الخرطوم .. حسن بركية عاد المؤتمر الوطني وقال ( سوف نتفاوض مع قطاع الشمال ) وكرر عدد من قادة الحزب والحكومة ذات (الكلام) والمواقف القديمة وبل ذات الشروط بعبارات مختلفة رغم أن الواقع يقول المؤتمر الوطني تراجع بصورة عملية عن كل المواقف الرافضة للحوار مع قطاع الشمال وما يحدث هو مجرد إعطاء أسباب ومبررات للذي يحدث ، وقال المؤتمر الوطني علي لسان أكثر من قيادي في صحف الخرطوم الصادرة أمس " نؤمن بالحوار ولكن وفق ضوابط وشروط منها فك الارتباط مع دولة الجنوب " ولا أحد يعلم علي وجه الدقة هل تحققت تلك الشروط وكيف تم فك الإرتباط بين قطاع الشمال وحكومة الجنوب. وما أن وصل مطار الخرطوم قال وزير الدفاع ورئيس التفاوض الحكومي عبد الرحيم محمد حسين " الحكومة جاهزة للمفاوضات مع قطاع الشمال بشكل فوري " وقال عبد الرحيم التفاوض مشروط بالرجوع إلي برتكولات نيفاشا حول المنطقتين وهذا الموقف يتناقض مع تصريحات عديدة لقادة المؤتمر الوطني حول ماتبقي من (نيفاشا) وقالوا أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة ( نيفاشا قبرت إلي الأبد ) و (ليس هناك أي حوار قبل أن تتغير مفاهيم عقار وعرمان و الحلو وتتبدل رؤاهم حول فكرة السودان الجديد) و (لا لنيفاشا ثانية ولا لإعادة إنتاج اتفاق نافع -عقار) ومن المفارقات في هذا الملف أن الحكومة السودانية وعبر تصريحات وزير الدفاع تراجعت وطالبت ب (بمرجعيات نيفاشا) بعد أن قالت المنابر والجماعات (الرافضة) في نيفاشا أكثر من ماقاله مالك عن الخمر وفي ذات الموضوع قالت المعارضة : " اتفاقية نيفاشا أصبحت تاريخاً ولايمكن إعتمادها كمرجعية ". وتظل مواقف الحكومة ( المؤتمر الوطني) تجاه الحوار مع قطاع الشمال بعيدة عن المنطق السليم في كثير من المواقف وتبدو الأمور وكأن هناك (موقف نفسي) من قطاع الشمال وقيادة القطاع.. – عقار – عرمان – الحلو.. ولذلك تحفل الصحف المؤيدة والتاربعة للوطني بعناوين من شاكلة ( عرمان خارج التفاوض مع قطاع الشمال ) و( المصفوفة تقضي علي عرمان ) ومن قبل كتب الصحفي عادل الباز قائلاً " إن لم تكن تلك هي الأسباب الأسباب الحقيقية وراء رفض التفاوض مع القطاع علي الأقل حتي الآن فماهو الموضوع؟ هل تكره الحكومة و مؤتمرها القطاع لوجه الله". وتحفل تصريحات قادة الحزب الحاكم في كل مايتعلق بموضوع الحوار مع قطاع الشمال بتناقضات كثيرة تبدأ ولا تنتهي – ويبدو أن هناك ماهو يرهب كل قيادي يصرح بضرورة الحوار مع قطاع الشمال أو أن الذي يطلق تصريح بهذا المعني يجعل لنفسه مساحة للتراجع إذا ما إشتدت عليه الأعاصير وكالت له المنابر وبعض أئمة المساجد حزمة من الاتهامات الجاهزة والمعلبة ، ومن الأمثلة الكثيرة علي ذلك تصريحات أدريس عبد القادر رئيس وفد التفاوض " أكد إدريس عبد القادر رئيس وفد الحكومة لمفاوضات أديس أبابا مع دولة الجنوب، ضرورة السعي في الحل السياسي والأمني مع قطاع الشمال دون إحداث ضرر للشعب السوداني " ولا نعلم كيف يحدث الضرر من حوارلحقن الدماء ولا يحدث الضرر من إستمرار الحرب التي تقترب من عامها الثاني وكانت معظم تصريحات قادة الوطني من هذه الشاكلة حتي جاء عبد الرحيم محمد حسين وقالها بوضوح (نعم للتفاوض مع قطاع الشمال) ومرت تصريحات عبد الرحيم دون أي هجوم يذكر من تلك الجهات التي نذرت نفسها لإفشال أي خطوة نحو حقن الدماء. ولاتزال الكثير من الأسباب التي جعلت الحكومة السودانية ترفض تنفيذ إتفاقيات أديس أبابا موجودة ولم تتغير و كانت الحكومة تشترط الحصول على تعهد "كتابي" من حكومة الجنوب بفك إرتباطها بالحركة الشعبية قطاع الشمال، كما أنها كانت تشترط تنفيذ إتفاقية الترتيبات الأمنية قبل موافقتها على تصدير البترول ،غير أن ماحدث في الاتفاقية التي سميت (مصفوفة) هو ذات الأشياء بالرسم والحرف فقط تغيرت العبارات والمواقف ولكنها لبست لبوس (التبريرات) وكان وزير الدفاع قد ذكرأن الرئيس سلفا كير سلم خطاباً للآلية بخصوص فك الارتباط، وقال"حولنا الخطاب للقيادة العليا لدراسته" انتهي .. هل يمكن لخطاب أن يكون بديلاً للحوار هل يمكن أن مجرد خطاب يعني نزع سلاح قطاع الشمال وهل سيغني الخطاب عن الحوار مع القطاع؟ هذه الأسئلة وغيرها تتري في هذا الملف الذي يدار غالباً بالرغبات والأماني وليس بمعطيات الواقع. ويري كثير من المراقبيين أن ( المصفوفة ) في حالة عدم التوصل إلي اتفاق مع الحركة الشعبية – شمال ستظل بمثابة إتفاقية لتأجيل المشاكل بين البلدين ، وبعيداً عن أي مواقف ايجابية أو سلبية عن قطاع الشمال يمكن القول أن الحرب المشتعلة في جنوب كردفان والنيل الأزرق لن تتوقف بدون الوصول إلي اتفاق مع قطاع الشمال وليس مع ( أصحاب المصلحة ) أو ( أبناء المنطقتين) . دعونا نتابع بعض التصريحات المتناقضة لقادة الوطني حول الحوار مع القطاع حيث قال الأمين السياسي للحزب حسبو محمد عبد الرحمن ..(ماعندنا قشة مرة في الحوار مع أي شخص) ثم قال حسبو (الحوار مع قطاع الشمال ليس حصريًا على مالك عقار) ومضي حسبو (ياسر عرمان خارج إطار الحوار في المنطقتين لأنه يحمل أجندة الجبهة الثورية) وقال حسبو (ولامانع لدينا في التفاوض حول قضية النيل الأزرق وجنوب كردفان بمرجعية اتفاق السلام الشامل).. ولازل حسبو يتحدث (حتى لو جلسنا مع الحلو وعقار سوف نفتح جبهة جديدة) وقال حسبو (ن الحوار ليس حصريًا ولا يشمل قطاع الشمال وحده أو أبناء المنطقتين وحدهم، فهناك اصحاب مصلحة لا بد من إشراكهم).!!