الحكومة الماسة للدعم العسكري والمالي لتنتزع منها الموافقة على تنفيذ البنود التي لم يتم تنفيذها في الاتقاقات السابقة الموقعة بين البلدين وتوريط البلاد في تحالف يؤدي إلى تدهور علاقات السودان مع دول الخليج والذي قد ينتج عنه اجراءات خليجية تحتاج لسنوات لمحو أثارها حتى بعد ذهاب النظام ارجو ان تكون مثل هذه القضايا من أولويات متابعة مراكز أو إدارات المعلومات بالاحزاب والتنظيمات المعارضة ان وجدت عاصم عطا صالح 6 مارس 2013م