أتذكر الان بكثير جدا من الإمتنان والتقدير والإحترام د. علي عبدالله عباس أستاذ الأدب الإنكليزي بجامعة الخرطوم عندما لفت إنتباهنا إلى الأدب المسرحي الإفريقي ونحن طلاب بمعهد الموسيقى والمسرح ، كان د. علي على درجة عالية من الثقافة والفهم والوعي ، كان يتعامل معنا مثل أصدقائه تماما ، ويبدي إستعداده لمعاونتنا في فهم الأدب الإفريقي باللغتين الإنكليزية والعربية ، وهو الذي فتح الباب الموارب لنطارد كتاب إفريقيا أينما كانوا ، هكذا بدأت رحلتنا مع وول شوينكا النيجيري الحائز على جائزة نوبل ، وأشينوا أشيبي وكريس أباني وشيماماندا نقوزي . لا أستطيع الحديث عن الراحل شنوا أشيبي دون ذكر وول شوينكا الحائز على جائزة نوبل في الآداب عام 1986 ، ومن أهم نشاطاته التي أذكرها عضويته في بعثة التحقيق التي ذهبت لدارفور ولم تسمح حكومة السودان بدخول أراضيها ، وكذلك زيارته لفلسطين المحتلة وإدانته لمجازر الكيان الإسرائيلي . شوينكا قدمنا له بالمسرح القومي بأم درمان في السبعينات مسرحية " أهل المستنقع " People Of The Swamp إخراج مهندس الديكور الفذ صلاح تركاب بمشاركة الفنان القدير إبراهيم أفريكانو ، والتي أحدثت ضجة في عالم الأدب والمسرح في السودان لعدة سنوات ، وله أيضا حصاد كونغي وأهل المستنقع والأسد والجوهرة . أما شينوا أشيبي 1930 – 2013 أستطيع القول أنه يمثل لي لؤلؤة إفريقيا وفاكتها التي يتمناها كل إنسان ، فيرجع الفضل في معرفته ل د. على عبداله عباس وخاصة روايته الشهيرة " الأشياء تتداعى " " Things Fall Apart، رحل بهدوء الأسبوع الماضي في مدينة بوسطن الأمريكية حيث يعيش منذ فترة ، كان صوتا مهما في الرواية الإفريقية في مرحلة ما بعد الإستعمار ، وذهب بعضهم ليصفه بالوالد الحقيقي للرواية الإفريقية الناطقة بالإنكليزية ، وعلى الرغم من أهميته في السرد الروائي فلم يكتب سوى خمس روايات وأعمال نثرية أخرى أشيبي يشبه لي الطيب صالح ، وإذا كنت قد قرأت موسم الهجرة للشمال نحو خمس مرات فقد قرأت رواية " الأشياء تتداعى "خمس مرات لجمال وروعة الروايتين . فإلى جانب الأشياء تتداعى كتب أشيبي NO longer at ease عام 1960 حيث استكشف نضال جيله مرحلة ما بعد الإستعمار ، وكتب Arrow of God " سهم الإله " ، وكتب Aman of People رجل الشعب التي إمتازت بشيء من المعاصرة وكادت أن تقتل أشيبي . الأشياء تتداعى الأشياء تتداعى ترجمت إلى 50 لغة تماما مثلما حدث مع موسم الهجرة إلى الشمال ، ونقدها أشهر النقاد حول العالم تماما مثلما حدث مع موسم الهجرة إلى الشمال ، وبيعت منها أكثر من 8 ملايين نسخة ، تماما مثلما حدث مع موسم الهجرة إلى الشمال ، وهي عبارة عن سرد للتراث الشعبي النيجيري المليء بحكايا الأجداد والأمهات والآباء تماما مثلما حدث في موسم الهجرة إلى الشمال وعرس الزين ، وكان أشيبي يجلس ويسمعها من كبار السن كما ذكر في لقاءاته الإعلامية الكثيرة ، بالإضافة إلى أن د. علي عبدالله عباس قال في تحليله الرصين للرواية أنها جمعت كل ألوان الحياة الإجتماعية والعادات كرمي الأطفال التوأم في الغابة ، حيث يعتقدون بأن التوأم ملعون ، والتقاليد المتعددة والسحر والخوف من الغابة ، وتحدثت الرواية عن الحالة الإقتصادية والثقافية والسياسية والدينية حينها في نيجيريا ، وإذا قرأناها اليوم فهي إسقاط طبق الأصل لما يحدث اليوم في السودان ، إنها باختصار شديد ضياع الموروث الثقافي والإجتماعي ، ولو قدر لي إخراج عمل مسرحي اليوم لما ترددت في إختيار الأشياء تتداعى .