تحدثنا في المبحث الماضي تحت عنوان( اللغة العربية اسرار وحكايات) بين الفاء والباء وقلنا أن الحرفين صديقين منذ القدم ويتبادلان المواقف كثيراً وأنهما دوما يعنيان الكبر والوسع والفخامة إن جاءا في أول الكلمة أو وسطها أو آخرها كذلك الفعل. واليوم نتناول حرفين آخرين هما حرفا الميم والحاء فهما حرفان أيضاً صديقان يحملان الكثير من المعاني التي يتوقف المرء عندها وتعنيان دائماً الزيادة والانتشار والعلو، فحرف الميم مثلاً هو حرف يجسد الزيادة في الشيء إن جاء في نهاية الاسم أو الفعل الرباعي أو الثلاثي أو الثنائي المضعف آخره فكلمة مثل فخم آخرها حرف الميم تعني كبير الجسم، وكلمة مثل لحم تعني ما يحيط بالعظم ويزيد في حجمه، وكلمة مثل فهم تعني زيادة المعرفة والإدراك وفعل مثل لخم معناها أحدث ربكة زيادة في الكلام وكلمة مثل ندم تعني الزيادة في الأسف، وكلمة مثل رحم تعني الزيادة والقوة والمتانة في العلاقة بين الناس وفعل مثل رجم يعني الزيادة في الضرب بالحصى والحجارة وكلمة مثل وهم تعني الزيادة في الغفلة وفعل مثل لجم يعني الزيادة في الاسكات وسما تعني الزيادة في العلو، وفعل مثل لكم معناها الزيادة في الضرب وكلمة مثل ( عجم) معناها الضعف البائن في نطق العربية وفعل مثل لزم تعني البقاء في المكان والبعد عن الحراك وكلمة مثل شمم معناها الزيادة في العلو والرفعة والمكانة وكلمة مثل( هم) تعني الاشتغال الشديد بالأمر والزيادة فيه وكلمة مثل نضم تعني الزيادة في الحديث وإجادته أو عدم إجادته ومنها شخص نضام وكلمة مثل نعم تعني الزيادة في السرعة وكظم معناها شدة كتم الغيظ وأفعال مثل عليم أو كريم أو رحيم تعني الزيادة في العلم والكرم والرحمة، وهذه من صفات المولى عز وجل وكلمة مثل زميم تعني الزيادة في القبح ووسيم تعني الزيادة في الجمال وكلمة مثل سلام تعني الزيادة في الطمأنينة ووئام تعني الزيادة في اللطف والمحبة وحيوان مثل نعام يعني الزيادة في الطول وكلمة مثل وشم تعني الزيادة في التوثيق بالإنسان أو الحيوان أو غيره وفعل مثل عمم معناها الزيادة في الانتشار والنفعة، وفعل مثل خم هي الزيادة في الاستهبال ولملمة الأشياء وفعل مثل نميم يعني الزيادة في القطيعة والحديث عن الناس في غيابهم.
أما حرف الحاء وهو من الحروف التي تفيد الإنتشار والزيادة أيضاً والتعميم إن جاءت في آخر الكلمة الرباعية أو الثلاثية أو الثنائية المضعفة في نهايتها أو في بدايتها فإنك تقول فاح الشيء أي انتشر وعم وتقول راح ومعناها بسط اليد وتقول ناح وتعني البكاء بشدة وعويل وتقول لاح وتعني الظهور والانتشار من بعيد وتقول كح وهي إحداث صوت عال من مرض أو نحوه وتقول بح الصوت ويعني انخفض انخفاضاً شديداً بائناً وتقول لمح وتعني نظر من بعيد نظرة سريعة ويقول فلح معناه زاد وعم وارتفع شأنه، وحازم وتعني الزيادة في الشدة وحارس وتعني القدرة على الحماية وحالم وتعني الزيادة في التوقعات والأماني وحرج وهي غاية الموقف المربك وحكم وتعني القدرة الزائدة على السيطرة وتطبيق العدالة المجردة وحول وهو نهاية العالم وحسن وتعني الزيادة في الجمال وحزق وتعني إجادة الشيء وحرباء وتعني الحيوان كثير التلون وقادر على الزوغان والتوهان وحلو وهو الزيادة في الطعم وحنين وهو شخص زائد الشعور وملتهبة وحناء وتعني النبات الذي يظهر جمال المرأة وحرفة وتعني الزيادة والمعرفة الحاذقة في الصنعة. وتقول سمح ويعني الفعل اتاح الأمر ولم ينقصه ولم يقيده وتقول نفح العطر أي انتشر وعم أنه أحدث صوتاً عالياً سمعه الذي بالمكان وتقول ( سبح) وتعني زاد في الشكر والعبادة وتقول صدح وتعني زيادة في الصوت وانتشار فيه وعندما تقول فلاح وتعني الذي زرع الأرض وعمل على إنباتها وتصليحها وزيادة منتوجها وعندما تقول الآذان ( حي) على الصلاة تعني هلموا واسرعوا إلى القيمة والفائدة وتوجهوا مسرعين إلى المولى بهدف الزيادة والارتقاء وعندما تقول نجاح يعني الزيادة في التحصيل والكسب الزائد في العمل والرزق والعلم وما إلى ذلك. وعندما تقول شخص شحيح يعني أنه كثير البخل زائد فيه وعرف بذلك. وهكذا فإن حرفي الميم والحاء حرفان جميلان يجسدان الزيادة والإنتشار والنفع وعندما يلتقي الحرفان الميم والحاء في كلمة واحدة أو فعل واحد ثلاثي أو رباعي أو ثنائي مضعف فإنك إذاً أمام الزيادة والإنتشار والفخامة والعلو ويظهر ذلك للعيان في فعل مثل( محمود) الذي يبدأ بحرف الميم والحاء معاً والاسم( محمد) وأحمد وحمد وكلها اسماء لنبينا الكريم زاد فيها عن الآخرين رفعة وعلو لأن صاحب المكانة العليا والزيادة والانتشار وهناك اسماء وأفعال يلتقي فيها الحرفان فيظهر ذلك المعنى الواضح للزيادة في الشيء مثل( حمى)( حمراء)(ورحيم) ومحروس وحميم ومن قبل ومن بعد( حم) والله وحده لا غيره يعرف سرها وعظمتها وكنهها وبركتها ومكانتها العليا.